• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

القاهرة والتراث

القاهرة والتراث
أ.د. عبدالحكيم الأنيس


تاريخ الإضافة: 27/6/2014 ميلادي - 29/8/1435 هجري

الزيارات: 4767

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

القاهرة والتراث


(ألقيت هذه الكلمة باسم المشاركين في الحفل الختامي لمؤتمر "مستقبل التراث" الذي عقده معهد المخطوطات العربية في القاهرة برعاية الدكتور محمد العزيز ابن عاشور المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في 1-2 ديسمبر 2010م)


بسم الله الرحمن الرحيم

صاحب السعادة الأُستاذ سليل العلم والأدب العزيز الدكتور محمد العزيز ابن عاشور.

 

سعادة الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أحمد مدير معهد المخطوطات العربية.

 

سعادة الأستاذ الدكتور قطب هذا المؤتمر فيصل الحفيان منسق برامج المعهد ومدِّقق سيرته ومسيرته.

 

أيها العلماء الأجلاء.

أيها الشباب الواعدون.

أيها الحضور الجليل.

تحيةً ممزوجة بالحُبِّ، معطرة بالقرنفل الشامي، حارةً حرارةَ دبي، ساحرةً كعبق القاهرة.

 

وسلاماً من الحقِّ لكم، لكل مَنْ سار خطوةً يُثبت بها حقاً، ويَكشف حقيقة، ويَنصر استحقاقاً.

 

وبعد:

يا مصرُ حلمٌ ساحرُ الألوان رافقَ كلَّ عمري

كم داعبتْ روحي رؤاهُ فرفَّ روحي خلفَ صدري

حلْمٌ كظل الواحةِ الخضراء في صحراء قفر

أنْ أجتلي هذا الحمى، وأضمـَّه قـلْباً وعيـنْ

واليومَ في حُـلُمٍ أنــا أم يقظةٍ أم بـين بـين؟[1]

 

ودعوني أبدأ من (بين بين)، دعوني أبدأ مِن هنا، من "القاهرة"، بل من "فاس" حيث جرى حديثٌ بين ابن خلدون وأبي عبد الله المقري عن هذه المدينة، ونقله المؤرخُ الكبير فقال: "ومازلنا نُحدَّث عن هذا البلد، وبُعْدِ مداه في العُمران واتساع الأحوال، ولقد اختلفتْ عباراتُ مَنْ لقينا من شيوخنا وأصحابنا حاجِّهم وتاجرهم بالحديث عنه، سألتُ صاحبنا قاضي الجماعة بفاس وكبير العلماء بالمغرب أبا عبد الله المقري، فقلتُ له: كيف هي القاهرة؟ فقال: مَنْ لم يرها لم يعرف عزَّ الإسلام".


والظن كلَّ الظن أنَّ هذه الكلمة قادتْ خطى ابن خلدون إليها فبهرته، وسحرته، وقهرته، فاستوطنها حياً وميتاً، وترك لنا لحظةً جميلة من زمنٍ مضى في حياته، تلك هي اللحظة الأولى -ومَنْ منا ليس في حياته أثرٌ للقاء أول- اللحظة الأولى لهذه المدينة التي تنقلك منكَ إليها، وتقول لك: أنا هنا فحسب.

 

يقولُ ابنُ خلدون:

"فانتقلتُ إلى القاهرة... فرأيتُ حضرة الدنيا، وبستانَ العالم، ومحشرَ الأمم، ومدرجَ الذر من البشر، وإيوانَ الإسلام، وكرسيَّ المُلك، تلوح القصورُ والأواوين في أوجه، وتزهو الخوانق والمدارس بآفاقه، وتضيء البدورُ والكواكب من علمائه...".

 

إلى أنْ يقول راصداً مشهداً نراهُ اليومَ كان قبل ستة قرون: "ومررتُ في سكك المدينة تَغصُّ بالزحام، وأسواقها تزخَرُ بالنِّعم".

 

هذه مدينةٌ صنعها الإسلامُ كما صنعَ أخوات لها في عالمنا الفسيح، وجمَّلتها حضارتُهُ الراقية، وهذه نقطة ثانية: الحضارة الإسلامية التي تجلّت في الأرض وازدهرت في السماء، التي اتشحتْ بالعلم وتمنطقتْ بالأدب، وزانها أفقٌ لا حدودَ له من الحريةِ والعطاءِ والسماحةِ والندى، يحقُّ لنا نحنُ أبناءَ هذه الحضارة أَنْ نقول الآن في هذا المحفل الثقافي العتيد، وأن نرفع أصواتنا، وأنْ نعلن عن تراثنا الإنساني الزاخر بالحكمة، الطاهر من أي لوثةٍ أو شائبة:

كانت لنا حضارةٌ
قدسيةٌ شماءْ
تنشرُ في الأرض معا
ني الود والإخاءْ
تنتشلُ الإنسانَ من
آلامه جمّاءْ
تَحزنُ أنْ تبصرَ بي
ن الناس أشقياءْ
أو تبصرَ القاتلَ في
دوامة الدماءْ
أو تبصرَ المسيءَ لا
يُردَعُ إِنْ أساءْ
أو تبصرَ المؤذيَ لا
ينفكُّ مِنْ إيذاءْ
أو تبصرَ الجائع لا
خبزَ له أو ماءْ
أو تبصرَ الجهلَ يذي
قُ الناسَ طعمَ الداءْ
أو تبصر العاريَ لا
يملك مِنْ كساءْ
أو تبصرَ الجارَ وقد
حلَّت به البأساءْ
أو تبصرَ الأرضَ وقد
ماجتْ بها الأرزاءْ

•   •   •

كانت لنا حضارةٌ
رحيمةٌ معطاءْ
صريحةُ النهج فلا
رمزٌ ولا إيماءْ
كانتْ وكنَّا هكذا
نعلو بلا استثناءْ
نعملُ لله ولا
ننتظرُ الأصداءْ
نأملُ أنْ يعيشَ كلْ
لُّ الناس أسوياءْ
ونبذلُ الخيرَ ولا
ننظرُ للأسماءْ
يعيشُ في أكنافنا ال
أحبابُ والأعداءْ
فهل نعودُ مرةً
أخرى إلى البناءْ
نغوصُ في البحرِ كما
نستشرفُ الفضاءْ
ونُوقِفُ الناس على
شريعةٍ سمحاءْ
على دروبِ نهضةٍ
شاملةٍ خضراءْ
لكي يعود الحاء - في
جذبٍ - لجنب الباءْ
ويرجعُ القومُ الأُلى
كانوا إلى العلياءْ
يبنونَ للإنسانِ ما
شاءَ وما يشاءْ

 

نرجو ذلك، وهذه مهمّةٌ من مهام "مستقبل التراث": "تراث المستقبل".

 

وهل نشاء شاهداً -على ما نقول- من غيرنا؟

 

هذه الباحثة الفرنسية تيريز ديل بيش تؤكّد في كتابها "نداء الظِّل" أهميةَ المعرفة التي يُمكنها أن توجّه سلوكَ البشر، وأن الماضي يُنير المستقبل، وتلحُ على القول أنه ما دام هناك مَنْ يهتمون بالأعمال الكبرى لثقافةٍ ما فإنَّ هذه الثقافة ليستْ مهدَّدة بالزوال. وتنقلُ عن الكاتب الفرنسي جان كوكتو قوله: "إنَّ القبر الحقيقي للأموات هو قلب الأحياء".

 

ولابُدَّ أنْ نعترف أننا نحتاجُ إلى التراث، وأنَّ التراث يحتاج إلينا، ودعوني أستعيرُ لقطةً جيدة وكلمة معبّرة للباحث الأمريكي روبرت فرانك في كتابه "حُمَّى البحث عن التَّرف" قالها منتقداً مجتمعه: "هناك وسائلُ أخرى لإنفاق وقتنا ومالنا"!

 

أقولُ: والتراثُ يحتاج إلى وقتنا ومالنا.

 

ولا تصدقوا أنَّ التراثَ يمنعنا من التجديد والتطوير والتحديث:

فأنا بقلبي والصميمِ تراثي
وأنا بجسمي والحياة حَداثي
لا فرقَ بينهما إذا كان الهوى
صنوَ الهُدى في عَزمةٍ وحَثاثِ

 

والتراث كما يتمثل لكلِّ محبٍّ له:

هوَ في ضميري لا يزالُ يعيشُ بي
وأنا - لعمرك - ما أزال أعيشُ في
قد كان مؤتلقَ السَّنا لكننا
نَسعى بأيدينا العجافِ لينطفي

 

كان لقاؤنا رائعاً مع هذه الصَّفوة من العلماء، مع هذه الأفكار المتميزة المتألقة، ونرجو أن يتجدد، ونقول كما قال جدُّ راعي هذا المؤتمر الإمام الأستاذ محمد الطاهر ابن عاشور في قصيدة جميلة له:

فقل لليالي جدِّدي مِنْ نظامنا
فحسبُك ما قد كان فهو شديدُ

 

فإلى ذلك النظام الجديد القادم نستودعكم الله شاكرين ذاكرين داعين قائلين:

شكراً لكم أيها السادة:

شكراً لكم شكراً لكم
شكراً بلا استثناءْ

 

والسلام عليكم ورحمة الله.



[1] هذه الأبيات للشاعرة فدوى طوقان، وما عداها فللكاتب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة