هم الرجال (قصيدة في رثاء أ.د. عبد الحليم عويس)

هم الرجال

مرثية د. عبد الحليم عويس

ماذا أقول وحرفي اليوم ينتحب

والطير باك حزين ماله طرب

هل يقدر الحرف أدري حجم محنته

فالخطب لا شك قد أضناه والتعب

عز المصاب وجل الفقد فانحسرت

كل المعاني فدون العالم الخطب

سلوا دموعا لطلاب سلوا كرما

أنساهم الفقر حيث الكل مغترب

من كل فج أتوا توقا لمعرفة

فكان عونا ومأمولا له دأب

لم يأل جهدا ولم يبخل بشاردة

فالعالم القطب أستاذ لهم وأب

لم تعد عيناه عنهم رام آخرة

بشراه , ما يشتهي أمن ولا صخب

مالا رأت أعين فيها ولا سمعت

آذان من مرتجاه الحلم والطلب

للمتقين أعدت ما بها فزع

فالآمنون هم ما مسهم لهب

تبكي السماء وأرض كان يملؤها

علما , به يرتوي ذو اللب والأرب

كما الغزالي الذي كم كنت تعشقه

علما وحلما وكم أضناكما الغضب

على الجهول الذي أضنى محدثه

على الجهول فلا لوم ولا عتب

فرحت تسعى تجوب العقل متئدا

فلا مناص هنا كلا فلا هرب

فكم صبرت وكم سافرت مبتغيا

علما به يرتقي الإخوان والعرب

علم وفقه به نشتم عزتنا

ونكسر القيد ، نحن السادة النجب

فأنت من ثلة لله قد صدقوا

وللزخارف قد باعوا وما رغبوا

فمن قضى منهم أو ظل حسبهم

ما بدلوا ولنا الأمثال قد ضربوا

هم للحياة شموس هم كواكبها

وللدجى وظلام الفكر هم شهب

هم الرجال من الإخلاص قد خلقوا

أمامهم تنحني القامات والرتب

ثوب التواضع زان المخلصين بدا

تاجا من العز لا يرقى له ذهب

هم الصمود ليوم فيه نازلة

لهم رباط ، عن الميدان ما ذهبوا

كم من هموم تنوء الراسيات بها

فالظلم عاث ومنه الكون مضطرب

كيف التخلف غشى وجه أمتنا

أما لنا في العلوم السبق والنسب

سور المهانة حول الناس يقتلهم

بناه حول الصدور الخوف والرهب

بناه حقد على الأخلاق كبلها

ومهد الأرض حتى يرتع الكذب

هب الرجال بسيف الحق حسبهم

والسيف في الحق منه الزيف يرتعب

عبدالحليم هنيئا ، طاب ذكركم

بما زرعت ، فنعم النصر يقترب

شربت من نبع شرع لا هوان به

فحسبك اليوم أن الناس قد شربوا

عزاؤنا أن شهدت الفجر ملتهما

ليل العروبة حتى ترفع الحجب

تلك الشعوب التي بالعجز قد وصمت

ها قد أطاحت بمن للعقل قد سلبوا

من بدلوا أمنها خوفا وما قدروا

لها تراثا وبالأوطان قد لعبوا

كأنه بيننا والقلب يسمعه

يقول : يا حمص يا صنعاء يا حلب

النصر يدنو فصبرا يا أحبتنا

النصر للشعب مهما اشتدت الكرب

بشراك عدن عويس جل منشؤها

طاب المقام فلا هم ولا نصب

والذكر باق ككل المخلصين بما

كسبت تحيا وهم طرا بما كسبوا

سفر الحضارة لن ينسى عطاءكم

لا يجحد الفكر والتاريخ والأدب

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي