• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

التربية ... وإشكالية المصطلح (2)

التربية... وإشكالية المصطلح (2)
محمد بن علي بنان الغامدي


تاريخ الإضافة: 30/3/2013 ميلادي - 19/5/1434 هجري

الزيارات: 10146

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التربية.. وإشكالية المصطلح (2)

(إشكالية التعريف الاصطلاحي)


والآن نريد أن نعرف سبب إشكالية (التربية) كمصطلح فكري فلسفي، يتأبَّى أن يكون له تعريف محدَّد، فإن التعريف الاصطلاحي، بل التربية ذاتها تتأرجح بين مدارس مختلفة، ولكل مدرسة رؤيتها الخاصة، وسيتضح لنا أن معظمها يتعارضُ مع الإسلام تعارضًا كبيرًا، وبعضها يقتصرُ على مفهومٍ ضيِّق لا يستوعب ما نريده من معناها، وهذه إشكالية غَفَل عنها المَعْنِيُّون الذين يأخذون الفُتَات من زادِ غيرهم، دون أن يشعروا بفساده.

 

إذا أردنا أن نكون أكثر دقة، فإنه يجوز لنا القول: إن التربية تختلف باختلاف العقائد التي تحملها المدارس الفكرية، وما عليك إذا أردتَ أن تبحثَ عن تعريفٍ للتربية إلا أن تقرأ اتجاه وعقيدة أيِّ مدرسة؛ لتدرك بعد ذلك مفهوم التربية لديها، ونستطيع أن ندرج هنا أي تعريف عامٍّ لها، نأخذُه من أي كتاب، ولكن ليس ذلك مجديًا في فهم حقيقة التربية لدى كل المدارس والمجتمعات.

 

وأختلف مع د. عيد إسماعيل حينما يقول: "صحيح أن هناك معاني مختلفة للتربية، لكننا إذا دقَّقنا النظر، فسوف نجد أن ما قد يبدو (اختلافًا)، فإنما هو نتيجةُ تغاير لفظي من حيث الصياغة، وفي أحسن الحالات فهي زوايا رؤيا"؛ إذ هو يناقض قولَه حينما يعود بالتربية إلى ظهيرها الثقافي، فيقول: "هذا ظهيرُه ثقافةٌ إنجليزية، وهذا ألمانية، وهذا أمريكية، وهذا ظهيره الأساسي ثقافة دينية.. إلخ"، ثم يقول بعد ذلك: "مثل هذه المواقع المتعدِّدة تنعكس على المعنى الذي يقدِّمه الكاتب للتربية، لكنها - كما قلنا - قد لا تصل إلى حد الاختلاف في الجذور"[1].

 

أقول: وأي اتفاق في الجذور يريده ذلك الأستاذ، والخلاف هنا بعيد الهُوَّة بين تلك الثقافات؟!


ونحن إذ نتحدَّث عن التربية الإيمانية القلبية، وأهميتها كجزءٍ أساسي من مكوِّنات التربية الإسلامية التي نريدها في مدارسنا، فإن ذلك الإيمان ليس له أي أثر حينما تطرح المدارسُ الفلسفية الأخرى مفاهيمَها عن التربية، بل قد تجدُ أن بعضَها مبني على عدم الإيمان وإنكار الخالق، وهذا ما سوف نستعرضُه هنا؛ ليتبينَ لنا مدى توافقِها أو مخالفتها مع قيمنا الإسلامية:

فهذه مدرسة "جون لوك" (1632 - 1704)، ذلك الفيلسوف الإنجليزي التجريبي، الذي عاصر أحداث الثورة الإنجليزية (1768)، وهو يمثل في توجهه امتدادًا تاريخيًّا لـ(المدرسة الواقعية)، التي بدأت على يد (أرسطو)، ومرَّت بـ(فرانسيس بيكون) (1561 - 1626)؛ حيث إن نظرية (لوك) المسمَّاه بـ(الواقعية الحسية الإمبريقية)، لا تحمل أي مفهوم روحي إيماني، وإن كان قد تحدث عن الاهتمام بالأخلاق في العموم، لكن محور اهتمامها هو تعليم الطلاب أن كل شيء يثبت بالحس والتجربة فقط، ولا معنى للفكر والعقل المجرد، وجاءت نظريته في مخالفة قوية لما كان يعتقده ديكارت (1650م)، الذي كان يشك في التجربة الحسية، بل غالى في ذلك حتى شك في المحسوسات من حوله، ويرى "جون لوك" إعداد الأجيال لتحقيق ذلك المفهوم، ويعتبر العلم المادي مطلبًا لدينا نحن المسلمين، ولكنه يسمى علمًا ماديًّا، وليس له أي علاقة بالتربية التي تهتم بالإنسان وتزكيته.

 

وهذه مدرسة "جان جاك روسو" (1712 - 1778م)، الذي عاش فيما يسمى بـ"عصر التنوير" تزعم (النظرية الطبيعية الرومانسية)، و(الطبيعيةُ) عندهم تعني إنكارَ إدارة الكون بنظام علوي، ولهذا نجد أن معنى التربية في فكره تعني إطلاق الأطفال من غير قيود أخلاقية ولا دينية؛ لكي يتعاملوا مباشرة مع الطبيعة، فلا مكان للكتب والمعلِّمين، فالطبيعة المباشرة قد تكفلَّت بتعليمهم، وتربيتهم أيضًا، ويرى "روسو" أن الإنسان يتعامل مع الطبيعة والبشر، ويرى أن البشر الذين يعظِّمون العقل في عصره قد أفسدوا الأجيال بآرائهم المتناقضة، وأما الطبيعة، فهي تطرح رأيًا واحدًا يتعلَّم منه الإنسان ويتفاعل معه، ويرى هذا الفوضوي (أن تعبر الطبيعة البشرية عن ذاتها بعمل ما تهواه دون كبح، أو ضبط، أو تقييد بعرف أو تقاليد)[2]، وكل أفكاره هذه قد عبَّر عنها في كتابه (أميل) أو (التربية)، ويتباهى ذلك الفوضوي بكتابه، وأنه أفضل ما أهداه للبشرية!

 

وهذه (النظرية الحتمية البيولوجية) التي يراها "وليم مكودجال" (1871 - 1928)، والذي تأثر بنظرية "داروين"، ليكون رأيه ظلمات بعضها فوق بعض، فالتربية عنده لا تتم إلا من خلال الحتمية المجتمعية، وذلك لأن البشر لا يتحركون إلا وَفْقًا للغرائز فقط، فهم يتحرَّكون تلبيةً لحاجاتهم الغريزية، وتتم حركتهم تلك من خلال حتمية جبرية بيولوجية، لا يستطيعون الفكاك منها، إنها غرائزهم التي يَسْعَون إلى إشباعها، ولذلك من الصعب ترويضهم، ولذلك لا بدَّ من حتمية اجتماعية لفرض القيود عليهم، وتلاحظ أن أقوال هؤلاء تشبهُ ما قالتْ به الجهمية الجبرية في الفكر الإسلامي من زاوية ما، ونلاحظ أن هذه النظرية تتناقض مع دوافع الإنسان الإيمانية والعقلية، وجعلتهم مثل البهائم والحيوانات، التي تحتاج إلى ضبط وقيادة بحتمية مجتمعية!

 

و(النظرية السلوكية) التي غَزَتِ العالم، ويَعرِفُها غالبُ المعلِّمين اليوم، والتي من روادها: (ثورديك)، و(بافلوف)، و(واطسون)، و(كلارك هل)؛ نجدها هي الأخرى لا معنى لديها للإيمان ولا للروح أيضًا في مفاهيمها، فلا يَعْنِيها إلا النظر إلى السلوك الظاهر فقط؛ بحجَّة أنه يمكن رصده وقياسه، حيث إنها مفتونة بالقياس والتقويم، ومهمَّتها هي السعي لتغييره من خلال بعض التقنيات، فالتربية عندها برمجةٌ آلية للإنسان في الظاهر المشاهد؛ لكي يتوافق مع الوضع المجتمعي السائد، ولا عبرة بأي معتقد أو إيمان، ولا شك أن تبني النظرية السلوكية في الجامعات التربوية والتعليم العربي - كمدرسة حديثة في التربية - كان له أثر واضح أو خفي في تجاهل الإيمان وآثاره العظيمة في سعادة الإنسان وإصلاحه، فأفرزت نتاجًا هشًّا في القيم والأخلاق والدين.

 

وقد بدأت بسرد آراء تلك المدارس التربوية المادية وقدَّمتها على (المفهوم الإسلامي)؛ لِمَا لها من أثر وسيادة في مسار التربية اليوم على مستوى العالم، ولأن أي تجديد آني أو قادم في مسيرة التربية نجدُه يتبنَّى الخلفيات المادية في التطوير والتغيير، ويتجاهل الإيمان والأخلاق كما يريدها الإسلام، ولا يمكن أن نستند إلى مفهوم التربية العام الذي يستهدف إصلاح الفرد وإعداده للحياة علميًّا وعقليًّا وخلقيًّا؛ لأن هذا المفهوم مطَّاط يتفق عليه الجميع مبدئيًّا، ولكننا عند التفصيل نختلف كثيرًا، وهذا المفهوم العام بدأ منذ أن خلق الله الإنسان على وجه الأرض، غير أن هذا المفهوم أخذ في الاختلاف بين مدرسة وأخرى، بل قد تجد الخلاف بين شخصين يعيشان في مكان وزمن واحد، فأسس أفلاطون (النظرية المثالية)، فجاء تلميذه أرسطو مخالفًا له بـ(النظرية الواقعية)! وهكذا لم تَزَلِ النظريات الفلسفية في تتابع وتتخالف، بحسب التصور والفكر الذي يتبنَّاه كل فيلسوف، بل أحيانًا تكون المدرسة ردَّة فعل لسابقتها فتأتي في تناقض تام، ولم تكد تخلو أي نظرية من اهتمامها بصلاح الإنسان، وتنشئة الأجيال، فإن لها - مع أخطائها وتهافتها - شيئًا من الأثر يتوافق مع قيم وأخلاق المجتمع الذي يتبناها.

 

وما زال ثَمَّة بقية.



[1] سعيد إسماعيل علي، فلسفات تربوية معاصرة، ص 13.

[2] سعيد جنيدل، أصول التربية الإسلامية مقارنة مع نظريات: ص 37.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة