• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

في جيبه قلم!!

د. حيدر عيدروس علي


تاريخ الإضافة: 28/4/2007 ميلادي - 11/4/1428 هجري

الزيارات: 6900

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
رأيتُه في الضُّحى، والعرَق المتصبِّب من جبينه يمثل مداداً ثميناً، طبع على جبهته أبلغ عبارة في الثناء على الساعين في طِيب اللُّقمة، وما يمثله ذلك من قيمة غالية في نفوس المخلَصين من عباد الله، في زمان ذَهَل فيه عامةُ الناس عن طلب الحلال، وأصبحوا لا يبالون بمصادر الدخل، ولا بمصارفه، ينتهزون السوانح، كعشواء تخبط في العشي، لا يفرقون في مواردهم بين حرام، وشُبْهة، وحلال، ولا في نفقاتهم بين تبذير، وإسراف، واعتدال، كأنهم يجهلون ما ورد في ذلك من نصوص الشرع الناهية، والآمرة، التي تعتبر معرفتها من فروض العين، فقلت في نفسي: لعل صاحبي قد أرعى سمعه بإمعان لِما روي من حديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم، قال فيه: ((يا كعبَ بنَ عُجْرة، إنه لا يدخل الجنة لحمٌ نبت من سُحْت))[1]؛ فانتابني نحوه شعوران:-

الأول: شعورٌ بالغبطة في طلب الحلال، والفرح به، ويدل على ذلك إتقانه لصنعته التي قوبلت بالثناء من كثير من الروَّاد.

والثاني: شعورٌ بالشفقة من شدَّة الكدح، وأذى الفَيْح، مما يعانيه الخبَّاز في مهنته.

وبين هذين الشعورين تناوبني إحساسان؛ إحساسٌ بالسرور بما أنا فيه من نعمة، تمثلت في الرزق الذي يأتي بنَصَب قليل، وإحساس بالكَدَر دهَمَني من شعوري بالتقصير في شكر هذه النعمة، وإن كنت- في سروري بها - أُكمِّم أنفي من غبار كثيف، تبعثه نوافذ من مصارف شتى، ضرُّه لمن يجده أشد من ضرِّ الدخان للمصدور!

وظل هذا الأمر في ذهني، إلى أن رأيته في المسجد - في ظُهر ذات اليوم - في ثياب غير ثياب الخِبازة، وقد نهض من أداء فرض الصلاة، فأبصرتُ في جيبه قلماً!

فسألت نفسي: هل لصاحبي مَلَكَةً تمكِّنه أن يُسَخِّر هذا القلم، ليخُطَّ مادةً ثريةً؛ مما كان يخطُّه الخبَّازون الأوائل - في صدر الإسلام، وما تلاه من عصور ذهبية - في وقتهم المخصص لطلب العلم، أو نشره؛ إذ كانوا - آنذاك - إحدى مجموعات الطلاب والشيوخ النُّدر؛ من رصفائهم من الخَيَّاطين، والقَصَّارين، والقَصَّابين، والجَزَّارين، والحَطَّابين، والنَّجَّارين، وأصحاب الكسب الشريف، الذين سطَّرت أقلامهم روائع من شتى ضروب العلم؟

أم أنه قلمٌ لا حظَّ له في تدوين العلم، ورصد النفائس التي أضحت شاردة حتى عن الجادِّين من طلابها؟ وما هو إلا من تلك الأقلام التي تخط ما اعتاد الناس أن يكتبوه من لوازم الحاجات، وسائر العلاقات، وقد يهبط - أحياناً - إلى سحيق الدركات، فيسطر سفاسف الأمور.

أم أنه لا من هذا النوع، ولا ذاك؟ وما هو إلا إطار عُطْل من المداد، يجعله صاحبه أداةً من أدوات الزينة، فتراه على صدره؛ فتظنه عالماً نحريراً، أو متعلماً خبيراً، أو صاحب تخصُّص ذي بال، أو من ذوي الفِطْنة والنباهة، حتى إذا ما بلوته أخلف ظنَّك، وعلمت أنه من إخوان الجهالة الذين ينْعَمون في الشَّقاوة.

وبهذا التأمل انفسح أمامي خضمٌّ واسعٌ من التفكُّر في أوضاع التعليم والمناهج، ثم تفكَّرت في دور العلم القديمة، والحديثة، وأحوال الطلاب؛ في السابق، والحاضر، فقادني الفكر إلى النظر في حال المسجد، ورسالته التي كان يؤدِّيها في الزمان الغابر، وانخفاض دوره في هذا الزمان أمام المنافسة غير الشريفة التي يواجهها من دور العلم الحديثة، فتذكرت ما كان يطلق على أقران سواسية، التحق بعضُهم بالمعهد الديني المتوسط، والتحق آخرون منهم بالمدرسة المتوسطة، فكان يقال عن الأوائل: إنهم يدرسون في (الجامع)، وذلك لارتباط المعاهد الدينية بالجوامع آنذاك.

ويقال عن الآخرين: إنهم يدرسون في (المتوسطة)، فترى الناس يغمطون النوع الأول من طلبة العلم، مع أن جميعهم في مرحلة واحدة، ومن العجيب المدهش أن ترى إعجاب الناس - في كثير من البلدان - بأولئك الذين يدرسون في دُور العلم الأجنبية- سواء في الداخل، أو الخارج - وإن كان مستواهم العلمي دون مستوى أولئك الذين يدرسون في المدارس الوطنية، بنوعيها؛ الديني، والمدني! وما ذلك إلا لأنهم بُهروا بالرُّقي المادي، فامتدت أعينهم إليه، فضعُف بصرُهم بالعطاء الروحي النفيس، الذي لا يجده أولئك الذين يأكلون كما تأكل الأنعام، وهذا ما جعل هِمم الطلاب معلقةً بدُور العلم الحديثة، فأصبح همُّهم أن يحصلوا على أعلى الدرجات في العلوم التطبيقية؛ ليضمنوا الحصول على مواقع معتبرة في سلك الخدمة المدنيّة، التي أضحى كثيرٌ من دواوينها لا يهتم بسلوك الجادَّة، في سبيل الارتقاء للمثل العليا؛ بل قد تجد ألْباب كثيرٍ من قادة هذه الدواوين خالية من العلوم - التي يعتبرُ تحصيلُها فرضَ عينٍ - وفارغةً منها كفراغ أفئدة الثُّكالى.

فهل يؤثر المسلمون الآخرة، فيعودوا للمسجد ليس لأداء الصلاة فحسب، وإنما ليعرفوا له دوره في التربية، والتوجيه، أم أن الأمر أضحى من الأماني البعيدة؟
ـــــــــــــــــــــــ
[1] رواه ابن حبان في الصحيح (1723). 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- ما شاء الله
أبومازن محمد الخولي - السعودية/ مصر 28/04/2007 10:37 PM
بوركت أستاذنا الفاضل د.حيدر، وبورك قلمك!!

موضوع فكري دسم بيراع أديب حاذق!! لمس كثيرا من مواطن الألم!! لعله يبعث فينا الأمل!!

بوركت وبورك قلمك مرة أخرى ولا تحرمنا من هذه الدرر!
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة