• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الدعوة والإنسان السوي

عبدالعزيز كحيل


تاريخ الإضافة: 30/3/2010 ميلادي - 15/4/1431 هجري

الزيارات: 7389

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خلص الدُّعاة الراسخون والعلماءُ العاملون من قراءتهم المتبحِّرة، وتجاربهم الميْدانية الممتدَّة في الزمان والمكان والعُمق - إلى أن انتصار الإسلام مُرتبط شرطيًّا بوُجُود "الإنسان السوي"، صاحب المشاعر الصادقة الفيَّاضة، والتفكير الصحيح الهادي؛ أي: صاحب الفطرة السليمة التي أشار إليها القرآنُ الكريم: ﴿ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ﴾ [الإنفطار: 6، 7]، ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].

 

فإذا كانت المشاعرُ كاذبةً أو باردة، وكان التفكيرُ سطحيًّا أو ميِّتًا، تحوَّل الدِّين إلى مجرَّد طُقُوس، ويزداد الأمر سوءًا إذا اغترَّ الإنسان بذكائه في حين يعاني الخواء الروحي؛ لأنه سيحوّل الدين حينذاك إلى مصيدة للمغانم، سواء ألَّف الكُتُب، أو ألقى الخطب، أو امتهن الشعوذة، وما أخطر حال مَن ينطوي على أمراض نفسية، ثم يتظاهر بالغيرة على الإسلام! فينسى تزكية نفسه، وأداء حقوق الله - عز وجل - ويشتغل بأخطاء العاثرين، وينقم على العاملين في الدعوة إلى الله تعالى، وهذا حالُ فتيان أخذوا شيئًا من العمل الشرعي من الكُتُب والصحف، ولَم يتتلمذوا على العلماء الراسخين، والدعاة العاملين؛ فظنوا أنفسهم على قدْرٍ كبيرٍ من التقوى والتزكية.

 

فاضطراب صلتهم بالله - عز وجل - هو الذي أدَّى بهم إلى تحجُّر العاطفة، وحبِّ البطش والشماتة في المسلمين المذنبين - حسب رأيهم - وما ينبغي للدُّعاة أن يكونوا هكذا، وهم أصحاب العيون المؤمنة، وإذا كانت العين الحاسدة تضرُّ الإنسان، فإن العين المؤمنة تنفع؛ لأنها عين حانية مُشفقة، تؤثر في اتجاه الحق والخير والنور والجمال.

 

وتلك هي الفطرة السليمة، وذلك هو الإنسان السوي، رأس ماله حرقة وغضب على الباطل، واستعلاء على الفُجُور، يستدرك بقلْبه الكبير على العجْز في أعماله الصغيرة، أو هكذا يرى نفسه بفضْل تواضُعه.

 

إنَّ الدَّاعية يمتلك أرفع أنواع الوعْي، وهو وعي الذات، به يتهم نفسه بدل أن ينزهها وينادي عليها بالبراءة لمعرفته أن آلة لوم الآخر تحيي آلة تنزيه الذات وتقديسها، بهذا ينتصر هو فينتصر الدين الذي يدعو إليه، كيف لا وهو يقرأ في كتاب ربِّه حديثًا متكررًا عن "ظلم النفس" ووجوب بدْء عملية التغيير بها: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]؟!

 

بهذا السمت الربَّاني يتفادى الداعيةُ في نفسه وفي غيره التديُّن الصوري، الذي كثيرًا ما يكون وراءه قصورٌ عقلي، وغرور أعمى، ويشتغل بالخُشُوع والإخبات إلى الله - عز وجل - والسجود الحقيقي الذي يشير من خلال سجود أعضاء الجسد إلى انقياد القلْب لهداية الله تعالى وأمره ونَهْيه: ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]، كما يشتغل بالإيمان المثمر الذي يؤتي أكله كل حين بإذن ربِّه، الإيمان الذي مكَّن يوسف - عليه السلام - من تحويل الزنزانة إلى ساحة للدعوة، ومكَّن العلماء والدُّعاة من إدخال التتار في الإسلام بعد أن انهزم السياسيون، وخذلوا دينهم وأمَّتهم، وانكسروا أمام أقوام هَمَج، لا دين لهم ولا خلق، تمحّضوا للتخريب والإفساد في الأرض.

 

إنَّ الأمَّة مُكلَّفة بتبليغ كلمة الحق للبشرية كلها، وقد أتاح لها التقدُّم العلمي وسائل تُيَسّر لها مهمة التبليغ، بالكلمة والصورة، والكتاب والصحيفة وغيرها، إلا أن البداية الصحيحة لنجاح الدعوة، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتعْبيدهم لله تعالى، تكمُن في بناء الداعية ذاته بناءً حقيقيًّا لا صُوريًّا، فهو يُبنى عقليًّا بالثقافة الشرعية والإنسانية اللازمة لِمُهمته، وخُلُقيًّا بالفضيلة، وروحيًّا بالعبادة، واجتماعيًّا بالعمل الجماعي الذي ينمِّي شبكة العلاقات العامة، وسياسيًّا بالتَّوْعية العميقة المتينة، بذلك يكون داعيةً سويًّا تعدُّه الأمة للدُّنيا والآخرة معًا، فهو صالح في نفسِه مُصلح لغيره، وإنما بدأنا وأعدْنا في وصف "الإنسان السوي"؛ لأن فساد الطبيعة والعقلية هو المشكلة حقًّا، وهو أكبر مِن فساد أخلاق المجتمع؛ لأنه يقضي على إنسانيَّة الإنسان، فينقلب إلى آلة تدمير، ولو لبس لباس الدِّين، فانحراف الفطرة هو الخطر الأكبر، اقرأ قول الله تعالى: ﴿ أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [النمل: 56]؛ لتدرك تلك الخطورة، فقد أصبح التطهُّر - أي: الالتزام بالوضع الطبيعي - تهمة تجلب السخرية، ذلك هو انحراف الفطرة الذي يصبح معه الجمال قُبحًا، والقُبح جمالاً، فضلاً عن كل القيم الأخرى، ولنا تجسيد معاصر لهذا الانحراف يتمثَّل في الحضارة الغربية التي حرمت التوجيه الرباني، فأبدعتْ في الأشياء، وأفسدت الإنسان، وعندنا تجسيد آخر مؤسف يتمثَّل في دعاةٍ يُؤْثِرُون الغِلْظة في كل شيءٍ، ويديرون ظهورهم لكل أمر فيه حسن، متقربين بذلك إلى الله تعالى، فأنَّى يصغي إليهم الناس؟ وأنَّى يُبارك لهم في سعيهم؟

 

وتبقى القدوةُ الأعلى والأرفع هي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تفكيره ومشاعره وسلوكه وهديه جميعًا، فهو النموذج الأمْثل للدُّعاة، ينبغي التماس مواطن القُدوة في أقواله وأفعاله وحياته كلّها بنظَر ثاقب، وبصر واعٍ، وفَهْم عميق، يحسن الإحاطة بملابسات الزمان والمكان والحال.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
3- شكر
طالبة العلوم الشرعية - الامارت العربية المتحدة 07/04/2010 03:56 PM

السلام عليكم وحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير الجزاء على هذا التحليل الذي جاء على الجرح تماما على حال كثير من المنتسبين لقطاع الدعوة, والذي اصبح يضم والله المستعان كثير من النفعيين وانصاف المتعلمين والباحثين عن الشهرة ونوايا اخرى أصلح الله أحوال الامة جميعا.

2- شكر
lamri - الجزائر 04/04/2010 11:13 PM

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تقبل الله منك كل ماتنجزه وجزاك الجنة إن شاء الله

1- شكر
عمر - السعودية 03/04/2010 12:12 PM

جزاكم الله خيراً وبارك في جهودكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة