• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الحق والخير والجمال

الحق والخير والجمال
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 13/5/2013 ميلادي - 4/7/1434 هجري

الزيارات: 68976

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحق والخير والجمال


كثيرًا ما تستعمل هذه الكلمات معطوفًا بعضها على بعض، ولا يُدرى متى حدث هذا الاقتران ومن هو أول واضع له.


ولكن هذه الكلمات الثلاث تمثل "القيم" التي طالما سعى لها الإنسان، حينما تصفو إنسانيته وتبرز فيه "الفطرة" بعيدًا عن الغبش الذي قد يحجبها حجبًا كاملاً أحيانًا، وجزئيًّا أحيانًا أخرى.


ونتساءل، هل كان هذا الاقتران نتيجة لاتصال الوشائج بين هذه القيم وتماسكها بعضها مع بعض، إذ إنها تمثل الجانب المضيء في هذه الحياة... أم إن ذلك الاقتران كان نتيجة لكونها أهدافًا يسعى إليها الإنسان، فكان اجتماعها بهذا الاعتبار، بغض النظر عن تجانسها؟


ومهما يكن من أمر، فإن الذي يهمنا في هذا الفصل، هو أن نبين مدى الارتباط بين الجمال وزميليه، وهل هي علاقة وحدة أم تجانس؟ وهل كل ما هو "خير" جميل؟ وهل "الجميل" دائمًا هو الخير والحق.


تلك مشكلة أخذت حيزًا لا بأس به من كتب علم الجمال، وغاص فيها الباحثون بين نفي وإثبات، ولكن الأمر الذي غفل الكثيرون أنهم لم يفرقوا بين الجمال كقيمة مطلقة وبين "الجمال الفني" الذي يبرز من خلال اللوحة أو العمل الفني.. حتى آل الأمر إلى الحديث عن علاقة الفن بالأخلاق ونسي الجمال..


وحينما نتجاوز هذه الملاحظة يمكننا القول بأن هذه القيم "الحق والخير والجمال" قيم عليا، يلتقي بعضها مع بعض باعتبارها حقائق في هذا الوجود "فالجمال حقيقة في هذا الكون، والحق هو ذروة الجمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها كل حقائق الوجود[1]".


تعود بعد هذا التمهيد لنتحدث عن "الجمال الفني" وعلاقته بالحق والخير...


لم يكن للفلاسفة وعلماء الجمال رأي واحد تجاه هذه القضية، وإذا حاولنا تصنيف هذه الآراء، وضم المتشابه منها إلى مثيله، أمكننا أن نجد أنفسنا أمام ثلاثة اتجاهات رئيسية:

(1) يذهب الفريق الأول - ومنهم هربرت في العصر الحديث - إلى التوحيد بين الخيرية والجمال، ويجعل علم الأخلاق فرعًا من فروع علم الجمال[2].


ويرى "آلان"[3] أن الخير صورة من صور الجمال، ويرى أن الفلسفة التقليدية كانت على حق حينما جعلت من القيمة الأخلاقية شكلاً من أشكال القيمة الجمالية[4].


ويرى هؤلاء أن للفن مضمونًا أخلاقيًا يتمثل في التسامي بأرواحنا، ومساعدتنا على مقاومة أهوائنا، وهذا ما يسمى بنظرية "التطهير" التي قال بها أرسطو وتابعه عليها هيغل[5].


ويمكن أن نلحق بهذا الاتجاه "سانتيانا" على الرغم من فصله بين الجمال والأخلاق، حيث يذهب إلى إقامة "أخلاق جمالية" على اعتبار أن الفضائل العليا - من أمثال الشرف والصدق والنظافة - إنما هي فضائل جمالية مبعثها نفور الضمير من القبح أو الدمامة التي ينطوي عليها كل سلوك أخلاقي لا يراعي أمثال هذه المبادئ[6].


(2) ويرى الفريق الآخر أن كلاًّ من الجمال "الفن" والخير على طريفي نقيض، ولذا نادى هؤلاء بالابتعاد عن الفن والتزام الأخلاق.


فهذا "تولستوي"[7] يدين شتى الأعمال الفنية التي تدعو إلى الانحراف الخلقي، والاستخفاف بالدين[8].


ومن قبل قام أفلاطون بتلك الحملة التي شنها على الفن، وأخرج الفنانين على أثرها من جمهوريته، لأنهم - برأيه - يفسدون الذوق ويبعدون الناس بفن التقليد والمحاكاة عن جوهر الحقائق[9].


وقد كان هذا هو موقف الكنيسة أيضًا في عصورها الأولى، فهذا "فاسيلي" (329 - 379م) يرى البعد كل البعد عن الفن ودراسته. وأن الإنسان - برأيه - يجب أن يمضي حياته في الصوم والصلاة، لا بالسلوى والمتعة، وإن الضحك ضعف بشري يدل على سطحية الروح وخفتها.


وقد كان "برونيم" (330 - 419م) يرفض الفن رفضًا باتًا، ويخاطب المؤمنين في رسائله: اجعل ابنتك تتعلم كيف تسمع وتتكلم ما يدعو إلى الخوف من الله، أما الكلمات السيئة فيجب أن لا تتذكرها.. وليسبح فمها الطاهر بحمد الله[10].


واستمر هذا الاتجاه لدى الفلاسفة حتى العصر الحديث، ففي القرن الثامن عشر جاء "جان جاك روسو"[11] ليقول: كلما تقدم الفن إلى الأمام كان التردي من نصيب الأخلاق، ثم يتساءل عن الدور الأخلاقي الذي تلعبه التماثيل الموضوعة في الحدائق ليرها جميع الناس؟ وتلك الصور في المعارض هل هي أجود ما عندنا من الإنتاج الفني؟ وهل تمثل المدافعين عن الوطن؟ إن جميع أشكال الفنون تضلل القلب والعقل فهي مقتبسة من الخرافات القديمة[12].


وهكذا انتهى الأمر لدى هؤلاء إلى ضرورة نبذ الفن كله باعتباره أمرًا منافيًا للأخلاق.


(3) ويرى الفريق الثالث أنه لا صلة على الإطلاق بين الفن والأخلاق، لأن القيم الجمالية تعلو على الخير والشر معًا.


وانطلاقًا من هذا المبدأ يقرر "كروتشه" أن الفن خارج تمامًا عن نطاق الأخلاق.. وأنه إذا كانت الإرادة الخيرة هي قوام الإنسان الفاضل فإنها ليست قوام الإنسان الفنان[13].


ويقول أبو ريان: يجب أن نؤكد بطريقة حاسمة الفصل بين القيمة الجمالية والأخلاق، ذلك لأن الفن الجميل لا يمكن أن يوضع تحت رقابة أصحاب المثل والفضائل الأخلاقية، فلا صلة أصلاً بين الأخلاق والفن[14].


نلاحظ من خلال العرض السابق اتفاق الاتجاهين الثاني والثالث على إبعاد الفن عن دائرة الأخلاق ولكن أصحاب الاتجاه الثاني يحاربون الفن حفاظًا على الأخلاق، بينما يرى الآخرون إطلاق العنان للفن حتى يكون حرًا طليقًا...


أما الفريق الأول الذي قال بأخلاقيه الفن، وأن من آثاره تهذيب النفس.. فنترك مناقشته لـ"برتليمي" حيث يقول: إن مجموع الأفراد الذين يحسِّن الفن من أخلاقهم قليلون، والاعتقاد بأن حب الإنسان للأعمال الفنية العظمة حبًا مطلقًا يمكن أن ينقي القلب والحياة، اعتقاد يكاد يكون خاطئًا على الدوام، فلطالما رأينا أناسًا لا حصر لهم قد أحبوا أكمل المقطوعات الموسيقية وأجمل اللوحات الفنية، وظلوا مع ذلك من الرعاع، فتأثير الفن في تقدم الأخلاق تأثير بسيط جدًا[15]...


وهذا ما ألمح إليه هيغل حين قال: إن تمثيلات مريم المجدلية، الخاطئة الحسناء، قد أوردت موارد الخطيئة عددًا من الرجال يفوق بكثير عدد من قادتهم إلى التوبة والندامة[16].


تلك كانت آراء واتجاهات الفلاسفة وعلماء الجمال... ومناقشاتهم.. ولكن هل كان للفنانين مشاركة ما في ذلك؟ هذا ما نتحدث عنه في الفقرة التالية.



[1] منهج الفن الإسلامي. من المقدمة، للأستاذ محمد قطب.

[2] فلسفة الجمال. أبو ريان ص 115.

[3] فيلسوف وكاتب فرنسي (1868 - 1951) من كتبه (نسق الفنون الجميلة)، (تمهيدات لعلم الجمال).

[4] فلسفة الفن. زكريا إبراهيم ص 143.

[5] المصدر نفسه ص 144.

[6] المصدر نفسه ص 76.

[7] ليون تولستوي (1828 - 1910) روائي وفيلسوف روسي ذو شهرة واسعة.

[8] مشكلة الفن. زكريا إبراهيم ص 213، وفلسفة الفن، له ص 210.

[9] فصول في علم الجمال. برجاوي ص 145.

[10] المصدر نفسه ص 145 - 146 نقلاً عن (تاريخ النظريات الجمالية، أوفسياينكوف ص 75).

[11] فيلسوف فرنسي (1712 - 1778) أثرت آراؤه في المذاهب الاشتراكية والشيوعية الحديثة.

[12] المصدر السابق ص 146 نقلاً عن (أوفسياينكوف ص 156).

[13] فلسفة الفن. زكريا إبراهيم ص 46.

[14] فلسفة الجمال ص 90.

[15] بحث في علم الجمال ص 511 (نقلاً عن: كورتيه: الفن والحمية الروحية).

[16] المدخل إلى علم الجمال ص 54 هيغل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة