• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

قصة سعد بن أبي وقاص بطل القادسية

قصة سعد بن أبي وقاص بطل القادسية
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 5/1/2016 ميلادي - 24/3/1437 هجري

الزيارات: 35633

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة سعد بن أبي وقاص

"بطل القادسية"


الليل ساكن هادئ، والناس جميعاً في سكون وهدوء، بين قابع في منزله ينال قسطه من الراحة والنوم، وبين مدمن خمر أو عربيد نساء، يقطع سكون الليل بعربدته وفجوره، ذلك شأن الناس في هذا الوقت الشاعري الجميل.

 

أجل.... ذلك شأن الناس - كل الناس - إلا من نفرٍ قليل آمنوا برسالة محمد بن عبد الله فهم الآن في تهجد وتبتل.

 

وجلس على صخرة من صخور الكعبة فتى صغير في السابعة عشرة من عمره، جلس مطرقاً يفكر ويفكر، وينظر بعيني رأسه مرة إلى الكعبة ذلك الحرم المقدس، ومرة إلى ذلك المنزل البعيد - منزل ابن أبي الأرقم - ويحاول الفتى جهده أن يوجد وجه التابين والاختلاف بين الكعبة وقد امتلأت بأحجارها وأصنامها، وبين ذلك المنزل المقفر الخالي من الناس إلا من ستة رجال يحضرون كل ليلة مستترين عن أعين الناس بالظلام، كي يتعلموا عن محمد بن عبد الله مبادئ هذا الدين الجديد الذي سمع عنه من أمه صباح البارحة.

 

وقال الفتى لنفسه وقد رأى رجلاً لم يعرف حقيقته يسير بحذر قاصداً منزل ابن أبي الأرقم: لم لا أتبع هذا الرجل وأقف على باب المنزل كي أتعرف على حقيقة هؤلاء القوم، وأرى عن قرب حقيقة ما يؤمنون به وما أتى به هذا الذي يسمى محمداً؟! وفعلاً سار الفتى متمهلاً ووقف على باب المنزل بحذر، ووصل إلى مسمع الفتى وهو واقف صوت هادئ خافت كأن صاحبه يحذر هو الآخر شيئاً.

 

"وكانت مفاجأة، وكانت يد السماء، وكان قدر الله، وكانت صفحة جديدة من صفحات التاريخ المضيئة، صفحة البطل المسام القائد سعد بن أبي وقاص".

 

وقف سعد حابساً أنفاسه، موجهاً كل إحساسه ومداركه نحو الصوت الذي يخرج من داخل المنزل!!

 

وجاءه الصوت يرتل في خشوع وخضوع قول الله تعالى في كتابه: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 8 – 10].

 

وأخذ القارئ في قراءته حتى وصل إلى قول الله: ﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ﴾ [المزمل: 17].

 

وكان لهذه الآية موقعها من نفس سعد، فرددها في نفسه، وأخذ يكرر ما ردده، وكأنه قد وجد فيها صورة من هول يوم القيامة وشدائده، فارتعدت فرائصه، وحمّ بدنه، فانصرف من مكانه مذهولاً متخاذلاً، وهو يردد في نفسه: ﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ﴾ [المزمل: 17]!!

 

قام سعد ليلته وهو يتعجل بزوغ الشمس وخروجها من مكمنها، وما إن بزغت الشمس حتى أسرع سعد إلى أبي بكر الصديق، وجلس معه في مجلس من مجالس النور والإيمان، سعد يسأل والصديق يجيب، سعد ينصت والصديق يقرأ القرآن، حتى بدا على وجه سعد الارتياح والإيمان، فانتهز أبو بكر الفرصة وعرض عليه الإسلام.

 

غير أن أثراً من آثار الجاهلية كان يتشبث به، وخوفا من أمه كان يلاحقه، وعدة أسئلة عن نتائج إسلامه كانت تبادر إلى ذهنه.

 

ولاحظ أبو بكر عليه ذلك، فحاول جهده أن يجد في آيات الله القليلة التي نزلت ما يطمئن خاطره، ويشرح صدر سعد إلى الإسلام... ووجد أبو بكر آية كانت فصل الخطاب وبيت القصيد هي ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]، ويستخلص منها معان، هي العدالة بعينها، هي القانون الصارم الذي لا يأخذ بُرآء بجريمة مذنب، ولا يعفو عن مذنب في سبيل بُرآء، وألا أحد يغني عن صاحبه يوم يسأل المؤمنون المجرمين قائلين لهم: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ [المدثر: 42]... يوم لا تنفع أم ولا يغني أب...

 

وظل أبو بكر يستخلص المعاني السامية ويشرحها لسعد بأسلوبه الشائق.

 

فما قام سعد من مجلسه إلا وهو سابع سبعة آمنوا بنبوة محمد بن عبد الله وشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

 

وسار خبر إسلام سعد في قريش مسرى النار في الهشيم، ووصل إلى أمه - وقد كانت مشركة متعصبة - وكان سعداً باراً بها، وقد حاولت معه بعد أن علمت بإسلامه كل ما تستطيع من دموع وتوسلات، في سبيل أن يرجع عن الإسلام، لولا أن الإسلام دين لا يعرف الميل عن الحق في سبيل العواطف أو التوسلات، هو إذا استقر في قلب عبد وتمكن منه فمحال أن يجد الضلال إلى قلبه سبيلا.

 

ووقف سعد أمام توسلات أمه صامتاً صامداً قوي النفس، فشهرت في وجهه سلاحاً آخر موقنة بأنه سيهيج عواطف ابنها، ويرده عن دينه، فامتنعت عن الطعام يوماً ثم يومين وأقسمت ألا تذوق طعاما ًولا شراباً أو يرجع سعد إلى دين آبائه، ووقف سعد ثانية من هذا الامتحان موقفا أشد صموداً، وصمم على ما آمن به، وجابه أمه بقولته الخالدة: "والله يا أمي لو كان لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني" فأيقنت أمه ألا نتيجة معه فأكلت وشربت.

 

ومضت شهور وأعوام على حادثة إسلام سعد هاجر الرسول فيها المدينة - وكانت بدر - وكانت أحد - التي وقف فيها سعد تجاه حمايته للرسول موقفاً بطولياً - وكان فتح مكة.. وكانت القادسية!!

♦♦♦

 

وفي القادسية كان تاريخ سعد، ولو كان سعد هذا إنساناً آخر خلق ليقود معركة كالقادسية، وهي من أقطع وأخطر معارك التاريخ - ثم يفعل فيها ما فعله سعد فيها وبعد ذلك يموت، لسجله التاريخ وكتب عنه ما لم يكتبه عن غيره من أعظم القواد والفاتحين..

 

ففي هذه الموقعة ظهرت براعة سعد في تفهم النفس الإنسانية، فقد تأكد لدية أن هيبة الفرس ما زالت يحسب حسابها عند العرب، فكان يستهتر بالفرس ويعمل على انتزاع صورتهم العالقة في صدور العرب، حتى تم له ما أراد، وزالت هيبة الفرس من نفوس العرب، فكان العربي لا يهاب منازلة أحد من الفارسيين، بل اثنين بل خمسة.

 

وبدأ سعد بعد ذلك في إرسال السرايا لمناوأة الفارسيين كي يعرف نقاط الضعف فيهم، وكانت بينه وبينهم مراسلات باءت بالفشل إلى أن قامت المعركة الخالدة.

 

أجل.. قامت المعركة الخالدة بين قوتين غير متكافئتين لا في السلام ولا في الرجال، ولا في الإيمان، فقد تفوق الفارسيون في السلاح والرجال كما تفوق المسلمون عليهم في الإيمان تفوقاً هائلاً...

 

وبدأت المعركة يومها الأول.

وتقابل الجيشان وأعملت السيوف، وكانت الأفيال قد تقدمت جيوش الفرس وعليها منهم من يضربون المسلمين بالنبال.

 

ووجه بعض فرسان المسلمين الشجعان كل جهدهم إلى هذه الفيلة ومن عليها، فكانوا يرمون من فوقها بالسهام في أعينهم ويضربونها في أقدامهم، فكانت تهوي على الأرض، فتهلك من عليها، ثم تفر مذعورة إلى الوراء فتسبب لجيش الفارسيين خسائر فادحة.

 

وانتهى اليوم الأول...

وكانت قوة المسلمين قد ازدادت عن البارحة نتيجة الإمدادات التي وصلتهم من الشام وعلى رأسهم القعقاع بن عمرو.

 

وعندما بدأت المعركة نازل القعقاع قائد الفرس الثاني بعد رستم ويدعى "بوهمن" فقتله وقتل كل من نازلوه، وكان وطيس الحرب حامياً...

 

وكان اليوم كسابقه لصالح المسلمين.

 

وانتهى اليوم الثاني...

 

فبدأت بذلك المعركة يومها الثالث.

 

وفي اليوم الثالث جهز الفرس جيشاً من الفيلة أكثر من اليوم الأول، فأمر سعد فرسانه بأن يستعملوا الحراب، وأن يضربوا بها الفيلة في أعينها، ففعلوا ما أمرهم به، فتقهقرت الفيلة وولت للمسلمين ظهرها، وانطلقت مخترقة جيوش الفرس فسبب ذلك نكبات كثيرة لجيش الفرس...

 

وقد استمات كل من الجيشين طيلة النهار، واستمر القتال طول الليل، فاندمج اليوم الثالث بالرابع، والناس لا يدرون أأصبح المساء أم أمسى المساء..!!

 

وحمل المسلمون على الفرس حملة صادقة، وكان الفرس قد ضجروا ونالهم النصب، فهجم بعض الفرسان على قلب جيش الفرس، وقتل فارس مسلم مشهور يسمى "هلال بن علقة" قائد الفرس رستم، فتخاذل الفرس، واشتد عزم المسلمين وقويت شوكتهم فلعبت السيوف في أيديهم لعبة الموت، وأطاحت برقاب ثلاثين ألفا من الفارسيين الذين قيدوا أنفسهم بالسلاسل على عادة الفرس في الحرب، واختلط حابل الفارسيين بنابلهم، فمن استطاع أن يهرب هرب، ومن مات مات، ومن عاش بين الموت والحياة أماته الحزن والكرب والحقد على هؤلاء العرب الذين كانوا من رعاياه وخدامه.

 

وانجلت المعركة بنصر المسلمين فانمحت دولة الشرك من نصف العالم، وقامت مكانها دولة أخرى عمودها الفقري: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، دولة مخططة منظمة على يد البطل العربي المسلم "سعد بن أبي وقاص".

 

وأمام باب خيمة متواضعة، تعيش كأثر من آثار المعركة وقف سعد يتلقى تهاني المهنئين، ويصافح المسلمين أفواجاً.

 

وفوق خيمته علقت راية بيضاء، كأن لسان حالها يقول:

الآن علت كلمة الله في الآفاق... الآن سجل التاريخ بأحرف من نور صفحة سعد بن أبي وقاص المشرقة في أعظم معارك الإسلام والمسلمين..

 

في القادسية...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة