• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

ميادين لم تعرف الجمال ( ميدان الصبر )

ميادين لم تعرف الجمال ( ميدان الصبر )
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 28/10/2013 ميلادي - 24/12/1434 هجري

الزيارات: 5077

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ميادين لم تعرف الجمال

(ميدان الصبر)


مما سبق من مقالات يتبين لنا أن الظاهرة الجمالية قائمة في كيان التصور الإسلامي، ولذا فهي عامة شاملة. ولا أدل على عمومها من أن القرآن الكريم أدخل الجمال إلى مجالات لا عهد للناس برؤيته في ميادينها، وذلك إما لعدم التوافق بينه وبينها - فيما يبدو لأول وهلة - أو لاختلاف في طبيعة كل منهما عن الآخر، فيما يخيل للمتأمل.


ويحسن بنا أن ننعم النظر في هذه المواطن:

(1) ميدان الصبر:

فقد جاء موصوفًا بالجمال ثلاث مرات في كتاب الله تعالى، منها ثنتان في سورة يوسف، وردتا في سياق النصين التاليين:

﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ * قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ * قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ * فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾[1].


﴿ ... يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ * وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾[2].


في النص الأول نجد الأب العطوف يفقد ابنه، الحبيب إلى قلبه، العزيز على نفسه، يفقده في حالة متعمدة، للغدر والخيانة دور كبير فيها، وهو غير قادر على أي تصرفٍ أو قيامٍ بعمل. فالأمر مدبر محبوك الأطراف.. فلجأ إلى الصبر.


والصبر عمل نفسي محض[3]، لا يشارك فيه أحد أحدًا، إنه تماسك يقوم داخل النفس حتى لا تنهار أمام المصيبة أو الكارثة، إنه انتقال من حال الجزع والضعف والخور إلى تماسك وتجلد، ومن حزن يفقد الإنسان صوابه إلى حزن مع الرضى بقضاء الله تعالى.


وهكذا كان الصبر في هذه الحال هو وسيلة التجميل، إذ به يكون الموقف الأحسن والأجدى.


وفي النص الثاني، نشاهد يعقوب عليه السلام، وقد فقد ولده الثاني، إنه في حالة لا تقل كآبة عن الحال الأولى. إنه يشعر وكأن المرحلة الثانية من القصة متممة للأولى.. ولكن الثانية أعادت ذكريات الأولى. فاشتد الأمر وعادت الجروح تنزف من جديد.. ثم لا يجد ملاذًا غير الصبر، فهو الموقف "الجميل" من بين جميع الموافق المحتملة في هذا الموضع، إذ الهلع والذعر لن يردا غائبًا أو يسترجعا مفقودًا، ولكنهما يضعفان القدرة على التحمل والثبات في مواجهة الصعاب.


ويستكمل الصبر جماله - في الموقفين - بعدم اليأس من رحمة الله تعالى وهو ما عبر عنه يعقوب بقوله: ﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ﴾.


إن الجمال يدخل ميدانًا جديدًا. ولكنه في وضع يتناسب فيه مع الموقف، والانسجام والتوافق من سمات الجمال. "فالجمال البائس" جميل في مواطن الأسى والحزن، "والجمال الضاحك" جميل في مواطن الفرح والسرور. ولو وضع الواحد منهما مكان الآخر لما كان جمالاً بل سماجة وقبحًا.


وللصبر مجالات كثيرة متعددة، ولذا يضع القرآن الكريم أمامنا موقفًا آخر[4] من مواقف الصبر الجميل، التي يكون فيها أكثر فاعليةً وأبعد أثرًا.


إنه الصبر في مجال الدعوة إلى الله، حيث الحاجة إلى الكثير الكثير من التحمل والجلد والثبات والاستمرار، الحاجة إلى الحلم وسعة الصدر كما هي الحاجة إلى تحمل الإيذاء مادة ومعنى. وفي هذا الصدد ورد قوله تعالى خطابًا لرسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً ﴾[5].


إن الصبر في الحالة الأولى - في قصة يعقوب - عمل سلبي يرأب الصدع الذي حصل. ولكنه هنا دفعة من القوة النفسية تجعل للإنسان قدرة أكبر على مواصلة السير ومتابعة الطريق إنه عمل نفسي أيضًا ولكنه إيجابي[6] وكونه جميلاً يساعد على أن تكون النفس في وضع صحيح.


ونحن إذا نظرنا إلى الحياة، نظرة عملية، وجدنا أن المشاق تشغل مساحة غير صغيرة منها، وللتغلب على هذه المشاق وتحملها نحتاج إلى الصبر، وإنه وفقًا لعموم الظاهرة الجمالية، فإن تَرْكَ هذا الميدان يعني ترك مساحة كبيرة دون تغطية، والإسلام يحمل الخير والجمال لهذا الإنسان في كل حالاته، ولذا لم يترك هذا الجانب دون أن يزينه بجماله.. فكان الصبر الجميل.


إنه تجلّد وأمل، إنه اطمئنان نفسي، إنه - كما سبق القول - الموقف الأحسن والأجمل، وإذا أردنا أن نكون أكثر دقة قلنا: إن عملية تجميل الصبر هذه ليست زخرفة قول ولكنها حقيقة نستطيع الإشارة إلى عناصرها الأولية:

• جعل الله للصبر الجزاء الجزيل والدرجات العلا وقد تأكد هذا بالكثير من آيات الذكر الحكيم وبالكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى سبيل المثال نكتفي بذكر قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾[7].


• إن الله تعالى جعل معيَّته للصابرين في آيات عدة منها قوله تعالى ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[8] و﴿ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾[9].


• الإيمان بالقدر: حيث يطمئن المسلم إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾[10].


إن هذه العوامل تجعل الصبر متقبلاً، فالنفس مطمئنة مرتاحة إلى قدر الله لا ينتابها القلق، ولا يشل حركتها الخوف. ثم هناك الأمل الكبير بثواب الله، كما أن الراحة عظيمة بشعور المؤمن أن الله معه في صبره يرعاه ويسدد خطاه. وكلها عوامل إن لم تقض على مرارة الصبر فإنها تخففها إلى حد كبير حق يصبح مقبولاً وليست مهمة الجمال في هذا الميدان إلا هذه.


وبهذا يظل المسلم في رحاب الخير كما ورد في الحديث الشريف (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)[11].



[1] الآيات [11 - 18].

[2] الآيات [81 - 83].

[3] هذا لا ينفي أن يكون له أثر مادي.

[4] وهو ثالث المواطن التي وصف فيها الصبر بالجمال في القرآن الكريم.

[5] سورة المعارج. الآية 5.

[6] قال الإمام الغزالي في أنواع الصبر:

"اعلم أن الصبر ضربان:

أحدهما: ضرب بدني كتحمل المشاق بالبدن والثبات عليها. وهو إما بالفعل كتعاطي الأعمال الشاقة.. وإما بالاحتمال كالصبر على الضرب الشديد والمرض العظيم والجرحات الهائلة. وذلك قد يكون محموداً إذا وافق الشرع. ولكن المحمود التام، هو الضرب الآخر. وهو الصبر النفسي.." ا. هـ. إحياء علوم الدين 4/66 - 67 ط دار المعرفة بيروت.

[7] سورة الزمر. الآية 10.

[8] سورة البقرة. الآية 153.

[9] سورة الأنفال. الآية 66.

[10] سورة الحديد. الآية 22.

[11] رواه مسلم في صحيحه. كتاب الزهد باب 13. وهو في مسند أحمد عن أنس 5/24 بلفظ مختصر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة