• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / قالوا عنه


علامة باركود

الشيخ الدكتور: عبد الحليم عويس.. غيض من فيض

الدكتور يونس ملال


تاريخ الإضافة: 12/12/2012 ميلادي - 28/1/1434 هجري

الزيارات: 10001

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشيخ الدكتور عبد الحليم عويس

غيض من فيض

 

خلق الله الجبال أعمدة ثابتة تحفظ توازن الأرض، وجعلها رواسي شامخات.. والكون مذ خلقه الله تعالى مرت عليه أطوار شتى غيرت ملامحه بعنف أو ببطء.. فكأن الدنيا غير الدنيا، والكون غير الكون.. عصر للجليد وآخر للحرارة.. قرى قائمة وأخرى حصيد.. وكأن تيار الزمن الجارف سيل عرم أو طوفان كاسح لا يبقي ولا يذر، ومع كل ذلك تبقى الجبال الراسيات شاهدة على جغرافية الكون وعظمة خالقه.. إنها معالم ثابتة للهداية والشموخ.. كذلك الناس فإنهم معادن كمعادن الذهب والفضة -كما قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام- منهم المعادن الرخيصة المتساقطة على الطريق، ومنهم الراسون الثابتون الذين لا تزيدهم الأيام إلا بريقا ولمعانا، وقوة وصلابة وثباتا وإيمانا وعزما وإصرارا.. بل ونضارة وشبابا.. ذلك لأنهم من معادن نفيسة..

 

والمفكر الإسلامي الشهير الدكتور عبد الحليم عويس هو من هذا المعدن النفيس ﴿ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا ﴾ [يوسف: 81].. فلقد عرفته وعشت معه في القاهرة أكثر من سنة، فكنت بحق سعيد الحظ بهذه المعرفة وجدت الرجل جبلا شامخا، وعلما كبيرا من أعلام الهداية وأنا أعرف أن الشيخ عبد الحليم لا يحب الشكر والإطراء، ولا أنا ممن يحسنون ذلك وإن أردت، والشيخ غني عن هذا كله.. غير أني في هذه المقالة رأيت من واجب الإيفاء بحق الدكتور والأمة علي أن أدلي بشهادة حية، أسلط فيها الضوء على جوانب من حياته قد لا يعرفها كثير من الجزائريين وإن عرفها بعضهم، لاسيما والمثقفون الجزائريون يحبون الدكتور عبد الحليم عويس ويقدرونه كثيرا، وليس هذا الحب والتقدير آتيين من فراغ فهو أهل لذلك بجدارة، فقد عاش في الجزائر مدرسا في منطقة آفلو فأحب الجزائر وأحبته، كما أنه أول تلامذة شيخ الصحوة الإسلامية الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله رحمة واسعة- الذي كان له الدور الأكبر في بعث الجزائر العربية المسلمة بعثتها الثانية بعد إمام النهضة عبد الحميد بن باديس -رحمه الله تعالى.

 

والدكتور عبد الحليم عالم جليل ورجل صالح، ما يزال عطاؤه في العلم سخيا مع أنه في سن قريب من السبعين، فما لانت له في الحق عريكة ولا داهن حاكما ولا أجاز باطلا.. رزقه الله ولدين و قد وصلا بدورهما إلى مراحل متقدمة في التحصيل العلمي وهما الدكتور أحمد ع. الحليم عويس وأنس ع. الحليم عويس، وابنة سماها تيمنا بأول شهيدة في الإسلام (سمية)، وبعد وفاة زوجته الأولى وأم أولاده -رحمها الله- تزوج ثانية من امرأة صالحة هي الحاجة (نشوة) وهما يعيشان على تمام المودة والوفاق والسكينة كأحسن ما يكون البيت المسلم السعيد..

 

ما يشدك حقيقة إلى الرجل أنه لا يضيع وقتا ولا يهدر مالا.. فوقته لله.. وماله لله..

 

فأما الوقت فهو يشتغل في اليوم أكثر من 14 ساعة ولا ينام إلا للضرورة القصوى، وبإلحاح من الأطباء خوفا على صحته، فهو يعاني من أمراض عديدة منها الإسهال والكبد و انخفاض الضغط و غيرها.. وما يضره ذلك، فإن آلمه كان سببها الإجهاد في سبيل الله.. ذكرتني حاله بحال الإمام ابن باديس الذي كان يضع رجليه في النافذة من غير غطاء ليستيقظ على لفحات هواء الصقيع البارد الذي تحمله نسمات ما قبل الفجر في مدينة قسنطينة..

 

ويكاد لا يمر على الشيخ عبد الحليم عام حتى يخرج للأمة كتابا أو كتابين وقد اقتربت مؤلفاته من الثمانين في مجالات الثقافة الإسلامية المختلفة، في الشرعيات والتاريخ والفكر والحضارة، وكتب الدكتور عبد الحليم كلها تحمل روح الإصلاح والنضال والتغيير، فهو لا يؤمن بالعلم كلمات تلاك باللسن بل يؤمن به واقعا يتجسد.. إن الشيخ مثل في الإخلاص والنشاط يجدر بالمسلمين الاقتداء به، فهو شاب رغم تقدمه في السن وما ألم به من ألم المرض وهو يكره أن يذكر له تقدمه في السن لا خوفا من أجل الله الذي لا يتقدم ولا يتأخر ولا يرد.. بل خوفا على أمة الإسلام وشعورا بالتقصير تجاهها وحبا في العمل لها أكثر فأكثر فالشيخ يعيش لأمته ولا يعيش لنفسه.

 

أذكر في أول لقاء لي معه في بيته، كنت أشرح له بعض جوانب أراها جديدة في رسالتي للدكتوراه التي كان يشرف علي فيها خارج الوطن، فسمع ما قلته بشيء من الاهتمام ثم قال: "أكتب يا بني وأتني بالمكتوب لأصححه فأنا لا أومن بالكلام.. والآن كل" وكان قد عزمني على طبق من المعكرونة اللذيذة المطبوخة على الطريقة المصرية.. كانت تلك العبارة التي لا تمحى من ذاكرتي قوية وبليغة "أكتب فأنا لا أؤمن بالكلام".. فهمت ساعتها ما يصيب المثقفين الجزائريين والمغاربيين عموما، فهم يحبون "الشياخة" كما يقول التلمسانيون، ويميلون إلى الثقافة الشفهية ولكن لا يكتبون.. أتذكر أننا كنا في بعض الجلسات في الأحياء الجامعية أو في قاعة الأساتذة في الجامعة نناقش بعض المسائل بعمق، لكننا نحاور بعضنا البعض ونترك تلك الأفكار على نفاستها لأمواج الأثير تعبث بها الرياح فتموت في مكانها.. إن أول عبارة سمعتها من الشيخ عبد الحليم أيقظتني "أكتب فأنا لا أومن بالكلام" وفضلا عن غزارة مؤلفاته فإن الدكتور عبد الحليم عويس خطيب بارع يشدك إليه حتى آخر كلمة يقولها، وهو ذكي سريع البديهة وله هيبة، حتى إنني كنت أختار كلماتي وأزورها في نفسي قبل أن أتلفظ بها.. والشيخ الدكتور مواظب على إدارة الندوات الشهرية لأكبر جمعية خيرية في مصر، هي الجمعية الشرعية والدكتور هو رئيس تحرير مجلتها الموسومة بـ"التبيان" وهي مجلة واسعة الانتشار عظيمة القدر يطبع منها حوالي سبعين ألف نسخة شهريا، وهي تعرض الإسلام بأسلوب عصري على المنهج الوسط بلا تفريط أو إفراط..

 

والدكتور عبد الحليم هو الأب الروحي للطلبة المهاجرين ويحب بصفة خاصة الطلبة الجزائريين، كما أن الإخوة الأتراك لا يستغنون عن استشارته وما أدراك ما التجربة التركية! إنها تجربة جديرة بالدراسة العميقة في كل الوطن العربي والإسلامي، فما أحوجنا إلى الابتعاد شيئا ما عن التركيز على ساس يسوس سياسة، لنركز اهتمامنا على الناس وعلى المجتمع المدني نولي اهتماما للفقراء والمساكين ونعين المحتاجين.. نعلم الناس من جهالة ونهديهم من ضلالة ونستميل من آتاهم الله مالا لنصرفه في الدعوة إلى الله وإعانة الناس ﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77] زادُنا في ذلك حب للناس عميق وإشفاق عليهم رقيق وهدوء شديد وصبر عمره مديد.. هذا الدرس الكبير هو ما علمني إياه الشيخ الجليل الدكتور عبد الحليم عويس، وذلك هو منهجه في الدعوة إلى الله تعالى.. ومن كان وقته يصرف في مثل هذه الأعمال فلا يخاف أن يسأله الله عن عمره فيما أفناه..!

 

وأما المال:

فالشيخ ميسور الحال، لكنه رضي لنفسه أن يعيش حياة الكفاف والعفاف وهو يكره الترف والمترفين من الناس، وماله قسمة بين المحتاجين، حتى صار بيته قبلة للمحتاجين من العالم الإسلامي خاصة منهم طلبة العلم والأساتذة والعلماء.. فما رأيت كرما ككرمه ولا جودا كجوده.. وكنت بحكم -جزائريتي- والجزائرية عندنا تعني الأنف الشامخ والأنفة الزائدة أرفض أن أقبض المال منه, لكنه كان يعرف حال المهاجرين و حاجتهم فكان يصر علي ويغلبني دائما في النهاية.. ويستقر المال في يدي، واكتريت شقة فما احتجت لشراء شيء فقد زودني من بيته بكل حاجتي.. وكان يتحايل لإكرامي فحين يخشى أن يحرجني يعطي المال لزوجتي وهو يعلم أني أنا من يصرف المال في النهاية.. فجزاه عني وعن طلبة العلم والأساتذة خير الجزاء..

 

والشيخ فوق هذا أب ودود رحيم بأبنائه وأحبائه وكل من عرفه، و لا أجانب الصواب إذا وصفته بعكس السور الذي يضرب بين أصحاب النار وأصحاب الجنة.. فهو ظاهره فيه شدة وباطنه من قبله الرحمة، وما ذاك إلا لشدته في الحق ولحرارة إيمانه، وعدم ركونه أو مداهنته للباطل..

 

وفي المحلة الكبرى -مسقط رأسه- تجد أنه هو القاضي الأول، فهو يسافر بحرص كل نهاية أسبوع يعلم أبناء القرية في جلسات قرآنية ملؤها السكينة، ثم يجلس للصلح بين الناس، وفض الخصومات واستقبال الضيوف وذوي الحاجات.. فيقوم كل نهاية أسبوع بعمل وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه أفضل من الجهاد والصلاة والصدقة.. هو إصلاح ذات البين.. فيصلح بين الناس قبل أن يصلوا إلى المحاكم.

 

وفي هذه العجالة لن أدع لقلمي العنان فما أراني بعد أهلا لأن أكتب عن شيخي ولعل الفرصة تحين مستقبلا بحول الله..

 

وما أكتب هذه الأسطر إلا لأقول لمحبي الشيخ عبد الحليم عويس في الجزائر وما أكثرهم أن من حقكم علي ومن واجبي نحوكم أن يعلموا بأني لما رفعت السماعة بالأمس (1 رمضان) لأطمئن على الدكتور حزنت ثم فرحت، حزنت حزنا عميقا يشاركني فيه كل محبي الشيخ بعد أن علمت أنه أجريت له عملية جراحية على مستوى الجهاز الهضمي.. وفرحة لأنه الآن يتماثل للشفاء والحمد لله.. فطهور إن شاء الله..

 

وقد كان بيته هذا الأسبوع قبلة للعائدين وروضة من رياض الجنة للزائرين لاسيما العلماء الأجلاء من أحبابه وأصحابه، من أعلام مصر والعالم الإسلامي وفي مقدمتهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور محمد سليم العوا -حفظهما الله- وثلة من أعلام مصر المحروسة وعلمائها.. وكيف لا وهم يعرفون قدره أكثر من غيرهم، فالحمد لله كثيرا على شفاء شيخنا عبد الحليم عويس، فشفاء مثله من الرجال شفاء للأمة جميعا..

 

وأتوجه بدعوة صادقة لكل من عرفوا الشيخ وأحبوه أن يدعوا له بالشفاء العاجل ولأبنائه بالهداية والصلاح، فإني أعرف أن لا حاجة له منهم غير هذا..

 

وليعذرني القارئ الكريم فلقد كان الدكتور عبد الحليم عويس هو وزوجه -لي ولزوجي- بمثابة الوالد وكانت الحاجة نشوة بمثابة الوالدة.. فهل يستطيع ابن في أسطر معدودة أن يفي بحق والده؟!.. ولا شك فهذا غيض من فيض و قليل من كثير وليغفر الله لنا التقصير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة