• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الغيرة

د. عبدالحميد محمد بدران


تاريخ الإضافة: 26/6/2010 ميلادي - 15/7/1431 هجري

الزيارات: 9700

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رجعتُ إلى نُسْخةٍ عتيقة عندي من كتاب "كَلِيلة ودِمْنة"، طالما كنتُ أرجع إليها كلَّما شغلني عارضٌ من عوارض الدنيا، ظللتُ أقلِّب في صفحات الكتاب، حتى وجدتُ فصلاً نادرًا عن الغَيْرة، وكيف تبدَّلت نظرةُ الناس إليها تبعًا لاختلاف ثقافاتهم، وإني مُطْلِعك على هذا الحوار الرائع الذي دار بين كَليلة ودِمنة، لعلَّك تصيب منه حِكمة، أو تَقِف فيه على موعظة:

قال كليلة: تذكر يا دِمنةُ، ذلك الرجل الذي كان يجلس بِحِذاء مقعدِنا يومَ أن سافرنا إلى مدينة المنصورة؟

قال دمنة: أتعنِي ذلك الرجل الذي أوسعَ زوجتَه تقريعًا وسبًّا بلغ حدَّ الضرب أو كاد، حتى أخذتْ عيون الحضور تترقَّب حركاته في لهفة، وكأنَّها تشاهد عرْضًا مسرحيًّا فريدًا؟

 

قال كليلة: تدري ما هو السبب الذي جعَل الرجل يتصرَّف بهذه الطريقة الانفعالية الحادَّة مع زوجته؟

قال دمنة: لم ألحظْ في توبيخه لها ما يستحقُّ أن يكون سببًا لهذا التقريع، فكلُّ ما فهمتُه أن الزوجة كانت تعاني ألمًا في بطنها، وهم مسافرون إلى مَصِيف رأس البر.

 

قال كليلة: إنَّ هذا الرجل ما فَعَل ما فَعَل إلا غَيْرة عليها، فقد كانت تتوجَّع وتتلوَّى، وفي المقعد الذي أمامها شابٌّ غريب يرمُقها بنظراته الحادَّة، أرأيتَ يا دمنة كيف كان حالُ الناس في القطار ساعتَها؟

قال دمنة: نعم، لقد كان الحضورُ في دهشة بالِغة، دلَّت عليها عيونهم التي وجدت قِبلتها تُجاهَ الرجل وزوجته، وألْسنتهم التي سلقَتْهما بألْسنة حِداد من الهمز واللمز.

 

قال كليلة: أرى أنَّ الناس ما عَجِبوا كلَّ هذا العجب إلا لندرة هذا الحدَث في زمانٍ قَلَّ فيه الحياء، وأصبح خروجُ الفتاة مع الفتى أمرًا مباحًا تفرِضه الأعرافُ الاجتماعية المجتلبة، والعقائد السينمائية التي صادفتْ قلوبًا خالية مِن كلِّ فضيلة فتمكَّنَتْ.

قال دمنة: فما مَثَل هؤلاء يا كليلة؟

قال كليلة: مَثَلهم كمثَل قوم خرجوا يطلبون أرضًا في صحراء متشعِّبة المسالك والدروب، وكان مِن بينهم رجلٌ خبير بالطريق، نصحَهم أن يتَّخذوا طريقًا آمنًا، ولَمَّا يَئِس من عدم استجابتهم اعْتلى دابتَه، وأخذ يسلك طريقًا غير طريقهم، فأخَذ الناس يرقبونه في لَهْفة، ويعجبون كيف لا يَهاب السيرَ بمفرده في هذه الصحراء المهلِكة، ويهاب طريقًا يأنس فيه بأهلِه وعشيرته.

 

قال دمنة: فما تقول في ارتداء النِّساءِ ثيابًا لا تستر الأرجلَ في زماننا، فإني أتلذَّذ بفلسفتك، وإنَّك عندي ناصح أمين؟

قال كليلة: زَعَمُوا أنه كان بأرْض مصر فتاة قد تسلَّل البَرَصُ إلى ساقيها، فهامتْ على وجهها تجوب الأرض شرقًا وغربًا؛ بحثًا عن طبيب ماهِر يوقِف زحف هذا الداء العُضال، حتى ألقَتْ رحلها عند طبيب أمريكي، استطاع أن يُوقِف من حدَّة هذا المرض، لكنَّه أوصاها ألا يمسَّ جلدها المصاب ثوبًا، فكانتْ تخرج بإزار (شورت) لا يستر إلا ما فوق الرُّكْبة، وظلت على تلك الحال فترة تمكَّنتْ خلالها من التأكُّد من نصيحة الطبيب، وكانتْ كلَّما رأت فتاة أمريكية ترتدي إزارًا (شورتًا) مثلها أشفقتْ عليها ظنًّا منها أنها مريضةٌ مثلها، ولما رأتِ الفتاة جُلَّ نساء أمريكا على هذه الحال، قالت: وما المانع مِن أن يرتديَ فتيات مصر، بل ونساؤها مثلَ هذا الزِّيِّ الجيِّد، حتى لا ينتشرَ بينهنَّ الوباء، ومِن ثم أخذت تنادي بالتحرُّر من العباءة والجلباب؛ خوفًا من تفشي المرض، فأقبلتِ الساقطات من كلِّ صوب يلتقطنَ مزيدًا من الصور لهذه الأزياء الجديدة، حتى يعمَّ الخير أرجاءَ القُطر؛ عملاً بنصيحة تلك الحمقاء، التي فاتَها أنَّ تَعرُّض الساقين لضوء ورطوبة الجوِّ يمكن أن يكون نواةَ هذه الأمراض!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- تشجيع.....
أبو عبدالله - الجزائر 03/07/2010 12:18 PM

شكرا لك يا دكتور على هذا المقال...وهذه طريقة حسنة في إبلاغ الرسائل والنصح لما فيها من أسلوب حواري مشوق مع أن أصلها العتيق يزيد في حسنها خاصة عند حسن النظم والتاليف...وقد قرأت بعص الأمثال على هذا المنوال لشيخ الأدباء وكبيرهم محمد صادق الرافعي رحمه الله في كتابه تحت راية القرآن ... فيا ليته تكثر نسخ كليلة ودمنة التي تناسب هذا الزمن الذي نعيش فيه .... موفقين.

1- حمى الله بنات المسلمين
مسلمة 27/06/2010 12:26 PM

بارك الله بكم...وستر نساء المسلمين

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة