• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويسأ. د. عبدالحليم عويس شعار موقع  الأستاذ الدكتور عبدالحليم عويس
شبكة الألوكة / موقع أ. د. عبدالحليم عويس / قالوا عنه


علامة باركود

د. عبد الحليم عويس .. الفارس الذى فقدناه

د. إبراهيم أبو محمد


تاريخ الإضافة: 8/12/2012 ميلادي - 24/1/1434 هجري

الزيارات: 8802

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

د. عبد الحليم عويس .. الفارس الذى فقدناه

 

الموت قد فضح الحياة، فهو يسطو عليها في جنح الليل وفى وضح النهار ويسقط غرورها وفتنتها لدى العقلاء ومن ينظرون الى مآلات الامور ويتاملون حظوظ الناس فيها.

 

ومع كل لحظة يسقط ضحاياه بأسباب وبغير أسباب فهو ليس بحاجة إلى مرض فيمن يريده وإن كان المرض من أسبابه أيضا، ولا يفرق هذا القدر المقدور بين شيخ وشاب ولا بين ذكر وأنثى، ولا بين مطلوب أو مزهود فيه، إنه تجلِّى لقانون القهر الإلهى، ومظهر من مظاهر مساواة البشر كل البشر أمام هذا القانون.

 

جبار هو ومقتدرذلك الموت، يقتحم البروج المشيدة بجدارة، ويختطف بجسارة من كان في قائمته وقد جاء دوره ولو كان قامة ومقاما.

 

الضحايا من أبناء البشر بمآت الآلاف في كل يوم ولكن الذاكرة الإنسانية تتوقف فقط عند بعضهم. وقليلون هم أولئك الذين يرحلون عنا ويودعون دنيانا وقد تركوا بصمات غائرة في عمق النفس وفي ميادين الحياة. ممن كانوا للدنيا منارات والخير والبر علامات أولئك الرجال يحزن الكون عليهم حين تخلوا منه أماكنهم وتتوقف عن الشهيق والزفير صدورهم، وتفقد الإنسانية بفقدهم عناصر جمالها وبريقها وروعتها.

 

قليلون هم أولئك الذين ارتفعت هممهم لمعالى الخلود بمواقفهم، فطرقوا أبوابه حتى دخلوا، وبقيت كلماتهم بعد رحيلهم حية نابضة تحدد موقفا وتشكل ضغطا وتوضح فكرة وتهدى حائرا وتسوق دليلا وتؤرق مضاجع الظالمين.

 

ولقد كان فارسنا المفكر والعالم الدكتور عبد الحليم عويس واحدا من هؤلاء.

 

ولئن فاتته في وطنه جوائز التقدير - برغم عطائه العلمى الذى تجاوز عشرات المراجع - لتذهب في شكل فضائحى لمن يلوثون شرف ثقافة الأمة، فإن جهده في موازين الله لن يكون هباء، وعدالة الله تحسب في موازينه أثار الكلمة الطيبة وتداعياتها في الزمان والمكان حين تحمل بالأنفاس الطاهرة وتفيض حبا لله وذودا عن كتابه وحمية لمنهجه. ولئن كان عطاء العلماء لا يتحدد بسنوات حياتهم فقد كان فقيدنا رمزا ونموذجا لأؤلئك الذين يوزن مداد أقلامهم بدماء الشهداء يوم القيامة.

 

في احد المؤتمرات بقاهرة المعز التقيت الرجل ولم أكن قد رأيته من قبل. فاسمه في عالم المعرفة الانسانية قمر يضيء وشمس لا يخبو لها شعاع، تسبقه إليك كتاباته وكتبه ومواقفه الجليلة، ويشدك إليه إحساسك بأنك انتقلت حضاريا وإنسانيا الى الزمن الجميل، رغبتك في التعرف على كثير من جوانب العظمة في الشخصيات العظيمة تشبع بمجرد التعرف عليه والجلوس اليه والتحدث معه. لأول مرة تراه تستشعر أنك كنت تعيش معه في عالم السر المكنون، وأنه فقط قد جاء الى الوجود قبلك، ومن ثم فهو يسبقك في كل شئ حتى في الزمن يتمتع بروح تألف من يقبل عليه فتحبه ويحبك، والإحساس بالزمن يتلاشى حين تستمع إليه فتستمتع روحك ويطيرعقلك فرحا بالإضافات الجديدة الى تحصل عليها في تلك الجلسة.

 

الرجل ثري في ثقافته وثري في عقله وثري أيضاً في عطائه الحضاري المتميز.

 

على ملامحه تبدو أصالة ابن القرية، فتواضعه ممزوج بالعزة، وقوة تماسكه ممزوجة بالحنان وقدرته فائقة على تجاوز الصعاب وتحدى المتاعب مهما كانت ثقيلة.

 

قلبه كبير مثل السماء في اتساعها، وعقله يزن الوجود بميزان العالِم، فلا يحتبس في عصبية للجنس أو اللون. يحفظ للثقافات عطائها وللحضارات خصائصها فلا يجور مع الهوى ولا يحيف مع الشنآن.

 

التقيته وقدمت له نفسى ولم أكن قد شرفت بلقائه من قبل، وبمجرد ذكر أسمى شد علي يدى بقوة قائلا لى: منذ عامين قرأت لك كتابا بعنوان من قضايا التحدى في القرن الواحد والعشرين، قلت له معذرة سيدى هوبحث كتبته عن العلامة بديع الزمان سعيد النورسى وليس كتابا، فقال بلغة الجزم والعزم: قرأته كتابا وليس بحثا فتعجبت؟ وأنهيت الحديث حتى لا يدور جدل بييننا وقلت في نفسى ما هذا؟ هل الرجل أدرى بنفسى منى؟ وكأن الرجل استشعر ما يدور في ذهنى فسألنى ماذا عندك اليوم من ارتباطات؟ فقلت: لاشى فقط ساعود إلى بيتى، فاستاذن في زيارتى وحددنا الوقت وكنا في نهاية المؤتمر، وفي الموعد المحدد طرق الباب وكان بصحبته صديق من تلامذته، استقبلته مرحباً، وإذا به يخرج مجموعة من نسخ ذلك الكتاب الذي تحاورنا حوله صباح ذلك اليوم وكانت المفاجأة، أن أحد المطابع المهتمة بتراث ذلك العالم التركى العظيم سعيد النورسي قد حصلت على البحث وطبعته كتابا.

 

منذ ذلك الوقت توطدت علاقتنا وشعرت أننى قد حصلت على كنز ثقافي ومعرفى من طراز فريد وعجيب في قاهرة المعز التى يدوم ويتجدد مع الزمان عطاؤها العلمى منذ عام تقريبا وقبل أن يخط الموت خطوط النهاية في حياته، التقيته في قاهرة المعز فقبيل الثورة بأيام ذهبت بصحبة بعض الزملاء والأصدقاء لزيارته، فأقبل علينا الاق الجبين مشرق الوجه بسام المحيا، في عينيه المحدودتين تشعر بسعة الكون، ومن مفردات حديثه تشعر أنه صديق الوجود كله بأرضه وسمائه، كان شامخا ومعطاء كشجر النخيل، وكان مهموما بهموم وطنه وأمته،يحمل على عاتقه هموم فقرائه والكادحين فيه، رعايته بطلاب العلم والباحثين تفوق الحد والوصف، وكان يُسَخِّرُ كل إمكانياته المالية لطلاب العلم، يوفر لهم المسكن والمعيشة، ويدفع لهم تكاليف الحياة.

 

تذهب إلى بيته فتراهم هناك من كل الأجناس، أفارقة وأسيويون وأروربيون وكلهم يعتبرونه مسؤولا عنهم حتى في الشأن المادى.. غريب وعجيب - د. عبد الحليم عويس - ذلك الفارس الذى فقدناه، هو فرد واحد، ولكنه كان في قوة دولة بكاملها.عزاؤنا أنه قد شاهد وطنه مصر وقد تخلص من الدكتاتورية والطغاة والاستبداد قبل أن يرحل عن عالمنا ولا نملك إلا أن نحمد الله ونسترجع فنقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شئ عنده بمقدار. وهنئيئا لك أيها الفارس ذلك الجوار الأعظم وعظم الله فيك أجر العلماء وطلاب العلم وخالص العزاء لأسرتك الكريمة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • حوارات خاصة
  • تفسير القرآن ...
  • قالوا عنه
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة