• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

الإيمان العلمي رسالة الأنبياء

الإيمان العلمي رسالة الأنبياء
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 8/12/2012 ميلادي - 24/1/1434 هجري

الزيارات: 10357

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان العلمي رسالة الأنبياء


في البداية نُورِد هاتين الآيتين الكريمتين من كتاب الله، ودلالتهما لا تحتاج لبيان:

أما أُولاهما، فقول الله - تعالى -: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 56].

 

وأما الآية الثانية، فقول الله - تعالى - على لسان الكافرين: ﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [الملك: 10].

 

ثم نقول:

لقد وفَّر الأنبياء - عليهم السلام - بَدْءًا من آدمَ، وانتهاء بمحمدٍ - خاتم المرسلين - على الإنسان جهودًا كبيرة، كان من الممكن أن يَقضِيَها في التِّيه العقلي، والتخبط الفكري، حين علَّموه أن لكلِّ شيء سببًا وغاية، وأن وراء كل سبب مسبِّبًا، ووراء كل صنعة صانعًا، وأن هذا الكون بالتالي ينعم برعاية صانع خبير عليم حكيم، يُدِير حركته وَفْق قوانين، ويدفعه - والإنسان جزءٌ منه - لغايات مرسومة.

 

ومع أن تعاليم الأنبياء كثيرًا ما كانتْ تتعرَّض للضياع والتدخلات البشرية، فإن عقل الإنسان - في عصر الضياع هذا - كان كثيرَ التساؤل والحَيرة والتأمل.

 

إن حركة الكون المكرَّرة أمامه من ليل ونهارٍ، وشمس وقمر ونجوم، وعواصف وزلازل - لا شك ستدفعه إلى التساؤل:

1- مَن يصنع هذا؟

2- وكيف يصنع؟

3- ولماذا يصنع؟

 

وفي الواقع البشري الاجتماعي والفردي، يجد الإنسان نفسه محاصرًا بمجموعة من الظواهر التي تُشبه الظواهر الكونية في ضرورتها وتَكْرارها.

 

• فحاجة الإنسان إلى الطعام حاجة أساسية ومتجدِّدة، لا تنتهي.

• وحاجة الإنسان إلى الشراب.

• وحاجة الإنسان إلى النوم.

• وحاجة الإنسان إلى اللباس والمَسْكَن.

 

فكلُّ هذه حاجات فردية، تجعل الإنسان يتساءل: هل هو مجموع هذه الحاجات؟ وهل حياته لا تخرج عن نطاق إشباع هذه الجوانب؟

 

وعندما يصل الإنسان إلى سن البلوغ، ويندمج اجتماعيًّا، تظهر في حياته حاجات أخرى:

• حاجته إلى الزواج.

• حاجته إلى البيئة.

• حاجته إلى المجتمع.

 

فربما تساءل الإنسان في مرحلة معينة: هل هو رهن هذه الحاجات؟ وهل هو كائن أسري أو بيئي أو اجتماعي؟ وهل يكفي إشباع هذه الجوانب - بعد الحاجات الفردية - لضمان مسيرة الإنسان في الحياة؟

 

لكن الإنسان عندما تكتمل له حاجاته الفردية وحاجاته الاجتماعية، سيشعر بحاجة مُلحَّة إلى نوعٍ آخر من الحاجات.

 

فهذا الإنسان يتميَّز عن الكائنات الأرضية الأخرى بأنه يحمل (روحًا واعية) ذات تطلُّع دائمٍ إلى الأشواق العليا، وإنها لتحس بالسأم والمَلل - حتى بعد إشباع سائر الجوانب - إذا لم تُحقق إشباعها في الجانب الروحي.

 

فهل الإنسان كائن روحي، على أساس أن هذه ميزته التي ينفرد بها عن سائر المخلوقات الأرضية الأخرى، التي تشاركه بقية حاجاته الفردية والاجتماعية؟

 

لقد أدرك الإنسان هذا منذ ظهَر، ومنذ غرَست الشرائع السماوية في فطرته ووَعْيه هذه الحقيقة الأزليَّة، وأزالتْ عنها - بين الحين والحين - كل ما كان يطرأ عليها من تحريفٍ وتشويه، ولئن كان الإنسان قد أدرك هذا، فإن هذا الإدراك القائم على أن الله هو الصانع وهو الخالق، ليس كافيًا للإجابة عن الأسئلة المُلحَّة التي تَطرح نفسها على الوعي البشري الموصول.

 

إن الإنسان يُدرِك حاجتَه اليومية المتجدِّدة للطعام والشراب، والهواء والماء، والملبس والمسكن، ثم يُدرِك حاجته الاجتماعية التي يقوم على أساسها كِيانه الاجتماعي وبقاء نوعه، فإلى أي مدًى يصل الدور الذي تقوم به هذه الحاجات في استمرار حركته ونموها، وفي ضمان تفاعله مع ما حوله؟

 

وهل هذه الحاجات هدف في حد ذاتها، تنتهي رسالته إذا حقَّقها؟

 

وأهم من ذلك كله أنه يريد أن يَفهم نواميس الخالق - سبحانه وتعالى - التي أخضع لها - سبحانه - الكونَ والإنسان والمجتمع؛ لأن فَهْم الإنسان لهذه النواميس أمرٌ ضروري بالنسبة له، سواء في مستوى حياته العلمية - الرعوية أو الزراعية - أو في مستوى تحقيق تقدُّمه الحضاري.

 

وإن ما أعطتْه رسالات السماء في تفسير حركتَي الكون والمجتمع، إنما هو إطار كلي، ترك للعقل البشري أن يقوم فيه بالفهم والتفسير، فهذا هو مجال الاختيار، وشأنُ (تفسير التاريخ) هنا شأنُ بقية المجالات التي طرقها الوحي الكريم، فثَمَّة قوانين كلية حاكمة وضابطة، وثَمَّة مساحة الاختيار الإنساني واسعة وفسيحة.

 

فحتى في علاقة الإنسان المخلوق بالله الخالق، ثَمَّة أوامر تكوينية فطرية، وثمة أوامر تشريعية وعبادية، وهناك - في المقابل - مساحة لحرية الإنسان هي مناط الثواب والعقاب، في تفاعلها - إيجابًا أو سلبًا - مع القوانين الفطرية والتشريعية.

 

وفي ظل هذه الرؤية الإسلامية لعلاقة الإنسان بالكون والأوامر الإلهية الكونية والتشريعية، يتجلَّى حظُّ الإنسان المتاحُ له من الحرية والإرادة، وتتضح (المعادلة) الإنسانية المتوازنة، القائمةُ على تقنين الحرية من جانب، ورفض نظريات أو أيديولوجيات الحتمية الجبرية من الجانب الآخر.

 

والحق أن المذاهب (الجبرية) أو (الحتمية)، قد اهتزَّتْ حتى في مجالها الطبيعي المادي، وإننا لنجدُ مفكرًا كالأستاذ (أوبجتون) يصوِّر لنا هذا الاهتزاز بأسلوب حاسم، فيقول: "لا بد لي أن أوضِّح أن النظرة العلمية للمذهب اللاحتمي، لا تعني أن هناك أحيانًا استثناءات للقانون الحتمي، لكنها تعني أن كل ظاهرة لا حتمية بدرجة كبيرة أو صغيرة".

 

ويقول (أوبجتون) أيضًا: "طالما أن الحتمية قد أزيحتْ من وضعها الذي يبدو منيعًا في علم الطبيعة، فإنه من الطبيعي أن نشكَّ في قولها حين تزعم أنها اتَّخذتْ لنفسها وضعًا مؤكدًا في مناطق أخرى من الخبرة"[1].

 

وليس أروع من القرآن الكريم، وهو يَرفض تلك الحتمية الجماعية، أو تلك الجبرية الفردية، فيوجِّه النظر إلى أنه لا حتمية هنا ولا هناك، وإلا انعدمت (المسؤولية)، وانعدم - كذلك - معنى الثواب والعقاب.

 

يقول القرآن الكريم: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 134]، ﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الأنعام: 47].

 

أجل؛ ليس الإنسان مجبرًا أو آلة تُحركها أيَّة عوامل، وإنما هو - قبل أي مؤثِّر - المسؤول الأول عن صناعة الحضارة، وهو المحرِّك الأول للحضارة في مرحلة نموها واستمرارها وازدهارها.

 

إنه (المستخلَف) على هذا الكوكب، وإن التاريخ إنما هو شأنه، سواء كان فردًا، أو فردًا ممتازًا في هيئة بطلٍ، أو جماعة آمنتْ بمبدأ إيجابي، ومتى تزايد إقبال الأفراد والشعوب على الطاعة لإرادة الله، تحسَّنت الأمور؛ أي: إن مقياسًا أساسيًّا من مقاييس التقدم الحضاري هو المجاهدة في سبيل التقدم[2].

 

وفي النهاية، فإن كل شعب سيحصل على ما يستحق بالعدل الإلهي! لكن ذلك لا يعني أن الإنسان هو وحده في هذا الكون، وأنه حرٌّ في أن يحطم كل (نظام)، ويتمرد على كل أصول عقلية أو قانونية، كسائق السيارة المجنون الذي يعتقد أن إشارات المرور إنما هي قيود وأصفاد، ويرى أن تحقيق حريته يقتضي حرية الانفلات من هذه القواعد المرورية.

 

إن هذه (الحرية الفردية المنفلتة اللامبالية) مرفوضة؛ لأنها تعني العشوائية التي هي سلبٌ للعقل والقانون، ومن الواضح أن هذا المذهب (الحر) - إذ يمارس (حرية اللامبالاة) هذه - إنما يقضي على (حرية المجموع) من جانب، ويقضي على المسؤولية الخلقية من جانب آخر.

 

﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الزمر: 62، 63]، ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ﴾ [الرعد: 15]، ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [الروم: 26].

 

كما ينبغي للإنسان كذلك ألا يَنسى أنه محكوم بسننٍ ونواميسَ إلهية، تفوقُ طاقاته وقدراته جميعًا، ودونها لا يمضي حقٌّ وعدلٌ، ولا يستقيم نظام كوني، ولا وجود بشري، ولا تتحقق حكمة الله - سبحانه وتعالى - من تسيير الكون والخلائق جميعًا وَفْقَ طرائق محدودة، تؤول بهم إلى الأهداف التي رسمها علم الله المطلق، ورفعتْهم إليها إرادته التي لا رادَّ لها [3].



[1] د/ زكي نجيب محمود؛ الجبر الذاتي ص245 - 246، طبع الهيئة المصرية العامة بالقاهرة - سنة 1973م.

[2] انظر: ويد جيري؛ التاريخ وكيف يفسرونه، ص94 - لبنان.

[3] د/ عماد الدين خليل؛ التفسير الإسلامي [للتاريخ] ص181، المكتب الإسلامي - لبنان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة