• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

تفاعل حضاري إيجابي قديم وحديث

أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 6/12/2014 ميلادي - 13/2/1436 هجري

الزيارات: 8909

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفاعل حضاري إيجابي قديم وحديث


في مواجهة الغارات والهجمات الحضارية والدينية يسقط في الفتنة كثيرون، ولكن الأقلية - التي اصطفاها الله - تواجه التحديات بثباتٍ، وتستحدث للنصر الوسائلَ والآليات المناسبة، وكان محمد فريد وجدي مِمَّن واجهوا الحضارة الأوروبية بنجاحٍ كبير، وعاش طيلة حياته (1878 - 1954م) يردُّ الغارات عن الإسلام وحضارته، ويعمل عقله في تقديم البدائل، والأخذ بأسباب التقدُّم.

 

وكان المصلح المُجدِّد (محمد فريد وجدي) - رحمه الله تعالى - متعدِّد الملكات والمواهب، وليس أدل على ذلك من توفُّره على كتابة (دائرة معارف)، ومن (تفسيره القرآن الكريم)، والقيام بهاتين المهمَّتين يتطلَّب شمولاً في الثقافة، والإحاطة بكل فرع من فروع المعرفة، على اختلافٍ - بالطبع - في هذا الشمول وتلك الإحاطة، وليس يشبه (فريد وجدي) إلا الأسلاف البواسل الذين أنجبتْهم العقيدة الإسلامية؛ من نظائر: (السيوطي)، و(الغزالي)، و(ابن حزم)، و(ابن تيمية)، و(ابن القيم)، وغيرهم مِمَّن كتبوا في كُلِّ شيء، وبرعوا في كُلِّ شيء، وليس يشبه (وجدي) حديثًا إلا الأستاذ (عباس العقاد)، ونكاد نجزم بأنها نزعة طموحية، أخذها العقاد عنه - بوعيٍ أو بلا وعي - إبَّان الفترة القصيرة التي قضاها معه مُحرِّرًا في مجلته "الدستور".

 

لقد كتب فريد في كُل شيء؛ كتب (فريد وجدي) في العلم الطبيعي، وكتابه الشهير "على أطلال المذهب المادي" آية ناصعة في ذلك، وكَتَب في الفلسفة، ومباحثه عن (الإنسان والكون) التي زخر بها كتابه "الإسلام في عصر العلم" دليل على صدق ما نقول.

 

وكتب (محمد فريد وجدي) في الأدب العام المقالةَ، والقصة، والقصيدة؛ ليناقش ما يكتب عن الإسلام والعربية، وليُعدَّ جيلاً مسلمًا مؤمنًا بدينه وتراثه وحضارته ورسالته نحو العالم!

 

وكان موقف الأستاذ (وجدي) من نشر الإسلام في العالم عن طريق ترجمة معاني القرآن إلى اللغات الأجنبية من أعظم خدماته للإسلام والمسلمين!

 

لقد كانتْ فكرة ترجمة (معاني القرآن) - التي حمل لواءها ابتداءً الشيخ (محمد مصطفى المراغي) شيخ الأزهر مند عام (1929م) - من وسائل المُخلِصين للإسلام في مقاومة الغزو الثقافي والتغريب، وقد جَرَتْ معارك طويلة سنة (1932، 1935م) ثم سنة (1936م) حول هذا الموضوع: أيجوز ترجمة المعاني أم لا؟

 

وقد دعا (محمد فريد وجدي) إلى ترجمة معاني القرآن ترجمة صحيحة؛ حتى ينجوَ من تحريف المحرِّفين والناقمين على الإسلام، وقال: "إن هذا العمل خير من أن يُترك القرآن للمترجِمين من متعصِّبة الأُمم يحرِّفونه ويشوِّهون معانيَه".

 

ويعيب (فريد وجدي) إصرارَ بعض العلماء على حبس الإسلام في دائرة العربية التي لا يحسن فهمَها غيرُ أهلها، وتجريده من الأسلحة العالمية (وهي اللغات الحية)، التي يستطيع الناس فهم حقائق الإسلام من خلالها.

 

ويقول (فريد وجدي) - للمعارِضين لترجمة معاني القرآن -: "إن وضع القيود غير المعقولة من مسألة نقله، يقضي علينا بهزيمة منكرة، تقع نتائجها علينا وعلى أبنائنا وأحفادنا قرونًا طويلة".

 

ومعنى ذلك منع القرآن من الجولان من الدورة الفكرية العالمية مع غيره من كتب الأديان وأسفار المذاهب، إن تعطُّل القرآن عن الترجمة والقيام به في معترك الأفهام إلى اليوم، قضى عليه بألاَّ يكسب أنصارًا من الأمم القريبة؛ فصار مقصورًا على الأمم الشرقية، التي رضيت أن يكون حظُّها من دينها كحظِّ الببغاء!

 

وقد أصدر (فريد وجدي) كتابًا بعنوان: "الأدلة العلمية على جواز ترجمة القرآن"، يقصد ترجمة المعنى؛ بسط فيه كُلَّ ما يمكن قوله في هذه القضية، مستشهدًا بآراء العلماء والمفكِّرين الإسلاميين، وقد أفحم بمقالاتِه - التي نشرها في مجلة الأزهر وجريدة الأهرام وغيرها - المعارِضين لترجمة المعاني القرآنية من أمثال الشيخ/ محمد سليمان، والشيخ/ محمد مصطفى الشّاطر (القاضي بمحكمة شبين الكوم الشرعية)، وكان مما قاله في هذا الصدد: "هل الورع أن يقف المسلمون جامدين مكتوفِي الأيدي أمام أمثال هذه الحركات الفكرية التي تجتاح العالم اليوم؛ ليتوهَّم العالَم كله أننا لا نملكُ سلاحًا نكافحُ به في مَيْدَان هذا الجهاد الفكري في هذا العصر الحديث؟!".

 

وفي النهاية استشهد (فريد وجدي) بأقوال بعض المفكِّرين الذين اطَّلعوا على تراجم للقرآن من مثل (جوته) من قوله: "لو كان هذا الإسلام، فنحن إذًا فيه؛ أي: إن الإسلام دين الفطرة، وكُلُّ سليم الفطرة يمكن أن يصل إلى الإسلام بسهولة"!

 

ومن مثل قول (برنارد شو) بعد أن اطَّلع على ترجمةٍ لمعاني القرآن أيضًا: "إن الديانة الإسلامية كفيلةٌ بتضميدِ جراح الإنسانية، وإن العالَم المتمدِّن قد بدأ يفهمُها على حقيقتِها، ولا أظن أنه يَمضِي عليه قرنانِ حتى يكونَ قد أسلم".

 

ثم يعلِّق (فريد وجدي) على هذه الأقوال بقوله: "ليت شعري، لو لم يكن الأوربِّيون قد اطَّلعوا على ترجماتٍ لمعاني القرآن، أكانتْ تصدر عنهم تلك التصريحات الخالدة؟".

 

إن الذين يقفون في طريق ترجمة معاني القرآن، يريدون - عن عمد أو غير عمد - جعلَ الرسالة المحمدية رسالةً محلية، وطعنها بذلك في الصميم، وإيقاف انتشارها في العالم!

 

وكان من أطيب ثمار (وجدي) في هذه السبيل أن ترجمة (معاني القرآن) أصبح رأيًا مجمعًا على جوازه - بل وجوبه - بعد أن جادل فيه محدودو الرؤية سامحهم الله، وبهذا الموقف العقلاني الرائع وأمثاله، قدَّم (وجدي) موقفًا إيجابيًّا من التفاعل الحضاري، ليس بالرفض أو التقوقع، بل بالثقة في ديننا، وما يمكن أن نقدمه للإنسانية في مضمار الحضارة الراقية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة