• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. محمد منير الجنباز شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. محمد منير الجنباز / مقالات


علامة باركود

بر الوالدين

بر الوالدين
د. محمد منير الجنباز


تاريخ الإضافة: 3/7/2014 ميلادي - 5/9/1435 هجري

الزيارات: 20616

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بر الوالدين

الوصية الثانية: قوله تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ (2)

ذلكم وصاكم به ( الوصايا العشر )


البِرُّ يبقى حتى بعد موت الأبوين:

على الولد ألا يقطع برَّه لأبويه بمجرد موتهما، بل يبَرُّهما بالدعاء لهما، والأداء عنهما؛ ففي الحديث الصحيح: ((إذا مات ابنُ آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، وعند أبي داود عن مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجلٌ من بني سَلِمةَ فقال: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبَرُّهما بعد موتهما؟، فقال: ((نعم، الصلاةُ عليهما - بمعنى الدعاء - والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدِهما من بعدهما، وصلة الرَّحِم التي لا توصَلُ إلا بهما، وإكرام صديقِهما))[1].

 

وعند مسلم عن بُريدة بن الحصيب قال: بَيْنا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأةٌ، فقالت: إني تصدَّقتُ على أمي بجارية، وإنها ماتت، فقال: ((وجَب أجرُك، وردَّها عليك الميراث))، فقالت: يا رسول الله، إنها كان عليها صوم شهر، أفأصومُ عنها؟ قال: ((صومي عنها))، قالت: إنها لم تحجَّ قط، أفأحج عنها؟ قال: ((حجي عنها))[2]، وعند مسلم عن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من أبرِّ البرِّ صلةَ الرجلِ أهلَ ود أبيه بعد أن يولي))؛ أي: أن يصلَ أصدقاء أبيه بعد موته.

 

أثَر بر الوالدين على الولد البار:

ولا يخفى أثر بر الوالدين على الولد البار؛ فالله سبحانه وتعالى يُطيل عُمره ويتوفَّاه على الإيمان، ويُكثر في الدنيا رزقه، ويسوقه سوقًا إلى الحسنات، فتراه منعَّمًا مكرمًا، وضيءَ الوجه، محفوظًا من المصائب العاتية، والبلايا الجائحة، مُبارَك له في ماله وولده، أنَّى توجه يلقى الخير، وحول هذا الأمر أخبارٌ كثيرة موثوقة تُظهِر أثَر بر الوالدين على الولد البار، وفي الحديث الذي يرويه البخاريُّ عن أبي هريرة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((من سرَّه أن يبسُطَ الله له في رزقه، وأن ينسَأَ له في أثَره، فلْيصِل رحِمه))[3]، و"ينسأ له في أثره"؛ أي: يزيدَ في عمره، أو يُباركَ له فيه.

 

فهذا في برِّ الأقارب وصلتهم، فكيف في الوالدينِ الذين هم سبب في هذه القرابة؟ إن الأجر لأعظمُ، وببركة بر الوالدين يغفر الله الذنب؛ ففي الحديث الذي يرويه الترمذي عن ابن عمرَ رضي الله عنهما أن رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة؟ فقال: ((هل لك من أم؟))، قال: لا، قال: ((فهل لك من خالة؟))، قال: نعم، قال: ((فبَرَّها))[4]، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الخالةُ بمنزلة الأم))، قال الترمذي: حديث صحيح.

 

وفي الحديثِ عن ابن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رضا الربِّ في رضا الوالدين، وسخط الربِّ في سخط الوالدين))؛ رواه الترمذي، وقد حضر النبي صلى الله عليه وسلم شابًّا يحتضر، فلقنه الشهادة فلم يستطِعْ نطقها، فقال: ((هل له أم؟))، فقالوا: نعم، فطلبوها وسألوها عنه، فكانت غير راضية عنه، وسألوها الدعاء له، فلم تُجِب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إليَّ بحطب لأحرقه))، فرقَّ قلبها وسامحته، فنطَق بالشهادة، وحُلَّت عقدة لسانه، ومِن فضل بر الوالدين قصة أصحاب الغار؛ ففي البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((انطلق ثلاثة نفر ممن كان قبلكم، حتى آواهم المبيتُ إلى غار، فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الجبل، فسدَّت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا اللهَ بصالح أعمالكم، قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوانِ شيخان كبيران، وكنت لا أغبقُ قبلهما أهلاً ولا مالاً، فنأى بي طلبُ شجر يومًا، فلم أُرِحْ عليهما حتى ناما، فحلبتُ لها غبوقهما، فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أغبقَ قبلهما أهلاً أو مالاً، فلبثت والقَدَح على يدي أنتظر استيقاظهما، حتى برق الفجر، والصبية يتضاغَوْن عند قدميَّ، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللهم إن كنتُ فعلت ذلك ابتغاء وجهك، ففرِّج عنا ما نحن فيه، فانفرجت شيئًا لا يستطيعون الخروج))، والغبوق: شراب آخر النهار، والمعنى أنه ما كان يقدِّم عليهما في شرب حظهما من اللبن أحدًا، ويتضاغون: يصيحون من الجوع؛ (راجع تمام القصة عند البخاري أو مسلم).

 

عقوق الوالدين:

لقد عدَّ اللهُ عقوق الوالدين من الكبائر؛ لِما للوالدين من فضل كبير، وإن من أكبر العقوق وأشدِّه على الأبوين أن يكون ولدُهما جاحدًا ضالاًّ لا يلتزم منهج الإيمان، عند ذلك يشعرانِ أن قطعة منهما تحوم حول النار لتسقطَ فيها، فيتأذيان كثيرًا، ويجهدان في هداية ولدهما وترغيبه، وفي قصة ابن نوح عبرةٌ كبيرة، فكان كافرًا عاقًّا، ومع ذلك تعلَّق به قلبُ نوح عليه السلام؛ رغبةً في هدايته، فناداه في رقة وحنان؛ لينجوَ مع أبيه من العذاب الواقع بالكافرين: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42]، ولكن الجحود أعمى قلبَه وتفكيره، كما قررنا ذلك من قبلُ، فنطق بالعناد، وخلع من قلبه طاعة الله وطاعة والده، فكان جوابه: ﴿ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 43]، وظل قلبُ الوالد مع ابنه، إنه يأمُل ويأمل أن يهديَه الله ليكون من الناجين، وتوسل نوحٌ إلى ربه: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴾ [هود: 45]، ولم يهدَأْ نوح إلا بعد أن حسَم اللهُ الأمر، وبيَّن كفر ولدِه، وأنه غيرُ صالح؛ ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [هود: 46].

 

ولقد روى القرآنُ الكريم أيضًا قصة الولد العاق الذي خيَّب أمل والديه بكُفره وعقوقه، وكانا يأملان منه أن يكون مؤمنًا قويًّا في إيمانه، فيكون قرة عين والديه؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الأحقاف: 17]، وفي سورة الكهف قتَل الخَضِر الولد العاق الكافر؛ خشيةَ أن يفتن والديه؛ قال تعالى: ﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ﴾ [الكهف: 74]، ثم قبل انصراف موسى ومفارقته للخضر بيَّن له الخضِرُ سبب قتله الولد؛ قال تعالى: ﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا ﴾ [الكهف: 80، 81]، ومِن العقوق أيضًا التسبُّب في شَتْم الوالدين؛ ففي الحديث الشريفِ في البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من الكبائر شَتْمَ الرجل والديه))، قال: وهل يشتمُ الرجل والديه؟ قال: ((نعم، يسُبُّ الرجلُ أبا الرجلِ وأمَّه، فيسُبُّ أباه وأمَّه))[5].

 

قصة جريج:

عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لَم يتكلَّم في المهد إلا ثلاثة؛ عيسى ابن مريم، قال: وكان في بني إسرائيل رجل عابد يقال له: جُرَيج، فابتنى صومعة، وتعبَّد فيها، قال: فذكَر بنو إسرائيل عبادة جُرَيج، فقالت بغيٌّ منهم: لئن شئتم لأفتننَّه، فقالوا: قد شئنا ذاك، قال: فأتَتْه، فتعرَّضت له، فلم يلتفت إليها، فأمكنت نفسَها من راعٍ كان يُؤوي غنَمَه إلى أصل صومعة جريج، فحمَلت، فولدت غلامًا، فقالوا: ممن؟ قالت: من جُريج، فأتَوْه فاستنزلوه، فشتموه وضربوه وهدَموا صومعته، فقال: ما شأنُكم؟ قالوا: إنك زنيتَ بهذه البغي فولدت غلامًا، فقال: وأين هو؟ قالوا: هو هذا، فقام فصلَّى ودعا، ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بأصبعه، فقال: بالله يا غلام، مَن أبوك؟ فقال: أنا ابن الراعي، فوثَبوا إلى جريج فجعلوا يقبِّلونه، وقالوا: نبني صومعتك من ذهبٍ، قال: لا حاجة لي في ذلك، ابنوها من طينٍ كما كانت))، وكان هذا بسبب دعاءِ أمه عليه؛ ففي رواية أخرى عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كان في بني إسرائيل رجلٌ يقال له: جريج، كان يتعبَّد في صومعته، فأتته أمُّه ذات يوم فنادته، فقالت: أيْ جُريجُ، أي بني، أشرِفْ علي أكلمك، أنا أمك، أشرِفْ عليَّ، فقال: أي ربِّ، صلاتي وأمي، فأقبَل على صلاته، ثم عادت فنادته مرارًا، فقالت: أيْ جريجُ، أي بنيَّ، أشرِفْ عليَّ، فقال: أي ربِّ، صلاتي وأمي، فأقبَل على صلاته، فقالت: اللهم لا تُمِتْه حتى تريه المومسة - أي المرأة الزانية))[6]، ثم كان من أمرِه أن اتُّهم بالزنا، فبرأه الله؛ حيث أنطق اللهُ الغلام، وذكَر اسم الراعي الذي فعَل الفاحشة بها.

 

وهذه القصةُ تُبيِّن مدى استجابة دعاء الله للأمِّ في ولدها إن عقَّها، حتى في هذا العابد، لولا أن تداركه اللهُ بلطفه؛ ليريه مدى مقدار برِّ أمه.

 

قصة الخليفة العباسي المتوكل على الله:

المتوكل على الله هو الخليفة العباسي العاشر، قتَله ولده محمد المنتصر ليتولَّى الخلافة بعده، فتآمر عليه مع القادة والطامعين، ثم أدخلهم عليه فقتَلوه، ثم بايعوا ولدَه بالخلافة، ولما تم له ذلك لَم يهنَأْ بالخلافة بعد فَعلته النكراء، لقد مات بعد ذلك بستة أشهر، قيل: رأى في المنام والده فقام وهو يبكي وينتحب، فسمِعه عبدالله بن البازيار فأتاه فسأله عن سببِ بكائه، فقال: كنت نائمًا فرأيتُ - فيما يرى النائم - كأن المتوكلَ قد جاءني فقال: ويحك، يا محمد قتَلتَني وظلمتني، وغبَنْتَني خلافتي، والله لا متعتَ بها بعدي إلا أيامًا يسيرة، ثم مصيرك إلى النار، فقال له عبدالله: هذه رؤيا قد تصدق وقد تكذب، بل يُعمِّرك الله ويسرُّك، لكن المنتصر ظل متأثرًا منكسرًا إلى أن توفي، وكان السبب المباشر لوفاته أن جاءته الذبحةُ في حلقه، وقيل: كانت علتُه من ورم في معدته، ثم صعِد إلى فؤاده، فمات، جرى ذلك له في ثلاثة أيام، مات ولم يجاوز الخامسة والعشرين، وهذا من أعظم الإثم؛ حيثُ جمَع بين القتل والعقوق، وكلاهما جريمتانِ كبيرتان، وفي التاريخ قصص مشابِهة، وفي هذه العبرة كفاية لكل ذي لبٍّ وقلب.



[1] جامع الأصول ص407 ج1.

[2] المصدر نفسه ص404 ج1.

[3] المصدر نفسه ص488 ج6.

[4] جامع الأصول ص406 ج1 ورجاله ثقات.

[5] جامع الأصول 628 ج10.

[6] هذه القصص نقلاً عن ابن كثير - البداية والنهاية، ص120 ج2.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصائد
  • صوتيات ومرئيات
  • قصص الأطفال
  • إعراب القرآن
  • معارك إسلامية خالدة
  • كتب
  • بحوث ودراسات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة