• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل شعار موقع سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل / ضيوف الندوة / ندوة الشيخ العقيل / ضيوف ندوة الشيخ ابن عقيل


علامة باركود

حفظ القرآن الكريم دعامة التفقه في الدين

عبدالحفيظ اربيحو


تاريخ الإضافة: 31/3/2018 ميلادي - 14/7/1439 هجري

الزيارات: 18561

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حفظ القرآن الكريم دعامة التفقه في الدين

 

بُنِيتْ مادة هذا المقال على مقدمة، وعنصرين اثنين، كالآتي:

المقدمة:

إن بركة حفظ القرآن الكريم بالنسبة لطالب العلم لا تكاد تخفى على أحد، إذ هو مشرب الأحكام الشرعية، وينبوع النماذج الشارحة للقواعد العلمية، والصور التمثيلية، فكل أرباب التخصصات يفزعون إليه، منتزعين من حدائقه الأمثلة والشواهد والأدلة؛ لذلك فبركة حفظه على التحصيل العلمي عموماً، والفقهي خصوصاً، لا ينكرها إلا مكابر أو جهول.


إن الناظر في تاريخ التعليم الإسلامي وطرقه ومناهجه، سيجد أن حفظ القرآن الكريم، كان مدخلاً أساساً للتفقه في الدين منذ بزوغ المدرسة الإسلامية العتيقة، فقد كان الاعتماد على "حفظ {القرآن الكريم} والمتون العلمية، هدفاً أساساً مقصوداً من الدرس الفقهي، لكونه السبيل الوحيد إلى التفقه، فلم يكن بوسع طالب الفقه، أن يحضر مجلس الدرس، إلا إذا حفظ {القرآن الكريم} والمتن الفقهي، الذي يتناوله الشيخ بالشرح والتعليق."[1]


لذلك فالذين يُنفِّرون طلبة العلم من الحفظ، ويقبحونه في وجوههم جملة وتفصيلاً، مثلهم كمثل أهل الرأي قديماً، لما أَعْيتْهم النصوص أن يحفظوها، رفعوا لواء الرأي وأعلوا شأنه، وازدروا بالحفَّاظ، وحَطُّوا من قيمة الحفظ، فلستُ أدري فِيمَ يضر طالب العلم حفظ القرآن الكريم، وبعض المتون العلمية، التي يمكن أن يستعين بها على تذكر مسائله، وترتيب معارفه؟!


فإذا كان الحفظ مذموماً جملة وتفصيلاً، ويُبلِّد العقل، ويُحجِّر الذاكرة كما يٌدَّعى، فلماذا اعتمده علماء الجرح والتعديل وصفا من الأوصاف القَدْحِيَّة في حق من لا يحفظ، ووصفاً من أوصاف التَّحْلِيَّة في حق الحافظ الثَّبتِ، حيث نجدهم يكررون مثل هذه العبارات في كتبهم، في حق غير واحد من العلماء (حافظ حجة، حافظ ثبت، سيء الحفظ...) وهكذا؟! لأنه "يترتب على الحكم عليه - بالحفظ والإتقان، أو سوء الحفظ- قبولُ روايته أو ردُّها...أو ترجيحُ أحد الخبرين المتعارضين، فيما إذا تفاوت الراويان للخبرين في الحفظ، فتقدم رواية الثبت الحافظ على غيره." [2] وقعَّدوا في ذلك قاعدة طارت بها الأقلام، ولاَكتْها أَلْسُن المبتدئين قبل الشادين، وهي: " الحافظ حجة على من لم يحفظ". ثم إذا كان الحفظ[3] مُسْتصْغَراً في الأنظار، ساقطَ الاعتبار، لم تكن للصحابي الجليل - حافظِ الإسلام، وذاكرةِ الأنام- أبي هريرة رضي الله عنه أيُّ مزية في هذا الغمار، ولكان تلقيبه بلقب الحافظ من قبل الفقهاء والمحدثين لا معنى له؟ قال ابن حجر - رحمه الله- معلقا على تبويب البخاري في صحيحه بهذا العنوان : (باب حفظ العلم): " لم يذكر في الباب شيئا عن غير أبي هريرة؛ وذلك لأنه كان أحفظ الصحابة للحديث، قال الشافعي رضي الله عنه: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في عصره، وقد كان بن عمر يترحم عليه في جنازته ويقول: كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم". [4]

 

العنصر الأول: حفظ طالب العلم للقرآن: حَاجةٌ أم ضرورة؟

لا يمكن المجازفة بالجواب عن هذا السؤال – كيفما كان شكل الجواب - إلا بعد النظر إلى الفوائد والملكات العلمية، والمهارات الفكرية، التي يمكن أن يكتسبها طالب العلم من خلال حفظه للقرآن الكريم، فالجواب عن هذا السؤال، نُوكِلُه لطالب العلم نفسه، في آخر هذا المقال، وذلك بعد أن نبرز له أثر حفظه على محصلاته العلمية، ونوردَ له أقوال علماء التربية المسلمين في ذلك.

 

العنصر الثاني: حفظ القرآن الكريم، وأثره في تكوين الملكات العلمية.

لا شك أن حفظ القرآن الكريم هو " أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات"[5] لأنه يُكْسب طالب العلم مجموعة من الملكات والقدرات، نذكر منها:

- ملكة الاستحضار:

وأريد بها، تلك العملية الذهنية التي يتم من خلالها استحضار النصوص القرآنية، والنفاذ إليها بأقل مجهود، من أجل الاستدلال بها على النوازل والمسائل الفقهية. وهذه الملكة لو لم يكن من حسناتها إلا أنها توفر عليه الوقت والجهد لكفى، كيف وأنها – أي: ملكة الاستحضار - تجنب صاحبها طريق الزيغ، وعيب الزلل، وتعصمه من سوء الفهم؟! لأنه، لا يسوغ تقرير حكمٍ شرعي لنازلة فقهية، بناء على نص قرأني واحد، بل لا بد من استقصاء جميع ما يتعلق بتلك النازلة من النصوص المتناثرة هنا وهناك، فـ"النص الواحد أو النصوص القليلة، لا يحصل من دراستها استخلاص الفقه، نظراً لما بين النصوص من الإجمال والبيان، والعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والنسخ"[6]؛ وهذا لا يتأتى - في الغالب الأعم - إلا إذا كانت جميع تلك النصوص محفوظةً حفظ صدر وسطر، وإلا حصل تقرير خلاف شَرْعِ الله في تلك النازلة، فاكتساب طالب العلم لملكة الاستحضار، يجنبه الوقوع في مَعَرَّة التعامل الجزئي مع النصوص، والاشتغال الذَّرِّي على الدليل. وتناولُ النصوص بهذه الطريقة - أثناء تقرير الأحكام- أمر جَلَلٌ في الدين؛ لذلك يؤكد بعض الباحثين - وهو في سياق حديثه عن خطورة التعامل الجزئي مع نصوص السنة، على أنه " من اللازم لفهم السنة فهما صحيحا، أن تجمع الأحاديث الصحيحة في الموضوع الواحد، بحيث يرد متشابهها إلى محكمها، ويحمل مطلقها على مقيدها، ويفسر عامها بخاصها، وبذلك يتضح المعنى المراد منها، ولا يضرب بعضه ببعض."[7] فطالب العلم الذي يفتقد هذه الملكة- ملكة استحضار النصوص- قد يستنبط من هذا النص القرآني حكما لنازلة، يخالفه حكمٌ تضمنه نصٌّ آخرُ لا يحفظه ولا يستحضره، بخلاف طالب العلم الحافظ للقرآن، يكون أقدرَ على استحضار ما يتعلق بالنازلة من نصوص قرآنية، والاشتغال عليها بطريقة كلية، مُقارنا هذا بذاك، وعارضا هذا على ذاك، فلا يحتاج في ذلك كله، إلى تقليب أوراق، أو رجوع إلى مصحف.


والناظر في علم أصول الفقه، لا يخفى عليه تأكيد بعض الأصوليين على ضرورة توفر المجتهد على هذه الملكة، المتضمَّنة في ذلك الشرط الذي وضعوه، وألزموا به كلَّ من أراد أن يُدرَج اسمُه في تَعداد المجتهدين، المتصدرين للقول عن الله، وإفتاء الناس في أمر دينهم، إذ قرروا، أنه لابد له من أن يكون حافظا لآي وأحاديث الأحكام، عالماً بمواعقها، وبناسخها ومنسوخها، وخاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، وقد ذكروا أن عددها خمس مئة آية،[8] وخمس مئة حديث مثلها.[9] وقد عقب بعض الباحثين على كلام الإمام الغزالي، الذي يرى أنه لا يشترط في المجتهد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، ما نصه: "ولا ريب أن حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، أولى، ويجعل صاحبه أقدرَ على استحضار الآيات المطلوبة في موضوعه، بدون معاناة تذكر."[10] وإني لَأَسْتَبْعدُ، وأُحَاشِي جَناب وجود عالم بلغ رتبة الاجتهاد لا يحفظ القرآن الكريم، قال الحافظ بن حجر رحمه الله في ترجمة الإمام أبي الحسن ابن أبي شيبة ما حَرْفُه:" عثمان ابن محمد، ابن إبراهيم، ابن عثمان العبسي، أبو الحسن ابن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير، وله أوهام، وقيل كان لا يحفظ القرآن... "[11]


قلتُ: ووجه الحجة فيه، أنه ذكر عدم حفظه للقرآن الكريم على سبيل الاستغراب والتَّفَرُّدِ بهذه المنْقصة، وشاهدُه، أنه لم يقل هذه العبارة (وقيل كان لا يحفظ القرآن) في غيره ممن ورد ذكرهم في كتابه "التقريب"، مما يدل على أن جميع من ذكرهم من العلماء كانوا يحفظون القرآن الكريم حفظ صدر.

 

- ملكة اللسان العربي:

وأقصد بها، امتلاك ناصية اللغة العربية، والتمكن منها نطقا وكتابة، فإذا حصلت هذه الملكة لدى طالب العلم، فقد حصلت له أهلية التفقه في الدين، وامتلك مفتاح العلوم عموما، وعلم الفقه على وجه الخصوص؛ لذلك قيل:" العلوم مَطَالِعُها من ثلاثة أوجه: قلب مفكر، ولسان مُعبِّر، وبيان مُصوِّر".[12] فحفظ القرآن الكريم أسرع إلى تجذير هذه الملكة في نفس صاحبه، وكنتُ قد سألتُ الدكتور عبد العزيز القاسح، زمان الأخذ عنه بمعهدالإماممالكللتعليمالعتيقبتطوان، عن عوامل تمكنه من اللغة العربية، والطرق التي سلكها حتى صار فيها متمكنا أمكن، فأرجع فضل ذلك إلى الله تعالى أولاً، ثم إلى حفظ القرآن الكريم ثانياً. والحق أن الرجل كان آية في الاسترسال والبيان، وكأنقواميساللغة العربية،تتجلىأمامهفيأخذمنهامايشاءويدع. وقد كنتُ أتصيد سقطاته اللغوية والنحوية داخل الحصة الدراسية، فتمر الحصة من بدايتها إلى نهايتها دون أن أسجل عليه فَلْتة لغوية أو سقطة نحوية.


فإذا كان ابن خلدون (ت 808هـ) -رحمه الله- قد تحدث عن حفظ كلام العرب عامة، واعتبره أداة من أدوات حصول ملكة اللسان العربي، التي تتقدم ما يأتي بعدها من الملكات، فقال في هذا المضمار: "وتَعْلم مما قررناه في هذا الباب، أن حصول ملكة اللسان العربي، إنما هو بكثرة الحفظ من كلام العرب"[13] فإن أولى ما يجب أن تشتد له عناية طالب العلم، هو حفظ كتاب الله تعالى للغرض نفسه؛ فهو بحر الأدب وساحله؛ وأبلغ معنا وأعذب ذوقا، وأرَصُّ بناء وأحكم تركيبا، وأجمل أسلوبا وسجعا، وأوقع في النفس وأسرع إلى الخاطر، وأنفذ إلى القلوب وألذ ما يسمع.

 

إن حافظ القرآن الكريم، لا بد أن تَجريَ أساليبُه وتراكيبُه على لسانه وقلمه، ويغترف من بلاغته وسمو معانيه في خطاباته، ويقتبس منه ما يزين حديثه ويرفع مقامه، فالذي يقرأ للمحقق الأريب، والطود الشامخ العجيب، سيدي عبد الله دراز- رحمه الله- خاصة كتابَه "النبأ العظيم" يزعمه يحرف القرآن عن مواضعه، غير أنه سرعان ما يتبدد له هذا الزعم، عندما يُوفَّق لإدراك صنيع الرجل ومنهجه، إنه يأتي لتراكيب القرآن الكريم فيستقي منها ما يُبلِّغ به مرادَه، ويترجم به قصده، ويطرز به أسلوبه، ويوشح به حديثه، وكأن كتابه ذاك، قرآن ثانٍ أُعيد نظمه وترتيبه.[14]

 

يقول نجم الدين، أحمد بن إسماعيل بن الأثير الحلبي (ت 737ه) رحمه الله، وهو بصدد ذكر أصول تحصيل اللسان العربي، والتمكن من صناعته، ما نصه:" فمنها: أن يحفظ كتاب الله تعالى، إذ له فائدتان في حفظه...والفائدة الثانية: أن يطلع على أسرار الكتاب العزيز، بكثرة تلاوته، ويتدرب باستعماله في مطاوي كلامه، والاستشهاد به في الوقائع المناسبة لكل آية من آياته..."[15] ويقول مَرْجعُ الأدب وشيخ العربية، الأستاذ محمود شاكر: " إن الحفظ الأول للآثار الأدبية الرائعة- قديمها وحديثها- هو الذي يخرج الأديب والكاتب والشاعر. انظر إلى المنفلوطي، والرافعي، وشوقي، وحافظ، والبارودي، والزيات، وطه حسين، كل هؤلاء لم يكونوا كذلك إلا لأنهم نشأوا وقد حفظوا القرآن أطفالا..."[16]

 

العنصر الثالث: مذهب الفكر التربوي الإسلامي في حكم حفظ طالب العلم للقرآن.

إن علماء الفكر التربوي الإسلامي، قد وَعَوْا فائدة حفظ القرآن الكريم، وأدركوا عوائده الإيجابية على طالب العلم؛ لذلك ما كانوا يَرْضَوْن له الاشتغالَ بأي نوع من أنواع العلوم قبل التمكن من حفظه؛ لأنه في نظرهم مرقاة تَقْدُم ما يأتي بعدها من مراقي الاجتهاد، ووسيلة لما بعده من وسائل العلم وأدواته، يقول العالم التربوي ابن عبد البر (ت 463هـ) -رحمه الله- وهو يتحدث عن ضرورة ما يجب تقديمه من العلوم: "فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل، وتفهمه، وكل ما يعين على فهمه فواجب طلبه معه، ولا أقول إن حفظه كله واجب فرض، ولكني أقول: إن ذلك شرط لازم على من أحب أن يكون عالما فقيها، ناصبا نفسه للعلم... ثم قال: فالقرآن أصل العلم، فمن حفظه قبل بلوغه، ثم فرغ إلى ما يستعين به على فهمه من لسان العرب، كان ذلك له عونا كبيرا على مراده منه."[17]


ولعل نصَّ ابنِ عبد البر هذا، أصرحُ ما في الباب في وجوب حفظ القرآن الكريم بالنسبة لطالب العلم، الذي تشرئب نفسه إلى دَرْك المعالي، وركوب صهوة الاجتهاد.


وقد كان الأوزاعي رحمه الله أيضا، إذا رأى في مجلسه حَدَثا قال مستفهما: "يا غلام، قرأتَ القرآن؟ فإن قال نعم، قال: اقْرأْ "يوصيكم الله في أولادكم" وإن قال: لا، قال: اذهب تعلَّم القرآن قبل أن تطلب العلم."[18]


ويقول الخطيب البغدادي (ت463هـ) رحمه الله، الذي يُعَدُّ – بحق- عمودا من أعمدة الفكر التربوي الإسلامي، كيف لا وقد سبر التعليم في زمانه، وأدرك مقوِّماتِ التعلُّم وطرقَ بنائه، وما يصلح في أول الطلب وإبانه، فدوَّن في ذلك أدبياتٍ تربوية جليلة، وقواعد منهجية عظيمة، ضمنها بعض مؤلفاته، بل أفرد لها كتباً عظيمة الرَّجْعِ، غزيرة النَّفعِ؟ قال قدس الله سره: "ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل، إذ كان أجلَّ العلوم وأولاها بالسبق والتقديم"[19]


ثم انضم إلى حلقة هؤلاء الأعلام قامةٌ علمية، وعَلَم من الأعلام الرواسي، الدكتور فريد الأنصاري -رحمه الله- الذي ورث حظا وافرا مما أُوتيَه هؤلاء المربون الأقدمون من الحكمة والمعرفة ورجاحة الفكر، قال رحمه الله في سياق حديثه عن الأصول الأربعة للعلوم الشرعية: "الأصل الأول: نصوص الوحي، وفي ذلك نظر عام وخاص، فأما العام، فهو أنه لا بد لطالب العلم الشرعي من جمع القرآن الكريم كله، حفظا واستظهارا..."[20]


ولعلك – يا طالبَ العلم- لستَ في حاجة إلى زيادة بيان – بعد هذا البيان- من أجل أن تدرك الجواب الصحيح عن هذا السؤال، الذي دَرَجْناه في وسط عِقد هذا المقال، وهو: (هل حفظ القرآن بالنسبة إليك حاجة أم ضرورة)؟


وحتى لا يُساء فهمُ ما حملته سطورُ هذا المقال، وأُجنِّب عرضيَ جراحات اللِّسان، وأدفع عن نفسي لَمْزَ القِيلِ وَهَمْزَ الْقَال، فإنني لا أعني أن الطالب الذي يحفظ القرآن الكريم، يمتلك ما لا يمتلكه غيره من القدرة على معالجة النصوص، واستثمار الأدلة الشرعية، وأنه بحفظه له قد وضع قدما على عتبة الاجتهاد، أو أنه إنما تحصل له ملكة النقد والنقض، والرد والاعتراض، وفهم مسائل الفقه، بمجرد حَمْله للقرآن واستظهاره، فهذا غير مقصود من كلامي لا من جهة المنطوق ولا من جهة المفهوم، بل قصارى مرادي، أن طريق التَّفقَّه، بالنسبة لحافظ القرآن الكريم، أقصر من طريق غيره وأسلك.

والحمد لله على ما أنعم، فاتحة الطريق وخاتمة المسلك.



[1] مصطفى صادقي. منهاج تدريس الفقه: دراسة تاريخية تربوية. ص137. المعهد العالمي للفكر الإسلامي. الطبعة الأولى1433هـ.2012م.

[2] المكي أقلاينة. النظم التعليمية عند المحدثين في القرون الثلاثة الأولى. ص 84. كتاب الأمة. الطبعة الأولى 1413هـ.

[3] سنخصص – بحول الله تعالى- مقالا للحديث عن حفظ المتون العلمية، نبرز فيه مكانة الحفظ ودوره على التحصيل العلمي.

[4] ابن حجر العسقلاني. فتح الباري شرح صحيح البخاري ج1. ص214. باب حفظ العلم. دار المعرفة- بيروت.

[5] ابن خلدون. (المقدمة) تحقيق: عبد الله محمد الدرويش.ج2.ص 353. دار يعرب -دمشق. الطبعة الأولى. 1425ه.2004م.

[6] مصطفى صادقي. (منهاج تدريس الفقه). ص346.

[7] ينظر: (كيف نتعامل مع السنة النبوية).ص 123.دار الشروق.الطبعة الثانية.1423هـ.2002م.

[8] أبو حامد الغزالي. (المستصفى من علم الأصول). (ت 505 هـ). تحقيق: د/ محمد سليمان الأشقر. ج2.ص383. مؤسسة الرسالة- بيروت. الطبعة الأولى.1417ه.1997م.

[9] ينظر: (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول). محمد بن علي الشوكاني. تحقيق: سامي بن العربي. ج2ص 1028. دار الفضيلة- الرياض. الطبعة الأولى. 1421ه.2000م.

[10] ينظر: (الاجتهاد في الشريعة الإسلامية مع نظرات تحليلية في الاجتهاد المعاصر).. ص 22. دار القلم- الكويت. الطبعة الأولى 1417هـ.1996م.

[11] ابن حجر. تقريب التهذيب. ص 386. دار الرشيد- سوريا. الطبعة الأولى 1406هـ. تحقيق: محمد عوامة.

[12] أبو الحسن علي الماوردي.أدبالدنياوالدين. ص 52. دار مكتبة الحياة- لبنان. سنة النشر 1986م. بدون بيان عدد الطبعة.

[13] (المقدمة) ابن خلدون. ج2. ص386.

[14] لعل سائلا يقول: وما حجتك على أنه كان يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب؟ قلت مكتفيا بإيراد المثل السائر: "الصنعة تدل الصانع"

[15] نجم الدين أحمد بن إسماعيل بن الأثير الحلبي (جوهر الكنز، تلخيص كنز البراعة في أدوات ذوي اليراعة).تحقيق: د/ محمد زغلول سلام. ص29 و30. منشأة معارف الإسكندرية- مصر. (بدون بيان الطبعة وسنتها).

[16] جمهرة مقالات الأستاذ محمود محمد شاكر، جمعها عادل جمال. ج 1.ص 153.بواسطة: تكوين الذهنية العلمية، دراسة نقدية لمسالك التلقي في العلوم الشرعية. لمحمد بن حسين الأنصاري ص204. دار الميمان- السعودية. الطبعة الأولى 2012م.

[17] ابن عبد البر (جامع بيان العلم وفضله). ج2. ص 1129 و1130.تحقيق: أبو الأشبال الزهيري. دار ابن الجوزي- المملكة العربية السعودية. الطبعة الأولى.1414ه 1994م.

[18] الخطيب البغدادي (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع). ج1. ص 108. تحقيق: د/ محمد الطحان. مكتبة المعارف الرياض. 1403هـ.1983م. بدون بيان الطبعة.

[19] الخطيب البغدادي. (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع). ج1. ص106.

[20] فريد الأنصاري (مفهوم العالمية من الكتاب إلى الربانية). ص 89. دار السلام- القاهرة. الطبعة الأولى 1430هـ. 2009م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قالوا عن الشيخ رحمه ...
  • كتب
  • صوتيات
  • محاضر السماع
  • ضيوف الندوة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة