• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

ضرورة بناء أخلاقيات الشراكة العلمية في النفس

د. مبارك بن عبدالعزيز بن صالح الزهراني


تاريخ الإضافة: 2/4/2017 ميلادي - 6/7/1438 هجري

الزيارات: 4343

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ضرورة بناء أخلاقيات الشراكة العلمية في النفس


الحمدُ لله وحدَه، والصلاةُ والسلامُ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فهل تَتَخَلَّقُ النفسُ بأخلاقياتِ الشراكةِ؟!

الشراكةُ مبدأٌ سلمي بنَّاء، ومنهجٌ للتعاون والتكامل!

 

يجبُ أن تكون الشراكة ليس من الاحتياجِ إلى الغيرِ والشعورِ بالحاجة إليه؛ لأنها تحت هذا السبب ستزول الشراكةُ بأدنى عذر وأَوْهَى سبب، ولو كان أوهى من بيت العنكبوت؛ لأن الشراكةَ هنا اضطرارية، والإنسان يشعرُ فيها بنوع قيدٍ وأسرٍ للشريك، ولكن حينَ تكونُ الشراكةُ من شعور النفس، فإن الشراكة مبدأٌ كونيٌّ للتكاملِ، وليس أداةً للتنافسِ والتسابق!

 

العلماءُ والمثقفون والأدباء والمفكرون من أحوجِ الناس إلى هذه الشراكةِ النفسيةِ، وتأكيدِها في أنفسهم وبنائها، وجعلها ركيزةً في تعاملهم مع معطيات العلم ومخرجات إخوانهم العلماء والأدباء!

كثيرًا ما يحمل العالمُ على إخوانه، ويسعى للرد عليهم بمنهجية بعيدة عن العدل والقصد! وكثيرًا ما نقرأ ردودًا غاية في الإسفاف، وبعيدة عن الإنصاف!

 

حين تطالعُ كتابًا لأي مؤلف - تعرفه أو لا تعرفه، تحبه أو تبغضه، توافقه أو تخالفه -حين تطالعه بعينِ الشراكةِ؛ أي: إن هذا المؤلفَ يقدِّم مشاركةً علميةً معرفيةً في مجاله، ومن حقه أن يعرض ما يرى، ويفتح لكَ نافذةً جديدة في مجالك، فتعاملُك معه، واستفادتك منه، ونقدك له، وتقييمك له - سيكون مغايرًا تمامًا لتعاملك معه وأنت تنظر إليه منافسًا ومتعديًا على مسائل العلم ومتطفلًا عليه، فلا تكاد تستفيدُ منه، ولا تنصفه في نقدك ولا تقييمك له، لن ترى - والحالة هذه - تلك المواضعَ التي أبدعَ فيها وأمتعَ، أو قُلْ: ربما قارَبَ فيها الإصابةَ، ودَنَا من السدادِ!

 

نجدُ اليومَ كُتَّابًا ومؤلفين كُثرًا يشتغلون على شخصنةِ المسائل، سواء في تقريرهم أو ردودهم، مشغولين في كل ذلك بهاجس الإطاحةِ بمن قبلهم ومن بعدهم ومن معهم، وفي مقدور المفكر / العالم أيًّا كان أن يتجرَّدَ لله تعالى إذا أرادَ، فإن لم يستطع فليتجرد للمعرفة؛ لأن هذه المعرفةَ هي ركامُ شراكاتِ أجيالٍ لا تُحصى ممتدة عبر الزمن ومتنوعة، فَلْنَبْنِ بها دون أن نتراشقَ، وقد علَّمَنا سلفُنا الصالحُ هذه الشراكةَ، وأداروا علمَهم على المشاوراتِ والمحاوراتِ بأدب جمٍّ، وتواضعٍ كبيرٍ!

 

أنا هنا لا أقصد بحديثي هذا إنشاءَ الشَّرَاكات - وإن كان مطلبًا مهمًّا - إنما أقصدُ تحديدًا بناء أخلاقيات الشراكة في النفوس، قبل أن تكون في جمعيات ومؤسسات ومجمَّعات علمية، فبدل أن تعد النفسُ ذاتَها شريكًا في العلم وأنَّ غيرها منافسٌ أو حاسدٌ وتتخذ منهم أعداءً! عليها أن تعد الآخرين شركاء كذاتها، فتعطيهم من حقوق النظر والإسهام كما لها!

 

علينا أن نذكِّر أنفسنا أن عليها أن تعطي مساحة كبيرة في داخلها لشراكة الغير في العلم وفي كل مجالات الحياة! وأن ترى فيهم شريكًا لا منافسًا، ومشاورًا لا مُتَسَوِّرًا، ومحاورًا لا مكابرًا؛ لأنها إذ تمنح هذه المساحة وتنطلق رؤيتها لغيرها كشريك، فسيكون حظها عظيمًا من السكينة والطمأنينة وهدوء غليانها! كما يكون لها نصيبٌ وافرٌ من التواضع والتذلل للعلم والمعرفة! ناهيك عن أساس النعمة وخير المكاسب، وهو سلامةُ القلب من الضغينة، ونجاتُه من اتباع الهوى، وطهارتُه من الغلِّ للمؤمنين! فكثيرٌ من التقاطعات في الردود، والبذاءة في الأساليب، والتهويل في الحِجاج، والتهوين في الخطاب - يرجعُ إلى غليان النفس، وفقدانها للسلام تجاه الآخرين، وامتلائها بالحقد والحسد، وغلبة الأنا/الذات، والبحث عن شهرتها وتملُّكِها للقيادة العلمية والمعرفية!

 

وهذا المفهومُ العميقُ للشراكةِ يجعل الفكرة / أو الرأي / أو المسألة أوضحَ لديك؛ حيث تبصرها من كلِّ الزوايا والاتجاهاتِ، فكأن قصدك إليهم أن تشاورَهم لا أن تحاورَهم، وأن تتفهمهم لا أن تُحاكمهم، وأن تفاهمهم لا أن تصادمهم! فتستعين بعينٍ أبصرت ما قد يكون فاتك أو عميت عنه!

 

والشراكةُ بهذا العمقِ والشمولِ تنبعُ من مبدأ الأمةِ الواحدةِ الذي ذكره الله تعالى في كتابه - بعد أن قصَّ عددًا من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام - فقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، وفي الآية الأخرى: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]، مع أن بين هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصالحين رضي الله عنهم - مفاوزَ زمانيةً ومكانيةً، ومفاوزَ في الدرجاتِ والأحوالِ الإيمانيةِ، وكذلك اختلافات في الشرائع والأقدار! فكيف سمَّاهم الله تعالى أمة واحدة مع كل هذا الاختلاف لو لم يكونوا "شركاءَ" متعاونين في إقامة المنهجِ الرباني وتحقيق العبودية؟!

 

كلٌّ منهم فيما يستطيعُ وفيما خلق عليه وله - لا يتجاوز حدًّا ليس له، ولا يقصر عن تكليف هو يستطيعه، وتعميقًا لهذه الشراكة في الأمة الواحدة حكى الله تعالى لنا: "أحوالهم الخاصة والابتلاءات الفردية، وكأننا شركاء لهم في تلك الأحوال!"، وقد جسَّدَ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشراكةَ بين الأنبياء كلِّهم في ذلك المثلِ العظيمِ الرائعِ: ((إنَّ مَثَلي ومثَل الأنبياءِ من قبلي كمثَلِ رجلٍ بنى بنيانًا فأحسَنَه وأجملَه إلا موضعَ لبنةٍ من زواياه، فجعلَ الناسَ يطوفون به ويعجبون له ويقولونَ: هَلَّا وُضعت هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنةُ، وأنا خاتمُ النبيِّين))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

فانظر إلى هذا البناءِ الممتدِّ عبرَ الزمنِ الذي لا يُحصيه إلا الله تعالى، كيف أسهم فيه كلُّ نبيٍّ بلا استثناء! ممَّنْ نعرفُ منهم ومن لا نعرف! مَن استُجيب لرسالته ومن لم يُستجَبْ له! إنها شراكةٌ ضاربة في عمق الزمن تتصاعدُ بالبناء إلى التمام! ومن هنا كانت تربيةُ النبي صلى الله عليه وسلم لأمته تربيةَ الشركاء في البناء، لا تربية المتنافسين المتصارعين على البقاء والاستعلاء، فربَّاهم أن يعطيَ كلٌّ منهم لحقِّ الله تعالى، وتبليغ دينه وهداية أمته ما أمكنه الله تعالى فيه، وفيما خُلِق؛ فذلك يبلِّغُ سورةً، وآخر آيتين، وثالث آية: ((بلغوا عني ولو آيةً))، وغيرهم سابق في جهاد، وآخر متقدم في قضاء، وآخرون يتوزعون شعب الإيمان ومقامات البناء والعطاء كالجسد الواحد، كما رسَّخ صلى الله عليه وسلم أن الحكمةَ شأنٌ مشتركٌ، تقبلها ممن أتى بها، ولو كان عدوَّك!

يا تُرى، متى نرى هذا المفهومَ في أخلاقياتِنا، ويكون سمتَ علمائنا ودعاتنا ومفكرينا وأدبائنا؟!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة