• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور صغير بن محمد الصغيرد. صغير بن محمد الصغير الدكتور صغير بن محمد الصغير عليه وسلم
شبكة الألوكة / موقع د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
لمراسلة الدكتور صغير الصغير


Tweets by d_sogher
علامة باركود

الشتاء أحكام وعبر

د. صغير بن محمد الصغير


تاريخ الإضافة: 7/12/2017 ميلادي - 18/3/1439 هجري

الزيارات: 15161

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشتاء أحكام وعبر

 

إن الحمد لله..

"اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعضاًً فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ. فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ" رواه البخاري[1]...


قال ابن عبدالبر رحمه الله: هذه الشكوى بلسان المقال. وقال القاضي عياض رحمه الله: إنه الأظهر. وقال القرطبي رحمه الله: لا إحالة في حمل اللفظ على حقيقته. قال: وإذا أخبر الصادق بأمر جائز لم يحتج إلى تأويله فحمله على حقيقته أولى. وقال النووي رحمه الله نحو ذلك ثم قال: حمله على حقيقته هو الصواب. وتنفسها على الحقيقة[2].

 

والمراد بالزمهرير شدة البرد، ولا إشكال من وجوده في النار ففيها طبقة زمهريرية نسأل الله العافية...

 

أيها الأحبة.. لذا كان من تمام نعيمِ أهلِ الجنة - جعلني الله وإياكم من أهلها - أنهم وُقوا أذى الحر والبر،كما قال سبحانه: ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 13] بعكس أهل النار - أجارني الله وإياكم منها - الذين يتنوع العذاب في حقهم حتى يجمع لهم بين الطعام الحار جداً، والبارد جداً، ولئن كان هذا مؤذيا في الدنيا،فما ظنك به في الآخرة؟! [3].

 

قال تعالى: ﴿ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا * إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴾ [النبأ: 24، 25]، قال ابن عباس: الغساقُ: الزمهرير البارد الذي يحرق من برده، وقال تلميذه مجاهد: هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده[4].

 

أيها الأخوة: وقد ينزعج بعض الناس من برودة الشتاء كما يتضايق البعض من حر الصيف، وفي كلٍ منهما وفي تقلب الأحوال عموماً مصالح وحكم. قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكمر، إذ لو كان الزمان كله فصلا واحدا لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه، فلو كان صيفاً كله لفاتت منافع ومصالح الشتاء، ولو كان شتاء لفاتت مصالح الصيف، وكذلك لو كان ربيعاً كله أو خريفاً كله.

 

ثم بدأ رحمه الله يذكر بعض فوائد البرد و دخول فصل الشتاء فقال: ففي الشتاء تغور الحرارة في الأجواف وبطون الأرض والجبال، فتتولد مواد الثمار وغيرها، وتبرد الظواهر ويستكثف فيه الهواء، فيحصل السحاب والمطر والثلج والبرَد الذي به حياة الارض وأهلها واشتداد أبدان الحيوان وقوتها، وتزايد القوى الطبيعية واستخلاف ما حللته حرارة الصيف من الأبدان، وفي الربيع تتحرك الطبائع وتظهر المواد المتولدة في الشتاء، فيظهر النبات ويتنور الشجر بالزهر، ويتحرك الحيوان للتناسل، وفي الصيف يحتد الهواء ويسخن جدا فتنضج الثمار وتنحل فضلات الأبدان والأخلاط التي انعقدت في الشتاء، وتغور البرودة وتهرب إلى الأجواف، ولهذا تبرد العيون والآبار ولا تهضم المعدة الطعام التي كانت تهضمه في الشتاء من الأطعمة الغليظة لأنها كانت تهضمها بالحرارة التي سكنت في البطون، فلما جاء الصيف خرجت الحرارة إلى ظاهر الجسد وغارت البرودة فيه، فإذا جاء الخريف اعتدل الزمان وصفا الهواء وبرد فانكسر ذلك السموم، وجعله الله بحكمته برزخا بين سموم الصيف وبرد الشتاء.[5] انتهى كلامه رحمه الله.

 

أيها الأحبة: هذا الشتاء القارس والبرد الشديد ابتلاء من الله تعالى لفقراء المسلمين؛ إذ يعالجون الجوع والبرد مع قلة ذات اليد، وهي ابتلاء لأغنياء المسلمين أيسدون حاجة إخوانهم الفقراء، فيطعمونهم من جوع، ويدفئونهم من برد، ويكنونهم من عراء؟!

 

كَانَ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ رحمه الله تعالى إِذَا أَمْسَى تصدَّق بِمَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الفَضْلِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، ثُمَّ قَالَ: اللهمَّ مَنْ مَاتَ جُوْعاً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ، وَمَنْ مَاتَ عُرْياً فَلاَ تُؤَاخِذْنِي بِهِ.

 

وفي ليلة شاتية تصدق محمد بن عبدوس المالكي بقيمة غلة بستانه كلها-وكانت مئة دينار ذهبي- وقال: ما نمت الليلة غمَّاً لفقراء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

 

والعاصفة الثلجية التي نرى شيئا من أثرها، ونُحِسُّ بعض صقيعها وتخيّم في بلاد الشام، وضاعفت معاناة إخواننا اللاجئين في تركيا ولبنان والأردن؛ إذا فرش الجليد أرضهم، وغطت الثلوج خيامهم، والبرد يفترس أجسادهم وأجساد أطفالهم، ولا طعام يكفي ليمنح الدفء والقوة، ولا كساء أو غطاء يخفف البرد، إلا شيئا قليلا يبقي على الحياة، ويجعلها عذابا عليهم، وكم يموت من أطفالهم من شدة البرد.

 

يقول أحد أطفالهم مستنجدا بالمسلمين: كنت لا أنام من صوت القصف، وأنا الآن لا أنام من شدة البرد.. هربوا من الرصاص فماتوا بالبرد، وأكثر أمراض الأطفال في الملاجئ هي أمراض البرد والجوع. وأما في داخل سوريا فخوف وجوع وبرد[6].

 

فمَنْ الموفق الذي يبدأ بتلمس حاجات المعوزين - الذين اجتمع عليهم برد الشتاء وغلاء الأسعار - ويعبر أوضح التعبير عن خيرية المجتمع الذي يتفقد أحوال الضعفاء فيه؟!

 

ومن الموفق الذي يجتهد ألا يمضي عليه هذا الفصل إلا وقد ساهم بتدفئة مسلم،أو إطعامه من جوع.. هنا أو هناك حيث يبعثها المنادي؟! إن أجر ذلك عند الله لعظيم.

 

خرج صفوانُ بن سليم - أحد أئمة التابعين وأحد شيوخ الإمام مالك رحمهم الله جميعاً - خرج في ليلة باردة في المدينة من المسجد، فرأى رجلاً عارياً، فن-زع ثوبه و كساه إياه، فرأى بعض أهل الشام في منامه أن صفوان بن سليم دخل الجنة بقميصٍ كَساه،فقدم المدينة فقال: دلوني على صفوان فأتاه فقص عليه ما رأى[7].

 

ويكفي المؤمن حادياً لعملٍ كهذا قول الله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20].


ومن مواطن الشكر في تقليب الليل والنهار، وفي فصل الشتاء بالذات: صيام ما أمكن من الأيام التي جاءت السنة ببيان فضلها،ومحاولة تخصيص جزء من الليل بالقيام ولو كان يسيراً،...

 

فعن عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ[8].

وفي المسند "الشتاء ربيع المؤمن "[9].


قال بعض أهل العلم: "إنما كان الشتاء ربيع المؤمن، لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات،وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، كما ترتع البهائم في مرعى الربيع فتسمن وتصلح أجسادها، فكذلك يصلح دين المؤمن في الشتاء بما يسر الله فيه من الطاعات،فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة ولا كلفة تحصل له من جوع ولا عطش.

 

وأما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة، فيقرأ المصلي ورده كله من القرآن، وقد أخذت نفسه حظها من النوم فيجتمع له فيه نومه المحتاج إليه مع إدراك ورده من القرآن فيكمل له مصلحة دينه و راحة بدنه"[10].

 

رزقني الله وإياكم الفقه في الدين وجعني وإياكم من أهل العبادة والذكر والشكر أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم

 

الخطبة الثانية

الحمد لله:

أيها الأخوة:

و من الأحكام التي يحتاجها الناس والمتعلقة بالشتاء غالباً: مسألة المسح على الجوربين، وقد تواترت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: ليس في قلبي من المسح على الخفين شي، فيه أربعون حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم[11].

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح في الحضر والسفر، ولم ينسخ ذلك حتى توفي ووقّت للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن في عدة أحاديث حسان وصحاح وكان صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر الخفين، ولم يصح عنه مسح أسفلهما، ومسح على الجوربين والنعلين،.. ثم قال رحمه الله:.. ولم يكن يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه بل إن كانتا في الخف مسح عليهما ولم ينزعهما، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ولم يلبس الخف ليمسح عليه.[12] انتهى كلامه...

 

ولا بد للماسح على خفيه أن يكون قد أدخلهما على طهارة، وكيفية المسح أن يبل يديه بالماء ثم يمرّهما على ظهر الخفين من أطرافهما مما يلي الأصابع إلى الساق مرة واحدة، ولو مسح اليمنى على اليمنى، واليسرى على اليسرى، فهذا حسن، ولو مسح كليهما بيده اليمنى فلا حرج في ذلك.

 

وتبدأ مدة المسح من أول مسحة مسحها بعد لبس على الصحيح وليس الابتداء من الحدث بعد اللبس كما قال به بعض الحنابلة، فإذا لبس الإنسان الجورب لصلاة الفجر ولم يمسح عليهما أول مرة إلا لصلاة الظهر فابتداء المدة من الوقت الذي مسح فيه لصلاة الظهر فيمسح المقيم إلى مثل ذلك الوقت من الغد[13].

 

وإذا كان إسباغ الوضوء إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد ممايرفع الله به الدرجات ويمحو به الخطايا، فكذلك يعظم الأجر في أوقات مثل الشتاء وبشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة..



[1] صحيح البخاري4/ 120 برقم 3260.

[2] عمدة القاري للعيني 5/ 69.

[3] مختصر من عبودية الشتاء لد عمر القبل.

[4] لطائف المعارف لابن رجب 1/ 333.

[5] مفتاح دار السعادة 1/ 208.

[6] مختصر العواصف الثلجية د ابراهيم الحقيل.

[7] عبودية الشتاء ل د عمر المقبل.

[8] سن الترمذي 3/ 153 برقم797.

[9] مسند أحمد 13/ 245 برقم11716.

[10] لطائف المعرف لابن رجب 1/ 325.

[11] الإعلام بشرح سنته عليه السلام لمغلطاي ص: 623، وانظر المغني 1/ 164.

[12] زاد المعاد 4/ 194.

[13] راجع الممتع 1/ 222 وما بعدها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • مقالات
  • خطب مكتوبة
  • صوتيات
  • الاستشارات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة