• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

صناعة الفكر (3)

د. جمال يوسف الهميلي


تاريخ الإضافة: 11/12/2012 ميلادي - 28/1/1434 هجري

الزيارات: 7847

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صناعة الفكر (3)


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبِه والسائرين على طريقه إلى يوم الدِّين.

 

وبعد:

كيف أصنع فكري؟

سؤال يَحتاج إلى تأنٍّ وتدبُّر، ومُراجَعة ونظر، ويُمكِن إجمال قواعد بناء الفكر بما يلي:

1 - كن مُستقِلاًّ

(لا تُعِر عقلَك لغيرك)؛ فعَقلُك هِبة مِن الله لك، بل هو مِن أعظم الهِبات، فكيف تُسلِم هذا الكنز إلى غيرك ليُسيِّره كما يشاء ويذهب حيث يُريد؟ ومسألة إعارة العقل هي الموافَقة المُطلَقة للمُقابل وعدم النظر والتأمُّل فيما يقول أو يفعل، وكأنك عطَّلت عقلكَ وتَفكيرَك وسلَّمتَه إياه على طبق مِن ذهب.

 

وهذه القضية (إعارة العقل) هي البوابة التي يدخل منها مُعظَم (أو كل) أهل البدع إلى أتباعهم، فتراهم يَطلبون منهم التسليم المُطلَق للشيخ أو الإمام دون نظر أو تفكير، بل ويَعتبرون أن مَن يُناقش شيخه أو يشكُّ في تصرُّفاته أنه مارق، وربما يَخرج مِن ملَّتهم! ومَن تأمَّل الفِرَق كالرافضة وغلاة الصوفية وغيرهم سيُدرك حقيقة هذا الأمر، ولذا حين تَنكشِف الحقائق يوم القيامة يكون الحوار الذي سجله القرآن الكريم، ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴾ [سبأ: 31، 32]، وقوله: ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ﴾ [البقرة: 166، 167]، بل إن الشيطان نفسه يصرِّح بذلك، ويوكل إضلاله للعباد إلى أنفُسِهم، وإلى استئجار عقولهم له، فاللوم الحقيقي يقَع على العباد أنفسهم؛ ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [إبراهيم: 22]، وكأنه يقول: أين كانت عقولكم عندما دعوتكم، فأنا لم أُجبِرْكم، وكل ما فعلته هو الدعوة فقط.

 

وقد يقول قائل:

نحن في شَرعِنا الإسلامي لا بدَّ مِن التسليم، فنقول: إن هذا التسليم ليس لمَخلوق، إنما للخالق الذي خلَق الإنسان، وهو أعلم بما ينفعه ويَضرُّه، وهو أرحم به مِن نفسه، وهو أحكم الحاكمين، وأما طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي مأخوذة مِن طاعة الله؛ فهو رسول الله، كما أنه ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾[النجم: 3، 4]، والوحي مِن الله، وأما طاعة غير الله وغير رسوله فهي بعد طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومُرتبِطة بالمعروف؛ فقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سَريَّةً فاستعمل عليها رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يُطيعوه، فغَضب، فقال: أليس أمركم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تُطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطبًا، فجمعوا، فقال: أَوِقدوا نارًا، فأوقدوها، فقال: ادخلوها، فهمُّوا وجعل بعضهم يُمسك بعضًا، ويقولون: فرَرْنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن النار، فما زالوا حتى خمَدت النار، فسكَن غضبه، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف))[1]، ووجه آخَر، وهو اليقين التام بأنه لا يُمكن أن يَتعارض العقل الصريح مع النقل الصحيح[2] فكلاهما مِن عند الله العليم الخبير، ووجه ثالث، وهو أن الشرع يدعو إلى التفكُّر والتأمُّل ويَحثُّ عليه فهو مطلب؛ بل قال الله - تعالى -: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ... ﴾ [محمد: 19]، فأمر بالعمل بعد العِلم[3].

 

2 - قيِّم أفكارك:

إن أفكارنا لم تَنبُت في عقولنا مِن فراغ أو مِن لا شيء، إنما جاءت من مصادر مُتعدِّدة ومُتنوِّعة، فلا بد مِن مراجَعة تلك الأفكار والنظر في مصدرها ومدى مصداقيَّة ذلك المصدر، ومدى الثِّقة فيما يطرح ويقول، إن سماعنا ورؤيتنا تَصحبهما رسائل وأفكار إلى عقولنا وليس مجرَّد كلام وصُوَر، وقد يُراد أن تتجذَّر لدَيك أفكار محدَّدة عن طريق تلك الكلمات والصور، فبعض الأحيان يكون الخبر صحيحًا؛ ولكن ما يَتبعه من تحليل وتضخيم أو تصوير هو الهدف، فيَتغلغل إلى ذهنك مع الخبر الصحيح فيَحصُل المقصود، ولذا فعند المُراجَعة والتدقيق تتبيَّن لك أمور لم تتوقعها مِن قبْل، واقرأ معي هذه الآيات: ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 8 - 10]، إنهم يَسمعون ويعقلون ولكنهم نفَوا عن أنفسهم السمع النافع والعقل الراجح المُفكِّر الذي يوقف صاحبه على حقائق الأشياء، ويُرشِده إلى الخير ويُبعده عن الشر بعكس أهل الإيمان، وفي ذلك اليوم - يوم القيامة - تتكشَّف لهم الحقائق ويُدركوها، ولكن في وقت متأخِّر.

 

وحتى لا تكون ضحيةً لأفكار غيرك عليك أن تسأل نفسك ثلاثة أسئلة:

1- ما مصدر تلك الأفكار؟

2- ما مدى ثِقَة ومصداقية هذا المصدر؟

3- ما الأدلة على صحَّة تلك الأفكار؟

 

3- لا تكن ريشةً:

"واللهِ لئن قالَه لقد صدَق، فما يُعجِبُكم مِن ذلك؟ واللهِ إنه ليُخبِرُني الخبرَ لَيأتيه مِن اللهِ مِن السماءِ إلى الأرضِ في ساعةٍ من ليلٍ أو نهارٍ فأصدِّقُه.." تلك العبارة قالها أبو بكر الصدِّيق - رضي الله عنه - حين قال له كفار مكة: "يا أبا بكرٍ هل لك في صاحبِك - يَعني محمدًا، صلى الله عليه وسلم - يزعُمُ أنه جاء هذه الليلةَ بيتَ المقدِسِ وصلَّى فيه ورجَع إلى مكةَ!"، إنها والله الثِّقَة في صدْق الحدث حتى لو كان مستحيلاً في نظر البعض، إن صاحب اليقين الراسخ بما لدَيه مِن أفكار لا تَهزُّه العبارات والتصرُّفات بل تزيده ثباتًا بالقناعات، ولذا - والله أعلم - كان مِن صفات المؤمنين عدم الرَّيب؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ [الحجرات: 15]، ومِن صفات المنافقين الريبة (الشك)؛ ﴿ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ [التوبة: 45]، وانظر إلى المواقِف المُتبايِنة في غزوة الأحزاب[4] .

 

كيف صوَّرها القرآن الكريم:

﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12].

 

﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].

 

الموقف واحد، والمكان واحد والزمن واحد، ولكن اختلاف الثقة والإيمان هو الذي سبَّب اختلاف النظرة والتحليل بين الفريقَين.

 

فالعزم والإقدام وعدم التردُّد في الرأي دليل الثقة، ولذا عُدَّ من صفات الرجال:

 

إذا كنتَ ذا رأي فكن ذا عزيمةٍ
فإنَّ فَساد الرأي أنْ تتردَّدا[5].

 

إن قوة أدلتك وتنوُّعَها ومصداقية مصدرها يجعلك تطمئنُّ وتَثق فيما لدَيك، فتُصبح ﴿ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [إبراهيم: 24]، فالعُلوُّ والارتفاع لا يؤثِّر في ثباتها، فهي راسِخة حتى لو وصَل ارتفاعها إلى السماء، وإياك أن تكون كالريشة التي تُحرِّكها الريح حيثما شاءت، فلا إرادة لها ولا سُلطة حتى على نفسِها.

 

تذكَّر أن هناك مَن يسعى لزعزعة الثِّقَة في نفسِك، ويطمح لخلخلة أفكارِك وإيجاد ثُغور فكريَّة يُمكنه أن يتسلَّل مِن خلالها إلى عقلِك وقلبك، فهل ستَسمح له؟

 

4 - ارفع الأسوار:

ونظرًا لأهمية هذه الأسوار ودَورها في البناء الفِكريِّ فسنَترُك الحديث عنه إلى اللقاء القادم - بإذن الله.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



[1] رواه البخاري 4340.

[2] راجع كتاب " درء تعارض العقل مع النقل " لشيخ الاسلام ابن تيمية.

[3] وثمة وجوه أخرى لم أذكرها اختصاراً للكلام.

[4] حدثت في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة.

[5]الخليفة أبو جعفر المنصور ت 158 هـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- بارك الله بك
سمير ابو تيلخ - فلسطين 17/12/2012 11:03 PM

بارك الله بك ومنك تعلمنا واستفدنا جزاك الله خيرا

1- كلام جميل
محمد - اليمن 17/12/2012 01:24 AM

جزاكم الله خير على هذا الموضوع الرئع والأكثر من رائع وأدعو من الله أن يوفقكم ويزيدكم علماً نافعاً ينفع كل المجتمعات والمسلمين يالاخص.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة