• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

خطبة: الغزو الفكري... كيف نواجهه؟ (1)

خطبة: الغزو الفكري... كيف نواجهه؟ (1)
يحيى سليمان العقيلي


تاريخ الإضافة: 2/12/2025 ميلادي - 12/6/1447 هجري

الزيارات: 642

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الغزو الفكري...كيف نواجهه؟ (1)

 

معاشر المؤمنين، موقف حدث في دولة خليجية، اهتزت له ضمائر الغيورين؛ إذ لاحظت المشرفة في إحدى المدارس المتوسطة للبنات تغيُّب طالبتين عن درس التربية الإسلامية، وتكرَّر ذلك التغيُّب، فاستدعتهما وسألتهما عن سبب الغياب الدائم، وهنا جاءت الصدمة الكبرى التي قرعت جرس الإنذار لها ولكل معلمٍ ومعلمةٍ، ولكل أبٍ وأُمٍّ ومسؤول.

 

أتدرون بماذا أجابت الفتاتان عباد الله؟ قالتا: نحن ملحدتان، لا نؤمن بالدين، فلماذا نحضر دروس التربية الإسلامية؟!

 

إجابةٌ مفزعةٌ تنذر بالخطر الذي داهم البيوت والأُسَر والمدارس، في غفلةٍ من أولياء الأمور، وأولياء التربية والتعليم. لم تكن هذه الإجابة عباد الله محض صدفة، بل هي نتاج غزوٍ فكري استهدف أمتنا في عهود الاستضعاف والغفلة هذه.

 

فأمتنا تواجه منذ عقود غزوًا فكريًّا، جاء بعد أن عجز أعداؤها عن غزوها عسكريًّا، فرأوا- كما رأى أسلافهم منذ فجر الإسلام- أن المواجهة الشديدة الإيلام للمسلمين إنما تكون من داخلهم، بانفكاكهم عن دينهم وعقيدتهم وشريعتهم، بإثارة الشبهات تارة، وبالتشكيك تارة أخرى، وزرع دعاة البدع والضلالات والفتن الفكرية تارة ثالثة.

 

وهذا ما حكاه لنا القرآن الكريم وحذَّرنا منه لتبقى الأمة على حذرٍ من أعدائها في كل عصرٍ ومصرٍ، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26].

 

وقال سبحانه عن حيل أهل الكتاب: ﴿ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران: 72].

 

معاشر المؤمنين، الغزو الفكري هو غاراتٌ يشنُّها الأعداء على أمة الإسلام لتدمير وحدتها وقواها الداخلية: الدينية والفكرية والاجتماعية والأخلاقية، لتنفك الأمة عن مصدر قوتها الأول: دينها وعقيدتها، ولتكون تابعةً لأعدائها.

 

قال جلادستون - رئيس وزراء بريطانيا قديمًا –: "ما دام هذا القرآن موجودًا في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق".

 

ولقد كان دعاةُ الفرق الضالَّة ومروِّجو الفتن أوَّل من سعى لذلك الغزو الفكري، ثم تبعهم المستشرقون في العصور الأخيرة، وبعدها غرسوا من أبناء جلدتنا دعاةً للعلمنة والتحرُّر والانحلال، يتولَّون ذلك الغزو والتدمير.

 

كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "تكون دعاةٌ على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، هم قومٌ من جلدتنا، يتكلمون بألسنتنا".

 

معاشر المؤمنين، لقد كان لهذا الغزو أهدافٌ ووسائلُ كانت ولا زالت- مع تغييرها وتطويرها بما يلائم العصر والبيئة- ومن أهدافهم:

• التشكيك في منابع الدين ومصادره؛ كالتشكيك في القرآن وأحكامه وأخباره، والسعي لضرب الآيات بعضها ببعض، كما قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ [آل عمران: 7].

 

• ومنها التشكيك في السُّنَّة المطهَّرة وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في كونها مصدرًا للتشريع، كما ادَّعت فئةٌ ضالَّة سُمِّيت بالقرآنيين، يقولون: نحتكم للقرآن؛ لأنه المصدر الثابت لا غيره. وقد تنبَّأ النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء فقال: "يوشك أن يقعد الرجل متكئًا على أريكته، يُحدَّث بحديثٍ من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلالٍ استحللناه، وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمناه، ألا وإن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرَّم الله"؛ (صحيح الجامع).

 

• ومن أهدافهم الطعن في الصحابة رضي الله عنهم، لا سيما المكثرين من الحديث؛ كأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما، للتشكيك في ثبوت السُّنَّة ومرجعيتها، وإثارة ما حصل بينهم من خلافٍ لزرع الشقاق والفتنة.

 

• ومن أهدافهم تشويه عقائد الإسلام وشرائعه ورموزه، لينقطع التأسي والاقتداء بهم، ومن ذلك التشكيك في بعض قادة المسلمين؛ كـهارون الرشيد، وصلاح الدين الأيوبي، والسلاطين العثمانيين؛ كسليمان القانوني، ومحمد الفاتح، وآخرهم السلطان عبدالحميد، خليفة المسلمين الذي انقلبوا عليه وألغوا الخلافة الإسلامية.

 

• ومن أهدافهم محاربة اللغة العربية وترويج اللغات الأجنبية كلغة تخاطبٍ وهوية، لا لغة تعلُّمٍ وبحث. ويا للأسف، نرى اليوم أطفالنا يتحدثون مع أهاليهم باللغات الأجنبية. وقد نبهنا مرارًا أن تعلُّم اللغات الأجنبية للبحث والعلم مطلوب، لكن لا ينبغي أن تكون لغة التعايش والتخاطب؛ لأنها تمس الهوية وتشوهها.

 

ومن وسائلهم أيضًا: إثارة النعرات القومية والعرقية، وبث الفرقة، وترويج المذاهب الهدَّامة، وإغراق الأمة في الشهوات والانحلال الأخلاقي، وتسهيل الوصول إليها تحت شعار "الحرية الشخصية"، والتركيز على ما يسمونه "تحرير المرأة" ومقصودهم في الحقيقة إبعادها عن دينها وحيائها وأخلاقها.

 

كما استهدفوا الأسرة بمخططاتهم الخبيثة، فحاربوها ككيانٍ أول لتربية النشء، ليسهل عليهم افتراس الأبناء بدعوى التحرُّر من القيود الأسرية.

 

قال أحد قادة الماسونية: "كأسٌ وغانيةٌ يفعلان بالأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفعٍ ودبابة، فأغرقوهم في حب المادة والشهوات".

 

وهم يسعون دائمًا لبث الشبهات حول كل ما يمتُّ إلى الإسلام بصلة، وذلك عبر تشويه المناهج الدراسية والتعليمية، ووسائل الإعلام المختلفة، ونشر سمومهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت ذات الأسماء البراقة والمسميات المسمومة؛ كالعولمة والتحرر، وآخرها تلك البدعة المضللة المسماة بـ "الإبراهيمية"، ونبي الله إبراهيم عليه السلام بريءٌ منها ومن دعاتها، فهي فريةٌ يُراد منها هدم الدين وطمس هوية الأمة وتبعيتها لأعدائها.

 

ويتم ذلك التضليل كذلك من خلال رموز ومشاهير تلك الوسائل لما لهم من تأثيرٍ على تابعيهم، بل وحتى الألعاب لم تسلم من الخطر العقائدي والأخلاقي، وسمعنا بما سبَّبه بعضها من حوادث تحريضٍ على القتل والانتحار في بلاد الغرب.

 

كما أن دعاة الغزو الفكري يتخذون من بعض مراكز الأبحاث والدراسات والقنوات الفضائية منابر لبثِّ سمومهم مغلفةً بأبحاثٍ ودراساتٍ يزعمون أنها علمية، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 11، 12].

 

وفقنا الله لما يحب ويرضى، وأعاننا على البرِّ والتقوى، وحفظ الأمة من كيد أعدائها.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

معاشر المؤمنين، وإنما يعظم أثر ذلك الغزو الفكري عند غياب التربية الأسرية والدور التربوي الفاعل لمؤسسات التعليم؛ مما يستدعي قيام كل مسؤولٍ بواجباته ومسؤولياته، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: "إن الله سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه: أحفظ أم ضيَّع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"؛ (صحيح ابن حبان).

 

كما يعظم أثر ذلك الغزو بغفلة الأمة عن دينها وعقيدتها وعن كتاب ربها وسنة نبيِّها صلى الله عليه وسلم، كما قال صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكَّتُم بهما: كتاب الله، وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم".

 

ويتنامى أثر ذلك الغزو الفكري عباد الله حين تغفل الأمة عن كيد أعدائها ومكرهم، وتأمن لمن لا ينبغي الأمن له، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].

 

أما كيف تواجه أُمَّتُنا هذا الغزو، فهذا ما سنتواصى به في الخطبة القادمة بإذن الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة