• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

ذيل الحمار

عبدالله الرباحي


تاريخ الإضافة: 5/5/2010 ميلادي - 22/5/1431 هجري

الزيارات: 35668

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مع الحمامة (4)

ذيل الحمار

بسم الله أبدأ وأقول، بعد صلاتي على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى مَن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم أجمعين، وأُثَنِّي بالسلام في البداية والختام: السلام عليكم، "يا سادة يا كرام".

 

إنه بعد أن أتت الحمامة بالبشرى لرُكَّاب الفلك المشحون، نزلت جميع المخلوقات إلى اليابِسَة ولم نَعرِف حتى الآن كيف تَمَّ نزول هذه المخلوقات؟

 

هل كان النُّزول من تلك المَداخِل التي وَلَجُوا منها إلى السفينة قبل الطوفان، أم أن منهم مَن نزل بعد نوح - عليه السلام - أو سبَقَه احتِرامًا وتقديرًا ليَستَكشِف، وتبِعَتْهم بعد ذلك باقي المخلوقات بانتِظام، أم أن هناك مَن تَعَجَّل وقفز، أو أن هناك مَن طار؟

 

وهل هناك مَن استَطاب البقاء على ظهر السفينة ولم يُغادِرها، خاصَّة تلك المخلوقات التي كان مسقط رأسها ونشأتها داخل السفينة أثناء الطوفان؛ كالخِنزير والسِّنَّوْر والفأرة[1]؟

 

يَبدُو أن الرُّواة والمؤرِّخين كعادتهم لم يُعِيروا وقتها هذه التفاصيل بالاً، ولم يجعلوا لها اهتِمامًا، وانحَصَر فكرهم بالنجاة وبالسلامة كما نحن الآن؛ لا نهتمُّ إلا بالبحث عن الطرق وخُطَط ومُبادَرات السلام المتتالِيَة المتكرِّرة البالية، ولم نبحث في النصر وأسبابه "ما علينا" المهم نزلوا.

 

ومن سوء الطالع "يا سادة يا كِرام" أن الملعون إبليس - لعنة الله عليه - كان معهم وموجودًا على ظهر السفينة، وإبليس طبعًا تَعرِفونه وتَعرِفون قصدَه بالسفينة، ويُقال في البلاغات التاريخيَّة: أنَّ دخوله لم يكن نظاميًّا، وليس مرغوبًا فيه، وأنه - لعنة الله عليه - استغلَّ الزِّحام أثناء دخول الحيوانات والطُّيور والزَّواحف وسائر المخلوقات بشَتَّى أنواعها، ما عدا التي تَعِيش في البحار طبعًا إلى سفينة النجاة، وصعد إليها اللَّعِين متعلقًا بذيل الحمار[2] المسكين الذي كان مَشغُولاً هو الآخر بدخول السفينة خوفًا من الغَرَق.

 

ورواياتٌ أخرى تقول: إن إبليس الملعون دخَلَ في جوفه "مُمكِن، جائز، لِمَ لا؟" خاصَّة وأنه يجري مجرى الدم كما ورد في الحديث؛ ممَّا يُثبِت أنَّ إبليس الملعون كان ضَعِيفًا ولا يعرف السباحة، "وهذا اكتِشاف مهمٌّ يُسَجَّل لصالحي"؛ أي: إن الملعون لا يحبُّ البحر ممَّا يُثبِت أنه لا يذهب إلى البحر إلا للتَّسَكُّع ومُحاوَلة غَوايَة وإفساد مُرتادِي الشواطِئ بهذه "الملابس" الفاضحة التي تَتضايق منها تلك الأرد..... والنـ......

 

المهمُّ كيف خرج الملعون إبليس من السفينة؟ لم يُعرف هذا! هل كرَّر الطريقة نفسها أثناء صعوده للسفينة وخرج عن طريق الحمار؟ حتى هذه النقطة المهمَّة بالذات لا نعرف عنها شيئًا، ولم يَتطَرَّق إليها الرُّواة برغم أهميَّة كونها تَرتَبِط بهذا المخلوق اللَّعِين الذي ترتَبِط به كلُّ المشاكل وكلُّ المعاصي والفِتَن.

 

أمَّا باقي المخلوقات التي كانت على السفينة، فبعضها بَقِيَ مع القِلَّة الناجِيَة من المؤمنين، واستأنسَتْ بهم وعاشَتْ معهم، قد يكون ذلك بحكم العشرة في السفينة خاصَّة الدجاج الذي بَقِيَ ولا زال باقيًا مع الإنسان حتى الآن؛ حيث ذكرت كُتُب التاريخ أنه كان مُتفاعِلاً قبل النُّزول من السفينة، وذكَرَ المؤرِّخون أنه وجميع الطيور الأهليَّة عرضت خدماتها على نوح - عليه السلام - عندما أراد أن يبعث مَن يأتيه بخَبَر الأرض قال الديك: "أنا"، ويُقال: إن نوحًا - عليه السلام - لم يَقبَل طلبها، وختم على جناحها وقال لها: أنتِ مختومة بخاتمي لا تَطِيري أبدًا، أنت ينتفع بك أمَّتي[3].

 

وكما ترَوْن - يا سادة يا كِرام - استَغَلَّ الإنسان ذلك على مرِّ العصور بكُلِّ جَدارة وتَفانٍ ونَهَمٍ، وهذا ما نراه ماثِلاً بكُلِّ وضوح وجديَّة في هذه الأيام مع (البيك) و(الوطنيَّة) و(هادكو) و(فقيه) و(رضوى)، وتلك المنظومة الطويلة من مَزارِع ومطاعم الدجاج.

 

وبعض هذه المخلوقات "يا سادة يا كرام" ذهب بعيدًا وتَوَحَّش في الفَيافِي والقِفار الطاهرة النقيَّة بعد أن غسَلَها الطوفان، وبعضها طار إلى شَعَفِ الجبال، وأخرى آثَرَت البقاء على سَواحِل البحار، ومنها مَن سَكَنَ في باطن الأرض، الكلُّ راضٍ قانِع، الكلُّ فَرِحٌ، الكلُّ مُستبشِر، ويُمَنِّي نفسه بالأمن والأمان بعد هلاك طبقة التَّرَفِ والبغي والكفر والطغيان، ولكن هيهات!

 

هيهات وألف هيهات أن يَتِمَّ ذلك بوجُود إبليس اللَّعِين الذي بَقِيَ مُغتاظًا ومَقهُورًا من نجاة هذه الأقليَّة، ولم يقنع اللَّعِين بهلاك الأكثريَّة "لا، لا، لا" لن يقنع، ولن يرضى، لن يتمَّ ذلك إطلاقًا حتى يرث الله الأرض ومَن عليها، وسيُؤَدِّي الملعون لَعِبَ دورِه المُعتَاد بعد أن نزل من السفينة، خاصَّة وأنه قطع - كما تعلمون - عهدًا على نفسه من قبل بالإفساد والغَوايَة والضَّلال.

 

المهمُّ، لنَعُدْ إلى الحمامة صاحِبة الشأن بهذه المقالة، حيث لم تَرِدْ أخبارٌ أو رواياتٌ بشأنها وما فعلت بعد الطوفان، ولم يُذكَر لها أيُّ فعل، أو أنها قامت بأيِّ دورٍ من الأدوار السياسيَّة أو الاستكشافيَّة التي اعتادَتْ أن تقوم بها واشتهرَتْ عن طريقها، وأُضِيفُ مهمَّة ساعِيَة للسلام لا تكلُّ ولا تملُّ من مهمَّة نقل الرسائل التي أُضِيفت إليها، نقل الخطط والقرارات السياسية البالِيَة - خاصَّة في هذه الأيام.

 

والظاهر أنه لم يكن هناك حاجة لها ولخدماتها أيام الفئة الناجِيَة المؤمنة القانعة من البشر لوجُودهم مع بعضهم حينها بكلِّ طمأنينة وسكينة وهدوء، ولا أظنُّ أنها فكَّرت أو اضطرَّت وقتَها في السرقة أو الرقص، أو بالقِيام بتلك الحركات البهلوانية في الهواء كالتي يقوم بها الحمام وبعض الطيور والحيوانات في هذه الأيام "لا، لا، لا"، هذا مستحيل بوجُود هذه القِلَّة المؤمِنة الملتَزِمة القانِعَة - والله أعلم.

 

وبقِيَت الحمامة تَنعَم بالأمن والسلام، وبقي الحمار المحرج المسكين الذي تَقَبَّل تهمة دخول إبليس السفِينة بواسِطَة ذيله برغم اختِلاف الرِّوايات بشأنها بدون أيِّ نِقاش، ولم يطالب المسكين من أيِّ هيئة أو مُنَظَّمة أو حِلْف، أو من أحد جمعيات الرِّفق بالحيوان - ببراءته أو طلب العفو، أو الدِّفاع عنه وإسقاط التهمة كما حصل في قضية الصَّلب[4] المشهورة، ولم تَسقُط هذه التهمة بالتقادُم حتى الآن، "ما أشبهها بقضيَّتنا".

 

المهمُّ، لا زالت الحمامة كما ترَوْن - يا سادة يا كرام - تُداوِم بكلِّ جِدٍّ وتَفانٍ الطيران، حامِلَةً برقبتها الهزيلة جراب السلام المُهتَرِئ البالي المُثقل بتلك الخُطَط والقَرارات الجَوْفَاء العَجْفَاء، وفي فمها غصن الزيتون الجاف لنتشبَّث به برغم أنه لا يُسمِن ولا يُغنِي من جوع!

 

وبَقِيَ الحمار الصابر المِسكِين من بعد الطُّوفَان متلبِّسًا بتهمة استِغلال إبليس له بالدُّخول إلى سفينة النجاة، وهو حتى الآن يُكَفِّر عن هذه التهمة بخدمة الإنسان بكلِّ إخلاص وجِدٍّ وأمانة وتَفانٍ، ويُنذِر بالنَّهِيق جميع رُكَّاب السفينة وذريَّة نوح من بعدهم من هذا الإبليس اللَّعِين الذي قزم وسَفِهَ هو وجنوده من الإنس والجن دَوْرَ الحمامة، ودَوْرَ وأحلام أولئك المتشبِّثين ببركة غصن الزيتون الجاف، مُستَغِلِّين طاعة الحمامة وسَذاجَتنا وتصديقنا وصمتنا، وسلامتكم.

 

"هناك بقية".

 

ـــــــــــــــ

[1] "حياة الحيوان الكبرى"؛ للدميري، وفي "الحلية"؛ لأبي نعيم في ترجمة وهب بن منبه.

[2] "الدر المنثور"، دار الفكر (ج4/ ص 428)، "البحر المديد"، ط دار الكتب العلمية - (ج3/ ص 292).

[3] "الدر المنثور"، دار الفكر - (ج4/ ص 426).

[4] صلب المسيح - عليه السلام.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
19- ان كيد الشيطان كان ضعيفا
ابو محمد - السعودية 13/11/2013 10:11 PM

الظلم في الحياه يقترن بالضعفاء والنصر للأقوياء فياللحمار كم هو ضعيف فكيد الشيطان ضعيف فلذلك اقترن بذيل الحمار

أبو محمد تحياتي

18- هذا الحمار
ج ج - السعودية 20/05/2010 06:21 PM

مقال رائع ويوجد به الكثير من السخرية والتهكم على واقعنا في الحياة.
الحمار هذا الصابر المسكين الذي رضي بالخدمة الشاقة لكي يرضي الإنسان ولم يجني  المسكين سوى الإمتهان
ويكفر عن تهمه تعلق الشيطان بذيله!!!
ننتظر الجديد
ولك كل الشكر والتقدير

17- الدور المنتظر
ثامر الحسني - السعودية 19/05/2010 02:09 AM

"ويُنذِر بالنَّهِيق جميع رُكَّاب السفينة وذريَّة نوح من بعدهم من هذا الإبليس اللَّعِين"

العجيب أن هذا الحمار أدى دوره وكفر عن خطيئته وحذر من إبليس في الوقت الذي غفل كثير من الناس في هذا الزمن عن الدور المنوط بهم في التحذير من إبليس وأتباعه...

بارك الله فيك يا أستاذ عبد الله, ننتظر منك المزيد..

16- جديده وحلوه
ابو مهند - السعودية 16/05/2010 05:57 AM

يضرب المثل دائما بذيل الكلب لكن ذيل الحمار جديده وحلوة من الكاتب !!!
كاتب رائع ومقال ممتاز وننتظر المزيد

15- مسكين هذا الحمار
أبو أحمد - ksa 14/05/2010 03:36 PM

تحية طيبة لك أستاذ عبدالله .
لو افترضنا أن من كان السبب في دخول ابليس إلى سفينة نوح عليه السلام هو الحمار أو ذيله بالتحديد فلقد قمنا بعقابه بما يكفي حتى الأشخاص الذين نبالغ في كرههم نطلق عليهم اسم الحمار - اكرمكم الله - ولكن استغرب كيف أنه لم يقم بالنهيق أو ازعاج من كان بالسفينة مع العلم أن سبب نهيق الحمار هو أنه يرى أحد الشياطين فما بالكم وهو يرى ابليس لعنه الله يدخل عن طريقه .
شكرا لك ونتمنى أن نرى بقية القصة لهذا الحمار المسكين .

14- هل من الممكن
أبو عبدالله - ksa 14/05/2010 03:27 PM

أبا محمد: شكرا لك على هذا الطرح الجميل
ذكرت في مقالك ان إبليس لا يحب البحار أو أنه لا يعرف السباحة ومن هذا من الممكن القول بأن نظريات او فرضية القول بأن إبليس مستوطن في مثلث برمودا مرفوضة وإلا كيف استطاع الوصول اليها.
مسكين هذا الحمار كم تحمل من أسى وسب وشتم منذ تلك الأيام وحتى يومنا هذا.
أكرر شكري لك ابا محمد.

13- المظلوم
أبووليد - السعوديه 12/05/2010 07:28 AM

أخي العزيز ابومحمد شكرا لك على هذه المعلومة الشيقه على أن لانحمل الحمار كل ما يفعله إبليس عليه اللعنة وإنما هي إرادة الله سبحانه وتعالى

12- ياعيني ع الحمار
ابا مشاري - السعودية 11/05/2010 11:55 PM

مقال رائع
فيه اسلوب القصة جميل وفيه تهكم وسخرية التي لا تخلو كتاباتك منها وهي مايميزها
ننتظر الاجمل
دمت بخير

11- حقد إبليس
أبو سلمان - السعودية 11/05/2010 10:27 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
لم يقتصر أذى ابليس الملعون على البشر فحسب بل طال حتى الحيوانات وغيرها.
ليس لنا أخي المبارك الا الاعتصام بالله والتمسك بشريعتة.
وددت منك أخي المبارك أن تتعمق قليلا في مسألة الخنوع و الخضوع لأعداء الأسلام كما ذكرت في بداية حديثك.
أسلوبك جميل جدا ونتمنى منك المزيد.
أسأل الله لك التوفيق....أخوك

10- الحمامة والحمار
أبو فادي - السعودية 11/05/2010 09:50 PM

الحمامة لا زالت حامِلَةً برقبتها الهزيلة جراب السلام المُهتَرِئ ، وفي فمها غصن الزيتون الجاف .
وبَقِيَ الحمار يُكَفِّر عن هذه التهمة بخدمة الإنسان بكلِّ إخلاص وجِدٍّ وأمانة وتَفانٍ.

سلمت أناملك أبا محمد على هذا المقال الذي تحمل فيه هم أمتنا الإسلامية ,وأرجو الله أن يحقق ما تصبو إليه وتتمناه

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة