• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الالتقاء الحضاري للأمة الإسلامية (4)

الالتقاء الحضاري للأمة الإسلامية (4)
حسن عبدالحي


تاريخ الإضافة: 27/6/2024 ميلادي - 21/12/1445 هجري

الزيارات: 697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الالتقاء الحضاري للأمة الإسلامية (4)

 

مجالات استفادة الحضارة الغربية من الحضارة الإسلامية:لم تكن إفادةُ الغرب من الشَّرق الإسلاميِّ مقصورةً على حِفْظ الشَّرق للعلوم أو تطويرها، بل تعدَّت سبل الإفادة؛ لتشمل مجالاتٍ من التفكير والتطبيق لم تشهدها البشرية من قبل.

 

وتلك كانت بحقٍّ نقلةً كبيرة في حضارة الإنسانية كلِّها، يقول أبو الحسن النَّدوي - رحمه الله تعالى - في كتابه "ماذا خسر العالَمُ بانحطاط المسلمين؟": "كان ظهور المدنيَّة الإسلامية بِرُوحها ومظاهرها، وقيام الدَّولة الإسلامية بِشَكلها ونظامِها في القرن الأول لهجرة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فصلاً جديدًا في تاريخ الأديان والأخلاق، وظاهرة جديدة في عالَم السِّياسة والاجتماع، انقلب به تيَّار المدنية، واتَّجهت به الدُّنيا اتجاهًا جديدًا"...

 

"وكانت الأممُ بل كانت الأرض تدنو رُويدًا رويدًا إلى الإسلام، ولا يشعر أهلها بِسَيْرهم كما لا يشعر أهل الكرة الأرضيَّة بدورانهم حول الشَّمس، يظهر ذلك في فلسفتِهم، وفي دينهم، وفي أدَبِهم، وفي مدنيَّتِهم، وتشفُّ عن ذلك بواطِنُهم وضمائرهم، وتنمُّ عنه الحركة الإصلاحيَّة التي ظهرت فيهم حتَّى بعد انحطاطِ المسلمين".

 

"يقول الأستاذ أحمد أمين: ظهر بين النَّصارى نزعاتٌ يَظهر فيها أثر الإسلام، من ذلك أنَّه في القرن الثامن الميلادي - أيْ: في القرنين الثاني والثالث الهجريَّيْن - ظهرت في سبتمانيا (SePtimania) - مقاطعة فرنسيَّة قديمة - حركة تدعو إلى إنكار الاعتراف أمام القسس، وأنْ ليس للقسس حقٌّ في ذلك، وأن يَضْرَع الإنسان إلى الله وحده في غفرانِ ما ارتكب من إثم، والإسلام ليس له قسِّيسون ورُهبانٌ وأحبار، فطبيعيٌّ أن لا يكون فيه اعتراف".

 

"ويمكن لمن يُطالِع تاريخَ أوربا الدينيَّ، وتاريخ الكنسية النصرانيَّةِ أن يلتَمِسَ تأثير الإسلامِ العقليَّ في نزعات المصلحين والثائرين على النِّظام الأسقفيِّ السائد، أما دعوة "لوثر" الإصلاحيَّة الكبيرة، فقد كانت - على علاَّتها - أبرزَ مظهرٍ للتأثُّر بالإسلام، وبعضِ عقائده كما اعترف المؤرِّخون.

 

وترى كذلك تأثيرًا للعقليَّة الإسلامية، والشريعة الإسلاميَّة في أخلاق الأمم - اجتماعها وتشريعها - في أوربا النصرانية، وفي الهند الوثنيَّة بعد الفتح الإسلامي، تراه وتلمسه في الاتِّجاه إلى التوحيد، ونزعات الاحترام للمرأة، وحقوقها، والاعتراف بمبدأ المساواة بين طبقات البشَر، إلى غير ذلك مما سبق إليه الإسلامُ، وامتازت به شريعته ومدنيَّتُه".

 

"ولا يستطيع دينٌ من الأديان ومدَنِيَّة من المدنيَّات تعيش في العالَمِ المتمدِّن المعمور أن تدَّعي أنَّها لم تتأثَّر بالإسلام والمسلمين في قليلٍ ولا كثير.

 

يقول (Robert Briffault) في كتابه (The Making of Humanity): "ما من ناحيةٍ من نواحي تقدُّم أوربا إلاَّ وللحضارة الإسلامية فيها فضلٌ كبير، وآثار حاسمة لها تأثير كبير".

 

ويقول في موضع آخَر: "لم تكن العلوم الطبيعيَّة (التي يرجع فيها الفضل إلى العرب) هي التي أعادت أوربا إلى الحياة، ولكن الحضارة الإسلاميَّة قد أثَّرت في حياة أوربا تأثيراتٍ كبيرةً ومتنوِّعة منذ أرسلت أشعَّتَها الأولى إلى أوربا"[1].

 

لم تقف إذًا إسهاماتُ المسلمين في بناء الحضارة الغربيَّة المعاصرة على مجرَّد الاكتشافات العلميَّة المتداوَلة، بقدر وضع المنهج الحياتيِّ المناسب للإنسان، سواءٌ على الجانب الأخلاقي القِيَمي، أو على الجانب العقَدِيِّ الدِّيني، أو على الجانب العمَلِيِّ التشريعي بين الإنسان والإنسان، أو على الجانب العلميِّ الحضاري.

 

لقد أهَّلَت الحضارة الإسلاميةُ الدنيا بِأَسْرها - بمجموعةٍ من النُّظم والقوانين الإدارية في كلِّ مجالات الحياة - للوصول بالعقل البشريِّ إلى تلك الدرجة العالية من التفكير، وإعمار الأرض، وهذا أعظم ما أسْدَتْه حضارةٌ للبشريَّة جمعاء.

 

وفي مجالات العلوم والبناء الحضاريِّ اكتسبت الحضارة الإسلاميَّة من تراثها الشرعيِّ مفاهيمَ وتصوُّراتٍ ساعدَتْها - بجانب تسيُّدها السياسيِّ - على الإنتاج العلميِّ والحضاري، وقد قامت تلك القوانين لحركةِ العلم في الإسلام على اعتباراتٍ موافقة لفطرة الإنسان، وقدرته الخِلقيَّة، سواء التفكيريَّة أو العمَلِية.

 

خصائص التصوُّر الإسلامي لحركة العلم: فالإنسان مجبولٌ على حبِّ العمل والإبداع، تلك فطرة كامنة في داخله، ولو لم يكن العمل والإبداع لشيءٍ سوى تغذية تلك الفطرة، لجدَّ الإنسانُ في تحقيقها فرِحًا مسرورًا؛ تلك أوَّل خصائص التصوُّر الإسلامي لحركة العلم، وهي: تحقيق تلك الفطرة وتنميتها.

 

وإذا كان الطريقُ إلى العمل والإبداعِ العلمَ؛ فقد رفع الإسلامُ من شأن العلم، وجعله شريكَ العمل؛ بجامع اشتراكهما في تحصيل النَّفع.

 

كان من نتاج هذا التصوُّر أن الدِّين والعلم لم يصطدِما في ظلال الحضارة الإسلاميَّة، كما وقع بين الكنيسة والعلم في أوربا، فانتصَرَت الكنيسةُ برهةً من الزمان، ثم انقلب رجال العلم في ردَّة فعلٍ عنيفة على الدِّين، لا على الكنيسة، أو حتَّى على النصرانيَّة، بل على كلِّ دين؛ ظنًّا منهم أن كلَّ دين يعوق عن العلم والعمل الحضاريِّ مثلما فعلَت الكنيسة.

 

العلم الممكن: أمَّا الاعتبار الآخَرُ الذي لم تغفله الحضارة الإسلاميَّة في الإنسانِ نفسه، فهو: اعتبارُ قدرتِه التفكيريَّة والعَملية.

 

لقد حفظ الإسلامُ على الإنسان جهوده الفكريَّة أن تضيع سُدًى في محاولات عبثيَّة لا طائل من ورائها، بل تصل بالإنسان إلى حدود التخرُّص أو السّفه، كما هو حال الفلسفيَّات اليونانية قبل الإسلام في معظم تناوُلاتها الغَيبية.

 

لذا كان هذا العلم في الإسلام علمًا وقفيًّا، لا يُستمَدُّ بحالٍ من الأحوال من نتاج الفِكْر والتدبُّر الإنساني، بل له مصدرٌ آخر يُستمدُّ منه، وهو علم الأنبياء؛ وذلك لقصور العقل البشري عن الإحاطة بتفاصيل الغيب، أو حتى مجرَّد التكهُّن بمجريات الغيب الإجمالية.

 

إذًا لم تُستهلك الجهود العلميَّة في الحضارة الإسلامية فيما لا طائل للبشر، ولا طاقة لهم بالإحاطة أو مجرد الإلمام به، كما وقع في حركة العلم في الحضارة الرُّومانية القديمة، حتى جاءت الحضارة الإسلامية، فأثَّرَت في مسار العقل البشري.

 

العلم النافع:وكان من فضل توجيه العقل لمساره العلمي الصحيح إشغاله بما ينفعه من العلوم، بعيدًا عن النظريَّات أو القوانين المجرَّدة، التي لم تزَلْ مسيطِرةً على العلم في الحضارات السابقة، وبالأخصِّ الحضارة الرُّومانية.

 

ومعلومٌ توجيه الإسلام للغاية من العلوم، وجَعْلها وسائل للنفع والإصلاح والبناء؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سَلُوا الله علمًا نافعًا، وتعوَّذوا بالله من علمٍ لا ينفع))؛ البيهقي وغيره من حديث جابر بن عبدالله، وحسنه الألبانيُّ في "صحيح الجامع".

 

ومِن تصوُّرِ الغاية للعلوم في الوسط العلمي الإسلاميِّ انبثق أعظمُ منهجٍ عرفته البشرية آنذاك للعلوم، فظهر المنهج التجريبِيُّ، الذي يُعَدُّ المسلمون أوَّلَ من ابتكره، كما ظهر المنهج العلميُّ العمَلي.

 

وكان لظهور المنهج العلمي التجريبِي أو العملي نقلةً في تاريخ العلم الإنسانيِّ، وتاريخ الحضارة الحديثة.

 

وللحديث تتمَّة أخرى عن ظهور هذين المنهجين في الحضارة الإسلاميَّة، وأثرهما في الحضارة المعاصرة، والحمد لله ربِّ العالمين.



[1] (174/ 183).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة