• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

أوقد لنا القنديل الثاني

أوقد لنا القنديل الثاني
عبدالباسط سعد عيسى


تاريخ الإضافة: 22/10/2017 ميلادي - 2/2/1439 هجري

الزيارات: 6364

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوقد لنا القنديل الثاني

 

جمال الحياة أن نعيشها بطرائقَ مختلفةٍ، وأيدولوجيات مختلفة، أمرُ الاختلاف ليس رفاهيةً؛ بل هو سُنَّة إلهية، فلو شاء ربُّك لجعلنا أمةً واحدةً، وكأنما هذه الدنيا بمن فيها صندوق تَعدَّد محتواه ما بين لآلئ وزمرد ويواقيت، فالاختلاف كنزٌ نفيسٌ يجدر بك أن تجتهد في البحث عنه؛ كي ينموَ فكرُك، ويشتعل تفكُّرُك.

 

فالتعايش يلازمه ويلزمه العمل بالقاعدة التي تحثُّ على أن نعمل معًا فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضُنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، فالحضارة الإنسانية على مرِّ العصور لم يصنعها لونٌ واحدٌ؛ بل أطيافٌ شتَّى، خلقوا بتنويعاتهم وتعدُّدهم نكهةً يعرفها واسعو الأفُق، ولا تغفل عنها ذائقةُ العقول النيرة.

 

"أسد بن الفرات" وهو أحد علماء المغرب وقاضي القيروان، تلقَّى العلم في الحجاز وبغداد ومصر، ولما رجع إلى بلده كان روَّادُ حلقته يرغبون إليه في أن يوافيهم بمختلف الآراء في المسألة الواحدة، فلا يكاد يسرد مذهب علماء العراق حتى يقول له تلاميذُه: أوقد لنا القنديل الثاني، مقصدُهم من هذه الجملة أن يسرد لهم مذهب أهل المدينة لذات المسألة، وهكذا كانت القناديل المذهبية تتلاقى أضواؤها، والأوتار الفكرية تتناغم أصواتها، وهكذا كان الوعي العربيُّ الديني ساطعَ الضوء، رائعَ اللحن، فيه حريةُ رأيٍ، وطلاقةُ ذهنٍ، وسعةُ أُفقٍ.

 

لم نُخلق لنتطابق في كل شيء، والآخر مهما بلغت درجة اختلافك معه، فإنكما تملكان أرضيةً مشتركةً متفاوتةً في كل عَلاقة، وأقلها درجةً الإنسانية التي تجمع بينكما؛ في أثناء الحرب على غزة عام 2012 م كانت هناك سيدة بيضاء إنجليزية وليست مسلمة، تقف ضمن جموعٍ غفيرةٍ وسط لندن، وترفع لافتةً تدعم فيها ما تؤمن به وتهتف: "معاناة الفلسطينيين هي معاناتي أيضًا"، فالآخر - المختلف عنك أو معك - من العبث أن تعدَّه عدوَّك لمجرد الاختلاف.

 

والإسلام دين الرشد، نقل الإنسانية لطورٍ جديد، فأقرَّ التعدُّدية منذ البداية، فالمسلم جاور وتعامل مع غير المسلم في أمنٍ وسلامٍ؛ لأن ذلك يقع ضمن منظومة القيم والأخلاق التي يغرسها فيه دينُه لبناء المسلم الصحيح والدولة أيضًا، فكان التعارُف والتواصُل بين الأمم والشعوب والقبائل المتمايزة أمرًا قرآنيًّا جليًّا لا لبس فيه.

 

في كتابه "فقه الحضارة الإسلامية" يرصد د. محمد عمارة نماذجَ حيةً تنبض بالتعايش وقبول الآخر والتعاون معه؛ فيسرد لنا ما شهد به العالم الإنجليزيُّ "توماس أرنولد" للإسلام من حرية دينية وسعت التنوُّع والاختلاف، وأنقذت النصرانية الشرقية من الإبادة الرومانية البيزنطية، كما لا يخفى على أحد دورُ غيرِ المسلمين في إدارة شؤون الدولة الإسلامية الممتدة، ولا نُنكر وجودَ مزاجٍ شاذٍّ في التاريخ الإسلاميِّ والإنساني بشكل عام، صاحبه توتُّراتٌ وقلاقلُ عانت فيه الأقليات.

 

الواقع الذي لا جدال فيه، هو أن الآخر رافدٌ جديدٌ لفكرك، قنديلٌ ثانٍ يُنير لك السُّبُل، محرِّكٌ للتحدِّي والمقارنات والابتكار، كنزٌ معرفيٌّ يُثري ثقافتك، الحوار والتواصل معه فرضٌ، والانزواء جرمٌ نرتكبه في حق ذواتنا.

فلنتخالط ونتعايش برُقيٍّ واختلاف، لا بانحطاط وخلاف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة