• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

صور التكامل الدعوي السياسي في الهند

صور التكامل الدعوي السياسي في الهند
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 30/5/2015 ميلادي - 11/8/1436 هجري

الزيارات: 9748

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نحو القيادة والتمكين

﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران: 110]

صور التكامل الدعوي السياسي في الهند


كان من أبرز الظواهر المألوفة في تاريخ الإسلام في شبه القارة الهندية ذلك التكامل بين الدعوة والدولة، وبين رجل الحكم ورجل العلم، وتعاونهما معًا في السِّلم وفي الحرب، وعندما تقع انحرافات كان الجميع يتعاونون على إصلاحها..؛ وذلك بطبيعة الحال عندما ينجح الدعاة في استعمال وسائل الحكمة، ويصلون إلى قلوب أولي الأمر وعقولهم، وقد كان السلطان محمود الغزنوي (الفاتح الثاني للهند) على هذا النحو، وبعده بقرن مشى السلطان شهاب الدين الغوري في الطريق نفسه، وانتشرت في عهده المساجد في الهند انتشارًا كبيرًا، وبينما كان السلاطين الغزنويون (351-582هـ / 962-1186م)، ثم الغوريون (543 - 612هـ) يفتحون البلاد بوسائل الفتوحات، وكان الدعاة من أمثال الشيخ معين الدين الجيشي يفتحون العقول والقلوب بالحكمة والموعظة الحسنة، وسار المماليك (602 - 689هـ)، (1206 - 1290م) وعلى رأسهم قطب الدين صاحب منارة قطب، ثم الخلجيون (689 - 721هـ) (1290 - 1321م) وعلى رأسهم علاء الدين الخلجي، وآل تغلق (721 - 814هـ/12990 - 1411م)، واللودهيون (883 - 932هـ/1448 - 1526م) في الطريق نفسه؛ أي: طريق المزج بين الدعوة والدولة، وتبجيل الدولة لدعاة الإسلام تبجيلاً كبيرًا.

 

ولقد روي أن السلطان المملوكي شمس الدين الألتمش كان يستأذن في الدخول على الشيخ بختيار الكعكي، ثم يسلم عليه بعد دخوله؛ وكأن شمس الدين هو الملك، وقد روي أن المسجد الذي كان يقيم فيه الزاهد نظام الدين البدايواني كان عامرًا بالزوار والقُصَّاد أكثر من قصر الملك[1].

 

ومن الحكام المجاهدين الذين اعتمدوا على الدعاة والعلماء، وتكاملوا معهم تكاملاً رائعًا - الملك مظفر بن محمود، الذي ولد يوم الخميس 20 شوال سنة 875هـ في الكجرات، ونشأ نشأة عالم عابد، في أسرةٍ أكثرُ ملوكها صالحون متعبِّدون، وقرأ ما كان معروفًا من كتب العلم، فبرع في الحديث، وقد ولي مظفر المُلْكَ في رمضان سنة 1917هـ وهو في الثانية بعد الأربعين، وحكم إلى أن توفي في جمادى الأولى 932هـ، فكانت مدة سلطانه خمس عشرة سنة، مرت على الناس - مما رأوا فيها من عدله وسخائه، وحزمه وتقواه - كأنها خمسة عشر يومًا، وكان يتبع السنَّة، ويعمل بما حفِظ من الأحاديث الصحيحة في كل صغيرة وكبيرة، من أمور نفسه وأهله وأمور الرعية، ويُدني العلماء ويُحبهم ويُكرمهم، ويجتمع إليهم، ولم يكن يحسن الظن بمشايخ الطرق، ثم مال إليهم بعض الميل في أواخر أيامه، وكان يخاف الله ويخشى أن يكون قد جانب الشرع، وكان كثير الإنفاق في الخير، فسأل العلامة (خرم خان) وكانت له ثقة به، وقال له: لقد نظرت فيما أنفقه، فإذا أنا بين إفراط في صرف هذا المال، وهو مال المسلمين، وتفريط في منعه، فإذا سألني ربي عن ذلك، فبماذا أجيب؟

ومن المآثر التي نسبت إلى آل طغلق جهود الملك الصالح المصلح فيروز، كما أنه ظهر في أحمد أباد ملوك ذكَّروا الناس بالخلفاء الراشدين؛ كمظفر الدين الحليم الكجراتي.

 

ويُروى أن علاء الخلجي أكبر ملوك الهند في زمانه، استأذن الشيخ الدهلوي في أن يزوره، فلم يأذن الشيخ؛ مما يدل على المكانة الرفيعة للعلماء، ويدل على تدين الُحكام وتواضعهم أيضًا.

 

ولما مرض شيخ الدولة آبادي المفسر، وأشرف على الموت، عاده السلطان إبراهيم الشرقي، ودعا عند رأسه أن يكون هو (أي السلطان) فداءه من الموت، ويعد المصلح المجدد الشيخ أحمد بن عبدالأحد السرهندي (971 - 1034هـ) مثَلاً رائعًا في إصلاح الحكام وذوي النفوذ، وقد كان الشيخ أبو الحسن الندوي يُبدي إعجابه الشديد بالمنهج الدعوي الحكيم للشيخ السرهندي، ويقول بوضوح: "أنا تلميذ صغير لتاريخ الإصلاح والتجديد، وإن هواياتي وإن كانت متعددة ولكن تأتي في مقدمتها هوايتي في التاريخ، وخاصة تاريخ الإصلاح والتجديد، فما رأيت تجربة في القرون الأخيرة - أعني بعد القرن الثامن على الأقل - أنجح وأكثر توفيقًا من تجربة الإصلاح والتجديد التي قام بها الشيخ أحمد السرهندي في القارة الهندية"[2]، ويتساءل الشيخ الندوي قائلاً:

"كيف استطاع هذا الرجل الأعزل المجرد من كل سلاح، والمجرد من كل ثروة مادية، والمجرد من كل جيش، أن يحوِّل التيار الإلحادي في الإمبراطورية المغولية الكبرى في الشرق، وفي البلاد العربية والتركية، وذلك بتأثير الخلل الذي أحدثه الملك القوي القاهر ذو الفتوحات الواسعة، وهو جلال الدين أكبر؛ وكان هذا الإمبراطور قد نشأ في قلبه عداء للإسلام وحقد عليه، ومن الأمثلة على ذلك أنه ما كان يستطيع أحد في بلاطه أن يسمِّيَ ابنه محمدًا؛ لأنه كان يكره هذا الاسم (لعنه الله)، وهناك قيض الله -تعالى- الشيخ أحمد السرهندي لمكافحة هذا التيار؛ فجعل يراسل الملك وأهل البلاط من الوزراء الكبار، والأمراء العظام، ويثير فيهم النخوة الإسلامية والحمية الدينية، وبقِي هكذا مدة طويلة، يراسل ويكتب ويقابل؛ حتى كسب عددًا كبيرًا من الأمراء؛ فكانوا أنصاره وتلاميذه، ثم مات (جلال الدين أكبر)، وخلفه ابنه نور الدين جهانكيز، وقد عرف (جهانكيز) أن الشيخ السرهندي من طراز آخر، وأنه عالَم رباني مخلص، زاهد في الدنيا، محبٌّ للغير؛ فأحبه وأجلَّه، وبدأ يهتم برفع شعائر الإسلام وبناء المساجد في المناطق والقلاع التي كان يفتحها، وازداد احترام الإسلام والمسلمين.

 

لم يزل الشيخ السرهندي يُجري اتصالاته بالأمراء المسلمين وكبار الوزراء؛ حتى كوَّن مجموعة مؤمنة ذات حمية دينية؛ فقلب التيار، وغيَّر مجرى التاريخ، فكان جهانكيز أفضل من أبيه أكبر، وكان ابنه (شاهجهان) أفضل من أبيه جهانكيز، إلا أنه أنفق ثروة الهند في بناء القلاع والعمائر والفنون.

 

ويلخص الشيخ أسباب نجاح السرهندي فيقول:

هناك عاملان أساسيان في نجاح رجل الدعوة:

أحدهما: تملك الفكرة وسيطرتها على نفسه، والثاني: التجرد عن المطامع الدنيوية، والزهد في المناصب والملك [3].

 

وقد أكرم الله الهند الإسلامية عندما اعتلى العرشَ السلطان (أورنكزيب عالمكير) (1068 - 1119هـ/ 1658 - 1707م)، بعد أن عمَّ الخراب البلاد الإسلامية؛ فأبطل البدع، وحاسب مَن شرب الخمر ولعب الميسر، وبعث المحتسبين لمراقبة تعاملات الناس، وعمر المساجد المخربة، وأمدها بالخطباء والوعاظ، وكان أفضل بذرة أثمرتها جهود الشيخ السرهندي لنشر الإسلام ورفع ألويته، وقضى - السلطان أورنكزيب - أيامه على خير ما يقضيها مسلم تقي عابد؛ ينزل عن دابته بخشوع وخضوع، وأبعد عن بلاطه الموسيقيين والمطربين، هذا فضلاً عن تجمله بالصبر والتواضع.

 

وقد نجح أورنكزيب في القضاء على حركات الانشقاق بدرجة كبيرة، والقضاء على الزندقة التي كانت أثرًا من آثار جده المنحرف عن الإسلام الإمبراطور: جلال الدين أكبر، كما أبطل ثمانين نوعًا من الضرائب، وبنى المساجد في أقطار الهند، وأقام لها الدعاة والمعلمين، وأدنى الفقهاء والعلماء من مجلسه، وبنى لهم المدارس، وأعطاهم الأعطيات، شريطة أن يعملوا، وقام بتدوين الأحكام الشرعية وتقنينها فيما يسمى (بالفتاوى العلمكيرية)، وهي الأم لمجلة الأحكام العدلية (العثمانية).

 

وهكذا امتزج الحُكم بالفقه والعلم، وتعاون أولو الأمر وأولو الرأي، وقادة علوم الدين وقادة سياسة الدنيا.. وبهذا التكامل الذي ظهر بوضوح في التاريخ الهندي الإسلامي تقدم الإسلام؛ فدخل الناس في دين الله أفواجًا، وقدمت الهند الإسلامية صفحاتٍ رائعةً من صفحات الحضارة الإسلامية.

 

وكما يذكر سماحة الشيخ أبو الحسن الندوي - رحمه الله - فمن يقرأ سيرة (أورنكزيب عالمكير) يجد فيها نواحي علمية وعملية جمّة، ويجدها حافلة بجلائل الأعمال طيلة خمسين سنة، لم تتوقف جهوده فيها يومًا واحدًا، كما لم تتوقف فتوحاته العظيمة وإصلاحاته الكبيرة؛ فضلاً عن تقشفه وصلابته واستقامته ودقته في تعظيم أوقاته والمحافظة على الفرائض، وكان يوالي بين أداء السنن واشتغاله بالعبادات والعلم، مع إشرافه الدقيق على مملكته التي لا تدانيها في سعتها مملكةٌ أخرى في عصره، لقد كان أورنكزيب - بحق - معدوم النظير في علوِّ الهمة وقوة الإرادة بين ملوك العالم[4].



[1] د. عبدالحليم عويس: صفحات من جهود المسلمين في الحضارة الهندية، ص55 - 56.

[2] انظر: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي: حكمة الدعوة وصفة الدعاة، نشر المجمع الإسلامي العلمي، ندوة العلماء.

[3] المرجع السابق.

[4] د. عبدالحليم عويس: صفحات من جهود المسلمين في الحضارة الهندية، 52 - 56.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة