• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

تركتكم على المحجة البيضاء

تركتكم على المحجة البيضاء
أبو مالك العوضي


تاريخ الإضافة: 17/12/2012 ميلادي - 4/2/1434 هجري

الزيارات: 13431

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تركتكم على المحجة البيضاء


الأصل في الأمَّة أنَّها على الخير، وأنها متَّبِعة لسبيل المؤمنين، وأنها على العهد والميثاق الذي تركها عليه النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأما الخلاف والشقاق والنِّزاع، فهو الاستثناء، وهو خلاف الأصل، وهو الذي لا ينبغي أن يكون، قال - تعالى -: ﴿ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشورى: 13] وعن ابن مسعود قال: الخلاف شرٌّ، وقال عبيدةُ السلماني لعلي بن أبي طالب: رأْيُك في الوِفَاق أحَبُّ إلينا مِن رأيك في الفُرْقة.

 

فمن نَقل عن الأمة مثلَ هذا الاتفاقِ، فقد نَقل الأصل، ومَن استقرى الأقوالَ فوجَدها متفِقةً، فقد ثبَّت الأصل، ومَن رأى العلماءَ متتابعين، فقد قرَّر الأصل.

 

وهذا يدُلُّك على خطأِ قولِ مَن يقول: إِنَّ الأصلَ هو الاختلاف، وإنَّ اتفاقَ الجمْعِ الكثير المتفرِّق في البلدان مِن المستحيلات... إلى آخر هذه الكلمات، وهذا إنْ أَمْكَن في عوائد باقي الأمم، فهو مخالِفٌ للأصْلِ المعروف في أُمَّتِنا شرعًا؛ قال - تعالى -: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 63].

 

ومحَلُّ البحث الذي ينبغي أن يُنظر إليه لتصحيح هذا الفهم، هو أنَّ المَحَكَّ الشرعيَّ هو الاتفاقُ وليس الاختلافَ، فليس خلافُ مَن خالَفَ بحجَّة، وليس اختلافُ الأمَّة بحجة؛ إنما الحجة في اتفاقهم، فلا يصح أن يُستدل بخلافهم على شيء، إلا إن كان الاستدلالُ باتفاقهم على تسويغ الخلاف، وهذا استدلالٌ بالاتفاق أيضًا عند التأمُّل.

 

وإذا زَلَّ عقلُ بعض العقلاء فخالف المَهْيَعَ المتَّبَع، وتنكَّب سبيلَ المؤمنين، فهذا لا يَقدح في الأصل، ولا يَهدم الأساس؛ لأنَّ زَلَلَ العقول ليس بحجة، ولَحْنَ الفُهُوم ليس بدليل؛ وإنما الحجة فيما تجتمع عليه العقولُ، وفيما تتفق عليه الفهوم.

 

وإذا خَفي وجهُ الدليل عَن بعض العلماء، فهذا لا يقدح في معرفة باقي العلماء به؛ لأنه لا يمكن أن يَخفى الصوابُ على الأمة كلِّها؛ لكنه قد يخفى على بعضها، وخفاؤُه على بعضها لا يَقْدح في ظهوره للباقين، وقد جاء التحذير مِن زَلَّة العالَمِ (زيغة الحكيم)، وهي التي يُقال لها:

ما هذه؟ وهذا يَدُلُّ على أنَّ هذه الزيغةَ لا يمكن أن تكون حجَّةً بوجْهٍ من الوجوه؛ لأن أفراد العلماء ليسوا بمعصومين؛ وإنما العصمة في الاجتماع لا في الافتراق.

 

والاعتداد بزيغة الحكيم هو الذي أوقع كثيرًا من الناس في الاضطراب إِزاءَ كثير من مباحث الإجماع؛ فرأينا من يقول: لا حجة إلا في الإجماع القطعِيِّ الذي هو المعلوم مِن الدِّين بالضرورة، ولا شك أنَّ مثل هذا الإجماع حجةٌ، ولكنَّ وجه الحجية فيه هو القطعية لا الإجماع، بدليل أنَّ خلاف المخالف فيه لا يقدح في حجيته مهما كان، كما أنَّ معرفتَه لا تتوقف على سَبْرِ أقوال المجتهدين أصلاً؛ وإنما تثبت بمجرد النظر في قطعية الأدلة والقرائن المحتَفَّة بها.

 

ورأينا مَن يعتَدُّ بخلاف الخوارج والشيعة والمعتزلة والجهمية، وكل هذا مِن أوضح ما يكون في البطلان؛ لأنَّ هذه الفِرَقَ لم تتميز عن غيرها مِن المسلمين إلا بهذه الأقوال الشاذَّةِ المخالِفَة لإجماع سلف الأمة القطعي المعلومِ ضرورةً.

 

فالاعتداد بخلافهم في الفروع الفقهية خطأٌ من وجهين:

الأول: أنَّ هذه الفِرَقَ لم تتميَّز بأقوالٍ فِقْهيَّة أصلاً حتَّى تُنسب إليها.

 

الثاني: أنه لا يوجد قولٌ فقهي معتبَر عندها إلا وهو معروف عند باقي فرق الأمة.

 

وهذا المعنى قد قرَّره شيخُ الإسلام في مواضِعَ مِن كتبه.

 

ثم إن الذين لا يَعتدُّون بغير الإجماع القطعي لم يحدِّدوا كيفيةَ الوصول إلى هذا الإجماع، وليس معهم إلا مجرَّدُ الدعاوى التي يمكن أنْ يدَّعِيَها كلُّ أحد، فالأشاعرة يدَّعون إجماعَ السلف على مذاهبهم، وكذلك كثيرٌ مِن الفرق الضالة، وحتى لو فُرض وجود مِثْل هذا الضابط في التفريق، فهو - ولا شك - ضابطٌ خفِيٌّ، أو فيه خفاء لا يعرفه كثير من العلماء، فضلاً عن العامَّة، فكيف نُحِيل في مثل هذه المسألة العظيمة على مثل هذا؟

 

ثم لو فَرَضْنا أنَّ الضابط واضحٌ لا خفاء به، فهو - ولا شك - ليس موضِعَ اتفاق بين فرق الأمة، فعادت المسألةُ جذعةً، وخرجنا من الإجماع القطعي إلى الظني.

 

ومَن لم يفهم هذا الكلام، فهو لا يعرف مراتب الأدلة.

 

ومِن أبْعدِ الناس عن الصواب: أولئك الذين يَحتجُّون بمناظرَةِ الشافعِيِّ لِمُنكِري أخبارِ الآحاد، على إبطالِ الإجماعِ أو القَدْح فيه.

 

فالمتأمِّلُ للمناظرةِ يجد الشافعيَّ مخالِفًا لأصوله المعروفة بوضوحٍ في كتبه الأخرى، ولا يمكن أن يُحمَل كلامه على ما فَهِمه هؤلاء، وإلا كان الشافعيُّ متناقِضًا، وكذلك فإنَّ مقاماتِ المناظراتِ لا يَنبغي أن يُؤخذ منها مذهبٌ مخالِفٌ للمعروف مِن مذهب المتكلم؛ وإنما مرادُ الشافعيِّ أن يَهْدِمَ كلامَ مُنكِري الأخبار؛ كلامهم بأدلتهم هم، وليس بمذهبه هو، فهو يُلزِمهم بِمثل مذهَبِهم أن يُبطلوا الإجماعَ كما أَبطلوا الأخبارَ، وحينئذٍ يَسقط مذهبُهم، أو يَرجعوا عنه إلى حجية الجميع.

 

أما أنْ يُفهم مِن كلام الشافعي إنكارُ الإجماع، فمِن الممكن - أيضًا - أن يُفهم مِنه إنكارُ الأخبارِ؛ بل إنكارُ الإجماعِ القَطْعِيِّ؛ بل إنكارُ كلِّ منقول، وهذا لا يَقوله عاقل، ولا يَتصور الشافعيُّ نفسُه أن يَفهمه أحدٌ من كلامه.

 

ولكنَّ العقل إذا اختَلَّ أمكن أنْ يَفهم أيَّ شيء مِن كل شيء.

 

ومِن عجائب هذه الطائفة قولُهم: إنَّ مُجرَّدَ وجودِ الخلافِ مِن أي عالِمٍ مِن العلماء، في أيِّ عصْرٍ مِن العصور، يُعدُّ قادحًا مؤكدًا في الإجماع، فلا يمكن - على قولهم - أنْ تَجتمع الأمَّةُ مطلقًا إذا كان بعضُ العلماءِ قد زَلَّ في عصْر من العصور السابقة، ونحن الآنَ لا يمكن أبدًا أن نجتمع على قولٍ؛ ما دام قد قِيل بخلافه مِن بعض التابعين أو نحوهم.

 

سبحان الله! ألا يُمكِن أن يُخطئ العالِمُ أو يَزِلَّ؟ هل يُمكن أن يَخفى عليه بعضُ الأدلة؟ هل يمكن أن يُؤتَى مِن سوء الفَهْم؟ هل يمكن أن يُحابِيَ بعضَ الحكام؟ إلخ إلخ.

 

كل هذه الاحتمالات وغيرها ممكِنَة، فهل هذه الأمور تَقدح في إجماع الأمة المعروف قبل هذا، أو معه، أو بعده؟ هل صار هذا الشذوذُ حجَّةً على الأصل الواضح المعروف مِن اتباع سبيل المؤمنين؟

 

الله أمرنا باتباع سبيل المؤمنين، ونهانا عن ترك سبيل المؤمنين، ولم يأمُرْنا باتباع المؤمنين أنفسِهم، وهذا هو تحرير النَّظَر في محلِّ الشاهد، فهو الاجتماعُ على السَّبيل اللاَّحِب الواضح المعروف، مع اجتناب الشذوذ والتفرُّد والابتداع.

 

فكل مَن تفرَّد بقولٍ أنكره عليه العلماءُ، فلا يُعتدُّ به، وكلُّ خلافٍ ساقطٍ منقرِضٍ، فلا عبرةَ به، وكلُّ قولٍ مبنِيٍّ على خَفاء الدليل، فلا عبرةَ به، وكلُّ قولٍ يُبنَى على سُوء الفَهم، فلا عبرة به، وهكذا.

 

أسأل الله أن يؤلِّف بين قلوبنا، وأن يجمعنا على الهدى، وأن يوفِّقَنا لما يحبه ويرضاه، وأن يستعملنا في طاعته، إنه أكرم مسؤول.

 

والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة