• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / روافد


علامة باركود

والنوبيون يدفعون الثمن!!

محيي الدين صالح

المصدر: نشر بجريدة الشعب يوم 29 سبتمبر 1998.

تاريخ الإضافة: 24/4/2010 ميلادي - 11/5/1431 هجري

الزيارات: 5452

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مرَّة أخرى يستدير الزَّمان كهيئته يوم تقرّر إغراق بلاد النوبة وحضارتها، وتشتيت أهلها بين الجنوب والشَّمال، بدون مراعاة لصلات الرَّحِم الَّتي باتت تتقطَّع أوصالها بسبب المسافات المتباعدة الَّتي استجدَّت بين أفراد الأسرة الواحدة المنقسمة بين كوم أمبو وحلفا الجديدة، وبينهما أكثر من 1500 كيلومتر.

 

وقد كانت النوبة هي همْزةَ الوصْل بين أهل وادي النيل في الشَّمال والجنوب (مصر والسودان)، وعند بناء السَّدّ العالي، قامت حكومات ذلك الزَّمان بتفْريغ أكثر من 500 كيلومتر طوليًّا على امتِداد نهر النّيل من سكَّانها، رافضة اقتِراحات وطلبات وتوسُّلات أهلها، بإبقائهم في أماكنِهم عند أعلى منسوب متوقَّع للبحيرة؛ حفاظًا على حياتهم وعلاقاتهم الطَّبيعيَّة، ولكن وبقرارات عسكريَّة من الجانبين، تمَّ الإطاحة بكلِّ المعاني الإنسانيَّة والعلاقات الأسريَّة والاجتِماعيَّة، كما تمَّ وأْد بقايا أحلام الوحْدة التي كانت تراود أهل الطّموح في الدولتَين، حيث انقطع التَّواصُل البشري المتلاحِم، ليحلَّ محلَّه عقبات الجمارك والجوازات والأمْن والحجْر الصّحّي والحجْر الزِّراعي، وسلطات كثيرة ومكثَّفة، بكلِّ ما يصاحبُها من بيروقراطيَّة وتعنُّت وتعسُّف.

 

وفي الوقت الَّذي هبَّت فيه كلُّ الأُمَم - متمثِّلة في منظَّمة اليونسكو - لإنقاذ آثار النّوبة ومعابدها، لم يفكِّر أحدٌ يومَها - ولا بعدها - في إنسان النّوبة الَّذي سينتزَع من أرْضِه ليواجِهَ الاغتِراب أينما ذهب، وكأنَّه كُتِب عليْه وحْده أن يدْفع من ماضيه وحاضره - ومستقبلِه أيضًا - ثمن التنْمية الوطنيَّة، فبقينا حينًا من الدَّهر نجترُّ أحزانَنا مع كلِّ جزئيَّة من تفاصيل الحياة اليوميَّة.

 

ويوم قامت مشروعات التَّكامُل بين مصر والسودان، ودخلت مراحل التَّنفيذ، تنفَّسْنا الصعداء، خصوصًا عندما اهتزَّت بعض مظاهر البيروقراطيَّة، وأُتيحت حرّيَّة العبور بدون جوازات السَّفر بين البلدَين، ليعود الحال كما كان قبل سنة 1962 (أي: قبل التَّهجير) ولكِن سرعان ما أجهضت تلك البشائر، بل عادت الأمور أسوأَ ممَّا كانت عليه، ومع الأيَّام فرضت السلُطات شرطَ الحصول على تأْشيرة مسبقة للتحرُّك بين القطرين "الشَّقيقينِ سابقًا".

 

ومع أنَّ النّوبيِّين في مصر والسودان ذوو أرْحام متداخِلة تمامًا، وهم بذلك نواة وحْدة ناجحة بين البلدين، إلاَّ أنَّ ولاة الأمر أو الحكَّام هم الَّذين يُديرون بيْننا دفَّة العلاقات الاجتماعيَّة والأسريَّة كلها بدون استِثْناء، ويتحكَّمون في الأرحام وصْلاً وقطعًا، وتجميدًا وتهميشًا.

 

وأصبح لزامًا على النّوبيّ الَّذي يريد أن يَزور أخاه أو أُخته أو أحد أفراد أسرته في الجانب الآخر، أن يستأْذِن سلطات وزارة الخارجيَّة أوَّلا، فإذا تفضَّلت وتكرَّمت وأنعمتْ عليه بالموافقة، يَجتهد بكلّ الوسائل لتدْبير تكاليف السَّفر الباهظة جدًّا، مع وجود احتِمال قويٍّ أن لا تسمح له سلطات وزارة الدَّاخليَّة في الجانب الآخر بالدُّخول إلى أراضيها بدون إبداء الأسباب، (حيث لا توجد أسباب إطلاقًا)، فيعود من المطار أو الميناء إلى حيث أتى بخفَّي حنين غير مأسوف عليه، فما هذا يا مَن تولَّيتم أمر المسلمين في وادي النّيل؟!

 

ولو كانت هذه العلاقات بيْننا تجاريَّة أو سياحيَّة أو أي شيءٍ من هذا القَبيل، لقلنا: إنَّ البدائل كثيرة إلى كلِّ اتِّجاه؛ ففِي النَّاس أبْدال، وفي التُّرْك راحةٌ، كما يقول الإمام الشافعي - رحمه الله.

 

ولكن، ماذا نفعل والأمر يتعلَّق برضا الله الَّذي لا يدخل في رحمته قاطع رحِم، وأرض الله الَّتي كانت واسعة بنصِّ القرآن الكريم، ضاقتْ عليْنا بما رحبت، وعثراتُنا المتواصلة - ونحن بشر - في كافَّة الأصعِدة الاجتِماعية تحت سمع وبصر الجميع، لا يَخشى أحدٌ من المسؤولين أن يُحاسبه الله عليها.

 

ويبدو أنَّ الَّذين تولَّوا أمرنا ضربوا عُرْض الحائط بقوله تعالى في سورة محمَّد: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23].

 

معنى ذلك أنَّ الأمر جدّ خطير، فملعون من الله ومن النَّاس كلّ مَن يضع العراقيل أمام الزّيارات الأسريَّة بين أبناء الوادي، ملْعون من الله ومن النَّاس كلّ مَن يتسبَّب في قطْع الأرْحام الَّتي أمر الله بها أن تُوصل، ملْعون من الله ومن النَّاس كلّ مَن تسوِّل له نفسه التَّلاعُب بمقادير طائفة من المسلمين لضعف قوَّتِهم وقلَّة حيلتهم وهوانِهم على النَّاس.

 

وأُهيب بأعلى سلطةٍ في الدَّولتَين سرعة تدارك الأمر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإعادة الأمور إلى نصابِها، بتذْليل العقبات التي فرضت نفسها بدون وجْه حقٍّ على شعب وادي النِّيل، في علاقاتهم الاجتِماعيَّة، تمهيدًا لإزالة الحواجز المروريَّة بين كلِّ شعوب العالم العربي، مع التَّذكير أنَّ ولاة الأمر سيأْتون أمام الله يوم القيامة وأيديهم مكبَّلة بالحديد خلف أعناقهم، إلى أن يقضي الله بين الرَّعيَّة ويردّ المظالم إلى أصحابها، ولا خير فينا إن لم نقلها، ولا خيرَ فيكم إن لم تسمعوها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة