• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

العقيدة سفينة النجاة

العقيدة سفينة النجاة
محمد ونيس


تاريخ الإضافة: 29/12/2025 ميلادي - 10/7/1447 هجري

الزيارات: 412

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقيدة سفينة النجاة

 

من أين يبدأ الإصلاح؟ وكيف تكون النهضة؟

سؤالٌ يتردَّد على ألسنة أبناء أمَّتِنا، ويطرق عقولهم قبل ألسنتهم، رجاءَ إصلاحٍ يُعيد للأمة مكانتها، ونهضةٍ تنتشلها من دركات الضياع.

 

إن إصلاح مجتمعٍ أنهكه الفساد، وبَعْث أمةٍ طال لها الرقاد، وتنازعتها الأهواء؛ فتفرَّقت وتشرذمت، وتحجَّمت وتقزَّمت، حتى غدت في ذيل الأمم، ليس أمرًا هيِّنًا، ولا سبيلًا ممهدًا، بل هو مشروع عظيم لا يقوم على الشعارات، ولا يُبنى على الأماني.

 

ولا ريب أن الأمة ليست كيانًا مجردًا، بل هي مجموع أفراد؛ فإذا صلح الفرد صلحت الأمة، وإذا فسد الفرد فسدت الأمة بفساده، كما قرر القرآن هذا الأصل في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].

 

فصلاح الفرد شرط لصلاح المجتمع، فهو حجر الأساس ولبنة البناء؛ إن استقام استقام البنيان، وإن اعوجَّ تصدَّعت الجدران وتهدَّم البناء.

 

ولكن كيف يكون صلاح الفرد؟

 

إن صلاح الفرد لا يتحقَّق إلا بشرطين متلازمين لا غنى لأحدهما عن الآخر:

• بناء داخلي إيماني عقدي، تتولَّد عنه مراقبةُ الله، وقناعة راسخة تحرِّك الضمير وتضبط السلوك.

 

• ومرجعية شرعية عُلْيا مردُّها إلى الوحي، تضبط المعايير، وتقوم على رقابةٍ علميةٍ وإيمانيةٍ تكفل دوام الالتزام.

 

وهذا هو المنهج الرباني المتجلِّي في العقيدة الإسلامية الصحيحة، الذي نادى به العلماء الربانيُّون، وسار عليه الدعاة المخلصون من أبناء هذه الأمة، عبر تاريخها الطويل في الإصلاح والتجديد.

 

غير أنَّ هذا النهج لم يَرُقْ كثيرًا من المخالفين، فرأوا في غيره ما هو- في زعمهم- أوْلى وأيْسَر، فتنوَّعت المسالك، وتعدَّدَت الطروحات، واختلفت منطلقات الإصلاح وغاياته.

 

فترى التيارات الفكرية الحديثة أنَّ القيم الإنسانية وحدها، بلا عقيدةٍ ولا رقابةٍ شرعيةٍ، تكفي لإصلاح الفرد ونهضة المجتمع، معتمدين في ذلك على العقل والضمير، متغافلين عن أن العقل بلا نور الوحي يخطئ، والضمير بلا ضابط ورقابة شرعية يتغيَّر.

 

فإنسانية بلا مرجعية تضبط المعايير، وبلا رقابة شرعية تضمن دوام الالتزام، لن تثمر إلا أخلاقًا متقلبةً، وسلوكًا مضطربًا، وضميرًا يخضع للمصالح والأهواء.

 

والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك، فما أكثر الدول التي رفعت شعار الإنسانية وحقوق الإنسان! ثم انتهكت هذه الحقوق، وارتكبت أبشع الجرائم ضد الإنسانية.

 

ولا يتصوَّر عاقل أن العقيدة ضد الإنسانية، فذلك تصوُّر ساذج؛ إذ إن القيم الإنسانية جزء من العقيدة، فالرحمة والعدل والإحسان كلها قيم تعززها العقيدة، بل وتحرسها وتحث عليها.

 

ومن ثم يتبين إخفاق هذا المسلك في الإصلاح الحقيقي؛ إذ فَصَل العقيدة عن القيم الإنسانية.

 

وإذا كان هذا خلل الطرح الخارجي، فإن خللًا آخر لا يقل خطرًا يبرز من داخل الصف الإسلامي نفسه؛ يرون أن تقديم الأخلاق والعمل والسلوك أولى من الخوض في مسائل العقيدة، بزعم أن القضايا العقدية تُحدث الفرقة والاختلاف، وأن الأمة أحوج ما تكون اليوم إلى القدوة العملية والالتقاء على المشترك.

 

غير أن هذا الاتجاه- مع حسن النية- يعالج الثمرة ويغفل الجذور، ويهتم بالمظهر، ويهمل المصدر، ويطلب دوام السلوك بلا أساس يثبِّته، ووحدةً بلا أصلٍ يحرسها، فالعقيدة جذر ينبت في القلب يثمر أخلاقًا حسنةً، وعملًا صالحًا، وسلوكًا رشيدًا؛ فكيف يطلبون ثمرة بلا جذر؟

 

بل كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟!

 

فالأخلاق في الإسلام ليست بديلًا عن العقيدة، بل هي ثمرة لها، ولا قيام للثمرة بلا أصل.

 

ولا يعني هذا التقليل من شأن الأخلاق والعمل، بل إنهما مقصدان شرعيان عظيمان، غير أن الخلل كل الخلل في فصلهما عن العقيدة التي تمنحهما المعنى والدوام.

 

وهكذا يتبين أن العقيدة ليست عبئًا على مسيرة الإصلاح، بل هي سفينة النجاة، التي تحفظ للإنسان إنسانيته، وللأمة وحدتها، وللعمل قيمته ودوامه.

 

ولم تكن العقيدة سفينة النجاة من فراغ؛ بل لأنها المنهج الرباني الذي رسمه الله تعالى لأمتنا في كتابه العزيز، قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ﴾ [محمد: 19]، فبدأ بالعقيدة قبل العمل؛ لذا كانت العقيدة نقطة البداية في مسيرة الإصلاح عبر التاريخ كله.

 

فما من رسولٍ بعثه الله، ولا نبيٍّ أرسله إلى قومه، إلا بدأ بإصلاح العقيدة قبل كل شيء، ومكث يدعو إليها سنين طويلة قبل أن تتنزَّل التشريعات وتُبنى الأحكام، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل:36].

 

وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة، كانت العقيدة لُبَّ دعوته وأساس إصلاحه، وغرس الإيمان قبل بناء الكيان، وصحَّح التوحيد قبل تقويم السلوك.

 

ولم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصي معاذًا لما بعثه نحو اليمن بالبدء بالعقيدة، فقال له: «إنك تقدم على قومٍ من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا الله تعالى»[1]، ثم أمره بعد ذلك بالصلاة والزكاة.

 

وهكذا يتضح أن تقديم العقيدة لم يكن مجرد خيارٍ تاريخي، بل كان سُنّةً ربانيةً ومنهجًا إصلاحيًّا ثابتًا؛ بها تُبنى النفوس، وتُقام الأمم، وتُصان الحضارات من الانهيار، وكل إصلاحٍ يتجاوز العقيدة أو يؤخِّرها عن موضعها إنما يعالج الأعراض، ويهمل الجذور، ويبني على فراغ لا يلبث أن ينهار.

 


[1] (صحيح البخاري: 7372).





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة