• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

علماء في الدنيا .. ملوك في الآخرة!

علماء في الدنيا .. ملوك في الآخرة!
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 15/11/2014 ميلادي - 22/1/1436 هجري

الزيارات: 13967

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علماء في الدنيا

ملوك في الآخرة!


في بداية سورة الواقعة يعلمنا الله - سبحانه - أنه: ﴿ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴾ [الواقعة: 1 - 3]؛ فهناك ناس مرتفعون في الدنيا ينخفضون في الآخرة، وهناك منخفضون هنا يكونون في القمة في الآخرة!

 

وقد كان الإمام الشيخ محمد الغزالي يُطلِق على بعض الصالحين الزاهدين - من أمثال الشيخ عبدالعزيز بن باز - أنهم من ملوك الآخرة!

 

ونقدِّم - في هذه السطور - بعض ومضات تتَّصل بهؤلاء الأعلام الذين يستحقُّون هذا اللقب الكريم!

 

فمن الجدير بالذكر أنه لَمَّا انتشرتْ ظاهرة الدويلات المستقلة؛ كان الحكَّام يتنافسون في تقدير العلماء وتشجيعهم، والفوز بخدمتهم، ومن هؤلاء الحكام الذين اشتهروا بتقدير العلم والعلماء: الخليفةُ العباسي (المأمون) في بغداد، و(سيف الدولة الحمداني) في حلب، و(عبدالرحمن الناصر) و(المعتمد بن عبَّاد) في الأندلس، وغيرهم كثيرون.

 

وقد كان هؤلاء الحكَّام وغيرهم، يولون العلماء أرفع المناصب في الدولة؛ لمساعدتهم على التفرغ لطلب العلم، والغنى عن الناس، وكانوا يستشيرونهم في أمور الدولة، ويأخذون برأيهم، ويصطحبونهم في معاركهم.

 

وقد كان للعلماء من المكانة والهيبة ما أرغم الحكَّام على الخضوع لهم؛ فقد حكم العالم الزاهد (العز بن عبدالسلام) على المماليكِ في مصر أن يَبِيعُوا كلَّ ما يَملِكُون من الذَّهَب قبل أن يَفرِضُوا الضرائبَ على الشعب، من أجل معركة (عين جالوت)، واستجاب المماليك لرأيه، وانتصر المسلمون في المعركة الخالدة التي أنقذت الإسلام والمسلمين جميعًا، بل والحضارة الإسلامية سنة (658هـ)، وكانتْ من هدايا مصر الخالدة للعالم الإسلامي.

 

وكانت البلاد الإسلامية الكبرى تمثِّل مراكز إشعاع للعلوم، تتنافس في احتضان العلماء، واقتناء الكتب، ومن هذه المراكز العلمية التي اشتهرت بذلك: بغداد، والبصرة، والكوفة، والقاهرة، والقيروان، وقرطبة، وإشبيلية، ودمشق، وفاس من المغرب، وبجاية بالجزائر، وغيرها من العواصم الإسلامية، فضلاً عن المدينتين المقدَّستين مكة والمدينة، ومسرى الرسول وأُولَى القبلتين القدس الشريف، أعادها الله للإسلام.

 

وقد بلغ التنافسُ العلمي الكريم بين البلاد الإسلامية أن كانتْ كل بلد تباهي الأخرى بمَن عندها من العلماء والفقهاء والنابغين؛ فكان المشرق العربي ينافس المغرب، وكانت الأندلس تنافسهما جميعًا، وقد ألَّف ابن حزم الأندلسي - فقيه الأندلس وأديبها العظيم - رسالةً ذكرَ فيها طائفة من علماء الأندلس، يقيسهم ببعض علماء المشرق وأدبائه، فيقول مثلاً: إن فلانًا عندنا نباهي به جريرًا أو الفرزدق الشاعر، وفلانًا نباهي به الإمام البخاري المحدِّث، وفلانًا نسابق به محمد بن يزيد المبرد الأديب، وهكذا وهكذا!

 

وكان الناس يجلُّون العلماء إجلالاً نابعًا من ضمائرهم الإسلامية، وعواطفهم الصادقة، التي لا يشوبها خوف أو نفع، وكثيرًا ما احتفلوا بهم أكثر من احتفالهم بملوكهم، وإذا ماتوا بكَوا عليهم أكثر من بكائهم على آبائهم وأمهاتهم، في حدود ما تسمح به الشريعة الإسلامية الغراء!

 

ومِمَّن يعدون في حضارتنا من أكبر الزاهدين والعلماء العاملين الإمام الورع (عبدالله بن المبارك) الذي كان من أثرياء عصره، ومن زهَّاد عصره، ومن مجاهدي عصره.

 

وقد رُويتْ في كرمه وجهاده صورٌ رائعة، وكان يحجُّ في ركبه على نفقته موكبه كله الذي يحج فيه، وكان يرعى بيوتًا كثيرة، وكان كثير المرابطة في سبيل الله!

 

وقد حكى المؤرِّخون أن الخليفة العباسي (هارون الرشيد) قدم يزورُ مدينة "الرقة"، وقدم في الوقت نفسه عالم خراسان (عبدالله بن المبارك)، فأسرع الناس خلف العالم (ابن المبارك) حتى ازدحمتْ بهم الطرقات، وارتفع الغبار في الجو، وتقطعت النعال، ونظرتْ زوج الخليفة من النافذة، فرأت المنظر، فقالت: "هذا والله المُلك، لا مُلك هارون الرشيد، الذي لا يجمع الناسَ إلا بالشرطة والأعوان"!

 

وما أحبَّ الناسُ عبدَالله بن المبارك هذا الحبَّ، ولا خضع المماليك للعزِّ بن عبدالسلام هذا الخضوع، إلا لأنهم رأوا علماء يسبقُ عملُهم قولَهم، وتسبق في سلوكهم مطالبُ الآخرة مطالبَ الدنيا، ويُؤثِرون ما عند الله على ما عند الناس، ولو أن أهل العلم في عصورنا صانوه لصانهم الله به، ولو عظَّموا تقوى الله لوضع الله تعظيمهم في قلوب الناس.. وقد رأينا هذا بأعيننا فيما وقع عند وفاة الشيخين الجليلين: محمد الغزالي، ومحمد متولي الشعراوي، فما زال فضل الله موصولاً: ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾ [الإسراء: 8]، ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [القصص: 60]، ورحم الله العلماء العاملين الورعين؛ ملوك الآخرة!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة