• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

أين الشاهد؟

أين الشاهد؟
رؤوف بن الجودي


تاريخ الإضافة: 3/10/2013 ميلادي - 29/11/1434 هجري

الزيارات: 3677

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أين الشاهد؟

 

تمرُّ الأيام مر السحاب، ويُطوى العمر طيَّ الكتاب، فيشهد هذا وذاك، ومَن لنا كشاهدٍ غير ما يلصَقُ بالذاكرةِ من فُتات الأحداث، ومن ذَرْوِ (وهو مستصغر الغبار) الملابسات، إما عَجزًا أو كسلاً أو استِخفافًا أو استِهتارًا، فنَظلِم بذلك أنفسنا والتاريخ جميعًا، فلندَع الكلام عن النفس جانبًا - فهي الجانية المجني عليها - فمتى ألقيتَ عليها التُّهمة، فلا مناصَ إلا أن تقتصَّ من نفسها، فيكون قصاصها بمثابة الانتحار!

 

فلنخُض في الكلام عن التاريخ الذي هو ذاكِرة الأمة، والأساس الذي يُبنى عليه صرح الحاضر والمستقبل، فظُلمه ليس كظُلم أحدٍ؛ لأنه ظلمٌ مُتعدٍّ، سيُصيبُ كل الأجيال التي هي قيد الإنشاء - أو ما يُسمَّى بالنشء - أو الأجيال التي ستَأتي، فمَن ذا الذي سيَقبل أن تُستأصَل جذوره، ويُجتثَّ منبتُه، ويُقتلَع أصله، ويُلقى بهم جملة في غياهِب جبِّ الجَهالة؟ فلمَّا يأتي (هذا الجيل) إلى الدنيا، فيَعقِل ما يَعقِل من أمور دنياه، فسيَجد نفسه خَلقًا جديدًا، لا يَعرِف لماضيه لا اسمًا ولا لونًا ولا طعمًا ولا رائحةً، سوى صدى وسراب وأساطير وسمادير، تتلقاها الألسن فتلوكُها كالعلكة حتى تُقضى حلاوتُها، فتَبصقها مطاطًا لا سكرَ فيه، ويلحَن فيها مَن يلحن فيها، ويَزيد فيها من يَزيد مُنعرَجات ودوائر، وتوابل وخمائر، ليُقدِّمها لجيل لا علم له ولا قياس، ولا ذوقَ ولا إحساس، فيتقبَّلها قبولاً حسنًا، ويَتناولها تناولاً حسنًا، غير آبهٍ بلَونها وطعمِها ورائحتها، المهمُّ حينئذٍ أن اسمَها تاريخ!

 

ومَن سيُوحي لهذا الجيل أن يسأل: أنَّى لك هذا؟ وهذا شيء طبيعي ومنطقيٌّ للغاية، فلم يَعرِف لون وطعم ورائحة التاريخ الحقيقيِّ؛ لكي يُقارِن ويوازِن بينه وبين التاريخ المُزيَّف، بل اكتفى بما لديه من أدلة قاطعة، تطابق الأسماء!

 

لن ألوم هذا الجيل إذا كان قد قصَّر الجيلُ الذي قبله، ولن ألومَ الجيل الذي قبله إذا قصَّر سلفُه قطُّ، فتلك سلسلة كحبات العقدِ إذا انفرطَت أول حبة لؤلؤ، تناثَرت باقي الحبات، لا اقتداءً بأول حبَّة؛ بل لأن ليس هناك ما يُمسِك العقد ويَكبَح انفراطَه.

 

وهل انفرَط العقد حقًّا؟

ما لي ولهذا السؤال، الذي لو اطَّلع عليه مؤرِّخو الإسلام من بكرة أبيهم، لوبَّخوني ولطمَسوا لساني، ولفقؤوا عيني؛ جزاءً وفاقًا على جرأتي وصَفاقتي؟!

 

لم ولن يَنفرِط العقد؛ لأنَّ أُمَّتنا هي أمة مسدَّدة، وأمة مُلهَمة، وأمة محفوظة، ما حفظَت دينها، وسلمت لها عقائدها.

 

قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].

 

قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 110].

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)).

 

قد سطَع نجومٌ، رصَّعوا أفقَ التاريخ الإسلامي والعربي، بكتُب موسوعية، انتشَرَ بريقُها في كل أرجاء الأرض، كتُب مُحكَمَة الإسناد، مُتقَنة التأليف، واسعة المادة، مُنتقاة الحوادِث، ومُصفَّاة الوقائع، لا يَشوبُها زَيفٌ ولا زيغٌ ولا أهواء ولا عصبيات ولا تَسرُّع، وتلك أوصاف تمسَح المؤرخ من لائحة المؤرخين؛ لتلقي به إلى سلة المهملات.

 

وهأنا أضع اعترافًا رسميًّا، بخطِّ قلمي، أقول فيه - وأتمنَّى على نفسي الأماني -: إنَّني لو كنت أملك قلامة قلم أحد هؤلاء الأعلام بل وأهونهم علمًا، لنفختُ نفسي كالبالون، وأوهمتُها بالمكانة المَرموقة، والعلم المستفيض، ولكتبتُ ما حدَث ويَحدُث؛ لأبرِّئ ذمتي أمام جيل سيأتي وربما أتى، لكن هيهات، فأنا دون الدُّون، فهل مِن سيارة تَلتقِطُني مِن غيابات الجبِّ؟!

 

ومرَّت الأيام، وتتابَعت العُقود، ووهن هذا العلم وبهَتَ، وخارت هممُ طالبيه، ونزلت بهم نوازل الكسل والخمول والفتور والذبول، والأمة الإسلامية - يُستباحُ عِرضُها، وتُنتهك حرمتها، وتُطعن في خاصرتها، بخناجر تَحمِل بصمات أعدائنا وأدعيائنا معًا!

 

ولا أحدَ يُسجِّل للتاريخ الحقائق والأحداث، والمَصائب والنكبات، والفُتوحات والانتِصارات، الحلوَّ والمرَّ جميعًا، ولا أستبعد أن تكون هنالك محاولات ونيات حسَنة في التأليف، لكن تبقى مُحاوَلات ترى الأحداث من زاوية ضيِّقة، مكانًا وزمانًا، فتقصر عندئذٍ (المؤلفات) على إرواء الظمي وإشباع النهم، ولا تَصلُح كسندٍ يُستَدعى كشاهدٍ على هذا العصر والذي قُبَيله، إلا أن يأتي بها المؤرِّخ بعد قرنٍ أو قرنَينِ؛ ليسدَّ بها موضِع إصبعٍ في جسدٍ عارٍ من ثقافة أسلافه، فمَن سيَستُر العَورات يومئذٍ؟

 

فهذا هو الشاهد "التاريخ"، أو بالأحرى "كتابة التاريخ"، صغيره وكبيره، ولا تَحقرنَّ صغيرةً؛ فإن موسوعة التاريخ مِن حَصى الحوادث.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة