• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / روافد / موضوعات تاريخية


علامة باركود

أجل، مات الرافعي!

أجل، مات الرافعي!
الشيخ عبدالرحمن الخاني


تاريخ الإضافة: 18/5/2015 ميلادي - 30/7/1436 هجري

الزيارات: 8256

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أجل، مات الرافعي!


عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )) رواه البخاري ومسلم.

 

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما بعد دفن الإمام زيد بن ثابت رضي الله عنه: من سره أن يرى كيف يقبض العلم فهكذا يقبض وأشار إلى جدث زيد.

 

ونحن نقول والأسى ملء نفوسنا؛ من سره أن يرى كيف يقبض العلم فلينظر كيف خبا ذلك النجم الساطع الذي أشرق في سماء الدين الإسلامي والأدب العربي حيناً من الدهر؛ كان في خلاله مبعث نور من سماء العلم والدين والأدب، فيه هدى ونور وموعظة وثقافة للعلماء والمتعلمين.

 

نعم فلننظر جميعاً إلى صاحب -وحي القلم[1]- الذي تلى على مسامع الناطقين بالضاد أغاريد شائقة، طالما أثارت مكامن الجذل، وهيجت مواطن الأشجان، كيف انقلب إلى كرامة الله وعفوه.

 

ولنتأمل تلك الريحانة الغضة التي كانت تعطر جو العالم الإسلامي بأريج ينعش النفوس، منبعث من شجرة فضل، أعوادها دين، وأغصانها علم، وأوراقها أدب، وثمراتها عقل، وعروقها شرف، تسقيها سماء الحرية، وتغذيها أرض المروءة، وتستظل -تحت راية القرآن-[2] كيف ذوت، وانتهى بها الأمر إلى الأجل المنتظر، ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34].

 

أحقاً مات الرافعي؟

أصحيح أن ذلك الينبوع الذي كان يتفجر منه ماء عذب زلال يروي ظمأ القلوب، ويأخذ بيد المتأدبين والمتعلمين إلى حيث العلم الجم، والأدب الغزير، والخلق الكريم، قد غاض؟

أجل، مات الرافعي!

 

خبر والله عز علي مسمعه، وأثر في قلبي موقعه.

 

خبر، أحرج صدري، وأحل بكائي، وحرم صبري، اللهم لا حول ولا قوة إلا بك.

 

عزيز على التمدن الإسلامي أن تنعي إلى عالمها الإسلامي الإمام الرافعي، وصعب على كاتب مثلي أن يسود الصفحات برثاء الرافعي الذي كان يهتدى بهديه، ويسير على سنته، ولكني أقدم بين يدي ذكرى الرافعي عبرة حارة.

 

وهل يستطيع ثاكل مثلي أن يجود بأكثر من دمعة العين ولوعة القلب؟! إن في وفاة الرافعي لأسى وألما.

 

لئن مات صاحب -إعجاز القرآن[3]- فإن إعجازه باقٍ ما بقي الدهر.

 

لم يطلب الرافعي العلم إلا ليحيى به الإسلام، إذاً فبينه وبين النبيين درجة واحدة[4]، فقد آتاه الله من بسطة الفهم، وسعة العقل، ونفاذ البصيرة؛ ما كان عصمة له من الزلل في الرأي، والخطل في الفهم، وعناً على استكناه الحقائق؛ وكشف غوامض العلوم، فصدره أوعية المعارف، وعقله خزائن العلم، يفيض منها على الناس بينبوع لا ينضب، ومعين لا يغيض، وعلى مقدار كثرة أمثال الرافعي في الأمة يكون استرشاد الناس بهم، ويكون رقيها وعزها، كما أن في قلة أمثاله يكون انحطاطها وتأخرها وانغمارها في جهلة جهلاء.

 

يموت العالم، فيخبو مصباح كان يضيء ظلمات الحياة، ويسلم سيف كان للحق ماضياً، ويتهدم ركن من أركان عظمة الأمة ومجدها، فإن لم يخلفه غيره بقي ذلك الجانب مهيضاً، وظل ذلك الركن مظلما، واستولت من بعده على العقول الأوهام، وثارت من مكمنها هوام الفتنة والزيغ، وتصدر للمجالس من ليس لها بأهل، وأفتى من ليس بينه وبين المعلم نسب ولا صهر، فأذاع الأساطير، وملأ الأفئدة والآذان بما ينبو عنه العلم الصحيح، وينافي الحق والصواب، ولما يزال سادراً في ظلماء الزيغ حتى يضل من حوله بضلاله، فيعمى البصائر عن سواء السبيل.

 

لقد بين الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم الأمور التي تنجم عن فقدان العلماء، وإنما أردا أن يحذر الناس من ترك العلم ويحثهم على تعلمه وبذل كل غال ورخيص في سبيل تحصيله، لأن موت قبيلة أهون على الله من موت عالم. فسلام على الرافعي يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حياً.

 

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثالثة

العدد الثاني، 1356هـ - 1937م



[1] آخر كتاب للفقيد مصطفى صادق الرافعي رحمه الله.

[2] كتاب آخر للفقيد رحمه الله.

[3] كتاب للفقيد رحمه الله.

[4] إشارة لما رواه الحسن قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من جاءه الموت وهو يطلب العلم فيه ليحيى به الإسلام فبينه وبين النبيين درجة واحدة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة