• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

وأنتم... ماذا تصنعون بأقلامكم الفارغة؟

سعيدة بشار


تاريخ الإضافة: 1/12/2010 ميلادي - 25/12/1431 هجري

الزيارات: 6142

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

احتجتُ أنا وصديقتي إلى استشارةٍ علمية، فتوجَّهنا كالعادةِ إلى الذي ألِفنا استشارته وألِف هو مساعدتنا، ولَمَّا وصلنا إلى مكتبه، استقبلتْنا أمينةُ أعماله، وأدخلتنا إلى المكتب الخصوصي للشيخ، فوجدناه يقرأ المشروع الَّذي تركناه له قبل ذلك للاطِّلاع والمصادقة عليه، وبعد أن طلب منَّا إجراء بعض التَّعديلات الضَّرورية، أخذ قلمًا ليمضي، لكن ذاك القلم لم يُسايره لتقديم إمضاءٍ جميل، فقد كان جافًّا بعضَ الشَّيء، فنظر إلينا الشيخ وقال لنا:

هل أجد عندكما قلمًا يبكي بوضوح؟

قدَّمت له قلمي، وبعد أن جرَّبه ببعض الخطوط الملتوية أبدى لي إعجابه به، قال:

• هذا قلمٌ يبكي بوضوح، هكذا أحب الأقلام.

 

تبيَّن لنا أنَّه يجد صعوبةً في إيجاد الأقلام التي تؤدِّي مهامها بين يديه كما يحب، ثُمَّ أرانا علبةً فيها أقلامٌ فارغة كان قد تعوَّد الاحتفاظ بها فيها كلَّما أنهت مهامها.

 

لم أستطع مقاومة الفضول، فسألته:

ماذا تصنع بهذه الأقلام الفارغة يا شيخ؟ لماذا تحتفظ بها؟


نظر إلَيَّ باستغراب، ثُمَّ قال:

• هذه الأقلام قد رافقتني زمنَ حياتها، وأعطتني حبرها؛ لأنجز به مهامي الكثيرة، وحبرها مطبوعٌ على كلِّ ملفَّاتي، وأوراقي، فكيف أتخلَّص منها بعد أن نفد منها حبرُها، أحتفظ بها للذِّكرى!

 

صفعتني عند تلك الكلمات صورةُ شخصٍ جمعتني به ذاتَ يومٍ الأُخُوَّة في الله، أو ربَّما ما كنت أعتقد أنَّها كانت أُخُوَّةً في الله - لا يهم على من يعود الضمير... هو أم هي، غير مهم - تذكَّرت أنَّنا تعاونَّا ذات يومٍ لإنجاز أعمالٍ ظننا أنَّها كانت لله، وربَّما كانت كذلك في تلك المُدَّة، وتشاركنا لحظاتٍ شعرنا فيها فعلاً بصدق الأخوَّة في الله، وبالتآخي الَّذي كان زمن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - تذكَّرت كذلك أنَّه كانت لذاك الشَّخص مَحاسن كثيرة أحبَّه بسببها كثيرٌ من خلق الله، وكان يُضرب به المثل في الحياء، والعمل الجاد، والإيثار، والانضباط، تذكرت كذلك يومًا أحضر لنا فيه الغداء، ولم يكن مطلوبًا منه ذلك، وبعد أن أعطى لكلِّ واحدٍ منَّا نصيبه، اكتشفنا أنَّه لم يَجعل لنفسه نَصيبًا، فقد نَسِيَ ذلك، فجمعنا له من أنصبتنا نصيبًا...

 

تَذَكَّرت أشياء كثيرة أخرى عنه، كما تذكرت أنَّه يومَ أساء إلَيَّ بسبب ضغط أزمة مَرَّ بها، واحتفظ بها لنفسه لم أستطع أنْ أعذره، ولا أنْ أسامحه، وبعد مُحاولاتٍ مِنِّي للصُّلح، وإصراره على الإساءة، جلست مع نفسي لحظات، فقرَّرت أن أحذفه من ذاكرتي بكلِّ بساطة، وكأنَّه لم يكن أبدًا، نسيت كلَّ المعاني الَّتي عايشناها ذات يوم، وقرَّرت أن أكرهه بكلِّ القوَّة الَّتي في إمكاني... نفَّذت قراري، ورميت بكلِّ الذِّكريات في ركن المهملات في ذاكرتي.

 

حينما استفقت من تفكيري، اكتشفت أنَّ الشيخ كان قد قال كلماتٍ أخرى لم أسمعها؛ لاستغراقي فيما كنت فيه، رأيته يتجه إلى زاويةٍ من مكتبه؛ ليخرج منها مذكراتٍ كثيرة كتب فيها جداول أعماله، ومواعيده، وإنجازاته، وحاجات النَّاس الَّتي التزم بقضائها، وكراريس أخرى أكثر قِدمًا تعود إلى أوَّل سنةٍ له في المدرسة الابتدائية.

 

خجلت من نفسي، كيف يحتفظ هذا النَّموذج الظَّاهر بقطعٍ مادية لا رُوحَ فيها بكلِّ ذاك الحب والوفاء، وكيف تخلَّصت أنا من ذاك الاسم، وأسماء أخرى غيره بكلِّ بساطة، ودون أسف، بل لمجرد قرار، بل رد فعل، فرضته عليَّ لحظات غضب لا تزال مُشتعلة.

 

وأنا أكتب هذه الكلمات أتساءل: إن كنت سأستطيع يومًا أن أتفقَّد مهملات ذاكرتي؛ لأسترجع منها كلَّ الأسماء الَّتي رميتها فيها يومًا؟ لا أدري حقيقة، فالغضبُ لا يزال يسري في عروقي، ولا تزال نفسي تطالبني بعدم النِّسيان، وعدم السَّماح.

 

هذا فيما يخصُّني، فماذا عنكم؟ ماذا تصنعون بأقلامِكم الفارغة، وكراريسكم القديمة؟ هل تتخلَّصون منها بكلِّ بساطة، أم أنَّكم تحتفظون بها بكلِّ حبٍّ ووفاء؟

 

لا تنسوني في دعائكم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
4- كأني أعرف الجميع
قدور شاهد - الجزائر 02/01/2011 12:53 PM

بارك الله فيك على المقال الرائع
كأني أعرف كل أبطال هذه الرواية

3- نقطة تحوّل
محمد عدنان قاسم عيسى - الكويت 07/12/2010 09:50 PM

للتوّ انتهيت من قراءة المقال ، وفي نفس اللحظة طارت بي الذاكرة إلى كل من عرفتهم أتذكر وجوه بعضهم ، وابتسامات آخرين ، وأسأل الله أن يسعدهم أجمعين ( دعاء في ظاهر الغيب ) فهيهات اللقاء ؛ لأن الزمان والمكان قد اختلفا !!! شكراً لصاحبة المقال وجزاها الله خيراً......

2- واجب عملى
محمد مصباح - مصر 01/12/2010 05:52 PM

والله ياأختى ليت كل الناس تفكر بمثل تفكيرك ولكن تضيف إلى هذا التفكير واجب عملى

1- لو كان الأمر بيدي دائما لأجبتك لا لن أتخلص
لامعة في الأفق - المملكة العربية السعودية 01/12/2010 01:09 PM

ياالله على جمال هذا المقال ومدى تأثير كلماته ..لم أقاوم أن لا أعلق وأشكر كاتبته ...وبينما أنا اقرأ غابت ذاكرتي بعدة أشياء وأشياء فعلاً للمقال مذاق أصيل يستحق تسجيل الإعجاب به .

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة