• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

محركات فطرية للإنسان والحضارة

د. محمود حسن محمد


تاريخ الإضافة: 31/3/2011 ميلادي - 26/4/1432 هجري

الزيارات: 10076

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هناك مفاتيحُ للحضارة تَضمن قوَّتَها ونجاحَها، وتُمكِّنُها من التاريخ، ومن هذه المفاتيح النبوغُ العلميُّ، والرُّقي المادِّي والمعنوي، كما تحتاج الحضارات إلى مقاصدَ إنسانيَّةٍ تَجعل من العلم والأخلاق وسيلةً لبناء إنسان الحضارة الذي يصنع الإعمار، ويبني الأمجادَ الحضارية.

 

إنَّ ارتباط العمل الصالح بالفطرة النقيَّة والخلُق الحسن، والإبداع الحضاريِّ يؤدِّي إلى حياة ناجحة، ونهضة شاملة يسعد في ظلِّها الإنسان، ويهنأ بحياة طيِّبة، ويتحرَّر من الأنانية والغرور.

 

إن الإيمان يبثُّ الأمن والأمان في كلِّ مظاهر الحياة، فمن صدقت حقيقةُ إيمانه، وانقاد لِخالقه طائعًا، وعمل صالِحًا، فإنه يتحرَّك على نورٍ من ربِّه، ويثبت على الحقِّ والخير، فلا تتخطَّفه الأباطيل، أو تجذبه مظاهر الحضارات الجائرة، ولا بد من عودة الإيمان الصادق إلى مجتمعاتنا؛ كي نَسْلم من الاضطراب الحضاري والتخلخل الإبداعيِّ الذي يزعزع انطلاقتَنا نحو الفعل الحضاريِّ والسعادة الحقيقيَّة.

 

إن الأمم لا تحقِّق أهدافَها وفطرتُها منحرِفةٌ عن الحقِّ، منعزلةٌ عن التأثُّر الإيجابي، والتأثير التَّفاعلي الذي يبني الكون بناء سليمًا، ونائمةٌ متكاسلة، ضعيفةُ الثِّقة في قدراتها، فقوَّة الثِّقة تَمنح أصحابَها الصَّبر على المصاعب، وتعزِّز سلامةَ تفكيرهم، وليس للحضارات قوَّة، واستعلاء، وكرامة إنسانيَّة إذا لَم يكن لأصحابِها علاقة قويَّة مع الخالق - جلَّ جلاله - إنَّ مَحْياهم ومماتَهم يفتقر إلى رحمته وفضله، فكيف يظلمون أنفسهم ويسخِّرون طاقاتِهم في التدمير والإفساد؟!

 

لا يُمكن أن تستقيم الحضارات، وتثبت بدون فطرةٍ تحبُّ الحق وتسعى للخير، ولا يأتي نجاحٌ بدون بواعِثَ للانطلاق والحركة والفعل، وبدون كينونة حالِمة ومستبشِرة ومتفائلة وسط المِحَن، وطموحٍ مستنير، ومتجدِّد، ورُوحٍ تُبْدِع وتجدِّد، بما تحمل من معانٍ وقِيَم وأخلاق وأشواق.

 

إن التَّعاليم الإلهيَّة تبعث القوَّة الرُّوحية في الإنسان والحضارة، وعندما تتحرَّك الفطرة الإنسانيَّة لطلب الدِّين العلم، والمعرفة والتجديد، فإنَّها تحتاج إلى سعة إدراك، وبحثٍ وتنقيب، وطلَبِ حقائق الأمور، والثِّقة في أنَّ المنهج الربَّاني يحسن التعامل مع الطبيعة البشريَّة، ويعالج أمراضَها في حال المرض، ويَمنحها الإيجابيَّة والطُّمأنينة: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

 

لقد زوَّد الله - عزَّ وجلَّ - الفطرةَ الإنسانية بخصائص تجعلها تبني في عالَمِ الأرض بروحٍ كلُّها إيجابيَّة، فالفطرة السليمة إن أخطأت تابَت وآمنت، وأصلَحَت واعتصمت بالله، ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]، كما أنَّ الفِطرة السَّليمة تُنبِت الخصالَ الحميدة، والصِّفات الجميلة، والتطلُّعات الجادَّة التي تؤدِّي إلى المَجد والحضارة، والطريقُ إلى ذلك أن يهتمَّ الإنسان ببدنه وعقله، وقلبه وتفكيره، وحاضره ومستقبله؛ ليصبح قويًّا قادرًا على الفعل والحضارة، وينهض بواجباته، ويتحرَّرَ من العجز والكسل، ويُخلِصَ في كلِّ أعماله، فالمخلص لا تلين إرادته، ولا تَهزمه التحدِّيات، وإنَّ أقوى العوامل الفاعلة في الإنسان والحضارة أن يَحترم الإنسانُ ذاته، فلا يَمتهنُها أو يذلُّها، أو يهمل كينونتَها.

 

وهناك عوامل أخرى تَبني النَّفس الإنسانية والحضارةَ؛ كالرُّجولة، والصِّدق، وحُبِّ الخير للناس، وصناعة المعروف، وإعطاء كلِّ ذي حق حقَّه، ونصرة المظلوم، ويتلخَّص هذا كله في قوة الإيمان وصدق الأفعال، ولقد تَميَّزَت حضاراتٌ كثيرة بالتَّرَف المادِّي، ولكنها لم تتميَّز بالعقل والإرادة، فهبطت واندثرت.

 

نَحتاج إلى أن يتعمَّق الإيمانُ في قلوبنا؛ كي نبني بجدارة، ونتَّخِذ مواقف جديدة أكثر جدِّية في مواجهة متاعب الحياة وآلامها وتحدِّياتها المستقبليَّة، ونمزِّق الحجُبَ الواهية التي تَحُول بيننا وبين الانطلاق إلى الحضارة وبناء مَجدٍ تاريخيٍّ جديدٍ يَمنحنا رؤيةً متوازنة عن الكون والحياة؛ كي نعمرها بنفسٍ راضية، وعقليَّة واعية، وروح متفائلة وسط المِحَن والتحدِّيات.

 

لقد تميَّزَت الحضارة الإسلامية بسعيها لتكوين شخصيَّة ربَّانية متكاملة الجوانب من الناحية الاعتقاديَّة، والأخلاقيَّة، والإبداعيَّة، والعقلية، والصِّحية، وقد بذل أعداءُ هذه الحضارة جهودًا ظلاميَّة كبيرة لإبعاد إنسان هذه الحضارة عن فطرته ورسالته، ولكن بقيت الشخصيَّةُ المسلمة تصنع الأحداث، وتؤثِّر في التاريخ، وتجذب المنبهرين بعطاء هذه الحضارة، وأصالتها، وصلاحيتها لكلِّ زمان ومكان.

 

إنَّ حضارة القرآن محدَّدة المعالِم؛ فهي حضارةُ الإيمان والعلم والعمل، وعندما تستفيق الفطرة الإنسانية والحضارات المليئة بالجفاف، والوحشيَّة، والظُّلم، والإباحيَّة، والإلحاد، لن تتردَّد في حمل رسالة هذه الحضارة الربَّانية التي توفِّر الإيمان بالآخرة للإنسان؛ كي يصلح دينه ودنياه، فتسلم شخصيَّته من الخسران المبين.

 

المادة باللغة الإنجليزية

اضغط هنا





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- جدا موضوع راقي
لامعة في الأفق - المملكة العربية السعودية 02/04/2011 11:40 PM

رائع وجميل ...ماأجملها من فطرة فبكل جوانبها تقطر عسل
الرُّجولة، والصِّدق،طموحٍ مستنير، ومتجدِّد، ورُوحٍ تُبْدِع وتجدِّد،وفكر واعي،وكل ذلك تحت الإيمان ومراقبة الله

1- لك الشكر
فاطمة 01/04/2011 02:35 PM

أستاذي الكريم

صحيح كل ما قلت بارك الله فيك وبارك لك فمتى ما صحت فطرة الإنسان وسلمت كانت أعماله مطابقة لتلك الفطرة السليمة .. جميعنا يحتاج إلى أن يتعمق الإسلام بأخلاقياته ويصبح ديدن حياته ولكن مع الأسف لا يسعى لذلك إلا من فقة هذا الأمر جيدا

لك الشكر
مقال رائع ونصائح غالية
دمت موفقا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة