• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

دوام الحال من المحال

دوام الحال من المحال
عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي


تاريخ الإضافة: 19/6/2013 ميلادي - 11/8/1434 هجري

الزيارات: 210083

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دوام الحال من المحال


مما نفهمه من قول الحق تعالى: ﴿ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ [آل عمران: 140]، أن يومك لك، ويوم غدٍ لغيرك، وأن من الضعف الذي يعتري الإنسان عدمَ مقدرته على حِفْظ مكانته التي عليها إلا أن يشاء الله به إمضاء قدره المحتوم، فيكون بقاؤه على مكانته التي يحب ليس (لسواد عينيه)، وإنما لتحقيق مصالح لغيره يُمضيها الله على يديه، ومجازًا يقال: يوم لك ويوم عليك؛ لأن المعنى المراد باليوم الفترة الزمنية التي خوَّلك الله فيها، ثم تأتي الفترة الزمنيَّة لغيرك، وحينها فقط تقرأ بين سطور الأحداث ما الذي أحسنتَه في فترتك التي خوَّلك الله إياها، وما التي فيها أسأت، فتكون من الله لك فترة استراحة إجباريَّة تُراجِع فيها نفسَك وتُقبِل على الله بتوبة نصوح، قد يُعوِّضك بها مكانة أرقى وأروح لدينك ولقلبك من سابقتها، إنها سُنَّة الله في التغيير، وسنَّة الله في التربية، وسنَّة الله في تحقيق مصالح العباد، وإننا ضُعفاء لا نَملِك لأنفسنا ضرًّا ولا نفعًا، والتداول ذاته علاج ناجع لداء ثبات الأحوال دون تَحلحُلها من الروتين المملِّ والضجر، وانعدام رُوح الإبداع والتجديد، إن الحياة أشبه ما تكون بالنهر الجاري أو البحر المتجدِّد بأمواجه لا يَقبل في جوفه الموات، ولولا تقلُّب أحوال الحياة بالناس ما تعلَّم الجاهل، ولا تواضَع المتكبِّر، ولا خنَع المُتغطرِس المغرور للحقِّ الذي للناس عليه!

 

من المحال دوام الحياة دون الموت، ومن المحال دوام التاجر إلا أن يظهر للناس عجزه في المتعة بالثراء، وأن تَعبه وإهدار حياته فيما يربحه من تِجارته على حساب راحته وصلاح باله، وقد يُرزَق التاجر المالَ ويُحرَم الصحَّة والأولاد مع تمنِّيه ذلك، ويُعطى الفقير الصحة والولد، ويُحرم المال ويَذوق شظف العيش، المهم أن من أعطي شيئًا ذا بال حُرِم مثلَه أو مثلَيه، ولا يظلم ربك أحدًا، حتى محبة الناس، أو لنقل: تقدير الناس لك، يَزيد أيامًا ويَنحسِر مثلها أو مثليها، وقد تكون صلة المرء بربه هي محور هذا التحول الذي لا يستقرُّ على حال، قال بعض الصالحين: "إني لأعرف معصيتي لربي من خُلُق دابَّتي"، وهذا النوع من الفَهْم يُفسِّر الأحداث، ويضع موازين عجيبة ورائعة في فَهْم أمواج الحياة المتلاطمة، ويُضمِّد الجراحات النفسيَّة المُتراكِمة، أتصوَّر المثالية حين ينظر كلٌّ منا إذا ساء حاله إلى نفسه، وأقام لها ميزانَ محاسبة يأخذ لها ما لها، ويأخذ منها ما عليها، يؤكِّد هذا المعنى الفاروق عمرُ - رضي الله عنه - يوم خاطَب رعيَّته ناصحًا، ولا تزال وصيَّته تتردد مجلجلة في الأجيال تتغلغل في النفوس المؤمنة: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوها قبل أن تُوزَن عليكم يوم العَرض الأكبر"، إنها النفوس تكون رائعة يوم تُنصِف من نفسها لذوي الحق عليها، يشير إلى هذا المعنى قول الحق - سبحانه -: ﴿ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة: 8]، وإنها النفوس الراقية الراضية بالحق كيفما كان لها أو عليها: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51]، ويَروي التاريخ الإسلامي عن رجلين تنازَعا على كنز وجداه في أرض أحدهما، يقول الآخَر للقاضي: سيدي القاضي هذا الكنز له؛ لأنه وجده في أرضه وليس لي، ويقول الآخَر: بل هو له سيدي القاضي؛ أنا اشتريتُ الأرض ولم أشترِ الكنز، فهو له، هل مِثل هذه النفوس - وقد علَت عن حُطام الدنيا وسفاسفها - تَطمع في مَغنَم يأتيها أو تأسَف على لُعاعة سُلِبت منها؟ إنها النفوس الكبيرة الطامحة لما عند الله، يأتيه الناس بأوزارهم وأحقادهم، ويأتيه هو بقلبه السليم، وإن سنَّة الله الجارية أن من كان حاله مُتَّصِلاً بأحوال الآخَرين يُحسِن الله له حاله، ويرفع من مقامه إن استغلَّ حاله في تحقيق منافع الآخرين ورفْع الضر عنهم، وأن مَن تضرَّر الناس بمقامه وكان سببًا في ذلك، هيَّأ الأسباب القالعة له من مقامه وحاله التي عليها، ولعل قومًا أطال الله عذابهم على يد ظالم سلَّطه عليهم ليَثوبوا، فإذا غيرَّوا من أحوالهم وقَبِل الله منهم، رفَع عنهم يدَ الظالم بأيديهم أو بغيرهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ﴾ [الرعد: 11]، وأما ما يَحدث في سوريا الشام فهو سرُّ الله وحده، وهو - سبحانه - مَن يعلم ما تؤول إليه الأحوال، ولعل لله مَشيئةً تفوق طموح الشعب السوري، يريد أحرار سوريا الأمن والحرية والكرامة لأنفسهم، ويريد الله بهم فوق ما يريدون، وهي كرامة لهم يدفعون ضريبتها غاليًا، ويَجهل سنن الله الغالبة القاهرة، مَن يظن أن أمة مجاهدة مهما قلَّ عددها وعدَّتُها، وهي تُجاهِد لإعلاء كلمة الله، ومهما تكالب عليها أعداؤها، أن تُهزَم وتُستأصَل، فالله وعد ولن يُخلِف وعدَه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وإن هذا القتل الذريع حُجَّة الله على خلْقه، وإذا أراد الله شيئًا هيَّأ له أسبابه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
5- ما شاء الله
سعيد عصام - مصر 03/01/2018 10:56 AM

فتح الله عليكم ونفع بكم

4- دوم الحال من المحال
zohra - المغرب 01/09/2016 02:22 AM

كل إنسان يعيش في هذه الدنيا بخير وشر ولكن الشر نصنعه بأنفسنا والخير يأتي من عند الله والإنسان المؤمن يعرف حق المعرفة أن كل شيء له في هذه الحياة ضد فالصحة والمرض الغنى والفقر الشباب وكبر السن فنتمنى من الله العزيز أن يشملنا بالرحمة والمغفرة

3- رائع
زائر - مصر 21/07/2016 11:38 PM

تسلم علي العرض

2- دوام الحال من المحال
مزهود - فرنسا 25/06/2016 12:43 AM

شكرًا لكم على هذا التوضيح.

1- إعجاب
محمد ختام حيدر - السودان 18/05/2016 10:56 AM

أعجبني هذا الموضوع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة