• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

تاريخنا الإسلامي والطبيعة البشرية

أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 3/8/2013 ميلادي - 26/9/1434 هجري

الزيارات: 11569

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تاريخنا الإسلامي والطبيعة البشرية


في كل التجارب التاريخية ثمة رصيدٌ ثابت للطبيعة الإنسانية في مستوياتها التعبيرية المختلفة.

 

إن الإنسان - وهو في إنسانيته - ليس نسقًا واحدًا مطردًا بطريقة آلية، بل هو مزيج مركَّب من العناصر والتناقضات، التي تجعله يعيش - إلى حد كبير - قدرًا كبيرًا من التوتر والصراع داخله بين القوى المختلفة، كما أنه - بهذا الكيان المركب - يواجه الحياة الخارجية، التي تخضع - هي أيضًا - لنمطية متدافعة بين قوى الخير وقوى الشر.

 

فثمة توتر في داخل الإنسان، وثمة تدافع بين الإنسان ونوعية الحضارة التي يبدعها الإنسان.

 

ومن البدهيات أن هذا التوترَ - في الداخل أو مع الخارج - هو نفسه الطريق لإبداع الحضارة؛ إذ السكون المطلق هو الطريقُ الطبيعي للجمود والموت.

 

وكل ما تصنعه المبادئ الرفيعة في رحلة التاريخ - وعلى رأسها الإسلام - أنها تجعل الإيقاعات المتنافرة متناغمةً، وأنها تَحُول دون أن تقضي الشوائب والسلبيات على نهر الحياة الإنسانية، فيبقى الشر - وبخاصة في مراحل الازدهار - محصورًا في جوانبَ قليلة، وفي دائرة الشذوذ، بينما يمتد الخير إلى معظم المساحة الإنسانية، ويمثل - بالتالي - قاعدة الحياة الإنسانية.

 

إن المجتمع الذي لا أخطاء فيه ليس إنسانيًّا، مثل هذا المجتمع لا يوجد - ولا يمكن أن يوجد - في التاريخ البشري، والفترة التي وجد فيها الأنبياء - عليهم السلام - ولا سيما في لحظات انتصارهم، وسيطرة مبادئهم - هي أعلى المراحل التي يمكن أن تصل إليها البشرية.

 

إنها المثال الذي تضعه العناية الإلهية في "نموذج تاريخي" واقعي؛ لكي تبقى البشرية متفائلة مقاومةً للشر، ساعية إلى الوصول إلى أقرب نقطة ممكنة من هذا المثال الحي الواقعي.

 

وليس في طريق الطبيعة الإنسانية أن يَقْوَى الناس جميعًا - أو أكثرهم - على الوقوف في القمة، والتشبث بمواقع البطولة والمثال.

 

إن سحرة فرعون الذين قالوا عندما تألقت الحقيقةُ في ضمائرهم: ﴿ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 121].


وفاجؤوا فرعون بإعلانهم: ﴿ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ ﴾ [الأعراف: 125]، غير عابئين بتهديده الرهيب: ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الأعراف: 123، 124].


إن هؤلاء السحرة قد ارتفعوا في لحظة من التاريخ إلى أعلى ما تستطيع الطبيعة البشرية أن تصلَ إليه، وليس لنا أن نتوقع أن يكونَ كلُّ الناس مؤهلين لهذا الارتفاع، ولا لهذا القدر من التضحية الرائعة، ومن التفاني في الحق المتألق.


كما أنه ليس مطلوبًا من كل الناس أن يكونوا في مستوى أبي بكر الصدِّيق، الذي يتبرع بكل ماله، إن أبا بكر مجرد (نموذج للمثال)، أما المستوى المتناغم مع الطبيعة البشرية، فهو المستوى الذي حدده الرسول - عليه الصلاة والسلام - عندما منع "سعد بن أبي وقاص" من أن يتصدق بكل ماله، بل رضي له ما هو أقل من ذلك؛ حتى يذَرَ ورثتَه أغنياء لا يتكففون الناس، وحسبه أن يهب ثلث ماله، بل إن الثلث كثير!


ونموذج الأنصار الذين منحهم القرآن أرفع درجة في التاريخ - الإيثار بالمال والأرض - هو أيضًا مجرد نموذج للمثال، الذي يقدم أروع صورة تستطيع البشرية أن تقترب منها، وليس شرطًا أن تكون من مستواها، فيصبح كل مسلم قادرًا أن يقول لكل مسلم: انظر أي مالي أطيب فخُذْه، أو انظر أي زوجتَيَّ شئتَ فأطلقها لتتزوجها!


إن هذا المستوى ليس هو المستوى العاديَّ للطبيعة البشرية، إنه الومضات الإنسانية التي تمثِّل أعلى ما يمكن أن يصلَ إليه البشر، إنه مستوى القمة والمثال.


وليس من الموضوعية أن يُحاكَم التاريخ البشري بأقوى وأكبر مما تطيقه الطبيعة البشرية، وحتى القوانين الوضعية ترفض هذا المقياس، لكن بعضها - مع الأسف - تتدنى فتهبط خضوعًا للضعف البشري إلى مستوى تقنين هذا الضعف، وجعله في نطاق الجائز، بدلاً من أن يدعم جانب مقاومته؛ لتصعد به إلى المستوى المنسجم مع الطبيعة البشرية، تلك الطبيعة التي لا يجوز لها أن تستسلمَ لصُوَر الضعف، وتقبل تحويلها من دائرة الشذوذ إلى دائرة القاعدة، ومن جانب الخطأ إلى جانب الصواب!

 

وأحرى بمنهج دراسة التاريخ وتفسيره أن يلتزمَ هذه العدالة في التقويم، وأن يضعَ في وعيه التصور الموضوعي للإنسان كله، بكل قوته وضعفه، وبكل العناصر التي ركِّب منها.

 

إن محاولة رفع بعض عصور التاريخ في درجةٍ فوق مستوى البشر وطاقة البشر؛ بهدف التدرج من هذا الارتفاع إلى محاسبتها بميزان غير بشري، ومطالبتها بأن تكون متجردة من كل النوازع البشرية، ومن كل ما يجوز على البشر - إنما هي مؤامرة لتشويه هذه العصور، والعَلْمانيون يستثمرون هذه المؤامرة بهدفٍ مسبق، هو تشويه تاريخنا الإسلامي، ورجاله العظماء، ودوله العظيمة.

 

إننا نوافق بالطبع - بل نحن نؤمن - بضرورة أن تكون بعضُ عصور التاريخ، وأن يكون بعض صنَّاع الحضارات العظمى - بعيدين عن التدني إلى المستوى العادي في الأخطاء، وبأن يكون لهذا المستوى الرفيع تعبيرُه الخاص عن بشريته بما ينسجم مع القمة التي يمثِّلها، ونحن نستطيع في ضوء هذا الوعيِ تحليلَ بعض التصرفات التي تعزى إلى هؤلاء تحليلاً مناسبًا لمكانتهم، لكنَّ تجريدَهم من المستوى البشري - بإيجابياته وسلبياته، واجتهاداته العقلية والسلوكية الصحيحة والخاطئة أو المَعِيبة - ووقوعَه تحت ضغوط أو ردود أفعال ومؤامرات - إنما هو أسلوب غير موضوعي وغير صحيح!

 

ولقد سقط كثيرون - سقوطًا منهجيًّا في الأساس - عندما تعاملوا مع تاريخنا غير مسلَّحين بهذه الرؤية التاريخية الإنسانية الموضوعية، وسواء كان الأمر عن حسن نية، أو سوء قصد، فقد انتهى كثير من هؤلاء - نتيجة فساد منهجهم - إلى تجريح بعض الصحابة، وإلى تضخيم صور الخلافات بينهم، وإلى القول في نهاية الأمر بأن شريعة الإسلام لم تطبَّقْ إلا في حِقبة من الزمان، تنتهي بنهاية عصر الراشدين (41هـ)، أما العصور التالية، والتي تبدأ بالدولة الأموية (41 - 132هـ) وتستمر حتى اليوم، فهي عصور (عَلْمانية) غابت عنها الشريعة، وحكمتها معادلات سياسية مصلحية، وأوضاع اجتماعية واقتصادية بشرية لا صلة لها بتعاليم الإسلام، وهذا قول بالغُ الفساد، عظيم الظلم، لا ينتمي إلى تاريخنا بصلة.

 

وفي الصفحات التالية نعرض للتاريخ الإسلامي بعد الراشدين، والتحليل النقدي له.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة