• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

العقل العربي وصناعة الحضارة

العقل العربي وصناعة الحضارة
جواد عامر


تاريخ الإضافة: 29/5/2021 ميلادي - 18/10/1442 هجري

الزيارات: 6326

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

العقل العربي وصناعة الحضارة

 

لا أحد يستطيع أن ينكر أن الإنسان عبر التاريخ اجتهد في سبيل إعمار الأرض وبناء الحضارة؛ تسهيلا للحياة، وتوفيرًا للحاجات التي فرضتها متغيرات التاريخ، فبنى واخترع وأبدع ما جادت به القرائح عبر العصور، فراكم التجارب وألهم السابقُ اللاحقَ، وتسلسل النتاج وكمل بعضه بعضًا فكانت المنجزات التي عرفناها ولازلنا نشهدها في كل آن وحين، إنها الحضارة تراكمات متوالية أفرزتها عبقريات فذة عبر الملاحظة والتأمل والتفكير العميق والتنظيم والابتكار.. مما تستطيع المعرفة صناعته وإفرازه في واقع الحياة، لذلك فنظرتنا إلى صناعة الحضارة عبر التاريخ جعلتنا نتتبع بعض السيناريوهات المتقلبة بين العقل الغربي والعقل العربي في التعامل مع المعرفة.

 

إن الناظر لمنجزات الحضارة العربية الإسلامية سيحكم على العبقرية العربية في كل مجالات العلوم (الفلك، البصريات، الكيمياء، الجغرافيا، الرياضيات،..وغيرها) لكن النظر إليها والتغزل بما جادت به قرائح العلماء ليس كافيًا لأن الأمر يتطلب إدراكًا للمسببات التي صنعت العقل العربي خلال هاته المرحلة من التاريخ، فالترجمة وإيلاء العناية الكاملة من السلطة الحاكمة وتمازج الثقافات عوامل أسهمت إيجابًا في تفتيق العبقرية العلمية، التي نهل منها العقل الغربي وارتوى من مائها العذب بعد الحروب الصليبية فاتخذها منطلقًا في عصر النهضة لبناء الفكر الغربي وتشييد أساساته القوية التي اكتملت بعد قرون عدة أذكاها الوعي الحقوقي مع مفكري الأنوار وتطور الفلسفة الحديثة، لتشهد أوروبا تحديدًا انطلاقتها القوية في المجال العلمي بمختلف فروعه وإن كان لسلطة الكنيسة أثرها في المنظور العلمي في مرحلة سابقة من التاريخ الأوروبي.

 

نعم، لقد سحب البساط من تحت أقدام العقل العربي حينما كان قادرًا على توجيه دفة التاريخ وقيادة الحضارة الإنسانية، في الوقت الذي كانت فيه أوروبا ضائعة تمامًا بين براثن الفيودالية والإقطاعية المظلمة،.. لقد كان بإمكان العقل العربي أن يتجنب الخطأ التاريخي القاتل حينما أهمل المصنفات والمخطوطات الرائعة والثمينة ليتركها بين يدي الغربيين الذين وجدوا فيها الطريق مُعبَّدًا عبر المنهج العلمي الدقيق وآليات الاشتغال العلمي في المختبرات، فينبغ منهم (غاليليو، وكيبلر، ونيوتن) وغيرهم ممن قادوا الثورة العلمية نحو الأمام وشيدوا المجد للعقل الغربي، وهم يعلمون تمام العلم أن ثورتهم هاته لم يكن لها أي وجود لولا مصنفات العرب، لذلك كان على العقل العربي أن يتدارك خطأه الجسيم عبر مرور التاريخ، لكن تماديه في صرف النظر عن إنجازات علمائه زادت الطين بلة وأغرقته في غياهب التخلف في الوقت الذي اجتهد فيه العقل الغربي وهو حانق أشد الحنق على ثقافتنا ومنجزاتنا العظيمة التي أذهلته وجعلته يدرك أن العقل العربي يمتلك من القوة ما يؤهله لقيادة الحضارة وصناعة التاريخ، مما جعله يهيئ كل الوسائل لتدمير هذا العقل ومنعه من رؤية الحقيقة وتحويل عبقرياته إلى وسائل مسخرة عنده مع وأد أسباب صناعة العقل وتطوير الفكر وتحفيز القدرات الإبداعية.

 

إن العقل الغربي لم يجتهد فقط في صناعة المعرفة العلمية المُمَكِّنة من التحكم في زِمام الأمور، بل إنه اجتهد أكثر في قمع العقل العربي ومنعه من بناء الذات متجهًا نحو المنبع الصافي ليسده فيحْظُرَ وصول الماء إلى الأفواه، إنه عقْلٌ غربيٌّ غايةٌ في الدَّهاء، فَعَل كل ما يستطيع من أجل الإبقاء على نفسه زعيمًا بعيد المنال متعسر البلوغ، في ظل استمرار العقل العربي وتماديه في ارتكاب نفس الأخطاء، التي لم يستفد منها عبر التاريخ، لأن صناعة الحضارة ليست أمرًا سهلا وسريع التحقق، وإنما يستلزم ذلك عقودًا طويلة وجهودًا مضنية وسرائِرَ صافية تبتدئ من نقطة الصفر، وهي التصالح مع دعوة الإسلام إلى إعمار الأرض وبناء الحضارة عبر مفهوم الخلافة، تصالح لابد أن يقوم على أساس تهذيب الأخلاق التي تحتاج شجرتها للتشذيب في زمن تردت فيه القيم الجميلة التي دعا إليها الإسلام، وتصالح حقوقي بين الأنا والآخر تتجلى فيه العدالة والحرية في ضوء المنهج الرباني الذي ارتضاه الله تعالى للإنسان المسلم على الأرض، وتصالح معرفي يعود فيه العقل العربي إلى مبدأ لا محيد عنه وهو صناعة الإنسان العارف المثقف، المالك لفكر متحرر قادر على الإبداع وصناعة الذات عبر ترسيخ حب المعرفة والحث عليها وفقا لمناهج تربوية سليمة قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة لتأهيل الإنسان ليكون قادرًا مقدرة حقيقية على صناعة الحضارة.

 

إن هاته المصالحات لا مفر منها، وهي أساسًا تنبني على جزئيات لا يمكن للعقل العربي أن يتجاوزها لأنها لبنات حقيقية وضرورية لصناعة الحضارة وأيُّ تَعَدٍّ لخطوطها نحو صناعة المعرفة لن يجدي بالنفع الكامل إذا لم تتكامل أشكال المصالحات وتتظافر فيما بينها متعاونة في دائرة واحدة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة