• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

زواج الدول

همام سعده


تاريخ الإضافة: 27/4/2010 ميلادي - 14/5/1431 هجري

الزيارات: 5363

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

♦ تيودور، أين أنت؟

♦ خلف الشجرة.

 

ومضيا كعصفورين يطيران في فناء الحديقة الغنَّاء، يلعبان حِينًا، يضحكان حِينًا آخر، يتعاركان حِينًا ثم يبكيان، ويذهب كلُّ واحدٍ منهما مكسورًا إلى بيته، ثم يعودان في اليوم التالي، وهكذا حتى ترعرع الطفلان شيئًا فشيئًا، وكبرا في كَنَف أبويهما.

 

تيودور ينحدر من أسرة إنكليزية غنيَّة من طبقة النُّبَلاء، فوالده اليهودي زعيم اجتماعي يُحسد على منصبه، فضلاً عن أنه سيد الأسرة، وقد كان ينظر إلى ابنه "تيودور" على أنه ذلك الفارس الذي سيترأَّس العائلة من بعده، ويكمل المخطط الذي كان يرسمه منذ زمن بعيد.

 

تيودور الصغير صاحب القلب الرقيق، واليدين الناعمتين، والصوت الذي لا يُسمع إلا على مَأْدُبة إفطار أو عشاء عند اجتماع الأسرة، كان ينبض بالحياة، يتقاطر منه الحياء والذكاء، وجهه الأحمر كان أجمل وردة في تلك الحديقة الغنَّاء التي كان يلعب فيها مع "ليلى" الصغيرة.

 

تيودور يكبر في حِضن أبيه، يدرس على يديه، يتربَّى بين كفَّيه، يشرب أفكاره، لكنها أفكار سوداء، أفكار العنجهيَّة والكبرياء، أفكار من يحب السيطرة، متعنِّت برأيه، كان يزعق في وجه جميع الناس، حتى في وجه أصدقاء أبيه من السادة والأُمَراء.

 

وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة، والثلج يندف خارج الغرفة، وموقد النار ينشر دِفْئًا باردًا من شدة الغيظ المشتعل في قلب الوالد، فقد ذهب البارحة إلى "مدينة الرِّمال"؛ ليزور القلعة الكبيرة ذات الجذور الراسخة والجدران الحجرية، والمآذن العالية والرايات الخضراء، ذهب ليزور ذلك الشيخ العربي الهَرِم، صاحب القصر المتأصِّل في القِدَم، ذهب مع وفد عظيم الشأن؛ ليطلب يد ابنته "ليلى" الشابَّة، ذات القامة الممشوقة كأعواد النخيل، والوجه الحسن كشواطئ "غَزَّة" في الليلة القمراء، والأنامل الطرية كأوراق الليمون والزيتون في بيَّارات "عكَّا"، "ويافا" الخالدة، والعيون المرسومة بريشة أمهر رسَّام، وهو يعلم أنه سيعود طريدًا إلى غرفته المعتمة، وموقده الذي ينشر دِفْئًا باردًا.

 

في تلك الليلة خرج الفارس الشاب مع ثُلَّة من الفرسان متجهين إلى تلك البلاد القديمة، مدينة الأسود، مدينة الرمال، ومملكة السماء؛ ليقتحموا تلك القلعة التي نام حُرَّاسُها وتُوفِّي شيخُها، ويدخلوا ذلك القصر الذي تكسَّرت على أعتابه رماحُ السنين، ويختطفوا الأميرة النائمة - ليلى اللطيفة - من مخدعها المزركش بالياقوت والعسجد؛ ليعود بها إلى موقد أبيه المعتم الذي ينشر دِفئًا باردًا وهو جالس على كرسيه القصبي الهزَّاز.

 

ويقطع الأب الوعد على نفسه، ليجعلنَّه زواجًا يشهد له التاريخ، وفي المساء، وُزِّعت بطاقات الدعوة التي كتب بداخلها:

عزيزي اللورد "ريتشارد"، يسرُّني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك بأن جلالته ينظر بعين العطف إلى تأسيس وطنٍ قوميٍّ لليهود في فلسطين".

 

و قد كتب بأسفل البطاقة: "جنة الأطفال بيوتهم".

 

يعانق تيودور ليلى رغمًا عنها؛ لتنجب له طفلاً لئيمًا يسميه "إسرائيل".

 

أعلنوا دولتهم، وشرَّدوا الطيور من أعشاشها.

 

إلى خيام اللاجئين!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- شكراً لمروركم
همام - سوريا 11/05/2010 10:24 AM

شكراً لمروركم إخوتي الكرام و هذا لا يشكل شيئاً أمام الجهاد الفلسطيني فإن لم نكن قادرين على الوصول بأجسادنا إلى أرض القدس, فلنصل بكلماتنا ..

2- شكرا على المقال
حنان - سلطنة عمان 11/05/2010 08:29 AM

شكرا لكتابتك لهذا المقال المعبر عن الاستعمار الاسرائيلي لفلسطين ،على الأقل تم التعبير عنه بالكتابة بوركت ياأخي و أتمنى لك التوفيق.

1- بوركتم
جود حمود - السعودية 29/04/2010 04:51 PM

مقال جميل وممتع بارك الله فيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة