• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

اغتراب الشخصية العربية

د. محمد داود


تاريخ الإضافة: 13/3/2008 ميلادي - 6/3/1429 هجري

الزيارات: 10759

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
في إطار العجز الذي تمكَّن من الأُمَّة العربية، تعيش الشخصية العربية حالةَ اغترابٍ عجيبة، نتجت عن غياب الإنسان العربي عن ساحة الفعل والتأثير، بالإضافة إلى ما يتعرض له الإنسان العربيّ من قَمْعٍ واضطهاد اجتماعيٍّ من بعض المؤسَّسات، إلى جانب نُدْرَة فُرَص العمل وشُيوع البطالة، والخوف من المستقبل، ومحاولات تغريب الفِكْر واحتلال العقل، فَضْلاً عن نـهب الثروات في الأرض العربية المحتلة.

ومظاهر الاغتراب واضحة في شتَّى جوانب الحياة العربية؛ فالاغتراب داخل في نسيج حياتنا الثقافية والاجتماعية المعاصرة.

ولمَّا كانت اللغة مرآة المجتمع؛ فألفاظ اللغة العربية شاهد قويٌّ على تغَلْغُل حالة الاغتراب في صميم حياتنا؛ حيث تمتلئ اللغة العربية بالكلمات الدالَّة على الاغتراب ومظاهره، من خوف وقلق وإرهاب وعُنْف وبَطْش واضطهاد وقهر وظلم وعَسْف وتسلط ... إلى آخر هذا القاموس الذي يُجَسِّد حالة الاغتراب تلك، فما العنف والبطش والاضطهاد ... سوى الوجه الآخر للاغتراب، العنف يولد الاغتراب، ويؤدي إلى الاغتراب أيضًا، والعلاقة بين هذين القطبينِ علاقة جَدَلِيَّة، فكلاهما قد يكون السببَ وقد يكون النتيجةَ، فالطفل الذي يواجه العنف داخل مجتمعه يختزن هذا العنف ليمارسه في المستقبل.

ويزداد الأمر خطورة حين يصاحب هذا العنفَ ظُلْمٌ وقَهْر واغتيال لأحبِّ الناس إلى قلوبنا، على نحو ما نرى من مآسٍ وفواجِعَ على أرض فِلَسْطِينَ والعراقِ، حتى صار أهل الوطن غرباءَ في أوطانـهم، ولن تنسى هذه الأجيالُ لليهود والأمريكان ما يمارسونه ضدهم من قهر وعنف.

وتبرز مظاهر الاغتراب في بعض أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية؛ حيث ينشأ الطفل العربيّ في جو مشحون بالعنف والقهر، فيتحوَّل الطّفل إلى كيانٍ انطِوائيّ ويَفقِد الثقة في نفسه، وتَضعف عنده القدرةُ على الإنجاز وتحقيق الذات، وتتوارى روحُ المبادَرَة والرغبة في التعاون والعمل الجماعي، ويعمل هذا كله على تغريبه ودَفْعِه إلى دوَّامة العجز والنقص والإحباط.

إنَّ الاغتراب يسلُب الإنسان صفة الإنسانية ويحوِّلُه إلى (شيءٍ) خالٍ من الرُّوح المبدِعة والشخصية المبتكِرة، ويؤدّي إلى انـهِيار الرُّوح الفرْدِيَّة تحت وَطْأة احتلال الأرض ونَـْهب الثروات، واحتلال العقل وتشويه الفِكْر.

إنَّ الاغتراب الذي يَشعر به الإنسان العربيّ مَرْجِعُه - في الأعمِّ الأغلب - إلى خمسة أسباب:
1) الحرمان من المشاركة في السلطة: وهذا هو البُعد السياسيّ لمفهوم الاغتراب؛ فالحرمان من المشاركة في السلطة ينتج عنه شعور بالاغتراب والانفصام عن المجتمع، وتعميق الهوَّة بين طبقة الحكام والمحكومين.

2) غياب معنى الحياة
: وهذا هو البُعد الفَلْسَفِيُّ لمفهوم الاغتراب، وإذا كان الدين الإسلامي قد وهب الإنسان العربيَّ معنًى عظيمًا للحياة، فإن غياب الوعي الديني وتـهميش دَور الدين في الحياة – قد أدى إلى تغريب الإنسان العربيّ وضياعِ معنى الحياة في نظره.

3) غياب المعايير
: وهو البُعد الاجتماعيّ لهذه الظاهرة، وفي مجتمعاتنا العربية لا توجد معاييرُ ضابطةٌ لما يُسْبِغُه المجتمع على أبنائه من مظاهر التكريم والتقدير، ويَرجع هذا إلى سَطوة الماديات وسيطرة المصالح الشخصية وتقديمها على قِيَم العمل والإنجاز والكفاءة ... كلُّ هذا يؤدّي إلى فِقدان الرغبة في العمل والإنجاز، ما دام بلا جدوى.

4) غياب القِيَم الأخلاقيَّة والإنسانيَّة
: إنَّ المجتمعاتِ العربيةَ ليست بحاجة إلى مُثُل وقِيَم أخلاقيَّة، فهذِه القِيَم موجودة بالفعل، ولكنَّه وُجودٌ نَظري، لا يستند إلى الواقع والممارسة؛ فالكُلُّ يَتَحَدَّث عن القِيَم والأخلاق، ولكنَّ التطبيقَ الفعلي لهذه القِيَم الأخلاقية على أرض الواقع – ليس على المستوى المطلوب، وقد طغت القِيَمُ المادِّيَّةُ على القِيَم الأخلاقيةِ والمُثُل الإنسانية؛ حتى كادت تتوارى من حياتنا، مِمَّا أدَّى إلى نُشوء أجيالٍ منَ الشباب الحائرين الضائعين بين مُثُلٍ أخلاقيَّةٍ نتحدَّث عنها كثيرًا، وقِيَمٍ مادِّيَّةٍ نُمارسها كثيرًا في واقع حياتنا.

5) الإحساس بالغُربة عن الذات
: وهذا هو البُعد النفسيّ لظاهرة الاغتراب، وهو نِتاج العوامل السابقة جميعًا، إذ يَشعر الإنسان بالغُربة عن ذاته بعد أن فَقَدَ كلَّ أساس تقوم عليه علاقته بالحياة: بعدَ أن فَقَدَ المشاركةَ في السُّلطة والقرار، وفَقَدَ المعنى الجوهريَّ لوجوده، وغابت المعايير والقِيَم ... ماذا يبقى للإنسان بعد هذا كلِّه سِوى الاغتراب عن ذاته، والانـهيار تحت وَطْأَة مشاعر الخوف والبُؤْسِ والقهر والاضطهاد؟

إن الإنسان العربي يعيش حالةً مُفْزِعَةً منَ الاغتراب، ولا سبيل إلى معالجة مظاهر التمزُّق والضعف والانـهيار إلا بعمليَّة شامِلة لتضميد الجراح, تُشارك فيها المؤسَّساتُ التعليميَّةُ والتربويَّة والدينيَّة والسياسيَّة، ويشارك فيها رجالُ الفِكْرِ والأدب والفنون.

إنـَّها دعوةٌ لانتشال الإنسان العربيِّ من الهُوَّة السحيقة التي تَرَدَّى فيها، ليَسْتَعِيدَ ذاتَهُ السليبةَ، ويُشارِكَ في صُنع الحضارة الإنسانية، بعدَ قرون من السُّباتِ والغفلة والاغتراب.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- السلام عليكم........
لهاميم - السعودية 14/03/2008 05:10 PM
جزاكم الله خير استفدت كثيرا مما كتبتم

موفقين
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة