• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

محمد إقبال والمدنية الغربية والفلسفات الإلحادية

د. فهمي قطب الدين النجار


تاريخ الإضافة: 20/11/2013 ميلادي - 17/1/1435 هجري

الزيارات: 8011

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محمد إقبال والمدنيَّة الغربية والفلسفات الإلحادية


صحا المسلمون على المدنيَّة الغربية، وقد ملأت أسماعَ الدنيا بمظاهرها وزينتها وزخرفها، فانخدعوا بها، وامتلأتْ أفئدتُهم الخالية بها، وقد تولَّى محمد إقبال كشفَ زيفها، وإظهارها بغير ملابسها البرَّاقة، وهو الذي عرفها عن كَثَب، وسَبَر غورَها، ورأى جوانب ضعْفها، وبوادر إفلاسها، وطلائع الانبهار في المجتمع الغربي عمومًا، ولا أدري هل سبَق إقبال مفكِّري الغرب[1] وعلماء الاجتماع والحضارة فيه، بالتنبؤ بسقوط هذه الحضارة العرجاء - كما وُصِفت - لأنها تسير على رجل واحدة، وهي المادة، ونسيت رُوحَها وإنسانيَّتَها.


وأما أن إقبالاً أول من نقَد الحضارة الغربية من العلماء المسلمين، فهذا أمر لا ريب فيه.

 

يقول الشيح أبو الحسن الندوي:

"لقد كان في مقدِّمة هؤلاء الناقدين الثائرين محمد إقبال، الذي يُعتبَر بحق أنبغ عقل أنتجتْه الثقافة الجديدة، والتي ظلَّت تَشتغِل وتُنتِج في العالم الإسلامي من قرن كامل، وأعمق مُفكِّر أوجده الشرق في عصرنا الحاضر، ولم نرَ من نوابغ الشرق وأذكيائه - على كثرة من لهم اتصال بالغرب والدراسة هناك - أحدًا نظَر في الحضارة الغربية هذا النظر العميق، وانتقدها هذا الانتقاد الجريء"[2].


فإقبال يُقرِّر أولاً أن الحضارة الغربية حضارة لا دينيَّة، تقضي على الإيمان والرُّوح والحب والإنسانية، يقول في ديوانه "ماذا ينبغي أن نعمل يا أمم الشرق؟!":

"ولكن إياك والحضارةَ اللادينية، التي هي صراع دائم مع أهل الحق؛ إن هذه الفتنة تجلِب فتنًا، وتُعيد اللات والعزى إلى الحَرَمِ، إن القلب يعمى بتأثير سِحرها، وإن الروح تموت عطشًا في سرابها، إنها تقضي على لوعةِ القلب، بل تَنزِع القلب من الجسم، إنها لص قد تمرَّن على اللصوصية، فيَغير نهارًا جهارًا، وإنها تدع الإنسان لا روح فيه ولا قيمة له"[3].


ويقول:

"إن شعار الحضارة الحديث الفتك ببني آدم، الذي تقوم عليه تجارتُها، وتنفق سلعتها، ليست هذه المصارف العظيمة إلا وليدة دهاء اليهود الأذكياء الذي انتزع نور الحق من صدور بني آدم، إن العقل والحضارة والدين حُلْم من الأحلام ما لم يَعُد هذا النظام رأسًا على عَقِب"[4].


ويقول أيضًا:

"إن المدنيَّة التي تتحكَّم فيها الآلات وتُسيطر فيها الصناعة، تموت فيها القلوب، ويُقتَل فيها الحنان والوفاء، والمعاني الإنسانية الكريمة".


ويُكرِّر هذه المعاني في ديوانه (ضرب الكليم)، ويُبيِّن أن الحضارة الغربية خلَت من الروح والجمال والذوق والعفة، فيقول:

أرى تثقيفَ إفرنجٍ
فسادَ القلب والنظرِ
فرُوح حضارة لهمُ
خلَتْ من عفَّة الوطرِ
إذا ما الروح جانَبَها
جمال الصفو والطُّهرِ
فأين جمالُ وِجدانٍ
ولُطْف الذوق والفِكْرِ[5]

 

لهذا لا يُمكِن الثقة بهذه الحضارة، ولا هذه المدنيَّة، وليس فيها خير لنفسها، فكيف يكون فيها خير لغيرها؟! وهي تُقابِل الإحسان بالإساءة والخير بالشر، يقول إقبال في ديوانه (ضرب الكليم)[6]:

أهدتِ الشامُ إلى الغرب نبيًّا[7]
هو عفٌّ ومواسٍ وصبورْ
ومن الغرب إلى الشام هدايا
من قمارٍ ونساء وخمورْ

 

وأتْبَع إقبال نقدَه للحضارة الغربية نقدَه لدعاة التغريب، وإن سمَّوا أنفسَهم دعاة التجديد؛ الذين يُنادون بتقليد الحضارة الغربية بخيرها وشرها، وحُلوها ومرها، يقول إقبال في ديوانه (ضرب الكليم): "إنني يائس من زعماء التجديد في الشرق، فقد حضروا في نادي الشرق بأكواب فارغة وبضاعة مزجاة في العلم والفِكر.


إن البحث عن بريق جديد في هذا السحاب عبْثٌ وإضاعة وقت، فقد تجرَّد هذا السحاب عن البرق القديم فضلاً عن البرق الجديد".


وإقبال يُسيء الظنَّ بدعاة التجديد، ويكشف سَترَهم بأن هذا التجديد ما هو إلا حيلة لتقليد الغرب، ويدعو المسلم إلى الاعتزاز بشخصيَّته وكِيانه، يقول إقبال:

"إن الذي يأتي بالجديد في هذا العالم الذي يتجدَّد دائمًا، هو نقطة الدائرة التي يطوف حولها الزمان، لا تُعطِّل شخصيتَك أيها المسلم بالتقليد الأعمى، واحتفظ بكرامتك؛ فإنها الجوهر الفَرْد، إن التجديد بمعنى التغريب لا يَليق بأمة لا تُفكِّر إلا في الدَّعة والترف، إنني أخاف أن تكون الدعوة إلى التجديد إنما هي حيلة وانتهاز لفرصة تقليد الغرب"[8].


وإقبال في ديوان (ضرب الكليم) يؤكِّد أن الحضارة التي تسير نحو الموت لا يمكن أن تحيي العربَ الذين فُتِنوا بها، وعَميتْ عن رؤية الحقيقة، يقول:

كيف تُجْلى حقائقٌ لعيونٍ
عَميتْ بالخضوعِ والتقليدِ
كيف يُحيي الفرنج عربًا وفرسًا
بفنونٍ تسيرُ نحو اللحودِ


[1] من أمثال شبنغلر مؤلف كتاب "سقوط الغرب"، وكولن ولسون مؤلف "سقوط الحضارة"، وألكسس كارل مؤلف كتاب "الإنسان ذلك المجهول"، وثبت أن إقبالاً سبقهم في ذلك، والدليل على ذلك نقده للحضارة الغربية في بداية هذا القرن.

[2] "روائع إقبال"؛ للندوي (ص: 38).

[3] المرجع السابق (ص: 69).

[4] المرجع السابق (ص: 70).

[5] "ضرب الكليم" (ص: 50).

[6] "ضرب الكليم"؛ لعزام (ص: 107)، وانظر أيضًا: "روائع إقبال"؛ للندوي (ص: 74).

[7] يَقصِد إقبال بالنبي: عيسى - عليه السلام - الذي ولِد في فلسطين.

[8] ديوان "ضرب الكليم"؛ تعريب عزام (ص: 49).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة