الرحيل؟

الرَّحيل؟

أَعددْتَ أَمتعةَ السَّفَرْ؟

وعزَمتَ تَقطَعُ ما تبقَّى مِن وَطَرْ؟

ما زِلتَ تَحسَبُ ذي المدينةَ

لا يَعيشُ بمثلِها

إلا الذي أَلِفَ المَذلَّةَ والضَّررْ؟

أَضْحتْ سَقَرْ؟

سَرَقَ الوحوشُ صفاءَها

وبُغاةُ أَحفادِ الخنَا

قد أَطْفَأَتْ أنوارَها

ما عاد يُشرقُ في سماها مِن قَمرْ

وتقولُ: قد وجَبَ التَّرحُّلُ والسَّفرْ

ما عادَ عن هذا مَفرّْ

لَمْلَمْتَ أَمتعةً

وقلتَ: غدًا أو بَعدَه

يومُ الرَّحيلْ

هَجَرتْني ساكنةُ الفؤادْ

عُشُّ الطفولةِ

لَم أَعُدْ أُسقَى به كأسَ الوِدادْ

ما عاد إن قدْ جِئْتُه

يَحنو عليَّ ويَستميلْ

يا طولَ حزنِكَ

لم يَعُدْ لك مِن حبيبٍ أو خليلْ

الكلُّ ينأَى خائفًا

الهمسُ أضحى مستحيلْ

في كلِّ دربٍ مُخْبِرٌ

في كلِّ مُنعطفٍ رَقيبْ

ما عُدْتَ تَأْمنُ

لا قريبًا أو صديقًا أو نَسيبْ

وإذا تنَفَّسُ عدَّدُوا

لك ما تنَفَّسُ

مِن زفيرٍ

أَو شهيقْ

♦♦ ♦♦ ♦♦

موتٌ هنا

موتٌ هناكَ

فهل تَرى

في موتَتَيْك هنا، هنالك

مِن رحيمٍ أوٍ شفيق؟

سَأموتُ في تلك الديارِ

كمثلِ كلبٍ

فوقَ قارعةِ الطَّريقْ

لا قبرَ يَرحَمُ جُثَّتي

لا مِن أخٍ

يبكي عليَّ ولا شفيقْ

لكنَّ موتَك في المهاجرِ مَرةً

وهنا تَموتُ بكلِّ يومٍ

أَلفَ موتٍ

ما الخِيارْ؟

إنْ كان ثَمَّةَ مِن خِيارْ؟

إنْ مُتَّ يومًا ها هنا

فلرُبَّما صلَّوا عليكَ

وتَرحَّمُوا يومًا عليكْ

ولرُبَّما في القبرِ يومًا تُستزارْ

ما زِلتَ تَملِكُ مِن خيِارْ

سُفُنِ التَّرحُّلِ لم تَزَلْ

في الانْتِظارْ