• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

مقدمة في فلسفة المخلوقات

خالد يحيى محرق


تاريخ الإضافة: 28/2/2017 ميلادي - 2/6/1438 هجري

الزيارات: 6017

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة في فلسفة المخلوقات


كل مخلوق له حيِّز في الوجود، أدركتَ ذلك أم لم تُدرِكْه؛ السماوات والأرض وما بينهما من مجرَّات وأفلاك، كلها تشغل حيزًا من الفراغ، إنك لترى مبانيَ تناطح السحاب، وتجعل لنفسها مكانًا لا يزاحمها فيه أحدٌ، فمِن أكبر شيء كالسماء، إلى الأحجام المتناهية في الصغر كالذرة وما دونها، تتمتع بمكان يخصها، تتمدد فيه وتشغَلُه.

(الوجود) شيء عظيم غريب، استوعب كلَّ شيء، لكنه هل يشغل حيزًا مِن شيء آخر؟

إن من أعسر الأشياء فهمًا: الفراغ!

لنبقَ فيما دون الوجود من المخلوقات، لعلَّنا نتفق أن المخلوقات قد تنحصر ربما في شيئين: (الحس، والمعنى):

فالحسية كالمادة والأجسام ونحوها، التي قد يتمُّ إدراكها بشيء من الحواسِّ.

والمعنوية كالإيمان، والحب والبغض، والخوف، والسعادة، ونحو ذلك.

على أنها مرتبطةٌ بغيرها من المخلوقات الحسية، لكنها تعتبر مخلوقة من ضمن المخلوقات التي تتمتع بنوع من الاستقلال، وبما أنها من خلق الله، فإن لها حيزًا يخصُّها، تتمدَّد فيه، وتوجد من خلاله.

 

الإيمان وهو التصديق بشيء ما:

ما هو؟

كيف حجمه؟

ما هي أبعاده؟

الحب كذلك، ممَّ يتكون؟

ما هي جزئياته البنائية؟

إنك ترى الضوءَ له بنيته الخاصة به، وهي الفوتونات، وتراه ينطلق بحريَّةٍ شبه تامة، وسرعة هائلة، وله حيِّزه من هذا الوجود.

 

البصر مثلًا ينطلق سابحًا بسرعة ضوئية، بل هو المختار مِن بين كل الحواس الأخرى، حين تمت المقاربة بين الخالق والمخلوق في قوله عز وجل: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، البصر إذًا مخلوق يشغل حيزًا من الفراغ، فهو يطلب الأشياء ويُدركها ويحيط بها.

 

الكلمة التي تخرج من فمك هي عبارةٌ عن موجات صوتية، سواء اشتملت على حروف أو لم تشتمل، كالصراخ مثلًا.

على أن بعض الصرخات تكون مبدوءةً ببعض الحروف أحيانًا.

هل هذه الكلمة وهذا الصوت هو مِن قبيل المخلوقات الحسية أم المعنوية؟

الكلمة مخلوقة كغيرها من المخلوقات، لها حجم معين بحسبها، ألم تسمع ربك يقول: ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾ [الكهف: 5]؟

الكلمة تملأ الفراغ، وتشغل حيزًا منه بحسب جودتها، قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((وسبحان الله والحمد لله تملأ - أو تملأان - ما بين السماء والأرض))، وعادة فإن لكل مخلوق صوتًا معينًا يخصه تقريبًا، وتذكَّر جيدًا أن المخلوق شيء، وصوته الصادر منه شيءٌ آخر، هو مخلوق مستقلٌّ، له خصائصه وأبعاده، وحجمه وتمدُّدُه.

 

كيف لو كنت في عالمٍ ترى الأشياء وترى ما ينتج عنها من أصوات على حقيقتها؟!

فأنت ترى الماء له صوت رقيق، يسمى الخرير.

وله صوت هادر حين يكون موجًا عاتيًا.

وله صوت آخر حين يكون مطرًا، وهكذا دَوَالَيْكَ.

وكل صوت من هذه الأصوات يفعل فيك فعلًا كيميائيًّا ينتج عنه هدوء، أو خوفٌ، أو سرور وبهجة.

وكذلك الرعد، فهو مخلوق، والصوت الناتج عنه مخلوق آخر.

 

كيف لو كنتَ في عالم يظهر لك صورة الأصوات على حقيقتها، وتراها بأبعادها رؤيةً بصرية؟! أعتقد أنه ستنشأ تجارة لبيع الأصوات حينها، ولعل أكثر ما سيُشترى صوت خِلٍّ، أو طفل بدأ بالمناغاة.

لعلك توافقني أن المخلوقات بصِنْفَيْها الحسيةِ والمعنوية، لها أبعادها ومساحاتها وثقلها الخاص بها.

 

الحقيقة أننا لا نرى مما حولنا ومما نمارسه - كالإيمان والحب والكلام الصادر من أفواهنا - إلا بعضَ آثاره، فأنت لم تر الحب يومًا ما، لكنك تتعاطى مع بعض مخلَّفاته ونتائجه وآثاره الإدمانية، هذا العالم الذي نعيشه عالمٌ جميل جدًّا، لكنه كالشاشة التي تُريك الأشياء بلونينِ: الأسود والأبيض فقط، هو كالآلة التي تُجيد إظهار نوع محدَّد من المخلوقات؛ لأنه محكوم بقوانين بنائية معينة، لا تتعاطى مع كل شيء، فهو على ما فيه من الجمال والإبداع يعدُّ عالَمًا بدائيًّا مقارنة بالعالم الآخر الذي سندلف له لا محالة، فالله تعالى قد قال لموسى عليه السلام: ﴿ لَنْ تَرَانِي ﴾ [الأعراف: 143]، ثم أقام له تجرِبة تُعلِّل عدم الرؤية، وتبين له أن عالم الحياة الدنيا بكل قوانينها البنائية المحكمة - ليست مهيأة لكل شيء، وكانت تجرِبة التجلِّي قد وقعت على الجبل الذي اندكَّ، والله المستعان، فلا غروَ أن يكون هناك عالم آخر، بقوانين أخرى مطلقة في استيعاب إبراز المخلوقات على حقيقتها، عالم تظهر فيه الأعمالُ على حقيقتها بأحجامها، وكتلتها وامتداداتها، إننا ننتظر رؤية نوع آخر من المخلوقات غير الذي عهدناه، ننتظر أن نرى كُتلًا ذات أوزان للأعمال والكلمات:

المال الذي لا تؤدَّى زكاته سيأخذ نوعًا من الخلقة غريبًا.

الإيمان والحب والخوف لها مكان تظهر فيه على طبيعتها، فبعضها يكون نورًا، وبعضها يأخذ صورة أخرى.

هناك رؤية ثلاثية الأبعاد أو رباعية إن صح التشبيه، وهذا القول لمجرد تقريب الصورة لا أكثر.

وما يُدْرِينا، فلعل بعض المخلوقات - كالأعمال الصالحة والطالحة - تأخذ حجمها بكامل أبعادها في الدنيا، ولكننا لا نملك القدرةَ على رؤيتها بأبعادها التي تخصها.

 

أما وجه الله الكريم سبحانه، فرؤيته تتطلب عالَمًا بقوانين استثنائية خاصة جدًّا، تختلف عن القوانين والأبعاد التي أدركنا بعضَها في الدنيا، فاللهم لا تحرمنا لذة النظر إلى وجهك الكريم.

 

إنك لتقف عاجزًا عن رؤية واستيعاب الأعمال التي تقوم بها، تكون عاجزًا عن تصور الكلمة التي تخرج من فمك، كيف هي؟ وما هو حجمها وكتلتها؟ فسبحان القائل: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الصافات: 96]؛ أي خلقكم وخلَق عملَكم.

 

التفكر في عالم المخلوقات يملؤك عجبًا، ويخضعك خضوعًا، لتقف خاشعًا متذللًا بين يدي خالقه، أما التفكر في ذات الله، ومحاولة إخضاع ذلك لقوانين عقلية، فلا يصدر إلا من بائس بليد، كل ما ندَّ بك العقل حيال ذلك، فاهرع لائذًا محتميًا بقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة