• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

التطور الفني للمآذن في الحضارة الإسلامية

التطور الفني للمآذن في الحضارة الإسلامية
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 7/9/2013 ميلادي - 2/11/1434 هجري

الزيارات: 70495

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التطور الفني للمآذن في الحضارة الإسلامية


كلمة إجمالية:

نجح المعماري المسلم باقتدار في جعل المئذنة جزءًا متناسقًا يتناغم مع مكونات المسجد ومفرداته المعمارية الأخرى، بحيث يصعب على العين أن تمسح مسجدًا دون أن تصافح مئذنته، ولعلها هي أول ما يهيمن على البصر، ومما لا شك فيه أنه استفاد من الطرز المعمارية المختلفة، وعمل على مزجها في نسق معماري إسلامي، ففي العراق وبلاد فارس أخذت المآذن - وكما يشير الدكتور يحيى وزيري في كتابه "العمارة الإسلامية والبيئة" - شكلاً أسطوانيًّا، وأحيانًا ملويًّا يدور السلم من خارج بدنها كما في مسجد سامراء، وكلما اتجهنا شرقًا إلى آسيا، تسللت سمات البيئة الآسيوية إلى عمارة المساجد كما في إندونيسيا وسنغافورة وماليزيا، وغيرها من الدول، فتغطى القباب بصلية الشكل فراغات قاعات الصلاة والمآذن.

 

أما في بلاد المغرب العربي والأندلس، فيطلق على المآذن لفظ الصوامع، ويرجع ذلك إلى أن أغلب مآذن المغرب الإسلامي ذات شكل مربع وهو يشبه أبراج الصوامع، أما في إفريقيا، فتمثل عمارة المساجد مزيجًا بين الثقافة الإسلامية والثقافات الإفريقية المحلية؛ حيث يبدو التأثر واضحًا بنمط المساجد الأولى في الجزيرة العربية؛ من حيث البساطة والزهد المعمارية، الذي لا يخلو من الدفء والحميمية، فنجد المساجد تعتمد على مادة الطين كمادة أساسية في البناء، وقد يتخذ المسجد شكلاً دائريًّا يشبه الكوخ الإفريقي البسيط، وإن كانت بعض التأثيرات الهندية تظهر في بعض المساجد في شرق إفريقيا؛ حيث استخدام القباب البصلية والأقبية.

 

أما في مصر، فلا يوجد نُسُق معمارية موحد للمئذنة، فمآذنها تشكل باقة متنوعة من الطرز المعمارية المختلفة، فتمتاز مآذن العصر المملوكي بأنها تبدأ بقاعدة مربعة يعلوها قسم مثمن، ثم قسم دائري، وتنتهي المئذنة برأس أو رأسين، وأحيانًا يعلوها مبخرة أو جوسق.

 

وقد شهد العصر العثماني تطورًا جديدًا في عمارة المآذن؛ حيث أصبحت المئذنة تتخذ شكلاً أسطوانيًّا بسيطًا كلما اتجه إلى أعلى أشبه ما يكون بالقلم الرصاص الذي ينتهي من أعلى بسن مدبب، وكأنه إشارة إلى وحدانية الله تعالى؛ (صلاح محمد أبو زيد: المآذن عمارة إسلامية تسبح في شرايين المجد، ص: 2 بتصرف).

 

بدايات ظهور المآذن:

تطورت المآذن على مرِّ الزمن في التاريخ الإسلامي بطريقة تلقائية طليقة منذ الأذان الأول في الإسلام الذي ردَّده (بلال بن رباح) من فوق موقع مرتفع هو سطح بيت مجاور، ولم يكن مصطلح المآذن موجودًا.

 

لقد اعتقد الناس أن مئذنة القصر الأموي المعروف باسم قصر "الحير الغربي"، والتي ترجع إلى أوائل القرن الثامن الميلادي/ الثاني الهجري، كانت برجًا، فأطلقوا عليها اسم "برج النصر"، كما فعل آخرون كذلك بمنارة المسجد الغزنوي في أفغانستان، فأسموها "برج مسعود".

 

على أن بعثة الحفائر الإيطالية قد أثبتت سنة (1959م) أنهما منارتان لمسجدين.

 

وتلتصق كل منهما بمسجدها تمامًا، والمناورة الوحيدة التي يجوز أن تشبه "برج النصر" هي "قطب منار" في دلهي.

 

وقد حظِيت المآذن عامة باهتمام بالغ في زخرفتها التي تنوَّعت تبعًا لتنوُّع مواد بنائها، واتَّخذت أساليب متعددة منها الآجر المصبوب في قوالب متنوعة الأنماط، جُمِلت فيما بعد بالتزجيج الأزرق أو الأسود، وقد استخدمت هذه الطريقة لأول مرة في مئذنة كلان في بخارى عام (1137م/ القرن السادس الهجري)، ثم ما لبِثت أن انتشرت في أماكن كثيرة أخرى، كما ازدانَت المآذن بالأفاريز الحجرية والقوالب التي تشتمل على تكوينات زخرفية هندسية، دقيقة الصُّنع، رفيعة الذوق مثل مئذنة الجامع الكبير في حلب.

 

وكانت المآذن مربعة الشكل في كل من سوريا والأندلس، وشمال إفريقيا، وكذا في العصور المبكرة أيضًا في العراق وإيران، ثم ما لبِثت أن أصبحت حلزونية الشكل في سامرا والفسطاط، أُسوة بما كانت عليه الزيقورة في سومر وبابل، ثم ظهر طراز أسطواني مستدق الطرف في إيران والعراق، والأناضول والإمبراطورية العثمانية، على حين آثرت مصر المملوكية التنوع المركب.

 

وفي عهد السلاجقة (النصف الثاني من القرن 13 الميلادي / السابع الهجري)، كانت ثمة مئذنتان تكتنفان بوابة مدخل مسجد قونية، فضلاً عن مدارس عدة بالأناضول؛ (د/ ثروت عكاشة: القِيم الجمالية في العمارة الإسلامية، ص: 128، بتصرف، المجالس المتخصصة، شعبة التعليم الأزهري، دار الشروق 1414هـ/ 1994م).

 

وقد ظهرت في عهد العثمانيين ثلاث وأربع مآذن، بل ست فوق المسجد الواحد في المساجد ذات الشأن، وتتكون المئذنة السورية من بدن مربع يرتفع من القاعدة إلى قرب القمة مثل "المئذنة الشمالية"، وقد انتقل هذا الطراز السوري من الشام على مصر وبلاد المغرب والأندلس، كما نشهد في مئذنة سيدي عقبة بالقيروان التي شيدها والي إفريقيا؛ استجابة لأمر الخليفة هشام (724 - 743/ القرن الثاني الهجري).

 

وكان عبدالرحمن الداخل مؤسس دولة الإسلام بالأندلس سنة (138هـ)، هو أول من شيَّد طراز المآذن السورية في مساجد إسبانيا، ومع أن الأذان كان متبعًا في عهد رسول الله - عليه الصلاة والسلام - إلا أن المآذن التي تعرفها اليوم كانت ما تزال في طي الغيب، فظل الناقوس يستخدم في جامع عمرو بالفسطاط للإعلان عن صلاة الفجر حتى عام (673م)، حين أمر الخليفة معاوية واليه على مصر بتوسيع الجامع وتشييد صوامع للأذان، فشيَّد الوالي أربع صوامع على أركان الجامع، كانت هي الصورة الأولى التي انبثقت منها مئذنة المستقبل، محاكيًا مآذن الجامع الأموي بدمشق مركز الخلافة الذي ضمن أربعة أبراج مربعة الشكل محدودة الارتفاع على أركان المسجد الأربعة؛ (ثروت عكاشة: المرجع السابق، ص: 130، بتصرف).

 

وحفِظ لنا الزمن مئذنتي جامع الحاكم بأمر الله الفاطمي، وإن اختلفتا عما كانتا عليه في مبدأ الأمر بما أدخله بيبرس الجاشنكير من إصلاحات في أعقاب الزلزال الذي دمَّر قمتي المئذنتين عام 1303م.

 

والمئذنة الملحة بضريح أبي الغضنفر (1157م) هي النموذج الوحيد للمآذن الفاطمية الباقي من القرن الثاني عشر، وتعدُّ الحلقة الأخيرة في تطور مآذن هذا العصر.

 

ومن عصر الدولة الأيوبية لنا مئذنتان: إحداهما حفظ لنا الزمن منها قاعدتها المربعة هي مئذنة فاطمة خاتون، والأخرى سليمة كاملة هي مئذنة مدرسة الصالح نجم الدين أيوب (1343م/ القرن الثامن الهجري)، وقد نهجتا نهج المآذن الفاطمية، مع إضافة بعض الابتكارات؛ مثل: تكثيف المقرنصات الزخرفية، وتطوير شكل المبخرة؛ (ثروت عكاشة: القيم الجمالية في العمارة الإسلامية، ص: 131، 132، بتصرف).

 

وفي فترة من الفترات لحق بطراز المئذنة المصرية تطور جديد حين أخذ ارتفاع البدن المربع الطويل في التضاؤل، وغدا الطابق المثمن هو الجزء الظاهر من المئذنة، وتتميز الكثير من المآذن المصرية بوجود الشرفة في منتصف الطابق المثمن بعد أن كانت نقطة التقاء تصل الطابق المثمن بالقاعدة المربعة، واختلفت المبخرة أو الخوذة المضلعة؛ ليحل محلها الجوسق القائم على الأعمدة، تتوجه قبة بصلية صغيرة مدببة الطرف.

 

ومضى طراز المئذنة المصرية على هذا المنوال خلال دولة المماليك الجراكسة حتى مستهل العصر التركي، متنوعة أشكالها، متعددة زخارفها، مزدوجة قِممها، كما هي الحال في مئذنة قايتباي الرمَّاح (أمر آخور) (1502م)، بل تبلغ هذه القِمم أربعًا في مئذنة مدرسة السلطان قنصوى الغوري.

 

ومنذ الفتح العثماني لمصر (1517م)، أخذ العثمانيون يفرضون الأسلوب التركي على عمائرهم بمصر، فتطاولت المآذن ارتفاعًا محاكية الطراز العثماني، وشاع البدن المتعدد الضلوع حتى كاد يبدو أسطوانيًّا، تتوجه قمة مخروطية مدببة، والتفت ببدن المئذنة الرشيق شرفتان أو ثلاث خفيفة البروز؛ (ثروت عكاشة:القيم الجمالية في العمارة الإسلامية، ص: 134: 136، بتصرف).

 

وقد أُقيم في القاهرة جامع (الحاكم بأمر الله) فيما بين عامي (990 و1013)، وكان بناؤه الأصلي يقع خارج أسوارها، ثم أدخله بدر الجمالي ضمن حدودها بعد أن شيَّد سورها الشمالي عام (1082م).

 

ويشبه هذا المسجد في تخطيطه العام جامع (ابن طولون)، فعقوده سامقة على نحو صارخ؛ نحو: سمائنا الزرقاء، وأعمدته لا تزال قائمة في قوة وثبات، وإن نالها بعض التشويه والتخريب، لكأنها قافلة توقفت بين حطام منزل أَنهكت قواه معركة قاسية بين الظلال وضياء الشمس الحارقة، ويتألف الجامع من صحن مكشوف تحيط به أربعة أروقة مسقوفة، ويشتمل رواق القبلة على خمسة صفوف من العقود، مستندة إلى بدنات مستطيلة الطقاع، استدارت أركانها على هيئة أعمدة ملتصقة، على حين يشتمل كل من الرواقين الجانبيين على ثلاث صفوف، ولا يشتمل الرواق الرابع المواجه أرواق القبة، إلا على صفين فقط، وهناك مجاز مرتفع يتوسط رواق القبلة، وينتهي بقبة فوق المحراب.

 

ويتميز هذا الجامع بمدخله الفخم المبني بالحجر في محور البناء، وما يشتمل عليه؛ سواء في وجهتيه، أو في جوانبه من زخارف غنية بالعناصر الفنية، كما يتميز بالقبة التي تعلو المحراب، والقبتان المفقودتان فوق كل ركن من أركان حائط القبلة؛ (ثروت عكاشة: المرجع السابق، ص: 189، بتصرف).

 

وأهم الزخارف الموجودة تتركز في المئذنة الشمالية في المسجد، ففيها الكتابات الكوفية المزهرة التي تمتد في إزارات وجامات، أو تدور حول إطارات النوافذ، واكتست مسطحات الجدران الخارجية للمئذنة الجنوبية - وخاصة حول طابقها الأول - بإزار بديع بارتفاع متر تقريبًا عليه كتابة كوفية، واختفت الزخارف الداخلية للمئذنتين خلف البدنين.

 

وعلى طرفي الواجهة الغربية شمالاً وجنوبًا أُقيم برجان يتكون كل منهما من مكعبين أجوفين، يعلو أحدهما الآخر، أُنشئ السفلي منذ أقيم الجامع، والعلوي أضافه (بيبرس الجاشنكير).

 

ويوحي الجزء العلوي من المئذنة في عمومه بنبتة الصبار، وتقوم داخل البرج الجنوبي مئذنة أخرى تبدأ مربعة وتنتهي إلى مثمن، وكلا المئذنتين شيدتا من الحجر، ولا نرى من المئذنتين سوى الجزء العلوي المجدد، كما تتحلى المئذنتان والمدخل الرئيسي بزخارف وكتابات محفورة في الحجر، ويزين جدار البرج الشمالي من الخارج طراز بالخط الثلث لآية الكرسي، وتعدُّ المئذنتان أقدم المآذن الباقية على حالها في العمارة الإسلامية بمصر.

 

وقد أُقيم في القاهرة مسجد الجيوشي بين سنتي (1085 و1090م) على حافَة جبل المقطم شرقي القاهرة، واتخذ قبرًا لبدر الجمالي أمير الجيوشي، وهو أول مسجد في مصر يُتخذ ضريحًا؛ (ثروت عكاشة؛ القيم الجمالية في العمارة الإسلامية، ص: 192: 193، بتصرف).

 

وفي عام (50هـ) خط عقبة بن نافع مسجد القيروان بتونس، وحدد مكان القبة منه، وشيَّد محرابه الذي ظل موضع التقديس والتبجيل، حتى إنه عندما أعاد (زياد الله) بناء المسجد من جديد عام (836م)، وانبرى لهدم القديم، تصدى له من يزحزحه عن رأيه.

 

وقد تميز مسجد الجيوشي بالمئذنة الفخمة المربعة ذات الثلاثة طوابق التي يتَّسم أدناها المربع المسقط بالبساطة المقرونة بالقوة، ويستدق كلما ارتفع مجتذبًا أنظارنا إلى أعلى في انحدار لطيف؛ حيث يقل ارتفاع الطابقين العلويين بالنسبة للطابق الأدنى، كما يصغر حجم الطابق العلوي عن الطابق الثاني، وقد اشتق تصميم هذه المئذنة من أبراج الكنائس المسيحية في الشام، وكان للجامع في الأصل مدخلان، تم إلغاؤهما واستبدالهما بعدة مداخل في أماكن مختلفة دون مراعاة للتماثل والتراصف، يقع كل منها بين دعامتين يعلوهما قبو يضفي على المدخل شكل الكنة (سقيفة المدخل)، ولا تؤدي هذه الدعائم وظيفة الأكتاف السائدة للبناء؛ لعدم احتياج جدران المسجد إلى ركائز، ودليل ذلك أنها شيدت في أماكن بعدية عن نقط امتداد العقود ومراكز اندفاعها؛ (ثروت عكاشة: القيم الجمالية في العمارة الإسلامية، ص: 280: 281، بتصرف).

 

وقد جاءت المآذن العثمانية لتُعيد صلة هذا الكون بالسماء، الأمر الذي يذكِّرنا بالرواية المنقولة عن الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام - حين سأله أعرابي: "ما هي الحياة، وما هو الأمل يا رسول الله؟" فما كان من الرسول إلا أن رسم بعصاه دائرة على الأرض قائلاً: ((هذه هي الحياة))، ثم رسم خطًّا مستقيمًا من داخل الدائرة، قاطعًا محيطها إلى خارجها وأردف قائلاً: ((وهذا هو الأمل))، ولقد غدت المنارات المتميزة بالطول الشاهق والنحافة الشديدة تتخللها شرفتان أو ثلاث، والتي بدأ ظهورها في مستهل القرن الخامس عشر بمسجد المرادية بأدرنة من أهم معالم العمارة العثمانية، حتى غدت تقليدًا تتميز به ينبغي الالتزام به؛ (ثروت عكاشة: المرجع السابق، ص:339، بتصرف).

 

وعنصر التوازن هذا يتجلى في التفاصيل كما يتجلى في المجموع.

 

وأنت إذا نظرت إلى مئذنة مصرية تبيَّنت ذلك للوهلة الأولى، فهذه المئذنة تعتبر أجمل وأرشق مآذن المساجد، فهي متوازنة في قطر دائرتها وارتفاعها، وعدد شرفات الأذان فيها، والشرفات نفسها موضوعة على مسافات محسوبة بحساب دقيق، ولا شك أن المئذنة المصرية - مثلها في ذلك مثل المسلة المصرية القديمة - تعتبر من أجمل وأرشق الأشكال المعمارية التي ابتكرها الإنسان، وكما غزت هيئة المسلة المصرية عالم المعمار في الدنيا كلها، فكذلك المئذنة المصرية انتقلت من مصر إلى بلاد إسلامية كثيرة، ووصلت إلى أقصى جنوب السودان، وإلى أمريكا اللاتينية.

 

وإذا أذِن لي القارئ أشرت إلى الأذان المصري، وما يمتاز به من لحن جميل طويل النفس، يحتفظ في نفس الوقت بوقار الدين وجلال الدعوة إلى الصلاة، فهذا الأذان يعادل - في عالم النغم - جمال المئذنة المصرية في عالم المعمار، وإذا كان الأذان المصري ترجمة موسيقية للجمال المعماري في المئذنة، فإن قراءة القرآن التي نسمعها من كبار المقرئين اليوم، إنما هي أيضًا صورة موسيقية صوتية لتوازن المسجد المصري كله، كلاهما عمل فني يمتاز بالرصانة والاتزان والتناسق، مع الحلاوة دون أن يمسَّ ذلك وقار التَّقِي وصفاء الإيمان، وهذه كلها مظاهر لتقليد فني واحد نشأ على ضفاف النيل من آلاف السنين، واحتفظ بشخصيته وخصائصه على مر العصور؛ (حسين مؤنس: المساجد، ص:215، 216، بتصرف).

 

بُني مسجد الحاكم بأمر الله ما بين سنتي (997/ 1021م/ القرن الرابع الهجري)، وهذا المسجد الذي يعتبر علَمًا بارزًا في تاريخ العمارة الإسلامية.

 

وفي مسجد الحاكم بأمر الله بنيت المئذنة، وكان نصفها الأعلى قد سقط إثر زلزال، فصنعوا لها هذا العِوَض على شكل قبة، فبدت مئذنة قبة هذا الطراز من المآذن المجبورة، كثير في القاهرة داخل جامع الحاكم، يملأ النفس رهبة بمظهر الخراب الذي يسوده ودعاماته الضخمة المبنية بالآجر لتحمل العقود، تدل على أن المعماري لم يجرؤ بعد - في مصر - على رفع السقف كله على عقود تقوم على دعائم.

 

• وفي العصر السلجوقي ظهرت المآذن بكثرة، وغالبها مستدير، ومنها ما هو مضلع ذو ستة، أو ثمانية أضلاع، وأحيانًا يتفنن المعماري في التضليع، ولا يكون للمئذنة في معظم الأحيان إلا شرفة أذان واحدة في نهايتها.

 

أما القباب، فغالبها مرفوع على رقاب عالية، وهي ذات عقود مدببة، وكل المآذن والقباب قد تكون من الحجر المنقوش بالزخارف، أو من الآجر الزخرفي من ألوان متعددة، وقد تُزيَّن أو تُغطَّى تمامًا بالخزف أو بمربعات القاشاني، أو فسيفساء الخزف؛ (حسين مؤنس: المساجد، ص:218، 233، 234، بتصرف).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الشكر
اية - الجزائر 16-02-2015 09:44 AM

الموضوع رائع جدا شكرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة