• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

ميادين لم تعرف الجمال ( ميدان الهجر )

ميادين لم تعرف الجمال ( ميدان الهجر )
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 4/11/2013 ميلادي - 1/1/1435 هجري

الزيارات: 6235

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ميادين لم تعرف الجمال

(ميدان الهجر)


وثمة ميدان آخر يدخله الجمال، هو الهجران والقطيعة بين الناس، حيث يشيح الإنسان بوجهه العبوس عمن هجرهم، لا يريد لقائهم، ولا رؤيتهم حتى ولو كان ذلك عرضًا على قارعة الطريق.


ويتناول القرآن الكريم هذا الأمر وفي الإطار العام والمهم، إطار الدعوة إلى الله فيكون الخطاب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا الأسلوب الذي لا عهد للناس به: ﴿ وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً ﴾[1].


قال ابن كثير رحمه الله:

الهجر الجميل: هو الذي لا عتاب معه، وقال صاحب "صفوة التفاسير" هو الذي لا عتاب معه ولا يشوب أذى ولا شتم.


وقال في الظلال:

﴿ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 10] لا عتاب معه ولا غضب ولا هجر فيه ولا مشادَّة. وكانت هذه هي خطة الدعوة في مكة وبخاصة في أوائلها.. كانت مجرد خطاب للقلوب والضمائر. ومجرد بلاغ هادئ ومجرد بيان منير. ا. هـ.


والذي يبدو - والله أعلم - أن هذا الهجر ليس المراد منه القطيعة، وإنما الترك المؤقت الذي لا يكون سببًا في زيادة الجفاء بل يكون مساعدًا على تصفية النفوس ومراجعة حسابها لعلها تكون أقدر على تقبل الدعوة.


وبهذا تزول عن الهجر جفوته وقسوته وشدته، ويصبح هجرانًا هادفًا ليست غايته تأكيد القطيعة، وإنما التريث حتى تتوفر إمكانية المتابعة والمواصلة.


وهكذا يكسى الهجران ثوب الجمال، الثوب الذي لم يتح له الحصول عليه إلا في ظل التصور الإسلامي.


مواطن أخرى:

ومن القضايا التي وصفت بالجمال في القرآن الكريم "التسريح" وذلك في سورة الأحزاب، بقوله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً ﴾[2].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً ﴾[3].


إن الموضوع هنا يتعلق بإنهاء علاقة تعتبر من العلاقات المهمة التي تنشأ بين الناس، إنها العلاقة بين الرجل وزوجه. حيث الأصل فيها أن تقوم على الود والحب والرحمة. وإذا لم يتم هذا لسبب أو لآخر.. فلا أقل من أن يكون التسريح - وهو نهاية هذه العلاقة - جميلاً.


والموطن الأخير الذي ننهي به حديثنا هو "الصفح" فقد جاء ذكره في قوله تعالى:

﴿ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴾[4].


والصفح عفو وتنازل عن الحق، وإغضاء عن إساءات الآخرين... وإذا قام الإنسان بالصفح، بمعنى أنه تنازل عن حقه وعفا.. فليكن ذلك بالأسلوب الجميل، فلا حنق ولا حقد، وإنما حلم وسعة صدر. وبهذا يؤدى المعنى الجميل وهو الصفح، بإطار جميل فيكون التناسق قائمًا، وتتم العملية الجمالية شكلاً وموضوعًا.

♦♦♦


تبين لنا من خلال ما سبق أن الإسلام خطا بالجمال خطوات بعيدة المدى فأوصله إلى حيث لا عهد للناس به، بل إلى حيث لا يطرأ على أذهان الناس أن يصل إليه وما ذاك إلا وضعًا للظاهرة الجمالية في مكانها من التصور الإسلامي.


كما يلاحظ أن الآيات السابقة - وهي معظم الآيات التي ذكر فيها الجمال في القرآن[5] - قد ركزت اهتمامها على الجانب المعنوي في الإنسان. فكان الجمال وصفًا للصبر والهجر والتسريح والصفح. وكلها أمور معنوية، وإن كان لها آثارها المادية، والإسلام حين يهتم بهذا الجانب من الإنسان - وهو الجانب الذي يدرك ولا يرى - فإنما يلفت النظر إلى تقديم الجانب المعنوي في الإنسان على الجانب المادي، إذ به تتحقق إنسانية الإنسان.


إن هذه الآيات دعوة لتحقيق هذه الصفات في الذات الإنسانية، فيكون صبرها جميلاً وهجرها جميلاً... فيتكامل الجمال فيها.

♦♦♦


وقد خطا المنهج الإسلامي الخطوات نفسها في الجانب السلوكي والعملي من حياة الإنسان. وأدخل الجمال والإحسان إلى ميادين قلّما فكر أن يصل به إليها أحد، ولنستمع إلى السنة في حديثها عن ذلك:

عن شداد بن أوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"[6].


وإحسان الشيء جعله حسنًا، والإحسان مطلوب في كل شيء، كل شيء.. هكذا بهذا التعبير الذي يفيد العموم. فقد يكون الشيء قولاً وقد يكون عملاً وقد يكون حركة وقد يكون ابتسامة وقد يكون صنعة.. وقد يكون فكرة..


والإحسان أن تصل بهذا الشيء إلى الوضع الأحسن والأمثل والأجمل...


ولشد ما يعجب السامع، والحديث يطرق سمعه لأول مرة، أن تكون الأمثلة التي طرحها الحديث، كمثال على القاعدة الكلية، في صدد القتل والذبح.


والقتل إزهاق للروح والذبح إزهاق للنفس.. وكيف يكون الإحسان في مثل هذه الحالات..؟؟.


إن الحسن في كل شيء بحسبه فالإحسان بالقتل أن لا يُسبق بتعذيب جسدي أو نفسي وأن يكون القتل بحق.. والإحسان في الذبح ألا يكون فيه تعذيب للحيوان بالذبح ذاته فتكون الشفرة حادة وبذلك يريح الذبيحة وهذا ما تشير إليه رواية مسلم للحديث "وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته".


وإذا كان الحديث يلفت النظر بهذه الأمثلة إلى جوانب ما كان الإنسان ليصل إليها وهو يطبق النص العام، فإنما يذكِّر بأن تطبيقه في كل المجالات الأخرى ممكن، ومن باب أولى. وبهذا تبلغ دائرة التطبيق كل شيء ولعل هذا هو ما عناه الحديث وقصده.


والحديث في لفظه وفحواه يتجاوز دائرة التعامل مع الإنسان إلى التعامل مع الحيوان، ويكون للعموم بهذا معنى أوسع، بل إن مفهوم "كل شيء" يتناول حتى النبات.. وغيره.


ونحن في هذا الميدان لسنا أمام نص واحد، فالنصوص كثيرة كثيرة، ونكتفي بالإشارة إلى واحد منها مما تبدو فيه الظاهرتان معًا.. ظاهرة العموم.. وظاهرة الجمال.


عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يقتنه"[7].


"والإتقان: الإتيان بالشيء على أحسن حالاته من التمام والكمال والإحكام"[8] وهذا هو الجمال.



[1] سورة المزمل. الآية 10.

[2] الآية 28.

[3] الآية 49.

[4] سورة الحجر. الآية 85.

[5] إذا أضفنا إليها الآيتين [6 و7] من سورة النحل، فإنا نكون أمام جميع الآيات التي ذكر لفظ الجمال فيها في القرآن الكريم. وهما قوله تعالى: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾.

[6] رواه مسلم 3/1548 كتاب الصيد والذبائح باب 11. ورواه أحمد 4/123، 124، 125 واللفظ له.

[7] الحديث في "شعب الإيمان" للبيهقي. وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم: 1876 وقال عنه: حسن.

[8]عن "صفوة التفاسير" في تفسير قوله تعالى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ سورة النمل. الآية 88.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة