• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

جرأة الجاهلين على الوحيين

جرأة الجاهلين على الوحيين
محمد بن عبدالله العبدلي


تاريخ الإضافة: 23/12/2025 ميلادي - 4/7/1447 هجري

الزيارات: 136

حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جرأة الجاهلين على الوحيين

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإننا نعيش في زمنٍ اختلطت فيه الأصوات، وتجرَّأ فيه مَن لا خَلاق له على الكلام والخوض في دين الله عز وجل، وصار الحق غريبًا بين الناس، والعلم مطمورًا تحت ضجيج الجهل والادعاء، ورأينا أقوامًا لا يُعرَفون بعلمٍ، ولا يُنسَبون إلى طلبه، وإنما تشبَّثوا بالشبهات لإثارتها، وتشكيك الناس في عقيدتهم وكتاب ربِّهم، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولم يَذوقوا من الفقه إلا سطحَه، فإذا بهم يتصدَّرون للكلام في أعظم ما يُتكلَّم فيه: الوحي الإلهي.

 

يتأوّلون القرآن الكريم بلا علم، ويردُّون السنة النبوية الصحيحة بزعم مخالفتها للعقل، فيجعلون عقولهم القاصرة ميزانًا للوحي المعصوم، وما علموا أن قصورَ عقولهم هو سببُ ضلالهم لا كمالها، وأن عقول السلف العظام إنما أشرَقت بنور الإيمان ففَهِمت النصوص على وجهها، فجمَعت بين العقل والنقل، وبين العلم والعمل، وتارة يردُّونها بزعم مخالفتها للقرآن الكريم، أو معارضتها للقرآن الكريم، فبأي فَهمٍ فَهِموا؟ وبأي عقلٍ حكموا؟!

 

خابوا وخسِروا.

 

ولأن هذا الداء قد تفشَّى في هذا الزمن، وامتدَّت ألسنة الجُهَّال إلى حُرمات الوحيين (الكتاب والسنة)، فأصبح ذلك سِمة مؤلِمة من سمات عصرنا - كان لزامًا أن يُبيَّن الحق، ويُكشَف الباطل وزَيفُه، وأن يُذكَّر الناس بقُدسية هذا الدين الحنيف، وأن يُوضع العقل في موضعه، تابعًا لا متبوعًا، خادمًا لا حاكمًا، ومن هنا كانت هذه الكلمات تحت عنوان: (جرأة الجاهلين على الوحيين).

 

لقد ابتُلينا في هذا الزمان بأقوامٍ ما رفعوا للعلم رأسًا، وما عرفوا للعلم قدرًا، ولا طرَقوا أبواب التفقُّه في الدين، فإذا هم يتصدَّرون المجالس، ويَعتلون المنابر، ويظهرون في الشاشات، يفسِّرون القرآن بأهوائهم، ويَلمِزون تفاسير السلف بأنها تَحمل ثقافة مغلوطة، ويَزنون سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم بعقولهم القاصرة، ثم يَزعُمون أنهم أهلُ تجديدٍ وفكرٍ ونور وقرآن!

 

يا للعجب! أيُّ فكرٍ هذا الذي يَجُرُّ صاحبه إلى ردِّ كلام سيد البشر صلى الله عليه وسلم؟

 

وأيُّ نورٍ هذا الذي يُطفئ أنوار الوحيين بحجَّة العقل تارةً؟ وتارةً بحجة معارضتها للقرآن الكريم؟!

 

وأي مُنتسب للقرآن وهو يرد هدي سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، ويفسِّر القرآن بعقله القاصر، ورأيه العَفِن.

 

أيها الأفاضل، إن العقل الذي وهَبه الله عز وجل للإنسان، إنما هو مِصباحٌ يُضيء له الطريق إلى الحق، لا نارٌ تَحرِق نصوص الوحي وتَذَرُها رمادًا.

 

العقل في الإسلام خادمٌ للنص، لا سيدٌ عليه، يصدِّقه حيث يَبلغه، ويقف عند حدِّه إذا قصُر عنه، فما كلُّ ما لم تُدركه العقول يُرَدُّ، بل فيه سرُّ العبودية المحضة، وميزان التسليم لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ولقد كان أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم إذا نزلت الآية، جمعوا قلوبهم لها قبل ألسنتهم، وتلقَّوا الإيمان قبل أن يتلقَّوا القرآن، فازدادوا به إيمانًا على إيمانهم.

 

أما اليوم، فكثيرٌ ممن سلك هذا الطريق يَعجِزُ عن قراءة القرآن الكريم قراءةً صحيحةً، فضلًا عن العلم بناسخه ومنسوخه، وأمره ونهيه، وحلاله وحرامه، ولا يَعرف من علوم الحديث حتى عناوينه، يرفَع صوته في وجوه العلماء، ويتَّهمهم بالجمود والتقليد، والكذب والتلفيق في دين الله عز وجل، وأنهم إنما أخذوا دينهم من اليهود، ثم يفسِّر الدين كما يشتهي، ويَختزل الوحي في رأيٍ عابرٍ أو خاطرٍ مُضطرب.

 

يا هؤلاء! إن الوحي لا يُعارضه عقلٌ سليم، وإنما يعارضه هوًى سقيم، ومن رام أن يَزِنَ كلام الله عز وجل بميزان نفسه، فقد جعل من نفسه إلِهًا يُعبد من دون الله جل وعلا.

 

وما ضلَّ مَن ضلَّ إلا حين قدَّم رأيه على النص، وعقله على الوحي، وهواه على الهدى؛ فارجعوا إلى منهج السلف أيها القوم تُفلحوا، وتعلَّموا قبل أن تقولوا، وزِنُوا عقولكم وأقوالكم وأفعالكم بميزان الكتاب والسنة، لا تَزنوا الكتاب والسنة بميزان عقولكم القاصرة.

 

واعلموا أن للدين حُرمته، وللوحي هيبتَه، وأن الكلام فيه بغير علم جرأةٌ على الله جلَّ جلاله، وافتئاتٌ على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله جلَّ جلاله: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، ولم يقل: وما آتاكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فاعرِضوه على القرآن الكريم، وقال سبحانه: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال:1]، فإن كنتم مؤمنين حقًّا أطيعوا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقال جلَّ جلاله: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران:31]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "هذه الآية الكريمة حاكمةٌ على كل مَن ادعى محبةَ الله، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتَّبع الشرع المحمدي والدينَ النبوي في جميع أقواله وأحواله؛ كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَن عمِل عملًا ليس عليه أمرُنا، فهو رَدٌّ»؛ [أخرجه مسلم في صحيحه، برقم (1718)]، ولهذا قال: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾؛ أي: يحصل لكم فوق ما طلبتُم مِن محبتكم إياه، وهو محبَّتُه إياكم، وهو أعظمُ من الأول؛ كما قال بعض الحكماء العلماء: ليس الشأن أن تُحب، إنما الشأن أن تُحَبَّ، وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يُحبون الله، فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾"؛ [تفسير ابن كثير؛ ت سلامة (2/ 32)].

 

فيا مَن يتجرَّأ على الوحيين! اتَّقِ الله عز وجل، وارجع إلى ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين وأتباعهم، قبل ظهور الفِرَق المنحرفة، وإياك والقول في دين الله جل وعلا بغير علمٍ، فإنها من أعظم الجرائم وأشدها خطرًا.

 

ولتعلم أن مَن خالَف سبيل المؤمنين فقد توعَّده الله جل وعلا بالعذاب الأليم؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء:115].

 

وتوعَّد ربُّ العزة والجلال مَن يخالف أمرَ رسوله صلى الله عليه وسلم بالعذاب الأليم، فقال سبحانه: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور:63].

 

فاتَّقوا الله أيها الناس، وارجعوا إلى الحق قبل فوات الأوان، وخافوا من الجرأة على دين الله جل جلاله، واعلموا أن القول على الله جل وعلا بغير علمٍ من الكبائر؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف:33]، ولا تردِّدوا شبهاتٍ أملاها عليكم قومٌ لا خلاق لهم.

 

واعلموا أن دين الله عز وجل محفوظ، وأن مَن عارضه فقد عرَّض نفسه للهلاك، فإن كنتم تُريدون الحق ورضا الحق، فاتَّبعوا الحق، فالحقُّ أحقُّ أن يُتَّبَعَ، واجعلوا رضا الله عز وجل غايتَكم، لا فلانًا وعلانًا.

 

وإذ نَختم هذه الكلمات بهذه الدعوات، فإننا نسأل الله عز وجل أن يَهديَنا سواء السبيل، وأن يجعلها خالصةً لوجهه الكريم، نافعةً لكاتبها وقارئها.

 

اللهم أرنا الحقَّ حقًّا وارزُقنا اتباعَه، وأرنا الباطل باطلًا وارزُقنا اجتنابَه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنَضِل، اللهم لا تَكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عينٍ.

 

اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك، أنت حسبُنا ونعم الوكيل، وفِّقنا لما تُحب وترضى، يا أكرم الأكرمين، ويا رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.





حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعةأرسل إلى صديقتعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة