• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّابد. وليد قصاب شعار موقع الدكتور وليد إبراهيم قصّاب
شبكة الألوكة / موقع الدكتور وليد قصاب / مقالات


علامة باركود

النقد الأدبي مدعو أم متطفل؟

د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 21/5/2014 ميلادي - 21/7/1435 هجري

الزيارات: 15455

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النقد الأدبي

مدعو أم متطفل؟


هل النقد نشاط ضروري جاد؟

وهل الناقد - والمقصود ها هنا الناقد المتخصِّص - يُؤدِّي وظيفة حيوية مهمَّة، تجعله يستحق المكانة التي يتبوَّؤها؟

 

هل يحتاج تلقي النص الأدبي إلى طرف ثالث يتدخل بين المؤلف والمستقبِل، فيُحسِّن له أو يُقبِّح، ويُجمِّل له أو يُسفِّه؟

 

ألا يكفي أن يكون المتلقِّي نفسه هو الناقدَ الحكم الذي يقبل أو يرفض بلا وسيط يفرض وصايته؟

 

أهو محتاج إلى هيمنة النقد واستبداده، وادِّعائه أنه وحدَه مَن يمتلك المعرفة والقدرة على الحكم؟

 

ألا يسلب الناقدُ المتلقيَ العاديَّ إرادتَه، ويجعله أسير ذوقه، ويبث فيه إيحاءات مسبقة عن العمل وصاحبه، فيُفسِد عليه متعة تلقِّيه؟

 

أم أن الناقد المتخصِّص هو إنسان خبير، فشأنه لذلك شأن أي خبير في أي حرفة أو صنعة أو مهنة، ومن ثَمَّ فلا يمكن الاستغناء عن دوره، مثلما لا يمكن الاستغناء عن دور الخبراء المتخصِّصين جميعًا؛ كالمهندس، أو الطبيب، أو الفلكي، أو الصائغ، أو.. أو..، ما شئت من ضروب الصناعات والمهارات التي لا حصر لها، والذين يُرجَع إليهم في كلِّ أمر يتعلَّق بهذه المهارات؟

 

لقد حضرَت هذه القضيةُ بقوة في النقد الأدبي العربي، وعُرِفت فيه - منذ وقت مبكر - وجهتا النظر كلتاهما اللتان أشرنا إليهما:

الوجهة التي ترى في الناقد وسيطًا غير ضروري، يقوم بدوره القارئُ نفسه.

ووجهة النظر التي تراه الخبيرَ البصير الذي لا بد منه في أي تَعاطٍ موضوعي علمي مع نصوص الأدب.

 

مثَّل وجهة النظر الأولى التي ترى في الناقد وسيطاً غير مرغوب فيه، وهي تريد أن تستبعده، أو تُهمِّش دوره، قولُ قائلٍ للناقد خلف الأحمر: "إذا سمعتُ أنا بالشعر أستحسنُه، فما أبالي ما قلتَ فيه أنت وأصحابك"[1].

 

ومثَّل وجهةَ النظر الأخرى التي بيَّنت أهمية الناقد، وتحدَّثت عن خبرته، وأن قوله هو قول الخبير العالم، ردُّ خلفٍ على الرجل؛ إذ قال له: "إذا أخذتَ درهمًا فاستحسنتَه، فقال لك الصرَّاف: إنه رديء، فهل ينفعك استحسانُك إياه؟"[2].

 

وأوضح ابنُ سلاَّم في طبقاتِه أن الشعر صناعة لا يتقنها إلا أهل الخبرة؛ إنه "كسائر أصناف العلم والصناعات، منها ما تَثْقَفُه العين، ومنها ما تَثْقَفُه الأذن، ومنها ما تَثْقَفُه اليد، ومنها ما يَثْقَفُه اللسان.

 

من ذلك اللؤلؤ والياقوت، لا تعرفه بصفة ولا وزن، دون المعاينة ممن يبصره، ومن ذلك الجَهْبَذة بالدينار والدرهم، لا تُعرف جودتُهما بلونٍ، ولا مسٍّ، ولا طرازٍ، ولا رسمٍ، ولا صفةٍ، ويعرِفه الناقد عند المعاينة"[3].

 

ومن مثل هذا ما دار بين ابن مناذر والخليل بن أحمد الفراهيدي؛ إذ يعترض في هذه المرَّة شاعرٌ على مكانة الناقد، وقوله المسموع، وأثره في سيرورة بضاعة الشعراء ونَفْقها، أو كسادها وخمولها .

 

يقول الخليل معبِّرًا عن سلطان الناقد:

"إنما أنتم - معاشرَ الشعراء - تَبَعٌ لي، وأنا سكَّان السفينة؛ إن قرَّظتكم، ورضيتُ قولكم؛ نفَقْتُم، وإلا كسدتُم".

 

ويرد عليه الشاعر ابن مناذر رافضًا هذا السلطان بقوله:

"والله لأقولنَّ في الخليفة قصيدة أمتدحه بها، ولا أحتاج إليك فيها عنده ولا إلى غيرك"[4].

 

إن ابن مناذر الشاعر يعترض على سلطان الخليل وغيره من النقاد، ويريد أن يستبدل به سلطانَ المخاطب نفسه، وهو هنا الخليفة الممدوح، فإذا رضي بما قاله هذا المخاطب، وحظِيَت القصيدة عنده؛ فإن هذا حَسْبُه، ولا قيمة لرأي الناقد عندئذٍ، ومن الواضح أن هذا احتكام إلى منطق القوة لا إلى منطق العلم.

 

وعمَّق الجاحظ القضيَّة، فلم يدعُ القارئ العادي وحدَه إلى النزول عند رأي أهل الخبرة، بل دعا جميع مَن يتعاطَى صنعة الكتابة من الأدباء وحَمَلة القلم أن يعرضوا ما يكتبون على أهل الخبرة من النقاد والعلماء، وحذَّر أيَّ واحد منهم أن يعتمد على رأيه في تقدير قيمة ما يُنشِئ، وأن يُذِيعه في الناس قبل أن يعرضه على النقاد وأهل المعرفة، فقال له:

"إن أردتَ أن تتكلَّف هذه الصناعة، وتُنسب إلى هذا الأدب، فقرضتَ قصيدة، أو حبَّرت خطبة، أو ألَّفت رسالة، فإياك أن تدعوك ثقتُك بنفسِك، أو يدعوك عجبك بثمرة عقلك، أن تنتحلَه وتدَّعيه، ولكن اعرِضْه على العلماء، فإن رأيت الأسماع تُصغِي له، والعيونَ تحدِج إليه، ورأيت مَن يطلبه ويستحسنه، فانتحِلْه"[5].

 

وهكذا يبدو الناقد - في التراث الأدبي العربي - ذلك الخبير الذي لا غنى عنه، مثل أي خبير آخر.

 

وإذا كان النقد العربي قد شبَّه الناقد بالصيرفي، أو الصائغ، أو السائس، أو النخَّاس، أو غير ذلك من ضروب المهارات التي عرَفها العرب، فإن النقد الحديث لا يخرج عن ذلك في بيان منزلة الناقد، وهو يُسمِّي الناقد "القارئ الخبير"، أو "القارئ المثالي"، أو "القارئ الماهر"، ولذلك فإن قراءة الناقد - كما تقول آن موريل -: "تتميَّز عن قراءة عامة القراء من جهة أنها "خبيرة، ستاروبنسكي" أو "مسلَّحة، دبروفسكي"، فالناقد يقرأ وهو مسلَّح بمعرفة نصية وتاريخية وسيرية، تضمن للنص وجودًا خارجًا عن ذهنه، إن الناقد يقرأ وفي ذهنه قراءات أخرى؛ قراءة أعمال المؤلف نفسه، أو أعمال أخرى من العصر نفسه، أو من الشكل نفسه، فالقراءة النقدية إذًا قراءة مسلَّحة؛ لأنها مبنيَّة على معرفة سابقة، وعلى جمالية أو نظرية في الأدب"[6].

 

وهكذا يبدو النقد نشاطاً فكريًّا جادًّا، ذا فاعلية مهمَّة لكل حركة أدبية؛ فهو يحمي هذه الحركة من الزَّيف والدَّجل، وهو - بتعبير النقد العربي - يُميِّز الزائف من الصحيح، والطارف من التَّليد، والمبتدَع من المستهلك المبذول، وهو يحمي القارئ العادي من أن يقع تحت وَهْم قراءةٍ غير ناضجة.

 

أو - كما تقول آن موريل -: "إحدى مهامِّ النقد أن يُسهِم في تربية القارئ حتى يتجنَّب ما في القراءة الساذجة من مساخر، وأيضًا من مخاطر"[7].

 

وعندئذٍ، فإنه لا صحة لِمَا قاله مونتسكيو من أن النقاد يُشبِهون جنرالات فاشلين، عجَزوا عن الاستيلاء على بلد فلوَّثوا مياهَه[8].

 

إن النقد - بجميع أشكاله وصوره - نشاط فكريٌّ جاد، ولا تستقيم الحياة ولا الأشياء من دونه؛ إذ هو معيار تسديد وتقويم، وهو مراجعة علمية لأيِّ مسار معرفي.

 

وليس صحيحًا أن الناقد مبدعٌ فاشل، فالإبداع والنقد مجالان متباينان، وقد يُحسِن الواحد أحدهما ولا يحسن الآخر، وهذا ما عبَّر عنه الخليل بن أحمد عندما سأله سائل: "لِمَ لا تقول الشِّعر مع علمك به؟ فكان جوابه: لأني كالمسنِّ، أشحذُ ولا أقطع"[9].

 

بل إن خبرة الناقد بالشعر، وتمييزه الجيِّد من الرديء فيه، قد تردعانِه عن قول الشِّعر؛ إذ هو أعرف الناس بقيمة ما يقوله، فإذا ما وجده دون المستوى المطلوب طواه واستنكف عن نشره، احترامًا لنفسه وللمتلقِّي، وهذا ما عبَّر عنه الأصمعي عندما سأله سائل: "ما يمنعُك من قول الشعر؟ فأجاب هذه الإجابة الموجزة المعبِّرة: "نظري لجيِّده"[10].



[1] طبقات فحول الشعراء لابن سلام،ج1 ص7.

[2] السابق.

[3] السابق، ج1ص5.

[4] الأغاني: ج8، ص 184.

[5] البيان والتبيين:ج1 ص203.

[6] النقد الأدبي المعاصر: ص23.

[7] السابق: 25.

[8] انظر: مناهج النقد الأدبي، سلسلة عالم المعرفة: ص11.

[9] العقد الفريد: ج2، ص 268.

[10] السابق: ج5، ص 308.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- سؤال
نادية مداني - الجزائر 16-06-2014 01:36 PM

هل تؤمن بالنقد الذاتي؟

1- تعليق
د محمد - مصر المضحوك عليها 01-06-2014 11:35 PM

مقال متميز. مواضح، مكتوب بأسلوب بعيد عن غموض والتواء لغة النقد الحديث.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصص قصيرة
  • قصائد
  • كتابات نقدية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة