• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

أخطاء في الرصد التاريخي والتقويم

أخطاء في الرصد التاريخي والتقويم
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 5/7/2014 ميلادي - 7/9/1435 هجري

الزيارات: 8927

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخطاء في الرصد التاريخي والتقويم


كانت الأمة الإسلامية - جماعة وحكومة - شيئًا واحدًا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- والراشدين، وكانت النسبة بالتالي مختلطة؛ فالحكومة هي الأمة، والأمة مندمجة في الحكومة، يسعى بذمَّتِهم أدناهم.

 

وجاء بنو أمية فقدَّموا خيرًا كثيرًا للإسلام والمسلمين، ووسَّعوا دولة الإسلام بفتوحاتهم العظمى، ولكن بعض خلفائهم غلَّبوا (الدولة) و(أساليبها) (ومصالحها)، على حساب المجتمع و(الأمة)، ونتج من جراء تقوية (الدولة) على حساب الأمة في بعض الممارسات والأخطاء، أن تحرَّك في دولتهم الصراعُ العنصري بين القبائل العربية ليضربوا المُضَرية باليمنية، ثم اليمنية بالمُضَرية، وتسلَّط على الأمة مجموعةٌ من الجبابرة، مثل: الحجاج بن يوسف، وزياد بن أبيه، وآل المهلب، وضعفت العدالة في توزيع المال العام، ومهما كانت الأعذار التي تلتمس لهم، فقد وقعوا في أخطاء آذَتِ الضميرَ الإسلامي، وجعلت وجدان الأمة يكاد ينفصل.

 

وهذه الممارسات وغيرها لم تُقعِدِ الأمةَ عن تحمل عبء الرسالة الإلهية والفاعلية الحضارية، وساعَدَ على تقوية هذا الاتجاه أن التنظيم الاجتماعي للأمة الإسلامية كان لا يدَعُ للحكومة مجالاً كبيرًا في حياة الجماعة؛ فكل ما نسميه نحن اليوم بالمرافق والخدمات كان من مسؤوليات جمهور الناس دون الحكومة....[1].

 

وجاءت الدولة العباسية فمشت على خطى الأمويين، بل إنها فقدت بعض مؤهلات بني أمية، كما فقدت بعض الأراضي الإسلامية التي كانت تحت بني أمية أيضًا، وظهرت دول مستقلة عنها، مثل: بني رستم، والأدارسة، وبني مدرار في المغرب، وبني أمية في الأندلس، وبالتالي ازدادت الأمة ابتعادًا عنها واعتمادًا على نفسها، حتى في ميادين الجهاد التي تقاعست فيها الدولة إلا فيما يمس سيادتها المباشرة، وتألقت جماعات (المطوعة) والمرابطين على الثغور، والمحتسبين بجهادهم، وبقي أمر الدولة محصورًا فيما يثبِّت قواعدَها، وفي الحماية الخارجية لأرض الإسلام التي تقع تحت أيديها، وقد تعلَّم الناس كيف يُدِيرون أمورهم ويحلُّون مشاكلهم دون حاجة إلى عون من حكومة، خصوصًا عندما ساءت الأحوال وتدهورت خلال العصر العباسي الثاني؛ ففي العراق، ومصر، والشام - مثلاً - تحوَّل الحكم خلال القرن الرابع الهجري وما بعده إلى أداة، وظيفتها الرئيسية جباية المال؛ لسد حاجات رجال الدولة وجندهم[2].

 

وقد تطورت الأمور، فاتجهت الظروف السياسية إلى تسلُّط عناصرَ محترفةٍ من الجند على الحُكم؛ كالخراسانيين الإيرانيين، ثم الأتراك، ثم المماليك، ومع هذا التطور تخلَّى العرب عن لعبة الصراع على الحكم، واتجهوا إلى بناء الحضارة الإسلامية؛ فقدموا إنجازات طيبة للحضارة الإسلامية بعد أن أضاعوا قرونًا كاملة في المشرق والأندلس في الصراعات الدموية تحت شعار أحقيتهم في الحُكم، وارتفع شأن أصحاب الوظائف المدنية أو أرباب الأقلام - كما كانوا يسمَّون - حتى أصبحوا يناظرون الحكام والقادة والمحاربين، أو أرباب السيوف، وعن هذا الطريق وصل الأفراد من أبناء الجماهير إلى نصيب طيب من السلطان والجاه، فإلى جانب أصحاب السلطان والقادة والجنود وحكَّام النواحي - وكلهم كانوا من الأجناس التي احترفت الحربَ، واحتكرت شؤون الحُكم في العالم الإسلامي - قام "الوزير" و"الكاتب" و"كتاب ديوان الإنشاء"، و"أهل الحساب والشؤون المالية"، و"القضاة"، و"الفقهاء"، و"أهل العلم" و"الشيوخ"، وكان هؤلاء قابضين على نصيب كبير من زمام الحكم - فعلاً - وهذا النصيب هو الذي استطاعت أن تصل إليه الجماهير في مختلف بلاد الإسلام[3].

 

وبهذا عرَف أهل العلم من أبناء الشعوب الإسلامية كيف يشقون لشعوبهم طريقًا واسعة إلى القوة والجاه وسط تطاحن الأتراك والمماليك، ممن استأثروا بالحُكم في الجناح الشرقي لعالم الإسلام كله، وكان لوصول أهل العلم إلى ذلك الجاه أثرُه الطيب في تحسين الأحوال العامة في المجتمع؛ فهم الذين ظلوا يتمسكون بعقائد الإسلام وشريعته، وعلومه، ومبادئه، وأخلاقياته، وتراثه المعنوي، ويذكِّرون الناس بالمثل الإسلامي الأعلى الذي ينبغي السعيُ لإدراكه[4].

 

بل إن غير المسلمين كانوا يَجِدُون في المجتمع الإسلامي الفرصة المواتية للعمل الحضاري أكثر مما يجدون في أي مجتمع آخر في عالم العصور الوسطى.

 

• وعندما تحدث (ول ديورانت) عن العلوم عند اليهود، ذكر أن العلوم الطبيعية والفلسفة عند اليهود تكاد تنحصر كلها في بلاد الإسلام؛ وذلك أن المقيمين في البلاد النصرانية في العصور الوسطى - كما يقول ول ديورانت - كانوا بمعزل عن جيرانهم؛ ولهذا لجؤوا إلى التصوف والخرافات، وأخذوا يُمَنُّون أنفسهم بمجيء مسيح ينقذهم مما هم فيه، وتلك كلها ظروف هي أسوأ ظروف يمكن أن ينشأ فيها العلم[5].

 

أما في العالم الإسلامي، فقد وصل اليهود إلى أرقى المناصب، وكادوا يحتكرون حِرَفًا بأكملها لهم، واستفادوا من علوم المسلمين الطبيعية، وقد سيطروا على فن الطب في مصر بعد قدوم ابن ميمون إليها عام (1165م)[6].

 

لكن المشكلة أن بعض كتب التاريخ العام ظلمتْ أعلامَ حضارتنا، ولم ترصُدْ حياتهم كما رصدت حياة الحكام والعساكر، وهذا صحيح، بل هذه هي مشكلة منهج كتابة تاريخ الأمة الإسلامية حتى اليوم.

 

وحتى كتب التاريخ الحضاري، فقد صِيغت بطريقة مجملة، فلم تتتبَّع حياة صناع الحضارة بالتفصيل الكافي، وقد نجد ترجمة عالِمٍ كبير عاش سبعين سنة، وقدَّم عشرات الكتب، وخرَّج أجيالاً عالمة مجاهِدة صانعة، تَرِدُ في مساحة لا تزيد على صفحة أو صفحتين، وقد تكون المعلومات التي فيها مركزة على النواحي العادية التي يكاد يشترك فيها كل العلماء، دون أن تقدم هذه المعلومات رحلة معاناته، وخلاصة تجارِبه، وأبرز آرائه، وإطاره الفكري العام، وإضافاته العلمية والفكرية بطريقة فوق المستوى الإحصائي والببليوجرافي.

 

يضاف إلى هذا أن الكتبَ التي عالجت - بحق - تاريخنا الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، قد اتجه بعضها - على قلته - اتجاهًا متميزًا بتأثير بعض الضغوط الخارجية؛ فجاء كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني - مثلاً - تلبية لتوجيه شعوبي وعقدي ضد العرب، وضد أهل السنة، ولخدمة الحكم البويهي الشيعي الذي كان قد نجح في التسلط على الخلافة العباسية.

 

لقد كان أبو الفرج الأصفهاني (ت/ 356هـ) من أحفاد مروان بن محمد، من بني أمية، وكان يعيش تحت مظلة السيطرة البويهية على الخلافة العباسية، وخوفًا من أن يُحسَب على بني أمية، ويقال: إنه ناصبي يعادي آل البيت الذين يرفع شعارَهم بنو بويه - لجأ إلى المغالاة في حب آل البيت، وشوَّه تاريخ بني أمية بكل ما يستطيع من وسائل، وقد كتب "الأغاني" بأمر من وزير معز الدولة البويهي (إبراهيم بن عبدالله بن زيد)، الذي كان أبو الفرج من أقرب نُدَمائه الملتصقين به، وكان الناس في ذلك العهد - كما يقول ياقوت الحموي في ترجمته لأبي الفرج - يَحْذَرون لسانه، ويتَّقون هجاءه، ويصبرون في مجالسته ومعاشرته ومواكلته ومشاربته على كل صعبٍ من أمره؛ لأنه كان وسِخًا في نفسه، ثم في ثوبه ونعله (...)[7].

 

ومع ذلك، فإن مؤلفات ابن قتيبة وابن عبدربه، بالإضافة إلى كتب أبي الفرج الأصفهاني رصدت كلُّها الحياةَ الاجتماعية؛ لكن كتب أبي الفرج تمثِّل - مع قدر كبير من التحفُّظاتِ - أكثر مؤلفات رصدت الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للأمة الإسلامية في عصره، وحسْبنا أن نذكر مؤلفاته - غير "الأغاني" - لنعرفَ كيف أنه تطرَّق إلى موضوعات كثيرة غير التاريخ السياسي، فمن مؤلفاته: مقاتل الطالبيين، وكتاب: أخبار القيان، وكتاب: الإماء الشواعر، وكتاب: المماليك الشعراء، وكتاب: الأدباء الغرباء، وكتاب: أدب السماع، وكتاب: أخبار الطفيليين، وكتاب: مجموع الأخبار والآثار، وكتاب: الخمارين والخمارات، وكتاب: الفرق والمعيار في الأوغاد والأحرار، وكتاب: دعوة النجار، وكتاب: أخبار جحظة البرمكي، وكتاب: جمهرة النسب، وكتاب: نسب بني عبدشمس، وكتاب: نسب بني شيبان، وكتاب: نسب المهالبة، وكتاب: نسب بني تغلِب، وكتاب: الغلمان المغنين، وكتاب مناجيب الخصيان، عمله للوزير المهلبي في خصيين مغنِّيينِ كانا له، وله بعد تصانيف جياد، كان يصنِّفها ويُرسِلها إلى المسؤولين على بلاد المغرب من بني أمية، وكانوا يُحسِنون جائزته، لم يَعُدْ منها إلى الشرق إلا القليل[8].

 

وهناك قدر من التحيُّز الفِكْري يمكن أن يوجَّه - بدرجة ما - إلى كُتُب الجاحظ مع أنها من أفضلِ الكتب في التاريخ الاجتماعي الإسلامي.

 

وقد تكون أنقى الكتب وأوفاها في هذا المجال، كتب الرحالة والجغرافيين؛ كابن بطوطة، والبكري، وابن جبير، وابن فضلان، ومؤلفات الحسبة، وكتب الفتاوى والفقه، والكتب المتخصصة في السياسة الشرعية، والأموال، والتجارة، والمسالك، وطبائع الملك، وشؤون المعاش، وأنواع الصناعات، مثل: كتب الأطباء العلمية ومؤلفاتهم في الصيدلة، والحيل والفلك، فضلاً عن كتب التراجم والرجال والطبقات، التي تُعتبر من أكبر المناجم التي يغترف منها في حقل التاريخ الحضاري للأمة الإسلامية، ذلك التاريخ المظلوم الذي يحتاج إلى أن تتجهَ إليه الجهودُ - فردية وجماعية - من جديد؛ إبرازًا للتاريخ الحقيقي للمسلمين، وتحديدًا للمكانة الحقيقية لشريعة الإسلام في تاريخ المسلمين، وفي صياغة حياتهم، وصناعة تطورهم وحضارتهم.

 

ومع هذا الظلم الذي لحق بالتاريخ الحضاري للأمة الإسلامية، ومع أن كتب التاريخ الإسلامي بصفة عامة ركَّزت على التاريخ السياسي الذي يتصل بنسبة قليلة محددة تمثل البنية الفوقية الحاكمة، مع هذا فإن هذه الكتب لم تخلُ من تقرير لحقيقة الدور الذي قام به صنَّاعُ هذه الحضارة من علماءَ ومفكرين، وإن جاء ذلك بطريقة غير مباشرة وإجمالية، فعندما نقرأ الكتب الأساسية للتاريخ الإسلامي ابتداءً من الطبري، وحتى تاريخ الجبرتي، نرى خط العلماء موازيًا ومضاهيًا لخط الخلفاء والسلاطين وأهل الحُكم.

 

وباستثناء الحكام الصالحين الذين لم يخلُ منهم عصرٌ من العصور، ولا دولة من الدول؛ كمعاوية، وعبدالملك، والوليد، وعمر، وهشام في الدولة الأموية، وأبي جعفر، والمهدي، والرشيد، والمأمون، والمعتصم في الدولة العباسية، وباستثناء الممتازين في الأندلس، مثل: الداخل، وهشام الرضا، وعبدالرحمن الأوسط والثالث، والحكم المستنصر، والممتازين في المغرب؛ كبعض ولاة الأغالبة، وبني رستم، والأدارسة، وبني واسول، فضلاً عن معظم المرابطين وبعض الموحِّدين، وبعض ولاة بني مرين، وبني حفص، وبني زيان، وباستثناء بعض الممتازين - كذلك - وهم كثيرون في السلاجقة، ثم كبار الأتابكة الحكام والعلماء، مثل: عماد الدين زنكي، ونور الدين محمود، ثم صلاح الدين الأيوبي الكردي، ثم كبار المماليك، من أمثال: سيف الدين قطز، وركن الدين بيبرس، وسيف الدين قلاون، وابنه الناصر محمد وغيرهم، وباستثناء بعض الحكَّام العثمانيين، وعلى رأسهم: محمد الفاتح، والسلطان عبدالحميد؛ باستثناء هذه الطبقة من كبار الخلفاء والسلاطين وأهل الحكم، نجد أن معظم ما نال الشعوب الإسلامية من خير كان الفضل فيه راجعًا إلى أهل العلم، سواء من وَلِيَ منهم المناصب، ومن اكتفى بجاه العلم وقنع بركن في دار أو في مسجد، ومضى يدرِّس، ويؤلِّف، ويعلِّم الناس، ويخاطب أهل الحُكم في مصالح المسلمين، ويردُّ الأذى عنهم[9].



[1] د/ حسين مؤنس: عالم الإسلام، ص: 209.

[2] المرجع السابق، ص: 211.

[3] المرجع السابق، ص: 212.

[4] المرجع السابق، ص: 214.

[5] ول ديورانت: قصة الحضارة 14: 108، طبع مصر.

[6] المرجع السابق 14 / 109 - 110.

[7] ياقوت: معجم الأدباء، ص: 13، ص 101، (ترجمة: ياقوت)، طبع بيروت.

[8] ياقوت: معجم الأدباء، ص: 13، ص 99 - 100، (ترجمة: أبي الفرج الأصفهاني)، طبع بيروت.

[9] د/ حسين مؤنس: عالم الإسلام، ص: 214 - 215.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة