• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / مقالات
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

عبرات في عرفات

عبرات في عرفات
د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 8/8/2019 ميلادي - 6/12/1440 هجري

الزيارات: 19847

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عبرات في عرفات


يا الله، كلما تذكرت ذلك الموقف وقفت مشدوهاً من عظمته صلى الله عليه وسلم.. في حجة الوداع في عرفات، بعدما صلى - عليه الصلاة والسلام - الظهر والعصر ولم يصل بينهما شيئاً، ركب حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص[1]..

 

إنه محمد صلى الله عليه وسلم، نبيٌ غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقف ساعاتٍ طويلة يناجي ربه بعد رحلة طويلة وخطبة عصماء مؤثرة وقيادةٍ لجموع غفيرة بسلاسة وإتقان وإبداع.. يقف عليه الصلاة والسلام وقفة خاشعة متذللة بنفس رضيةٍ مطمئنة في آخر حياته، تغشاه السكينة، قد بلغ فوق الستين من عمره، والكل مترقب ينظر إليه عليه الصلاة والسلام، ويا لسعادةِ من حضر ذلك الموقف ونال شرف الصحبة، ولا تزال جموع المسلمين تفعل ذلك إلى يومنا هذا عبر قرونٍ طويلة مقتديةً به صلى الله عليه وسلم ما بين مُقلٍ ومكثر..

 

لم يكن صلى الله عليه وسلم صائماً ذلك اليوم مع أنَّه هو من حث على الصيام في عرفة وذكر أن صومَه يكفر سنتين[2] وذلك ليتقوى الحجاج على هذه الوقفة الخاشعة من بعده بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. حتى من شدة إلحاحه ودعائه: قال أسامة بن زيد رضي الله عنه: كنت رديفه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها قال: فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى[3].

 

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة يداه إلى صدره كاستطعام المسكين[4]...

 

روي أنه دعا قائلاً «اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، الوجل المشفق، المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عبرته، وذل لك جسده، ورغم لك أنفه، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيًّا، وكن بي رؤوفا رحيما، يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين»[5]. وروي من دعائه عليه الصلاة والسلام: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي قلبي نورًا، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر، وشتات الأمر، وشر فتنة القبر، وشر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر»[6]. ورويَ أنَّ أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في الموقف «اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخير مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي، ولك رب تراثي، أعوذ بك من عذاب القبر، ووسوسة الصدر، وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح»[7].

 

تلك الوقفة الخاشعة قال فيها - صلى الله عليه وسلم -: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير"[8].

 

ومع عظمته وهيبته وخشوعه وسكينته تأمل في كرمه صلى الله عليه وسلم إذ لم يكن صلى الله عليه وسلم يدعو لنفسه فقط في ذلك الموقف العظيم بل دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، إذ روي أنه أكثر الدعاء لها، فأوحى الله إليه: «إني قد فعلت، إلا ظلم بعضهم بعضا، وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها». فقال: «يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خير من مظلمته، وتغفر لهذا الظالم». فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء، فأجابه الله تعالى: «إني قد غفرت لهم». فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله تبسمت في ساعة لم تكن تتبسم فيها. قال: «تبسمت من عدو الله إبليس، إنه لما علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور، ويحثو التراب على رأسه»[9]..

 

هذه الآثار وإن جاء في بعض طرقها ضعفٌ إلا أنها تشعرك بهيبة وجلال ذلك الموقف منه صلى الله عليه وسلم.. كيف لا؟ ويوم عرفة يوم جليل عظيم خاطب عليه الصلاة والسلام أهل الموقف بقوله: "فَإِنَّ اللهَ تعالى يَهْبِطُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ" -اللهُ للملائكة-: "انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي! جَاؤُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ؛ يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَمَغْفِرَتِي، فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ عَدَدَ الرَّمْلِ، أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا، أَفِيضُوا" -يخاطب أهل عرفة- "عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ،.."[10].

 

وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟)[11].

 

لقد استشعر المسلمون رحمهم الله على مر التاريخ عظمة وجلال هذا اليوم وذلك الموقف، جاء عبدالله بن المبارك إلى سفيان الثوري – رحمهما الله - عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه في عرفة، وعيناه تذرفان الدموع، فقال ابن المبارك لسفيان الثوري: "من أسوأ هذا الجمع حالًا"، فقال: "الذي يظن أن الله لا يغفر له"[12].

 

ووقف الفضيل بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء، فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال: واسوأتاه منك وإن عفوت![13]

فيا أخي حاجاً كنت أم غير حاج اغتنم هذا اليوم العظيم، اسكب عبراتك واذرف دموعك وألح على أكرم الأكرمين فلن يخيب الله رجاءك، وأكثر من الدعاء والتهليل والتسبيح والتحميد، يقول الإمام ابن رجب رحمه الله: "يوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدًا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة"[14].

 

تقبل الله منا ومنك..



[1] الحديث رواه مسلم بطوله.2 /886 برقم 1218.

[2] رواه مسلم بمعناه يكفر السنة الماضية والباقية 2 /819 برقم1162. والسنة صوم عرفة لغير الحاج.

[3] رواه الإمام أحمد 36 /146 برقم 21826 وقال الأعظمي: إسناده صحيح 0صحيح ابن خزيمة 4/258 برقم 2824.

[4] رواه البيهقي في السنن الكبرى 5 /190 برقم 9474، وقال في مجمع الزوائد فيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله وهو ضعيف ‏‏10/171.وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء: فيه الحسين بن عبد الله هو ممن يكتب حديثه 3 /215.

[5] أخرجه الطبراني 11/ 174 برقم 11405، قال في مجمع الزوائد: فيه يحيى بن صالح الأبلي قال العقيلي‏‏ روى عنه يحيى بن بكير مناكير وبقية رجاله رجال الصحيح 3 /255.. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع 1186.

[6] رواه البيهقي 5/190 برقم 9475 وقال: ابن حجر العسقلاني في الفتوحات الربانية: غريب من هذا الوجه4 /248.

[7] أخرجه الترمذي 6 /464 برقم 2918 وقال النووي في المجموع: إسناده ضعيف، لكن معناه صحيح: 8 /114، وضعفه الألباني في الضعيفة 6 /464 برقم 2918.

[8] رواه الترمذي 5/572 برقم 3585 وحسنه الألباني.

[9] ذكره ابن عبدالبر في التمهيد 1/96، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب742 وكل هذه الآثار ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية 5 /174.

[10] انظر: الترغيب والترهيب للمنذري 2/171 وقال: طريقه لا بأس بها رواتها كلهم موثقون، وحسنه الألباني انظر: صحيح التَّرْغِيبِ: 1106، 1112..

[11] رواه مسلم 2 /982 برقم 1348.

[12] لطائف المعارف 327.

[13] التبصرة 2 /142.

[14] لطائف المعارف 315.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة