• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

آسف

محمد تكديرت


تاريخ الإضافة: 6/5/2013 ميلادي - 26/6/1434 هجري

الزيارات: 5361

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آسف


توجَّه أصابعُ الاتهام للطفل الصغير؛ لينطق قلبه: "آسف.. اعذِرني"؛ ليكبر هذا الطفل فيما بعد، ويجد نفسه عالقًا وسط قطارٍ توقَّف لتوِّه في الخلاء؛ فقط لأنه توقَّف، ثم ليطرد الوساوس من ذهنه قائلاً لنفسه: "اصبر يا هذا، سوف يقدم لك اعتذار يزيل همَّ يومك بأكمله.."، وبينما هو يتحدَّث مع ذاته بلغة إيجابية راقية؛ إذ بشرطيِّ القطار يظهر حاملاً معه أمرًا لا اعتذارًا: "تأشيرتك!"

 

إن مثل هذه المواقف - وغيرها الآلاف - تتقبَّلها عقولنا بشكل لا واعٍ بأنها جزء من الحقيقة التي لا يمكن الحديث عنها أو الدوران حولها، ألا ترى معي أن خطأ المدير منَزَّه عن الاعتذار، وحينما تحاول خلايا مخِّك السؤال، تجد الجواب مركونًا في زاويةٍ من ذهب: "إنه المدير"، تخرج من فمِ صاحبها بعينينِ شاخصَتينِ كالمغشيِّ عليه من الموت!

 

نحن لا نريد قطعةَ حديدٍ صفراء - قد نهش الزمان أطرافها - مكتوب عليها بخط باهت: "نعتذر لإزعاجكم"، وكأن ثقافة الاعتذار لا توجدُ إلا على الطرقات، وإن كان الأمر كذلك، فإننا نطالب أن تعبَّد جميعُ الإدارات والمرافق العمومية، أو أن تنزل الإدارة إلى الطرقات!

 

حتى الكبرياء له دَوْره في تضخيم إحساس "الأنا" بوجودها، وأنها هي الأصل، وما دونها باطل؛ لهذا تجد الشخص يغرقُ في مستنقع الأخطاء؛ ليستيقظ على جملة عرق جبينه من أجل نحت حروفها: "نعتذر منكم"، وحينما يتعلَّق الأمر بتشييد أو نجاح يبدأ عداد "الأنا" في مباشرة عمله، وتقبر الجماعة في صمت الخطأ.

 

آسف:

ليس من السهلِ أن ترفع سمَّاعة الهاتف لتنطق نفسك بها؛ فالكبرياء يختبئ وراء كلِّ حرف من حروفها، لكن الذي عاش عليها تجعل منه رجلاً يحذر الوقوع فيما يجعله مضطرًّا للاعتذار عنه، كما تدفعه لئلا ينتظر من نفسه أن يسيءَ ليعتذرَ، فهو في حركية دائمًا، ينطلق من ذاته ليصل إلى الآخرين، وليس كصاحب الجماعة، يقترف الخطأ ليختبئ ويصيح: "نعتذر منكم!"

 

لهذا تجد أحيانًا بعضَهم يركبُ على ظهر التبرير؛ ليتملص من المسؤولية، وبدلاً من إيجاد حل لمشكلته، فهو يسعى لإيجاد مخرجٍ يُعفِيه من إخراج لفظة "آسف"، والعصا التي يتَّكِئ عليها طوال حديثه كلمة "لو"، إلا أن الاستناد إلى حائط التبرير ليس عيبًا، لكن قد يهدمُ ويصبح قبيحًا، حينما تنزع منه لبنة الاعتذار.

 

نعم، هي من شِيَم الكبار فقط، أما صغار النفوس فيهربون منها، كما يهرب الطفل من الظلام، لا أقصد هنا بلفظة "آسف" تلك التي نراها في الشوارع حينما يصطدم اثنان أثناء مشيِهما؛ بل ما يكون حاضرًا في المواقف الجادَّة من أجل استمرار عجلة الحياة.

 

أنا آسف:

لا يهم لمن تقال، صغير أو كبير، غني أو فقير، رجل أو امرأة، فهي كلمة يلفظُها القلب لا العقل، وحينما تصدر منك عن غير وعيٍ، فاعلم أنك تعيش حالة اتزان بين قلبك وعقلك.

 

كم من المشاكل تفاقمت، كان من الممكن تجاهلُها باعتذار! وكم من العَلاقات مزِّقت، كان لعبارةٍ أن تلمَّ الطرفين، وتستأنف مشروع المحبة والعطاء!

 

فلسفة الاعتذار تجعل منك معلِّمًا وتلميذًا في آنٍ واحد؛ فالذي يُعَاتبُك الآن قد يخطأ في حقِّك بعد قليل، فلتكن أذنُك منصفةً في قبول "آسف"!

 

ختامًا:

فإن ارتكاب الأخطاء أمر سيِّئ، والاعتراف بها يُزِيل سَوْأتها، وقَبُول الطرف الآخر الاعترافَ دليلٌ على رقيِّ فكره ونضج أخلاقه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة