• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. محمد منير الجنباز شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. محمد منير الجنباز / مقالات


علامة باركود

زكريا ويحيى عليهم السلام

زكريا ويحيى عليهم السلام
د. محمد منير الجنباز


تاريخ الإضافة: 26/7/2021 ميلادي - 16/12/1442 هجري

الزيارات: 18321

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

زكريا ويحيى


ذكر الله زكريا في أول سورة مريم وفي سورة آل عمران، ومن الجمع بين السورتين سنكوِّن فكرة عن زكريا وابنه يحيى؛ قال الله تعالى: ﴿ كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ﴾ [مريم: 1، 2]، في الآية الكريمة: وجهان، وكلاهما جيد:

إما أن يكون ﴿ رَحْمَتِ رَبِّكَ ﴾ [مريم: 2] صفة لزكريا، بمعنى أن زكريا بدل أو عطف بيان، ويكون المعنى أن الله تعالى يبين لنا في هذا الكتاب الكريم ذكر عبده زكريا بشيء من التفصيل في الجانب الذي أراد الله أن يبرزه في حياة هذا النبي لتتم الفائدة والعبرة منها لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته على مدى الدهر، وقد عودنا القُرْآن الكريم في سيرة كل نبي أنه يختار منها الجانب الأهم دون التطرق إلى مسيرة النبي كاملة خلال مسيرة حياته ودعوته في قومه، فهناك ولا شك أمور متشابهة في حياة الأنبياء، وذِكرها كلها سيكون من باب التكرار، وفي واحدة منها تتحقق الفائدة؛ وذلك لأن القصد من ذكر سير الأنبياء وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبِّتَه ويقوي بها فؤاده ويعلمه عن أشهر ما مر به كل نبي من المحن والابتلاء مع قومه، أو بما امتُحن به في نفسه وأهله، وإظهار حالته التي عاش عليها، ومدى صبره وعزمه وتوكله؛ ولذلك تنوعت قصص الأنبياء وتباينت أخبارهم، وفي كل منها دروس مستفادة وعبر في مسيرة الحياة.

 

وإما أن يكون رحمة ربك بعبده زكريا، على تقدير حذف حرف الجر وانتصاب (عبده) بنزع الخافض، ورحمة الله بعبده زكريا باستجابة دعائه؛ ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم: 3]؛ فقد نادى ربَّه ودعاه بصوت خفي لا جهر فيه؛ وذلك ليكون سرًّا بينه وبين ربه، فهناك نداء القلوب خفقًا لخالقها، وهناك نداء العيون فيضًا من الدموع، وهملانها في موقف الخشية والرهبة من الخالق العظيم، وهناك نداء الجلود قشعريرة وانكماشًا؛ تعبيرًا عن الخضوع والذلة لله المعبود، فما أحسن النداء الخفي في هدأة الليل والناس نيام! والمستغيث بالله قائم يتضرع وينادي الله وهو السميع العليم، فلا يريد بندائه أن يوقظ الليل من سكونه، كأنما يريد الانفراد بربه والتضرع له ليكون أبلغ في الخشوع، وأجمع لاستحضار القلب وثبات الجنان، فينطلق اللسان بالذكر والشكر ما لا ينطلق في الجهر والإعلان، ويكون الاتصال بالله قويًّا، والإجابة حاضرة لا تبطئ، وقد لا يريد الداعي إظهار ما يريد من ربه على الملأ، إما حياءً وإما رهبة من الناس وخشية من ظالم أمعن في الظلم، فما كان لردعه إلا سهام الليل تنطلق من والهٍ حزين تناجي نصير الضعفاء والمساكين في ساعة غفل فيها الناس، واستسلمت للنوم أجفانهم، إلا ذلك المقهور المظلوم فإن ألمه صَحْو وجرحه ثرثار، ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4]، فماذا كان فحوى دعائه؟


كان دعاءَ يشخِّص حالته وما وصل إليه، وهذا ما جعله يخفي الدعاء ويُسرُّه، يشكو مما وصل إليه من أنه تقدم في العمر؛ فقد رق جلده ووهن عزمه ودق عظمه واشتعل شيب رأسه بياضًا، وهذا دليل كِبَر السن، ثم يتبع شكواه بحسن ظنه بالله وتعوده على كرم الله ومنِّه عليه بالاستجابة، بأنه كان مستجاب الدعاء، وهذا ما تعود عليه من ربه، فلم يرُدَّ الله دعاءه في يوم من الأيام، بل كان بدعائه هنيئًا سعيدًا، ويتابع زكريا الإفصاح عن مكنون دعائه الخفي: ﴿ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 5] فقد خاف ذوي قرباه الذين يحق لهم أن يرثوه، فلماذا الخوف من الأقرباء؛ ألم يكونوا على مستوى المسؤولية؟


إن زكريا أكثرُ معرفةً وخبرة بأمرهم؛ فلعلهم كانوا ممن لا يؤتمنون على الدعوة وعلى إرث زكريا، إنه بالطبع غير خائف لو كانوا سيرثون ماله، فهو ليس من ذوي الأموال، وإنما الخوف على تضييع الأمانة التي سيتركها لهم؛ أمانة العلم والدعوة إلى الله، قيل: إنهم كانوا مهملين لأمر الدين؛ فخاف أن يضيع الدين بموته، فطلب وليًّا يقوم به بعد موته، فكان إذًا لب الدعاء الخفي لزكريا: أنه يطلب من الله ولدًا يخلفه، ويشكو أن امرأته كانت عاقرًا؛ لذلك يحار في كيفية المخرج من هذا الهم، فأوكل الأمر إلى الله القادر، والظاهر أن الذي شجعه على هذا الطلب ما رآه عيانًا من أمر مريم، ﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [آل عمران: 37، 38]، لقد شاهَد عيانًا ما كان يأتي مريمَ من الرزق، وهو بلا شك من الله الرزاق ذي القوة المتين، ولم لا يلجأ إلى الله في طلب الوريث؟ فالذي جعل الطعام يفيض في محراب مريم بأشكاله المتنوعة قادر على منح زكريا هذا الوريث؛ لذلك لهج لسانه بالدعاء، وفي هذه المرة طلب "ذرية طيبة"، والله هو المانح، ﴿ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 6]، وأكد زكريا على ما يريده من الوريث، وريث نبوة وعلم، لا وريث مال وعقار؛ لأنه ذكر في معرض دعائه آل يعقوب، وهم الذين وضع الله فيهم النبوة تسلسلًا حتى زكريا، ولم ينسَ هذا الوريث من الدعاء له؛ ليكون صالحًا ينال رضاك يا رب، ويفوز أيضًا برضا الوالدين، فيكون في الحالين مرضيًّا.

 

سبحانك ربي!! ما أسرع ما تستجيب لعبادك الصالحين عندما يحتاجون لعاجل رحمتك وجميل فرجك! ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7]، إنها بِشارة وأيَّة بشارة؟! يسأل الله فيأتيه الجواب الشافي والرد المبهج، ألا ينبغي أن تكون بشارة رائعة تعلو بالنفس إلى قمة بهجتها وسمو تطلعها، يا لزكريا من عبد محبوب! نعم بالرضا والقبول من ربه، يهبه الولد كما طلب، وزاد تمييزه باسم فريد لم يسمَّ به أحد من قبل؛ فالله العالم بالأسماء من حين أن خلق الخلق اختار له اسمًا فريدًا يعرف به هو، ولا يشاركه أحد فيه، فإذا قيل: يحيى، فهو يحيى بن زكريا لا سواه، عَلَم متميز لا لبس فيه مع سمي آخر.

 

﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ [مريم: 8]، عاد مِن صدمة البشارة التي تلقاها وما رافق ذلك من فرح في النفس وبهجة عارمة ليسأل سؤال مستعلم مستوضح - وهو يعلم أن الله لا يُعجِزه شيء - لأن في هذه البشارة معجزة وخرقًا للعادة والقانون الذي وضعه الله في الأرض، فهناك وفق القانون الدنيوي عقبتان أمام إنجاز البشارة: امرأة عاقر، وبلوغ سن كبيرة، قد يتعذر عليه ممارسة الجنس مع زوجه، أو في تولد الحيوانات المنوية في هذه المرحلة العمرية المتقدمة جدًّا، ولكن الله الذي بشر بيحيى بيده مقاليد الأمور، إذا قال للشيء: كن، فيكون.

 

﴿ قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا ﴾ [مريم: 9]، فكان الجوابُ مِن الله العلي القدير مؤكدًا ما أراده الله وقدره، وأنه أمر هين على الله، وكان خلق الإنسان من قبل - الذي أنت منه - من العدم، فلم يكن شيئًا، وبقدرتي أنا الخالق العظيم كان، فكيف والأمر الآن؟ فإيجاد الولد بطريق التوالد المعتاد من التقاء النطفة بالبويضة أهون وأسهل، ولكي يطمئن قلب زكريا، ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ﴾ [مريم: 10]، ولقد فُسر هذا بما جاء في سورة آل عمران: ﴿ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ﴾ [آل عمران: 41]، فسوف تمرُّ عليك ثلاثة أيام بلياليها، تمتنع فيها عن الكلام دون علَّة الخرَس، فيربِط الله على لسانك فلا تستطيع الكلام باستثناء التسبيح؛ لذلك أمر بالتسبيح صباح مساء، وقال ابن عباس: اعتُقل لسانه من غير مرض، وأن لغة المخاطبة مع قومه ستكون بالإشارة، فيستعمل للمخاطبة مع المؤمنين الذين يكلمونه إشارة الخرس في هذه الأيام الثلاثة ريثما تنقضي، وبعدها تنحل عقدة لسانه.

 

﴿ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ﴾ [مريم: 11]، وهكذا ظهرت عليه علائم الآية؛ فمنعه الله من الكلام رغم محاولته الكلام؛ لذلك لما خرج على قومه من المحراب وسألوه لم يستطع الإجابة، فأشار لهم باليد بأن يسبحوا الله بكرة وعشيًّا، وقيل: كتب لهم هذا الأمر كتابة، وتحققت البشارة وأقبل يحيى إلى الدنيا، وريث حق شرعي لوالده في النبوة والحكمة والدعوة إلى الله.

 

نهاية زكريا:

كان زكريا من أحبار بني إسرائيل، وكان له الشرف في كفالة مريم؛ فقد نذَرت أمُّها أن تهب حمل بطنها للخدمة في المعبد، فكانت المولودةُ أنثى، ومع ذلك وهبتها للمعبد كي تتربى فيه، وكان والدها عمران قد توفي وهي حامل، وكان كبيرَ الأحبار وإمامهم في الصلاة، وهنا تطوَّع زكريَّا بكفالتها وتربيتها؛ لأنه زوجُ خالتِها، وأبى عليه زملاؤه؛ فكل يريد أن يكفلها تقربًا إلى الله وعرفانًا بفضل حبرهم عمران، فاقترعوا فيما بينهم بأن يلقوا أقلامهم في نهر الأردن، فالذي يثبت ولا يجرفه التيار يُضحي كفيلها، وهكذا جرف التيار المائي كل الأقلام، ما عدا قلم زكريا، فتمت له كفالتها، فضمها إلى خالتها لتربيتها، والخالة - كما قال عليه الصلاة والسلام - بمنزلة الأم، وكان زكريا كبير الأحبار وإمامهم ونبيهم، وقد ورد في خبر أن زكريا كان يعمل بالنجارة لكسب قوت يومه، وربما هذا في فترة شبابه، أما وفاته فكان فيها غرابة وعبرة، وقد ذكر أنه كان يصلي في المحراب وإلى جانبه ابنه يحيى يصلي أيضًا، ثم أتى الزبانية بأمر من الحاكم يطلبون يحيى لقتله فقتلوه وأبوه في صلاته لم يقطعها وحملوا رأسه إلى الحاكم، فما أمسَوا حتى خسف الله بهم، قال مناصرو الملك: قد غضب إله زكريا لزكريا، فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فطلبوا زكريا ليقتلوه، فهرب منهم، فانصدعت شجرة ونادته ليختبئ في جوفها ففعل، لكن طرف ردائه ظل خارج الشجرة فعرَفوه، وقيل: دلَّهم عليه إبليس اللعين، ثم أتوا بالمنشار فنشروه مع الشجرة فقطعوه نصفين، فانظر إلى حكمة الله تعالى، إن صح هذا الخبر، أن زكريا طلب من ربه من يرثه، ولو ترك الأمر لله لكان أجدى، فاستجاب الله لطلبه ورزقه ولدًا ذكيًّا، محفوظًا نبيًّا، ثم شهد مصرعه ومات قبله، فلم تتم الوراثة كما طلبها زكريا، بل لقد رأى ولده فِلذةَ كبده يقتل أمام ناظريه، أليس هذا قاسيًا على قلب الوالد؟ لكنها حكمة الله، وهناك رواية أن مريم لما ولدَتْ عيسى عليه السلام اتهمها بنو إسرائيل بالزنا، واتهموا زكريا بأنه الفاعل؛ لأنه بنظرهم الوحيد الذي كان يدخل عليها، فاتفقوا على قتله، فهرَب منهم واختبأ في الشجرة، وعلى هذا القول يكونُ قد مات قبل ابنه يحيى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • قصائد
  • صوتيات ومرئيات
  • قصص الأطفال
  • إعراب القرآن
  • معارك إسلامية خالدة
  • كتب
  • بحوث ودراسات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة