• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

زواج الطير

د. عبدالحميد محمد بدران


تاريخ الإضافة: 7/8/2010 ميلادي - 27/8/1431 هجري

الزيارات: 5589

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قال كليلة: يظنُّ بعض السفهاء مِن الناس أنه قد تسلَّل السَّفَه إلى عقلي حين قلت لهم: إنَّ للطير صَداقًا يصدقه الزوج لزوجته، وإنَّها واللهِ للحقيقة التي لا تقبل جدالاً، وما لي في هذا إلا أن أتمثَّل بقول البارودي:

تَكَلَّمْتُ كَالْمَاضِينَ قَبْلِي بِمَا جَرَتْ
بِهِ عَادَةُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَتَكَلَّمَا
فَلاَ يَعْتَمِدْنِي بِالْإِسَاءَةِ جَاهِلٌ
فَلاَ بُدَّ لِابْنِ الْأَيْكِ أَنْ يَتَرَنَّمَا

 

وما قلته يا (دمنة) ليس مِن نسْج خيالي، بل إنَّها المعايشةُ الحقيقة لنوْعٍ من أنواع الطَّيْر، أكاد أجزم أنَّ عقلَه قد تخطَّى عقلية غير الناطِق من الحيوان والطير.

 

قال دمنة: فما هذا النَّوْع من الطيور يا كليلة؟

 

قال كليلة: إنَّه (الحَمام) يا دمنة، كنتُ أظنُّ أنَّ زواج هذا اللَّوْن زواج أبدِي، مثله مثل كل الطيور، لا ينفكُّ إلا بموت أحد الزوجين، ولكنِّي فوجئتُ ذات يوم بذَكَر من الحمام يُغازِل إحدى الإناث مغازلةً حارَّة، باتت على أثَرِها على قفصه، واستطاع هو وهي أن يطردَا زوجته السابقة، حتى أبعداها عن عُشِّهما.

 

قال دمنة: حدِّثْني عن الصداق، فما زلتُ لا أتصوَّر كيف يحدُث بين هذا اللون من الطيور يا كليلة؟


قال كليلة: كان الزوج يجترُّ غذاءً أعدَّه لذلك، ثم من خلال قُبْلة لطيفة يعجز اللِّسان عن وصفها يُهدي أليفتَه هذا الغذاءَ، ولكن الأمر الذي يُحيِّر العقولَ هو سبب هجْر الزوجة الأولى، أتدْرِي لِمَ هجر الزوج زوجته الأولى يا دمنة؟


قال دمنة: تُحدِّثني عن الزواج والطلاق والصداق، ثم تَطلُب مني أن أفسِّر ما لا يستطيع عقلي أن يستوعبَه؟!


قال كليلة: الأمر يسيرٌ يا دمنة، فالزوج لاحَظَ أنَّ أليفته لم تَعُد تنجب كما يفعل أترابُها، فلم يكن فعلُه جريًا وراءَ لذَّة آنيَّة، كما كان يفعل الجهلاءُ في الجري وراءَ تحصيل اللذة مِن خلال النِّكاح، أو الجَرْي وراءَ تحصيل الذَّكَر من الأولاد؛ لأنَّ زوجه لا تنجب إلا الإناث.

 

وما أشبهَ صنيعَ هؤلاء بحياة الجاهليَّة التي كانتْ تقوم على العَجَلة وعدم الرَّويَّة، بل إنَّ حياة الجاهليِّين لتلفظ مثل هذا الزوج أن يحيا ضمنَ أبنائها؛ ذلك أنَّ منهم مَن أدرك كُنْهَ المسألة، وأنْ ليس للنساء دخلٌ فيها، فعندما هجَر أبو حمزة الضبيُّ امرأته وكان يَقِيل ويبيت عند جيران له - مرَّ يومًا بخبائها، وإذا هي ترقِّص ابنتها وتقول:

 

مَا لِأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا
يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا
غَضْبَانَ أَنْ لاَ نَلِدَ الْبَنِينَا
لَيْسَ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَا شِينَا



ويأبى الإسلامُ أن يكون مثل هذا الزوج مُسلِمًا حقَّ الإسلام، أمَّا مَن يفعل ذلك ابتغاءَ تحصيل اللَّذَّة، فأخْشَى أن يقعَ له ما وقع بيْن الإقطاعي والمَلِك.

 

قال دمنة: وكيف كان ذلك؟


قال كليلة: زعموا أنَّه كان بأرْض مصرَ رجلٌ إقطاعي فاحِش الثراء، يعجز عن حصْر ما تحت يدِه أولو الألْباب من البَشَر، وكان هذا الرجل كثيرَ الزواج، حتى قيل: إنَّه لَمْ تفلتْ منه أنثى جميلة، وكان على قدْرٍ من الغرور، ظنَّ معه أنَّه يستطيع بماله أن يفعلَ ما يريد، وكان هناك حاكِم مفتون بنِظام تأميم أموال الإقطاع، وقد رزَقه الله بنتًا وهبَها الله من الجمال ما ألْهَج الألْسنة بحسنها، وتيَّمَ القلوب بحُسْن طلعتها، ولَمَّا سمع الإقطاعي بخبرِها أتَى يخطُبُها من والدها، وأخَذ يُعَدِّد من ممتلكاته، ويمنِّي الحاكمَ بتحديد أيِّ ثروة تصلُح لأنْ تكونَ مهرًا لابنته، والحاكم يقول في نفسه: كيف لم تصلْ أيدينا إلى هذا الإقطاعي؟! وكيف غفلْنا عنه كل هذه المدَّة؟!


وأخذ الحاكمُ يَعِدُ الإقطاعي ويُمنِّيه من الزواج بابنته، وما أنْ وصَل إلى حدود مملكتِه حتى وجَد الجُنْد قد حاصروها عن آخِرها، ولما أخبره الجندُ بخبر تأميم ممتلكاته خَرَّ للتوِّ صريعًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة