• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

تلك الرائحة!

سعيدة بشار


تاريخ الإضافة: 14/6/2011 ميلادي - 13/7/1432 هجري

الزيارات: 6179

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منذ سنوات قليلة وأنا أشمُّ رائحة في الأجواء، هنا من حولي، ومن كلِّ ذرة في الوجود، نبْضٌ يهمس في سكون، اقترَب الموعد، لَم يبقَ الكثير، على بُعد خُطوات قليلة، قليلة جدًّا، سنعانق الحلم العظيم، هل تشمون هذه الرائحة مثلي، أنتَ وأنتِ، مَن يقرؤون هذه الكلمات الآن؟ هل تشعرون بهذه الهالة المشرِقة التي تُحيط بنا من كلِّ جانب، رغم الذين يقولون: إنها سواد قاتم، لا أراها سوادًا، بل نورًا عظيمًا يلفُّ الوجود، مُقسمًا بالله أنَّ الفجر قد اقترَب، لا أُبالي بما يقول هؤلاء، قلبي يحدِّثني أنَّ الزمن الموعود قد حان، وإني أرَى بشائِرَه في مصحفٍ أقرأُ بين طيَّاته وعدًا قادمًا لا مَحالة، وأقرؤها في نبوءَات ما أعظم صاحبَها - عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام - وإني أراها في أطفال ما تزال البراءة على مُحَيَّاهم يَجرون إلى المساجد للصلاة وهم يضحكون مِلء قلوبهم فرحًا، وقد ترَكوا وراءهم عالَمًا لا يُبالي بصلاة أو قيام، وأراها فيهم وهم يصومون وحماس الدنيا يَسكنهم، وما بَلغوا الحُلم بعدُ، وإني أراها في ورودٍ قد أسْدَلْنَ على طُهْرهنَّ العفافَ، ومن حولهنَّ السفور في أبْهَى خَدائعه، ولا يُبَالِينَ بقيلٍ أو قالٍ مَهْما كان قائله، وإني أراها في شباب ما أرْوعهم، قد فُتِحت الدنيا أمامهم، وأَسْقَطت عند أقدامهم كل المُغريات دون حدودٍ وقد تزيَّنت لهم: "هَيْت لكم"، فقالوا لها، وقُلْنَ لها: "إني أخاف الله"، ورؤوسهم شامخة في العُلا: "لن ننحني إلاَّ لله ربِّ العالمين".

 

أخبار ما كنَّا نراها في أجمل أحلامنا، صارَت تدقُّ علينا الأبواب، وكل النوافذ والمنافذ تُخبرنا: قد استيقَظ الراقد العظيم من رَقْدته، وبدأ ينفضُ عن وجوده قرون الذُّلَّ والعار، وغدَا كالبركان يَحرق بقايا الوَهَن المكبوت، وبدأ المسير، وقريبًا سيحرق في طريقه كلَّ معالم الشذوذ التي ارْتَسَمت على عوالمه قهرًا منذ قرون، وقريبًا جدًّا ستُصبح الأرض جاهزة لاستقبال الوعد المنتظر.

 

ومن حولي كل الكائنات، وكل الأشجار، وكل الجماد تَهمس في فرحٍ وسرور: غدًا سيعود الملك الطريد إلى مملكته، وستعود الأرض إلى أصحابها، والأنهار إلى مَجاريها، وستدخل وحوش البريَّة إلى جحورها بعد أن عاثَت في الأرض فسادًا، وغدًا ستُصبح كلُّ الرايات رايةً واحدة، ستَرتفع فوق كلِّ الدنيا - حُبًّا وطواعية -: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، وستذوب كلُّ الحدود الوهميَّة، وكل الأحقاد المزعومة، وكل القوانين الوضعيَّة الجائرة، آنَ لليل أن يَنجلي، وآنَ للقيْد أن ينكسِرَ.

 

وغدًا سنحدِّث الأبناء عن ليلٍ قاتمٍ، قد حكَم الوجود طويلاً، ولفَّ بين طيَّاته دمًا كثيرًا ودموعًا، وأسماءٍ كثيرة أُثْبِت بعضها في السماء، وبعضها الآخر في الأرض، وأسماءٍ أخرى ما تزال مشرِقة بين السماء والأرض، وما يزال نورُها يُضيء ظلمات الدنيا، ليحوِّل جحيمها يومًا إلى جَنَّة، كم أغبط سُكَّانها، عاشَت الجحيم من أجْلهم، كم هي عظيمة ذِكراهم، هؤلاء الذين ضَحَّوْا بكلِّ شيءٍ من أجْلهم!

 

وإني أرى الفرح القادم في شيءٍ لا أفهمه، أشعر به، ولكن لا أفهمه، لا أستطيع أن أكتبَ عنه، ولا أن أصِفَ معالمه، يَسكنني يلفني، يلوِّن الوجود من حولي، يبعث الحياة فيّ كلما حاوَل العابثون من حولي إخمادَ جَذوتها، يُفرحني حتى حينما تغمرني الدموع بحرارتها، وكلما أغْرَتني الحياة بتفاهاتها، أنقذني من حبائلها لسْنا لها، وليستْ لنا؛ نحن أكبرُ منها، سنتجاوزها، وسنَمضي فوقها، وهناك على بُعد خُطوات قليلة موعدنا، يزداد نبْضُ قلبي كلَّما أتذكَّره - وإن كنتُ لا أفهمه - يُطمئنني، لا أُبالي باسمه، ذاك اليقين الذي يَسكنني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة