• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور طالب بن عمر بن حيدرة الكثيريد. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري شعار موقع الدكتور طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
شبكة الألوكة / موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / أبحاث في فقه المصرفية الإسلامية


علامة باركود

اعتبار الشريعة لمآلات العقود والتصرفات

اعتبار الشريعة لمآلات العقود والتصرفات
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري


تاريخ الإضافة: 12/6/2024 ميلادي - 5/12/1445 هجري

الزيارات: 1943

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اعتبار الشريعة لمآلات العقود والتصرفات

 

وقد اعتبرت الشريعة الحكم على الشيء باعتبار مآله في صورٍ كثيرة: [1]

‌أ- ترك الفعل، أو الأمر بتركه؛ لما يؤول إليه من المفاسد؛ فمن الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة، لولا أن قومك حديثو عهدٍ بشرك لهدمت الكعبة، فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين؛ بابًا شرقيًا، وبابًا غربيًا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة"، وفي رواية: "فأخـاف أن تنكر قلوبهم"،[2] ومن الثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه"،[3] قال القرافي: "ومحمله عند علمائنا على سدّ الذريعة عن فساده؛ لئلا يتوالى ذلك، فيفسد الماء على الناس".[4]


‌ب- منع الفعل المباح إذا قُصد منه ترتب الممنوع؛ كمنع الوصية، والرجعة إذا قُصد منهما الإضرار، قال تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ﴾،[5] وقال سبحانه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾.[6]


‌ج- الأمر بترك الفعل لكثرة إفضائه إلى الممنوع؛ كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يومٍ، أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم"،[7] قال ابن تيمية: "ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تقدم رمضان باليوم واليومين، وعلل الفقهاء ذلك بما يخاف من أن يزاد في الصوم المفروض ما ليس منه، كما زاده أهل الكتاب من النصارى".[8]


‌د- الأمر بالفعل لما يؤول إليه من المصالح الراجحة؛ كقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. ([9])

 

وإذا كانت الشريعة قد اعتنت بفقه اعتبار المآل في أبواب الفقه بعامة، فإنها أولت ذلك مزيد اهتمامٍ في خصوص أبواب المعاملات المالية، ومن دقة الاعتناء بذلك:

‌أ- منع سلفٍ وبيع؛ لأنه يُتذرع به إلى محاباة المقرض. [10]

‌ب- منع بيع التمر بالتمر متفاضلاً؛ لأنه يتذرع به إلى ربا النسيئة. [11]

‌ج- منع مدّ عجوة ودرهم بمدٍّ ودرهم؛ لمنع التذرع إلى ربا الفضل. [12]

‌د- منع بيع العينة، وقد كان من فقه ابن عباس رضي الله عنهما لما سُئل عنها أن قال: درهمٌ بدرهم، وبينهما حريرة؛[13] أي أنها تؤول إلى ذلك.

 

ولاعتبار المآل شروط وضوابط يجب الأخذ بها: [14]

1- أن يكون المآل متحقق الوقوع؛ إما مقطوعًا به، أو كثيرًا غالبًا.

2- أن يكون المآل ظاهرًا منضبطًا، بحيث يمكن إناطة الحكم به، فلا يكون خفيًا، أو منتشراً مضطربًا.

3- أن لا يؤدي اعتبار المآل إلى تفويت مصلحةٍ راجحة، أو حصول ضررٍ أشد؛ كمنع سفر المرأة بلا محرم للهجرة، وإنكار المنكر إذا أدّى إلى مفسدةٍ أعظم.

 

وضبط النظر في هذا الباب من الأهمية بمكان؛ إذ الخلل فيه سينحرف بطرفٍ إلى التوسع في الإباحة نفيًا للذريعة، وبالآخر إلى التوسع في الحظر سدًا للذريعة المتوهمة، ومن رحمة الله أن جعل لذلك أدلة وقرائن يُهتدى بها، ومما تُنضبط به معرفة المآلات أمور: [15]

أولها: التصريح به من المشرع؛ كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾.[16]


وثانيها: القرائن المحّتّفة بالمعاملة، وحقيقة القرينة المعتبرة كل ما يحصل به ظنٌ غالبٌ بالحكم، ومن ذلك:

‌أ- طبيعة المحل: فينظر في طبيعة المحل، وخصائصه الذاتية، وعوارضه الملازمة، وما قد يترتب من إجراء العقد عليه؛ لذا حرم اقتناء آنية الذهب والفضة؛ لما يؤول من استعمالهما. [17]


‌ب- دلالة العادة والعرف؛ كمنع بناء مصنعٍ في مدينة سكنية، أو فتح نافذةٍ تطل على عورات الجيران؛ لما يؤول إليه ذلك من الضرر،[18] قال الكاساني: "ولو اشترى قُمْرِيّة[19] على أنها تصوِّت، أو طيرًا على أنه يجيء من مكانٍ بعيد، أو كبشًا على أنه نطّاح، أو ديكًا على أنه مقاتل فالبيع فاسد عند أبي حنيفة... ولأن هذه صفاتٌ يتلهى بها عادةً، والتلهي محظور، فكان هذا شرطًا محظورًا، فيوجب فساد البيع". [20]


‌ج- دلالة الحال؛ سواءً كان حال الشخص، ومنه نهي النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر رضي الله عنه أن يتولى مال يتيم،[21] أو كان حال الواقع؛ كمنع بيع السلاح زمن الفتنة. [22]


‌د- دلالة التجربة، وقد استدل بها موسى عليه الصلاة والسلام، ففي الحديث أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة فرض الصلاة: "وإني والله، قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك"،[23] قال ابن حجر: "وفيه أن التجربة أقوى في تحصيل المطلوب من المعرفة الكثيرة"،[24] وقال العـز بن عبد السلام[25]: "وأما مصالح الدنيا، وأسبابها، ومفاسدها فمعروفةٌ بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيءٌ من ذلك طُلب من أدلته"،[26] ومن أشهر الأحكام التي بناها أهل العلم على التجربة المتكررة تقدير أقل الحيض، وأكثره. [27]


وقد أنشئت في هذا العصر مراكز بحثية لاستشراف المستقبل، ومعرفة مآلات الأفعال، وأصبح هذا علمًا تُدرس قواعده، وتستنبط أحكامه، من خلال استطلاع الآراء، واستبانة مكنونات الأفراد والجماعات ودوافعهم، وجمع المؤشرات من واقع الأحداث والوقائع، وتحليل ذلك كله في ضوء القواعد القدرية للأسباب والنتائج، والأسس العلمية للنشوء والتطور. [28]


وقد تكون الخبرة بواقع الناس، وماضيهم مؤشرًا إلى ما ستؤول له الأمور بعدُ، ويعجبني أن أنقل كلامًا للدكتور يوسف الشبيلي في معرض استدلاله بقاعدة سد الذرائع، ردًا على من أجاز إلزام المدين المماطل بالتعويض، يقول: "خشية أن يؤول الأمر إلى استباحة الفوائد الربوية، بحجة أنها تعويض للدائن عما فاته من منافع، وقد كانت بداية استحلال الفائدة في الدول الغربية بمثل هذه الشبهة، فقد جاء على لسان توما الأكويني - أحد قدامى المنظرين الغربيين-، ثم نقل عبارته، ثم قال: ومما يقوي هذا القول أن المصرف حتماً سيفضل عدم الإلحاح على العميل في المطالبة طمعًا بالعوض الذي سيناله مقابل التأخير؛ لأن هذا العوض على أيّة حال لن يكون أقل مما سيحققه البنك من أرباحٍ خلال نفس الفترة، والعميل أيضاً سيستسهل المطالبة والتأخير، وتحمل العوض بدلاً من السداد؛ لأن ذلك لن يقابل بإلحاحٍ جادٍ من البنك، ومن ثم تنقلب الصورة مع مرور الزمن، وتواطؤ الناس على ذلك إلى اتفاقٍ ضمني على التأخير والتعويض، ولأن إرجاء تحديد مقدار التعويض إلى ما بعد السداد قد يؤدي إلى المنازعة والخلاف، مع ما يصحب ذلك من صعوبةٍ في التقدير، فليس من المستبعد أن يتم تحديد مقدار التعويض في بداية العقد، وأن يكون مربوطًا بعدد أيام التأخير، تمامًا كما تحسب الفائدة، الأمر الذي يؤدي إلى تجويز الفائدة المحرمة باتفاق المجتهدين، تحت غطاء التعويض عن التأخير". [29]



[1] ينظر: اعتبار مآلات الأفعال وأثرها الفقهي، لوليد الحسين، (1/ 81-147).

[2] أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، (9/ 106)، برقم 7243، ومسلم في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، (2/ 969)، برقم 1333، عن عائشة رضي الله عنها.

[3] أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب البول في الماء الدائم، (1/ 68)، برقم 238، ومسلم في كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد، (1/ 235)، برقم 282.

[4] الذخيرة، (1/ 202).

[5] النساء: 12.

[6] البقرة: 231

[7] أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم، ولا يومين، (3/ 35)، برقم 1914.

[8] اقتضاء الصراط المستقيم، (1/ 286).

[9] البقرة: 216.

[10] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(261).

[11] ينظر: زاد المعاد، لابن القيم (4/ 78).

[12] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (2/ 109).

[13] أخرجه مالك في المدونة، (3/ 161)، وابن أبي شيبة، في كتاب البيوع والأقضية، باب من كره العينة، (6/ 47)، برقم 20527، وقد قوّاه ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود، (9/ 241)، وصححه ابن التركماني في الجوهر النقي، (5/ 331).

[14] ينظر: اعتبار مآلات الأفعال، لوليد الحسين، (1/ 217-334).

[15] ينظر: اعتبار مآلات الأفعـال، لوليد الحسين، (1/ 246-254)، اعتبار المـآلات ومراعاة نتـائج التصـرفات، لعبد الرحمن السنوسي، ص(381-395).

[16] الأنعام: 108، وينظر: تفسير ابن كثير، (2/ 165)، تفسير القرطبي، (7/ 61) بيان الدليل، لابن تيمية، ص(256).

[17] ينظر: حاشية ابن عابدين، (6/ 341)، الذخيرة، للقرافي، (1/ 167)، المهذب، للشيرازي، مع المجموع، (1/ 247)، المغني، لابن قدامة، (7/ 285).

[18] ينظر: شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص(205).

[19] القمري: نوعٌ من الحمام، مطوق، حسن الصوت، والأنثى قمرية، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (5/ 115)، المعجم الوسيط، (2/ 758).

[20] بدائع الصنائع، (5/ 169).

[21] ولفظه: يا أبا ذر، إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم"، أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، (3/ 1457)، برقم 1826، عن أبي ذر t.

[22] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 233)، مواهب الجليل، للحطاب، (4/ 254)، المجموع، للنووي، (9/ 354)، المغني، لابن قدامة، (4/ 168).

[23] أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج، (5/ 69)، برقم 3887 عن مالك بن صعصعة t.

[24] فتح الباري، (7/ 218).

[25]هو عبد العزيز بن عبد السـلام بن أبي القاسم السلمي الدمشـقي الشافعي، عز الدين، أبو محمد، المعروف بابن عبد السلام، كان يلقب بسلطان العلماء وبائع الملوك، فقيه أصولي مفسر، تولى رئاسة القضاء بمصر، من مؤلفاته: القواعد الكبرى، ومختصر صحيح مسـلم، توفي سنة 660هـ، له ترجمة في البداية والنهاية، لابن كثير، (13/ 235)، وطبقات الشافعية الكبرى، للسبكي، (8/ 209-255).

[26] قواعد الأحكام، (1/ 8).

[27] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (2/ 16)، الذخيرة، للقرافي، (1/ 133)، روضة الطالبين، للنووي، (1/ 143)، الإنصاف، للمرداوي، (1/ 362).

[28] ينظر: مآلات الأفعال وأثرها في فقه الأقليات، للنجار، ص(20).

[29] الخدمات الاستثمارية في المصارف، (1/ 651-652)، وانظر كلامًا نفيسًا في هذا للدكتور سامي السويلم حول التورق، في كتابه قضايا في الاقتصاد، ص(359-364).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • خطب منبرية
  • كتب
  • الأبحاث والدراسات
  • الشروحات العلمية
  • ردود وتعقيبات
  • محاضرات مفرغة
  • منظومات
  • فقه منتجات العمل ...
  • التفسير التربوي ...
  • أبحاث في فقه ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة